آخر تحديث :الخميس 21 نوفمبر 2024 - الساعة:23:49:34
بعد مرور 60 عاماً على تأسيسه و 10 سنوات على إغلاقه .. تلفزيون عدن - تاريخ وطن
(الأمناء / تقرير / *جمال محمد صالح بيضاني:)

 ثالث تلفزيون بالوطن العربي والأول في الجزيرة والخليج

أبناء الجنوب يأملون باستعادة بث تلفزيون عدن من المبنى الرسمي بالتواهي في العاصمة عدن

جرائم نظام صنعاء :

- سرقة محتويات أرشيف مكتبة تلفزيون عدن وأبرزها وثيقة إعلان استقلال الجنوب

- توظيف أبناء الشمال بتلفزيون عدن على حساب أبناء عدن خاصة والجنوب عامة

- تدريب وتأهيل كوادر تلفزيون عدن في سوريا ، وإرسال كوادر تلفزيون صنعاء إلى أوروبا ومختلف دول العالم

 

 

صادفت يوم الأربعاء الماضي الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٢٤م  الذكرى الستون لتأسيس تلفزيون عدن ..ثالث تلفزيون بالوطن العربي والأول بدول الجزيرة والخليج ، حيث بدأ البت بالأبيض والأسود وغطى محافظة عدن والمناطق المجاورة كبداية ولعدة ساعات .. واستقبل المواطنون هذا الحدث الفريد بفرح كبير وأصبح حديث الناس وزينت أسقف المنازل بالهوائيات اللاقطة لبث التلفزيون .

 

محتوياته :

واحتوى تلفزيون عدن عند بدايته على ثلاثة استوديوهات يبث منها البرامج مباشرة على الهواء كالبرامج الثقافية والاجتماعية والعلمية المرتبطة بالشباب والطلبة والأطفال وبقية شرائح المجتمع، بالإضافة إلى الدراما المحلية والمسلسلات والأفلام والأغاني المحلية والعربية لكبار الفنانين مثل محمد مرشد ناجي وأحمد قاسم ومحمد سعد عبدالله وخليل محمد خليل ومحمد عبد زيدي وبامدهف والعطروش والعزاني وبن شامخ وآخرين،  ومن الفنانين العرب محمد عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش وفيروز وشادية وهدى سلطان وصباح ومحرم فؤاد ونجاح سلام وفائزة أحمد .. وأصبح لدى المشاهدين ذكريات وانطباعات جميلة مع بساطة ذلك الزمان الموسوم بطيبة وأخلاق وتراحم الناس فيما بينهم .

وقدم تلفزيون عدن فنا جديداً موجهاً للأطفال وهو مسرح العرائس (لدمى ) وكانت مخرجة هذا البرنامج المخرجة أمينة زكريا .. وكان من بين المسلسلات المشهورة التي جذبت المشاهدين هو مسلسل الهارب الناطق باللغة الإنجليزية ، وكان يقوم بالترجمة الفورية على الهواء مباشرة المذيع المتألق صاحب المواهب المتعددة عبد الرحمن باجنيد الذي استطاع أن يجذب المشاهدين بطريقة ترجمته البسيطة والمفهومة والراقية بكل حرفية وإتقان لمختلف المشاهدين والتي كانت تحاكي جميع شخصيات المسلسل .

 

البرامج الرياضية :

 

واهتم تلفزيون عدن وأعطى مساحة واسعة من إرساله لتقديم البرامج الرياضية ، وكان الأخ الصحفي الرياضي جعفر مرشد أول من قدم البرنامج الرياضي على شاشة تلفزيون عدن،  بالإضافة إلى مباريات الدوري الإنكليزي والمصارعة الحرة ..

كانت إدارة تلفزيون عدن عند احتياجها لبعض التخصصات أو الوظائف تشكل هناك لجنة مشهود لها بالكفاءة والثقافة تقوم بإجراء الاختبارات  للمتقدمين في مجال اللغة العربية والإلقاء والإعداد والثقافة العامة؛ الأمر الذي  جعل تلفزيون عدن يضم عدداً من ذوي الكفاءات والموهبة والثقافة، وانعكس ذلك في تقديم برامج مفيدة في مختلف المجالات والمواضيع التي كانت تخاطب المشاهدين ..

 

مراحله :

 

وحقيقة ان تلفزيون عدن مر بثلاث مراحل يمكن ترتيبها على النحو التالي :

 

 المرحلة الأولى :

 

كانت بدايتها منذ التأسيس فى الحادي عشر من سبتمبر عام ١٩٦٤م، وحتى خروج  آخر جندي بريطاني من عدن في الثلاثين من نوفمبر عام ١٩٦٧م وقد أوضحناها سلفا ونستخلص منها الآتي :

١) أن معظم كوادر تلفزيون عدن كانوا من ذوي الكفاءات ويتميزون  بالموهبة والإبداع والثقافة والعامة، ومنهم من كان يمتلك مواهب في تخصصات مختلفة .

