آخر تحديث :الجمعة 19 يوليو 2024 - الساعة:03:55:28
عن ابي اتحدث
(بقلم/محمد حسن الدلالي)

كتبت العديد من المقالات السياسية والاجتماعية والحقوقية شكرني بها كثيرون ؛ غير انني لم اكتب مقالة واحدة عن ابي الحبيب الذي له الفضل بعد الله في اخراج هذا القلم الى النور .

توفت والدتي وانا طفل لم ابلغ الحُلم بعد وانا اكبر اخوتي الاربعة في حرب صيف 94 اللعينة ؛ اقولها لعينة لأنني فقدت خلالها في عدن من كانت الجنة تحت اقدامها امي الحبيبة "رحمها الله" .

غير ان ابي استطاع وبجهد جهيد ان يلعب دوره اباً ودور الام ايضاً ؛ الكثير من اهل ابي وامي كانوا في لندن وروما وولاية هاواي الامريكية ودول الخليج ؛ بعد وفاة والدتي عرضوا على ابي المكلوم بموت ام اولاده ورفيقة دربه المغريات ؛ اهل ابي قالوا له نُسفّر الاولاد الى لندن حيث نحن وعلى حسابنا ونزوّجك ؛ بينما اهل امي ايضاً قالوا له نُسفر الاودلاد الى السعودية ونحن نتولّى رعايتهم وتعليمهم .

رفض ابي ذلك وبقوة قائلاً لمقدمي العرض "اهلنا" كثّر الله خيركم وشكراً لكم ؛ وان الحّ احدهم على عرضه كان رد والدي هو " اولادي فقدموا امهم .. هل تريد ان يفقدوا اباهم ايضاً وانا على قيد الحياة!!!" بدون تردد ينسحب المُلّح على طلبه خجلاً وحياءاً .

شدّ والدي ازره وتوكل الله ليتولى رعايتنا وتعليمنا في بلد يُعد افقر بلدان العالم "اليمن" وهو شاقي ؛ بمعنى لا مال له ولا منصب ولا وظيفة يأكل من عرق جبينة سائقاً .

تزوّج اكثر من امرأة بعد وفاة امي وكان شرطه الوحيد على الزوجة "اهتمام ورعاية ابناءه" فلم تصمد معه غير خالتي نور سعيد بن بشر "رعاها الله" ؛ وعدته واوفت .

بعزيمة وارادة ومسؤولية تمكّن والدي من تربيتنا والنفقة علينا فلم نبت ليلة واحدة دون اكل ؛ لم نحتاج لاحد غيره ؛ بل كان مُشجعاً ومُحفزاً لنا للالتحاق بالدراسة الجامعية رغم انني كُنت رافضاً الاّ انّه استخدم حيلة لي ؛ ثلاثة منّا انهوا مساق البكلاريوس هم مذيعة ومقدمة برامج فطوم حسن الدلالي واستاذة اللغة عربية عائشة حسن الدلالي وانا الصحفي والكاتب محمد حسن الدلالي ؛ واثنان من اشقائي رفضوا اكمال الدراسة "هذا شأنهم" .

ذلك هو ابي الذي افخر به ببساطته غير انه عظيم فعلاً .. فكم من اب متعلم لم يكترث بتعليم اولاده ونراهم لا وزن ولا دور لهم في المجتمع .

دوماً نحن الصحفيين والكُتاب ننشغل بامور السياسة والوضع في البلاد لنكتب عنهم ؛ وقلّما تجد كاتباً يكتب عن اباه او امه احدهما او كلاهما كان له او لهما الفضل فيما وصلت اليه .

وانني هُنا اقدّم هدية على شكل مقالة لوالدي نظير ماقدّمه لي واخوتي وهو قليل بحقه والحقيقة هي انني وما املك ملكٌ له ؛ اكتبوا عنهما وهما على قيد الحياة ليفرحا بك "اقصد الابوين" ؛ وعندي ان تُقدّم وردة لشخص على قيد الحياة خيرٌ من ان تُقدّم باقة ورود على قبره... ابي الحبيب حفظك الله ورعاك...


مباشر انجلترا واسبانيا
مشاهده مباراه انجلترا واسبانيا
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر

شارك برأيك