آخر تحديث :الاربعاء 20 نوفمبر 2024 - الساعة:01:26:46
هادي وصالح.. من يخرج من؟ (تقرير)
(كتب / ياســـين الرضــوان)

 

في الأيام المنقضية، قلنا أنه سيرتفع منسوب خطابات صالح بشكل تدريجي، وهذا ما بدا عليه في خطاب حربه الأخير، قبل يومين، ولكن هذه المرة، لن نشاهد صالح يرفع منسوب خطواته، بل سيرفع درجاته فِعله على الأرض، التي هو بصدد صنعها الآن، وعلى كافة الصعد، سنراه يحشد للحرب في الأيام القادمة، كما سيحشد لخطابات العودة إلى الحكم عبره أو عبر نجله، وإن كنا نزعم أنه يغار من ابنه، وقد يزيحه عن الحكم ليواصل هو، وحتى إن شاهدنا بداية تدشين حملة نجله، هذا إن نجح في اجتياز طريق العودة، الذي يبدو ممهداً ولو عبر انتخابات، تأتي بعد إرهاصات متبلورة، حتى تصل إليه من جديد، وباختصار صالح يحلم بعودة تلك الأيام الجميلة أيام "ما لنا إلا علي"، وطبعاً كعادته سيطلق الوعود النووية في جولة خطبه من جديد، بنزوله إلى بعض المحافظات، في رحلة الـ( تيتي تيتي رحتي مثل ما جيتي)، لكن مهم الأمر، هو أن يتحمل الشعب، ويصبر ويثابر كعادته، وأن يربط على بطنه حجر..، فالأيام لها ما بعدها، "الوحدة" في هذا كله تضحي البقرة الحلوب، التي تدرُّ أنصاراً عُمي وكُثر، وهذا ما لم يغامر الحوثي لخسرانه..! 

لماذا تعـــــز الآن..! 

لقد جعل صالح من تعز أرضية ومدخلا لانطلاقه، في تصعيده الأخير، مستغلاً المهاتفة الصوتية الأخيرة، التي سربها الحوثيون عبر قناة المسيرة، والتي كانت بين هادي وبن مبارك، والتي تم حسبها في خانة الإهانة والاستهانة بأبناء تعز، التي نقلها هادي على لسان الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي "ياسين سعيد نعمان"، "في أن أبناء تعز حق ملاطيم" كما في التسجيل المسرب، والذي تتطلب ذلك من ياسين توضيحاً، ردَّ فيه على ما قيل، ولكن بلغته الشعرية " تعز هي رئتي التي أتنفس بها"، وإن كانت صحيفة "اليمن اليوم" قد أساءت استخدام الرد بطريقة عرضه وعنونته، "ياسين يوضح بشأن إساءته لأبناء تعز" واستخدام هذه الطريقة، يزيد من ترويجها، وتكرارها، وإثباتها، كما لو أنها قيلت بالفعل، ودون أن يتفرغ الكثير من العامة لمناقشة التبريرات والتوضيحات، وحتى لو كان ياسين قد قالها بالفعل، فهو الرجل المثقف والحصيف الذي يفهم صيرورة هذه الألفاظ ، وربما أن هنالك في سياقات الحديث، ما لن يقصده الأبلة فكيف بـ"ياسين"، الذي يعرف كيف يهب الحكم الخاص والحكم العام لكل سياق على حدة، هذا إن صدق التسجيل..    

إن الجاهل فقط، هو من يقفز من أبناء تعز على أنهم ليسوا مهمين في كل المراحل، وهذا أيضاً ما التقطه صالح منذ أن قفز إلى الرئاسة عبرهم، وراح يعمل بهذا المبدأ، لمده بالقوة البشرية الهائلة في هذه المحافظة، ومن سيخسر هذا الثقل فليستعد لخسارة اليمن كلها، أيضاً التقط هذا الدرس صالح، مرة أخرى، أثناء قيام ثورة تغيير الشباب الذي كانت رأس حربته هي تعز..

محروق من هادي

ووضح جلياً احتراق "صالح" من هادي، الذي كان كالضُّـرَّة بالنسبة له، طيلة أربع سنين متوالية حسب قوله، وربما هذا من الإنجازات المحسوبة لهادي بإثارته غيض سلفه، ولا بأس أن يستحق هادي لقب رجل "اللحظات الأخيرة"، والتي تسببت له بكل هذه الفجائع، السقاف مثلاً.. لا حصراً، وغيرها كثير، ولكن هادي ربما بدأ يتعلم، ولكن لا أمل أن يستمر.