 

المرحلة الثانية :

 

كانت من يوم استقلال الجنوب في الثلاثين من نوفمبر عام ١٩٦٧م وحتى مايو عام ١٩٩٠م ، أي فترة قيام النظام الجمهوري على كل أرض الجنوب من المهرة حتى باب المندب .. وقد استمر الإرسال بالأبيض والأسود لعدة سنوات، وعملت  الحكومة جاهدة على إحداث نقلة نوعية في مجال توسيع البث التلفزيوني إلى مختلف محافظات الجمهورية، وإدخال أجهزة تشيكية متطورة ؛ومنها جهاز الفيديو الذي ساعد كثيراً على تسجيل مختلف البرامج المحلية بالإضافة إلى اهتمامها بتدريب وتطوير الكادر في مختلف التخصصات من خلال البروتوكولات والاتفاقات التي أبرمتها مع العديد من الدول الشقيقة  والصديقة ..كل ذلك ساهم وساعد على تقديم البرامج النوعية والهادفة والمرتبطة بمختلف شرائح المجتمع .. بعد ذلك انتقل تلفزيون عدن إلى مرحلة بث التلفزيون الملون في عام ١٩٨١م، وهذا انعكس كثيرا في بلورة ونقل الكثير من الفعاليات والمناسبات المحلية والعديد من المسرحيات ونقل المباريات  المحلية على الهواء مباشرة ، إضافة إلى البرامج المحلية المختلفة.

 

وبرز في تلفزيون عدن عدد من الكوادر المتمرسة الذين أصبحوا واجهة تلفزيون عدن وكسبوا ثقة ومحبة المشاهدين ، وكان الطموح عندهم بتجاوز محيطنا المحلي منهم من ألتحق بإذاعة هولندا مثل المذيع المتألق متعدد المواهب عبدالرحمن باجنيد، وكذا المذيع بدر الحماطي ، ومنهم من ألتحق بتلفزيون وإذاعة دولة الإمارات العربية المتحدة كالمذيع الرائع جميل مهدي وقارئ النشرات باللغة الانكليزية  الفرنسية ، وكذا المذيع فيصل باعباد والمذيع محمد شيخ والمذيع رعد أمان والمذيعة ليلى كليب .

 

أما الجانب الاخباري بتلفزيون عدن فقد بدأ بالأخبار المحلية المصورة مقاس ٢٦ مل والأخبار العربية والعالمية عن طريق أفلام مقاس ١٦ مل التي كانت ترسل من وكالة الفيزنيوز البريطانية مع نصوصها باللغة الإنجليزية ، ويتم منتجتها وترجمتها وإعادة صياغتها ؛ وبما يتوافق والسياسة الخبرية بعد ذلك تحولت هذه الأفلام إلى أفلام على الكاستات وتسمي اليوماتيك ( ثلاثة أرباع البوصة ) لتواكب الأجهزة المتطورة، واستمرت لسنوات ثم انتقل الإعلام وخاصة في مجال البث التلفزيوني إلى مرحلة جديدة من التطور التقني بدخول استخدام الأقمار الصناعية والاستفادة منها في نقل الأحداث مباشرة وفي مجال الأخبار ، حيث انتقلنا إلى استلام الحقائب الإخبارية بدلاً عن الكاستات مرتين في اليوم بواسطة هيئة الاتصالات بالتواهي .. واستطاع المحررون والمصورين من  تغطية العديد من الفعاليات ونشاطات المسؤولين ومختلف المرافق والمؤسسات، وكذا مرافقة المسؤولين أثناء زياراتهم للدول العربية والأجنبية ومشاركاتهم في المؤتمرات والاجتماعات الخارجية .

 

وعلى الرغم من الجهود التي بدأت من قبل الحكومة في تلك الفترة والكوادر الإبداعية بتلفزيون عدن إلا أن عدد من السلبيات قد شهدتها الفترة نفسها ويمكن نوجزها بالآتي :

١/ تغليب الكم على الكيف في عملية التوظيف

٢/ عدم الاستفادة من الكوادر الإبداعية من ذوي الثقافة والعلم الذين التحقوا بالتلفزيون أثناء التأسيس

 

المرحلة الثالثة :

 

