آخر تحديث :الخميس 12 ديسمبر 2024 - الساعة:00:05:49
الحوثيون يستهدفون الهوية اليمنية بتغيير المناهج الدراسية "عقائدياً
(الأمناء/ أشرف خليفة - إرم نيوز)

 

كرّست ميليشيا الحوثي، منذ انقلابها على السلطة الشرعية، في العام 2014، جهودها في تغيير المناهج الدراسية، بما يتوافق مع أيديولوجيتها الفكرية، المبنية على الطائفية الدينية، في استهداف ممنهج للأجيال اليمنية الناشئة.

وسيطرت تلك الميليشيا على العاصمة صنعاء، وتوسعت إلى المحافظات اليمنية، وهناك محافظات فشلت بعد اجتياحها في إخضاعها لسيطرتها، وأخرى ما زالت ترزح تحت سطوتها، وتحديدًا المحافظات الشمالية.

*"غصّة"*

ويُفضّل اليمني أمين الشرعبي، الذي يعمل في دكان صغير لبيع المواد الغذائية (بقالة)، في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، إخراج نجله من الدراسة، على أن يتلقّى تحصيله العلمي في مدارس يُشرف عليها عناصر تنتمي لميليشيا الحوثي.

واضطُر إلى جلب نجله معه إلى عدن منذ سنوات، ليُلحقه بإحدى مدارس المحافظة، في الوقت الذي تقطن فيه أسرته بالكامل بمديرية شرعب جنوب غرب محافظة تعز، والتي تنحدر أصوله منها، وتقبع ضمن الأجزاء التي تُسيطر عليها ميليشيا الحوثي.

وأوضح أن الأمر يشكّل له "غصّة"، لا سيما أن يترعرع ولده بعيدًا عن والدته، مشيرًا إلى أن ما يعانيه خلال تفكيره حول هذا الأمر، يهون بمجرد أن يتذكر بأن ذلك أبسط بكثير، من كون أن يدرس ابنه في مدرسة يشرف عليها حوثيون، يقومون بتغذية عقله بمناهجهم الطائفية، وغرس مفاهيمه بالمذهب الشيعي.

وبحسب تقارير حقوقية أجرتها منظمات محلية، فقد حرص الحوثيون، على مدار السنوات السابقة، على تغيير المناهج الدراسية، واستبدال الدروس والمواد التعليمية بأخرى تتوافق مع أفكارهم المذهبية، وتعظيم أعمالهم وممارساتهم في قتال اليمنيين، فضلاً عن استبدال الدروس التي تُسلط الضوء على دور الشخصيات التاريخية اليمنية، بشخصيات تنتمي لجماعتهم السلالية.

*إحداث ثورة عقائدية*

ويقول مدير عام التوجيه بديوان وزارة التربية والتعليم في الحكومة اليمنية -المعترف بها دوليًا- فضل محسن السلامي: "سعى الحوثيون الى إحداث تغيرات كبيرة في المناهج الدراسية، من أجل ترسيخ سلطتهم السياسية والعقائدية وتحكمهم بالشعب اليمني، وإحداث ثورة عقائدية في عقول الناشئة، تخدم السلالة العنصرية التي تعمل عليها جماعة الحوثيين، وغرس النزاعات بين المجتمع، حتى يسهل السيطرة عليه وإخضاعه لأهدافهم العقائدية".

وأوضح خلال حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "المراحل الدراسية من الصف الأول الأساسي وحتى الصف التاسع أساسي، وتضم مرحلتي الابتدائية والإعدادية، هي المراحل الأكثر تركيزًا من قبل ميليشيا الحوثي، في تغيير المناهج الدراسية لها، وتركزت تلك التغييرات في مواد (القرآن الكريم، والتربية الإسلامية، واللغة العربية، والتربية الوطنية والتاريخ)".

وأشار السلامي إلى أن تلك التغييرات، تنوعت بين "حذف موضوعات بأكملها، وإضافة موضوعات أخرى بدلاً عنها، بالإضافة إلى إدخال تعديلات على بعض الموضوعات، وقد تشمل التعديلات التغيير في عناوين الدروس أو تقسيم الدروس إلى عدة موضوعات".

كما شملت أبرز التغييرات على المناهج، وفقًا للسلامي، "تفسير الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، بما يتناسب والتوجه العقائدي للحوثيين، فضلاً عن استبدال الصور التوضيحية بصور ورسومات كاريكاتورية تُكرس وتمجد توجه الميليشيا"، منوهًا أن "الدروس التي لم تُضفِ عليها تغييرات، تقوم بتوظيفها خلاف معناها ومقصدها الحقيقي، أي توظيفها سياسيًا وطائفيًا".

وحذّر من خطورة التغيير في المناهج، الذي تنتهجه ميليشيا الحوثي، على الأجيال اليمنية، كون الأمر ينذر بكارثة مستقبلاً تُهدد الهوية اليمنية، والانتماء الوطني، على مختلف الأصعدة.

