آخر تحديث :الاحد 12 يناير 2025 - الساعة:13:29:47
فساد في ظلال النصر: كيف انحرفت فرحة التحرير نحو الفساد ؟
(الأمناء نت / أحمد راشد الصبيحي :)

الدفاع عن الدين والعرض والأرض في وجه الغزو الحوثي الطائفي كان ولا يزال قضية عادلة بامتياز.

وبعد تحقيق النصر، عمت أجواء النشوة والفرح أرجاء عدن والمناطق المحررة الأخرى، حيث عاش الجميع لحظات من الفخر والانتصار.

لكن مع تلك الفرحة العارمة، ظهرت ظاهرة اجتماعية وسياسية خطيرة، حيث استغل بعض أصحاب النفوس المريضة هذه الأجواء للتربح باسم النضال والجهاد.

تسلقت هذه الفئة على أكتاف من ضحوا بصدق وشرف، متخذة من التحرير وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية.

بدأ الأمر باستخدام أساليب ملتوية للتأثير والقيادة، وتحويل إنجازات النضال إلى مكاسب أنانية بحتة.

 

خيانة الثقة والأمانة

 

تسلم هؤلاء المتسلقون أموالاً من التحالف كان الهدف منها دعم المقاتلين وتخفيف معاناتهم. لكن بدلاً من أداء الأمانة، استحوذوا على تلك الأموال، متناسين أنها عهدة يجب توزيعها بالعدل.. أولئك الذين ضحوا بكل ما يملكون وواجهوا الموت من أجل الدين والوطن، وجدوا أنفسهم مهمشين، بينما تحول من كانوا يدّعون التضحية إلى أثرياء يعيشون حياة البذخ والترف.

الفساد لم يتوقف عند حد سرقة مستحقات الجرحى والمقاتلين، بل تعداه إلى بناء القصور الفارهة وشراء الشقق في تركيا ومصر.

هذه التحولات السريعة في حياة البعض من الفقر المدقع إلى الثراء الفاحش أثارت تساؤلات وفتحت أعين الناس على حقيقة النهب والفساد الذي استشرى.

 

الإثراء في ظل الحرب: أقبح مظاهر الفساد

 

مع مرور الوقت، تفاقم الفساد وأصبح أكثر تنظيماً، متخذاً أشكالاً متعددة تحمل الطابع الوطني والأوراق الرسمية المختومة.

تم استغلال الحروب والدمار لتحقيق أرباح خيالية، حيث ارتشى من كان يُفترض به أن يكون عادلاً، واستغنى من كان زاهداً، وخان من كان أميناً، إلا من رحم الله.

ما يجعل هذا النوع من الفساد أكثر قبحاً هو أنه يحدث وسط معاناة الناس ودمائهم التي أريقت دفاعاً عن الوطن.. فالإثراء على حساب دماء الآخرين ليس مجرد فساد مالي، بل خيانة للقيم والمبادئ التي قامت عليها قضية النضال والتحرير.

 

غياب المحاسبة

 

للأسف، لم تقم الجهات المسؤولة، بما في ذلك التحالف، بمحاسبة المتورطين في هذا الجرم كان من الممكن وضع حد لهذه الظاهرة منذ بداياتها، لكن غياب الرقابة والمساءلة سمح للفساد بالتمدد والتغلغل.

 

رسالة للتأمل

 

هذه القصة ليست مجرد سرد للواقع، بل دعوة للتأمل في كيفية تحول النصر إلى بيئة خصبة للفساد.

إنها تذكير بأن القضايا العادلة تحتاج إلى حماة حقيقيين، لا إلى متسلقين يبحثون عن مصالحهم الخاصة على حساب الآخرين.




شارك برأيك