بدأت منذ عام ١٩٩٠م وحتى الحرب الأخيرة وكانت مرحلة قاسية على الجميع ، وتركت في نفوسنا انطباعات غير طيبة وغير مرضية كنا نتطلع إلى مزيد من الإبداع والتطور والمساهمة مع بقية الوسائل الإعلامية المحلية على خلق رأي عام يخدم طبيعة المرحلة آنذاك ، إلا أننا وجدنا إصراراً متعنتا وغير مسؤول تمثل بمضايقة كوادر تلفزيون عدن من قبل قيادة الموسسة العامة للإذاعة والتلفزيون بصنعاء ، والتي كانت تسعى بكل الطرق والوسائل إلى جعل تلفزيون عدن تابعا لتلفزيون صنعاء ويكون مهمة تلفزيون عدن الارتباط المباشر مع تلفزيون صنعاء فقط وتجميد الكوادر بتلفزيون عدن ، وكل هذه الأساليب  رافقها تغيير اسم القناة إلى تسميات متعددة مثل الثانية وقناة ٢٢ مايو وهذه التسميات غير مألوفة لدينا قبلناها نتيجة انتهاج نظام صنعاء لسياسة الضم والإلحاق التي كان يمارسها ضد الجنوب.

 

 

ممارسات نظام صنعاء الخاطئة :

 

ومن الممارسات الخاطئة التي كان نظام صنعاء يمارسها تجاه تلفزيون عدن عبر المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون بصنعاء اليمنية هي عدم تزويدنا بقطع الغيار والأجهزة المطلوبة ، ووقف إرسال الحقائب الإخبارية إلى تلفزيون عدن والمسلسلات، وكذا المواد البرامجية الأخرى ، بالإضافة إلى عدم مساواة ميزانية تلفزيون عدن مع ميزانية تلفزيون صنعاء .

 

ونستخلص من هذه المرحلة التي كانت ضمن تطبيق سياسة الضم والإلحاق نتيجة العقلية المتخلفة لنظام صنعاء الذي لم يكن ينشد برقي الشعب ومؤسسات الدولة لتواكب التطور بدول الجوار؛ بل بالاستيلاء على أرض الجنوب وثرواته .. ومن هذه الاستنتاجات :

١/ إحالة بعض الكوادر القادرة على العطاء إلى التقاعد لأسباب حزبية

٢/ توظيف أبناء الشمال بتلفزيون عدن على حساب أبناء عدن خاصة والجنوب عامة

٣/ تطويع معظم موارد المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون لصالح تلفزيون صنعاء

٤/ اقتصار تدريب وتأهيل كوادر تلفزيون عدن في سوريا فقط، أما كوادر تلفزيون صنعاء فيتم إرسالهم إلى مختلف دول العالم ومنها الأوروبية .

٥/ عدم السماح للكادر الجنوبي بتحمل مسؤولية الجانب المالي.

٦/ سرقة أرشيف تلفزيون عدن بمساعدة الضعفاء من يولوهم مسؤولية القناة ، ومن الذين انتسبوا إلى المؤتمر الشعبي العام حتى وصلت بهم الوقاحة إلى سرقة وثيقة إعلان استقلال الجنوب من مكتبة التلفزيون .

 

بعد كل ذلك واصل تلفزيون عدن دوره خلال الحرب ، واستطاع إبراز دور المقاومة الجنوبية الاسطوري في التصدي للقوات الشمالية ، وتحقيق النصر المؤزر بتحرير عدن وبقية محافظات الجنوب وتوصيل القضية الجنوبية إلى العالم ، ولكن المؤامرة ما زالت مستمرة على تلفزيون عدن التواهي بإبقائه مغلقا صامتاً لسنوات أكل الصدأ الأجهزة وخربت نتيجة الإغلاق والغبار المتراكم على جدران الغرف و الاستوديوهات .. والشئ المؤسف أن كوادر تلفزيون عدن من ذوي الخبرة والإبداع لم يستفد منهم ليساهموا ويشاركوا زملاءهم الآخرين في تشكيل رأي عام لم لمواجهة الإعلام المعادي للقضية الجنوبية واستعادة الدولة الجنوبية الفيدرالية والأرض والإنسان بالجنوب .

موظفو وموظفات تلفزيون عدن يأملون باستعادة بث التلفزيون إلى المبنى الرسمي بالتواهي في أقرب وقت ممكن، ولكن ليست بهذه الأجهزة الحالية التي أصبحت غير صالحة للاستخدام ؛ بل من خلال تركيب أجهزة حديثة كي تواكب التطور المتسارع بأجهزة القنوات في مختلف دول العالم .

 

وأخيرا يقع على عاتق الباحثين والدارسين والأكاديميين مسؤولية كبيرة للبحث والدراسة العميقة المجردة لاطلاع وتعريف المواطنين بمختلف شرائحهم والأجيال القادمة بتاريخ تلفزيون عدن سلبا وإيجابا .

 

نائب مدير عام الأخبار بقناة عدن الفضائية (التواهي )*



شارك برأيك