إن رسالة هادي الأخيرة إلى مجلس التعاون الخليجي، كانت موفقة؛ لمحاولة إزاحة ما قد يصنعه صالح وما توعد به، ويعتبر هذا التصرف تصرفاً في مكانه، لأن القوى ليست متكافئة البتة، والكفة تميل لصالح سلفه، المخالف لكل القواعد والقوانين، وهذا ما حدث في مخالفته لقراري مجلس الأمن في صيف 94، والمعترف فقط بقاعدة القوة على أرض الواقع، وقاعدة "ما يمكن أن أخسره اليوم يمكن أن أكسبه غداً"، وهكذا ستعود المياه إلى مجاريها، إلى أن تظهر مشاكل أخرى.

رهـان خاســـر

هادي لن يغامر بالمواجهة لأنه يعرف لماذا تمرد على أمره قائد الأمن المركزي في عدن العميد السقاف؛ لو كانت القوة تميل لصالح هادي، لانحدر الرجل بشكل تلقائي جداً إلى جانبه؛ ولكنه يعرف قوة هادي وقوة خصوم هادي.

إذا تمت المواجهة مع "اللجان الشعبية" في عدن فإن هذا ما يمكن أن نسميه مغامرة حقيقية، تمت لحسبة سيئة جدا؛ لأن هذه الحسبة يمكن نسفها، بضرب الجبهة الداخلية للجان الشعبية، أي استثارة "الهدف" الذي تم انشاء هذه اللجان من أجله، وهو حفظ الأمن، من كل المهددات في المكان الذي انتشرت فيه القاعدة، وهذا يعني أن خروج اللجان إلى منطقة أخرى للقيام بدور آخر، هو خطأ متوقع، حيث سيتم تحفيز القاعدة واللعب بورقتها مجدداً، للقيام بعملية إشغال الأذهان، وإفقادها الثقة، وهذا سيساهم بتشتيت انتباهها كليا، فيسهل ضربها واستزاحتها من لعبة الحرب الخاسرة هذه، هذا غير عدم انتظامها وولائها لجهة بعينها، وعدم أخذها التدريبات الكافية، التي تتفوق فيه قوات الجيش والحرس الخاص.

اليمن اليوم تؤكد المليارات

لماذا جُنَّ جنون صالح عند ذكر المليارات التي يمتلكها، نستغرب أن يهاجم (الفار أو الفأر) حميد الأحمر، بأنه من أدلى عن تلك المليارات وسلم الوثائق، الكل يتعامل مع صالح على أن لديه مليارات، ولكن نفي ذلك لا ينبغي، لأن صحيفته الرسمية "اليمن اليوم"، هي من اعترفت وفي صدر صفحتها الأولى بهذه المليارات، وبالبنت العريض، حيث كتبت قبل أشهر قليلة، "ثروة صالح ستكفي اليمنيين"، وصالح لم يقصر في خطابه، قائلاً خذوا تلك الملايين واصرفوها على هذا الشعب الذي أفقرتموه، ولا ينبغي أن نُسهب بالحديث والرد، لأن صحيفتك قد أوفت كافية حميد (الفار) عن الرد، وعلى ذكر هذا (الفار) الذي دائماً ما يلاحظ على صالح، ضرب الطاولة بيده بشكل تلقائي جداً، عند تحدثه عنه، آخرها ضربه للطاولة في لقائه الأخير، لشباب تعز، ولكم أن تستعيدوا ذلك اللقاء للتأكد.. هذا للتنبيه فقط ..

سخرية صالح من الحوثيين 

ويلاحظ أيضاً من خطاب صالح الأخير، سخريته من الحوثيين واستصغاره لهم، وصل إلى حدٍّ كبير، عند قوله أن هادي يناديه بالمخلوع في قوله :"من المخلوع، انا ما انا مخلوع، أنا سلمتك علم الثورة، والجمهورية"، ينفي عن نفسه ويثبت استصغاره للحوثيين، "خلعوك أنصار الله"، أعيدوا المقطع وحللوه بلغته وبمستوى كلماته ونطقه لذلك الحديث، ومباشرة يتبع الحديث بـ"الجمهورية"، وهذا يعني أن الحوثيين ضد الجمهورية، هم من "مخلفات الإمامة"، "العهد الأسود البغيض"، الذي تعبنا ونحن نتحفظه في مناهجنا، مذ كنا صغاراً.

حتى إن كنا نعرف إمكانيات الحوثيين، التي كانت تراهن على عدم كفاءتها قيادات كثيرة في حزب المؤتمر، باستثناء البركاني، الذي كان واضحاً بمواقفه، أيضاً حتى قادة المؤتمر، كان في حديثهم الكثير مما يمكن الاستفادة منه للوصول إلى تلك المعطيات، التي هم على حق في حسابهم السياسي لها، لكن المشكلة تتواجد في سطحية الحوثيين في التعامل ما يجري على الواقع، وانجرارهم نحو الشعارات، التي لا يمكن أن تصنع دولة.

صحيفة الامناء

 



شارك برأيك