آخر تحديث :الجمعة 31 يناير 2025 - الساعة:23:55:58
هذا ماقدمته دولة الإمارات العربية المتحدة للجنوب :
(الأمناء / كتب / عادل اليافعي :)

حين سقطت عدن وأظلم الكون أمام الرجال جاءت الإمارات بكل ثقلها

جاء أبناء زايد بطائراتهم التي صبت حممها على الغزاة

جاءت الإمارات  بأسلحتها التي أحرقت الأرض من تحت أقدام العدو

نزل رجال الإمارات في شوارع عدن ملتحمين بالمقاومة قائلين لهم: اثبتوا فنحن معكم حتى النصر

 

بعد هروب الرئيس هادي إلى عدن من إقامته الجبرية بصنعاء كنّا بين مكذب ومصدق أن عفاش سيدفع بقواته لملاحقته، وخصوصا بعد خطاب الحوثي الذي وصف أبناء الجنوب أنهم أصحاب حق ومظلومون، قلنا حينها: هذا الرجل لا يكذب وسيبقى في صنعاء فهناك أعداؤه الذين قاتلوه ستة حروب وليس الجنوب، ثم تابعنا بعدها حديث المخلوع في تعز عندما تبجح بكبرياء وبلغة المنتصر قائلا إنه لم يبقَ لهم سوى البحر للهرب؛ لأنه كان يعلم ما لديه وما لدينا بالتفصيل، هنا فقط أيقنت أنهم قادمون لا محالة، وحينها كان لي حديث مع أحد الضباط المقربين من هادي فقلت له: "هل لدينا قوة كافية لصد أي هجوم قادم إلينا؟"، قال: "نعم"، بتوجس: "لدينا عدة دبابات بالحرس الرئاسي، وجبل حديد ممتلئ بالسلاح، كما وصلت سفينة من روسيا البيضاء محملة بأحدث الأسلحة الفتاكة". اطمأننتُ مؤقتا حينها وقلت: لن يتكرر مشهد احتلال 94 من جديد، هكذا كان تفكيري، ولم أكن أعلم بحجم الخيانة التي كانت تحيط وتنتظر عدن وأهلها سوى عندما سقطت العند وأسر الصبيحي وغادر هادي إلى عمان، ولم يبقَ حينها للشعب الجنوبي سوى مواجهة المصير الأسود المحتوم والذل والهوان الجديد البشع، فكل المعسكرات المحيطة بعدن تآمرت ووقفت مع الغزو، وكل الخلايا والعملاء والخونة الذين عاشوا بيننا قاموا قومة رجل واحد وطعنوا عدن من الخلف!

 

لقد سقطت عدن وأظلم الكون أمامنا

انهار الشعب كله، وشلت الحركة، بل إن الرجال في ذلك اليوم بكوا قهرًا وحزنًا وكمدًا وهم يَرَوْن مدينتهم تجتاحها مليشيات طائفية همجية ستستبيح الأعراض وتهين الرجال وتستعبد القوم وتأخذنا جميعا ونصبح من أملاكها!

في ظل هذا التخبط والارتباك والفوضى خرجت المقاومة هنا وهناك بسلاح قليل لا يقوى على الصمود لفترة طويلة، كانت جحافلهم بالآلاف تتقدم من كل الجبهات من لحج وأبين وعمران، وكلما قتل منهم عدد كبير عاد مثلهم وأكثر، كانوا يريدون إنهاء الأمر بسرعة مهما كلف الأمر، بدأت المديريات تتساقط حتى وصلوا إلى التواهي والنَّاس في حزن شديد بين مكذب ومصدق وهم يعلنون في قنواتهم أن قواتنا انتصرت وانتهى الأمر، يا لها من أيام سوداء لا تنسى!

انتهت ذخيرتنا واستشهد شبابنا الأبطال وهم يدافعون بكل قوة وصمود، لكن عدوهم كان أقوى عدة وعتادًا وجاهزًا لهذه اللحظات، فعدو الداخل من الخلايا النائمة كان أقوى من القوة المداهمة المتقدمة.

كثيرون أعلنوها صراحة أن الأمر انتهى وسقطت عدن مجددا فقط عامل وقت ولابد من التسليم بالأمر الواقع والخضوع لهذا العدو الغاشم أو نهرب عبر البحر كما أعلن عفاش!

كانت نداءات الاستغاثة تخرج من عدن ترتفع بألم وحرقة وقهر، تدمرت البلد وقتل الشعب ولم يبقَ سوى قاب قوسين أو أدنى من السقوط النهائي وإعلان بيان نصرهم علينا.

ثم جاءت الإمارات العربية المتحدة بكل ثقلها ومالها ورجالها ونحن في الرمق الأخير، وكأنها يد امتدت من السماء تنقذ الشعب من السقوط في الهاوية.

جاء أبناء زايد بطائراتهم التي صبت حممها على الغزاة، جاءت الإمارات  بدباباتها ومدفعيتها وصواريخها التي أحرقت الأرض من تحت أقدام العدو، جاءت الإمارات ملبية نداء العقيدة والأخوة والنخوة ونزل رجالها شوارع عدن ملتحمين بالمقاومة المنهكة قائلين لهم: اثبتوا فنحن معكم حتى النصر.

يا ألله ما أروعها من لحظات! عندما كنّا نرى عرباتهم المدرعة تنزل إلى السواحل، وعندما كنّا نرى بحريتهم تحرق أي تقدم، وعندما كانت مريم المنصوري تحوم بطائرتها تدمر كل شيء يتحرك لتعزيز قوات العدو، جاء السلاح الحديث للشباب وجاءت الأموال وجاءت بواخر الدعم وجاءت المواد الغذائية والدوائية للجبهات، صمد الشعب وارتفعت معنويات المقاتلين، لم يصدقوا ما يحدث، كيف تحولت الأمور لصالحنا، ولسان حالهم يقول: يا رب لك الحمد وشكرا للإمارات..

ارتفعت الأعلام الإماراتية فوق البيوت والسيارات والمحال والمساجد، بل إن أبناء عدن كانوا يتباهون به ويشترونه بأسعار غالية، عشق الشعب الجنوبي الإمارات وخصوصا عندما شاهدوا وجها لوجه أخلاق وتواضع الجيش الإماراتي وكيف كان يتعامل معهم بكل حب وود وتواضع ورحمة.

انتصرت عدن وامتزج الدم الإماراتي بالجنوبي في ملحمة عربية تاريخية الأولى من نوعها منذ عقود طويلة وقطعت يد إيران وهزم العدو الغاشم شر هزيمة، وحينها عمت الأفراح وخرج الشعب مبتهلا لله رافعا صور قادة الإمارات والمملكة وبكى الجميع فرحا وكل ذلك مر كأنه حلم لم نصحوا منه حتى الآن.

فهل بعد ذلك نتساءل: ماذا قدمت الإمارات لنا؟!

هل أخلاقنا وقيمنا تجعلنا ننسى أو نتناسى أو نتجاهل ونقول: ماذا فعلت الإمارات؟!

هل أصبحنا ناكري المعروف والجميل في أمر كاد أن يجعلنا عبيدًا مدى الحياة بسبب نقص الخدمات التي تسبب بها عفاش ورجاله؟!

وقبل أن ننسى وأختم مقالي، نسأل أنفسنا: ماذا لو تركنا لوحدنا نقاتل ونحن لا نملك زادا ولا سلاحا ولا مالا في مواجهة الغزو كيف هو حالنا اليوم بعد أعوام من الاجتياح البربري؟!

هذا هو السؤال التاريخي الذي يجب أن يطرح كل يوم.

 




شارك برأيك