*أقلية غير مقبولة*

وبدوره، قال الصحفي والكاتب اليمني همدان العليي: "أولت ميليشيا الحوثي، منذ اليوم الأول على انقلابها وسيطرتها على صنعاء، ومن قبلها صعدة، اهتمامًا بالغًا للعملية التعليمية، والأهمية التي أولاها الحوثيون للتعليم ليس لكونهم حريصين على نشر العلم وتنوير الأجيال والمجتمع، بل لاستغلال المؤسسة التعليمية في نشر المعتقدات الخاصة بهم".

وأشار لـ"إرم نيوز" إلى أنه "عند النظر في تعيين يحيى بدر الدين الحوثي، شقيق زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، وزيرًا للتربية والتعليم في الحكومة المُشكلة من قبلهم، وهو الذي لم يدخل مدرسة منتظمة في حياته، ولم يتلقَ التعليم الأكاديمي، مؤهله الوحيد أنه درس في المجالس والحلقات الدينية التي كان يعقدها والده، يتراءى لنا حجم الكارثة، وتتجلى الصورة للمغزى الحقيقي، في استغلال الحوثيين للتعليم في إفساد الهوية اليمنية، واستبدالها عوضًا عن ذلك بالأفكار التي تهدف للانتماء والإيمان بمعتقداتهم الخاصة".

وأوضح العليي أن "ميليشيا الحوثي ترى بأنها غير مقبولة، ولا يُمكن لها أن تنجح في عملية انتخابية ولا في بيئة ديمقراطية، ولهذا تلجأ إلى عملية تغيير المجتمع عن طريق وسائل مختلفة من بينها التجويع، وأيضًا استغلال المؤسسات التعليمية، من خلال قيامها بتغييرات واسعة في المناهج الدراسية، وهذا الأمر يتنافى مع الحقوق التي ضمنها القانون اليمني والقانون الدولي".

ونوه إلى أن "القانون الدولي، الذي يؤكد على عدم إرغام الأطفال أو تعليم الأطفال بفكر ومعتقد لا يرتضيه لهم أولياء أمورهم، وهذا ما يتم الآن في المدارس الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إذ يتم تلقينهم المناهج الحوثية التي تعزز من العنصرية في المجتمع، وتنسف قيم التعايش بين اليمنيين، والبناء على أساس عقيدة كراهية الدول المجاورة، وغيرها من الشعارات المنافية للأخلاق العامة والقيم الإنسانية، ولا تتسق إلا مع السياسة الطائفية والمذهبية الدينية".

وبين العليي أن "المناهج الحوثية تستهدف الهوية اليمنية، فعند الحديث عن استهداف الهوية اليمنية، يعني أننا نتحدث عن استهداف الثقافة، وهذا ما يسمى في القانون الدولي بالإبادة الثقافية، أي أن عملية تغيير المناهج هي وسيلة من وسائل الإبادة الثقافية المجتمعية، وإبادة ثقافة مجتمع تقودنا إلى إنهاء وجوده، كونه لا قيمة لأي مجتمع إن لم يكن محافظًا على ثقافته".

ولفت إلى أن "هذه الجماعة عبر هذه التغييرات والوسائل، تجتث ثقافة اليمنيين وارتباطهم العروبي، وانتمائهم  للمشروع العربي، لمصلحة المشروع الإقليمي الخميني".

*قنوات تعليمية*

وشدد العليي، على ضرورة العمل على إيجاد حلول آنية، يُمكن العمل عليها خلال الوضع الراهن، لتخفيف وطأة تغيير المناهج الدراسية على الأجيال الناشئة، وذلك لن يتأتى إلا من خلال تعاون حكومي مشترك، يتمثل بين وزارات التربية والتعليم والإعلام والثقافة، وكذلك وزارة الأوقاف والإرشاد، ووزارة الإدارة المحلية، واستدعاء كافة المؤسسات الحكومية ذات الاختصاص، للعمل على تنفيذ إجراءات تُقلل من نسبة تأثير الحوثيين في مناطق سيطرتها، والخروج بروزنامة عمل وحلول جدية وجذرية.

وتحدث العليي، حول إمكانية "إنشاء عدة قنوات على منصات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن إنشاء قناة تلفزيونية فضائية تعليمية خاصة، تخصص لتقديم المناهج اليمنية التعليمية الصحيحة، وتفند مزاعم المناهج الحوثية، وتحذّر من خطورتها، وتبين عدم أهليتها ومشروعيتها".

وبين أنه يمكن أن "تكريس كافة القنوات والمنابر والطرق والوسائل، لحث أولياء الأمور في مناطق الحوثيين، على توجيه أولادهم نحو تلك القنوات للتحصيل العلمي الصحيح، حتى يتداركوا مصير أبنائهم الكارثي، قبل فوات الأوان".

 




شارك برأيك