آخر تحديث :الاثنين 23 ديسمبر 2024 - الساعة:01:37:25
العداء الظاهر والعشق الخفي ( إيران وإسرائيل )
(بقلم / أحمد حميد الشامي)

 

 

القضية الفلسطينية ومحور المقاومة أوتار تعزف عليها إيران بطريقة جيدة ، لتظهر للشعوب العربية والإسلامية  بأنها ضد إسرائيل ، لكن في الحقيقة بأن إيران ضد الشعوب العربية وضد اهل السنه .

إيران دولة تسعى لتقاسم المنطقة رعاية لمصالحها لا للاستئثار بها ، اين ما وجدت إيران في البلدان العربية دمرتها وجعلتها دول منهارة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ، أن الغرب يرى في إيران حقيقة ماترى إيران في نفسها ، دولة تسعى لمصالحها بهوية مختلفة ومصالح مشروعة في ظل فراغ عربي ، وفي حدود مقبولة يمكن التفاوض حولها ، ترى إيران أن وجودها التاريخي يبرر لها البحث عن مصالحها الاستراتيجية خارج حدودها في المنطقة العربية ، وتقبل إيران أن تكون المنطقة العربية محل نزاع مع متنافسين تاريخيين آخرين هما الغرب وامريكا ، وهي بذلك تقبل الصراع معها حول المنطقة وتأخذ ما تستطيع منها ، وتقبل بأن لآخر الغرب يأخذ ما يستطيع .

تعتبر العلاقات الرسمية بين إيران وإسرائيل لغزاً محيراً ، وفي عام 1950م اعترفت إيران بإسرائيل لتكون ثاني دولة إسلامية تقوم بهذا الخطوة بعد تركيا ، كما كانت إيران محطة لنقل عشرات الآلاف من اليهود العراقيين إلى إسرائيل بعد انشائها .

إيران في الظاهر كانت مع القضية الفلسطينية ، بعد الثورة الإيرانية كان الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات اول قيادي اجنبي وصل إلى إيران بعد الثورة ويكن اول قائد عربي يلتقي بالخميني ، وهو ما صاحبة إلغاء العلاقات مع إسرائيل وتحويل مقر البعثة الدبلوماسية لاسرائيلية إلى مقر السفارة الفلسطينية ، كذلك أعلن الخميني عن أن الجمعة الأخيرة من شهر رمضان ستكون يوما للقدس .

إيران في الباطن كانت غير إيران في الظاهر ، فإن وبعد أشهر فقط من قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، بدأت شحنات أسلحة وقطع غيار المعدات لطائرات الحربية تصل إلى إيران من إسرائيل وبشكل  مباشر ، كما أكد ذلك الدبلوماسي الإيراني السابق منصور فارهانج في دراسة بعنوان ( العلاقات الإسرائيلية الإيرانية ) نشرت عام 1989م ، حيث يقول بأن حسابات الواقع هي التي فرضت على طهران اللجوء إلى اسرائيل ، فان إيران التي كانت تخوض حرباً ضد العراق عام 1980م ، كانت بحاجة شديدة إلى قطع غيار الطائرات والمعدات العسكرية الأميركية ، حيث أن واشنطن كانت قد قطعت علاقاتها مع إيران على خلفية احتجاز رهائن أمريكيين في طهران ، فلم يكن أمام النظام الإيراني سواء اللجوء إلى إسرائيل ، وفي عام 1986م كشفت تقارير عن أن الولايات المتحدة الأمريكية باعت أسلحة إلى إيران عبر إسرائيل .

العشق الخفي بين إيران و اسرائيل قائم على مصالح مشتركة فيما بينهم ، نشرت صحيفة "بديعوت احرونوت " الإسرائيلية من أن أكثر من 40 مليار دولار هو حجم الاستثمارات الإسرائيلية داخل الارضي الإيرانية رغم الاعلان الرسمي عن العداء المتبادلة ،كما تصنف الصحيفة أن 200 شركة إسرائيلية على الأقل تقيم علاقات تجارية مع إيران ، كما أن هناك عدد من يهود إيران في إسرائيل يتلقون تعليماتهم من مرجعهم في إيران الحاخام الأكبر " يديديا شوفط " المقرب من المسؤولين للنظام الإيراني وهولاء لهم نفوذ كبير في جيش الدفاع الإسرائيلي ، وكنائس اليهود في طهران وحدها تجاوزت 195 معبد يهودي ، بينما أهل السنة وعددهم في طهران أكثر من 3 مليون لايسمح لهم الصلاة في مساجدهم ، وليس لهم مسجد في العاصمة طهران ، أو في المدن الكبيرة .

تستفيد إيران من يهودها في امريكا عبر اللوبي اليهودي للضغط على الإدارة الأمريكية سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية لمنع ضرب إيران مقابل تعاون مشترك تقدمة إيران لشركات يهودية ، كما أن هناك من اليهود الأمريكيين في الولايات المتحدة 1500 يهود من إيران يشكلون راس الحربة في اللوبي اليهودي ، وتوجد ليهود إيران إذاعات تبث من داخل إسرائيل ومنها  إذاعة " راديس " التي تعتبر إذاعة إيرانية متكاملة ، كما يوجد داخل إيران أكثر من 40 الف يهودي ، وتعتبر إيران أكبر دولة تضم تجمعات كبيرة لليهود خارج إسرائيل ، وكبار حاخامات اليهود في اسرائيل هم إيرانيون من أصفهان ولهم نفوذ واسع داخل إسرائيل ، ويرتبطون مباشرة بإيران عن طريق حاخام معبد أصفهان ، كما يعتبر الرئيس الإسرائيلي السابق " موشي كاتساف " إيراني من يهود أصفهان ، كما أن يهود العالم تذهب الى ايران لزيارة قبر ( بنيامين) شقيق نبي الله يوسف ، وقد فاق حب اليهود الإسرائيليين لإيران أكثر من حبهم للقدس .

إيران تنظر لإسرائيل كأداة للمصلحة الغربية ، إن كانت إسرائيل يد الغرب الضاربة في المنطقة، فلا مانع من ملاعبتها ؛ طمعًا في التوصل – من خلال الضغط والمضايقة لهذه اليد الاستعمارية-  للتفاوض مع المستعمر الأصليّ، فكلما ضايقت إيران إسرائيل كان الغرب أكثر رغبة في التوصل مع إيران لاتفاق يقلل أو ينهي -إن أمكن- هذه المضايقات الإيرانيةِ لإسرائيل حتى تتمكن إسرائيل من تنفيذ الأهداف الاستعمارية لوجودها، دون إزعاج بكل الوسائل الممكنة، ومنها "التطبيع" مع النظام العربي الرسمي .
فإن العشق بين إيران وإسرائيل لا ينتهي .




شارك برأيك