آخر تحديث :الخميس 25 ابريل 2024 - الساعة:01:32:00
الروح القيادية
(بقلم/د. ربيع بن علي العوبثاني)

يتمثل دور وأهمية القيادة والإدارة في القدرة على تحقيق الأهداف من خلال الاستغلال الأمثل للموارد البشرية والمادية وفق منهجية وفلسفة إدارية واضحة وشفافة يكون فيها الإنسان ــ العميل طالب الخدمة أو الموظف داخل المنشأة ــ هو محور الإرتكاز والمحرك الأساسي للنجاح والتميز والاستمرارية في كل القطاعات العامة والخاصة، ولذلك تعمل المنشأت التي تنتهج هذه الفلسفة في عالم اليوم ــ عالم التنافس والسرعة والذي لا مجال فيه للأنانية والبطء والتكاسل والعشوائية ــ على تطبيق أفضل المعايير والممارسات الإدارية التي تجعل من المواطن محل الاهتمام والعناية وتسعى لتقديم أفضل ما لديها لرفع مستوى الإنتاجية وتقليل تكاليف التشغيل دون المساس بمعايير الجودة للاستمرار وكسب أعلى حصة من السوق ودفع المنافسين وهي بذلك تعتمد على اختيار الكفاءات ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب من أصحاب القدرات والامكانيات العالية وخاصة في مواقع القرار الاستراتيجي الذي يتمثل في الإدارات العليا والمتوسطة ليقودوا هذه المؤسسات ويحققوا أفضل النتائج والعائدات. 
ونظرا لما نشاهده ونلمسه في مجتمعنا فإننا امام واقعا مغايرا وغريبا وبعيدا عن نظم وفلسفة الإدارة فتجد الكثير من المؤسسات العامة والقطاع الخاص تغيب فيها الروح القيادية ويسلك قادتها مبدأ المزاجية والديكتاتورية والإتكاء على قوة أحزابهم أو من عينهم للقيام بالأعمال والوظائف وهذ هو الداء المستشري الذي يضيع على الناس الفرص تلو الفرص ويفقدهم الحصول على أدنى الخدمات والمستوى اللائق للحياة ويضعف هذه الكيانات أيضا، فتجد الوظائف والمسؤوليات لا تخضع لأبسط معايير الكفاءة والمفاضلة وإنما تتم في جو من الحزبية والمحسوبية والواسطة والقرابة والشللية والذي بدوره يفقد الكفاءات الدافع والحماس في أن تجد مكانتها مما يؤدي بالبعض للانخراط في هذا الواقع ويصبح أداة غير فاعلة أو يصيب البعض الأخر بالإحباط واليأس ويدفع بالبقية نحو الهجرة والتي تخسّر البلد الكثير من فقدان العقول والقدرات البشرية المتميزة. 
وأننا نرى بأهمية ودور الإدارة الحديثة التي ستسهم في إصلاح التردي في هذه المنظومة من خلال تمكين القيادات التي تسند إليها  مسؤوليات البناء والتطوير للمؤسسات والإدارات والشركات والبدء في قيادة مشروع التغيير باسناد الأمور لهؤلاء القادة أصحاب الرؤى والقدرات ممن يعيش في الداخل واستقطاب الكفاءات من أبناء البلد المتواجدين في الخارج وبالتأكيد سيكونوا مكسبا كبيرا لأي مؤسسة أو شركة، هؤلاء الأشخاص يجب أن يكونوا قادة بالمعنى الحقيقي للكلمة وتلقى عليهم مسؤوليات تطبيق فلسفة الإدارة الحديثة في التفكير والتخطيط وقيادة فرق عمل وخلق جماعات متجانسة تكمل بعضها بعضا ويغرسوا لديهم مبدأ التكاملية والتعاون لتصبح سمات ضرورية في شخصيات الجميع.
هؤلاء القادة الملهمون هم الذين يدفعوا نحو مبدأ تشارك الأفكار وإبداء الرأي ويثبتوا مفهوم بأن النجاح للمجموعة وليس للأفراد، ودورهم ايضا العمل على صناعة الأفراد في إطار المجموعة القادرين على تحمل المسؤولية ويعززوا لديهم الثقة بالنفس والاستقلالية ويشجعوهم نحو الابتكار والابداع، وتحفيز كل العاملين في جميع المستويات داخل المنشأة للتعلم والتطور والتقدم في إطار بيئة عمل يسودها الأمان والتسامح والتعاون للحصول على أفضل ما يمكن لنمو هذه المنشأة وتوسعها، وإننا بذلك سنتمكن بعون الله لاطلاق عجلة التغيير وخلق جو يسوده مفهوم المصلحة والفائدة المشتركة ويستشعره الجميع ونجعله برنامج عمل واضح المعالم لننطلق نحو المستقبل الذي ننشده لإبنائنا وبناتنا لنضع لنا موطئ قدم ومكانة في عصر العلم والتكنولوجيا والسرعة والتنافس.







شارك برأيك