آخر تحديث :الاثنين 23 ديسمبر 2024 - الساعة:01:37:25
صحف عربية : جولة جديدة من الصراع على السلطة في ليبيا
(الامناء/بي بي سي:)

ليلة مُرعبة عاشتها العاصمة الليبية طرابلس بعد أن شهدت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وذلك بين تشكيلات مسلحة متنافسة على السلطة، مما يفتح الطريق مجدداً أمام إعادة تشكيل التحالفات العسكرية بعد ارتفاع حدة التوتر التي عززها اختلاف التبعية الإدارية بين هذه التشكيلات.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم السبت، فقد تدخل ليبيا في جولة جديدة من الصراع على السلطة بعد أن تم التوصل لخارطة طريق والاتجاه لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

انحرف اللواء 444
وقالت صحيفة "الشرق الأوسط" إن سكان حي صلاح الدين فوجئوا بقتال شهد استخدام أسلحة متوسطة وخفيفة، بين القوتين المسلحتين الرئيسيتين في المدينة.
وأعلن "اللواء 444" أنه صد هجوماً فجراً على مقره، شنته قوة تتبع جهاز دعم الاستقرار، بينما أعلن مستشفى الخضراء ومركز طرابلس الطبي حالة الاستنفار بعد وصول عدد كبير من الجرحى إليه.
ونقلت الصحيفة عن "قوة حماية طرابلس" إن "جهاز الدعم والاستقرار" ترافقه قوات المنطقة العسكرية في طرابلس، سيطروا على طريق صلاح الدين الرئيسي، مشيرة إلى مسعى لإنهاء الأزمة.
ودعا آمر منطقة طرابلس العسكرية عبد الباسط مروان، المجلس الرئاسي باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي، إلى فتح تحقيق في هذه الأحداث، ونفى علاقة أي أجهزة أمنية داخل طرابلس بالاشتباكات، واعتبر ما حدث داخل منطقة طرابلس العسكرية تصحيحاً لمسار "انحراف اللواء 444 – قتال".
ولفت مروان إلى أن هذا اللواء انحرف عن مساره ولم يعد يمتثل للأوامر العسكرية، مشيراً إلى أن ممثلي اللواء أصبحوا يحضرون اجتماعات غير مسموح لهم بحضورها ولا علاقة لهم بها من الأساس.
وبحسب عملية "بركان الغضب" التي تشنها قوات الحكومة، فقد وصل محمد الحداد، رئيس أركانها العامة، برفقة الفيتورى غريبيل، رئيس أركانها البرية، إلى المعسكر للاطمئنان على المؤسسة العسكرية، حيث أثنوا على شجاعة اللواء في صد ما وصف بأنه "مؤامرة العصابات المتحالفة".
وأهاب المجلس الرئاسي بكل الوحدات العسكرية والأمنية ضرورة الانضباط والتقيد بما يصدر من تعليمات وبلاغات تحظر التحرك إلا بإذن سابق وفقاً للسياق المعمول به.
ودعا 42 من أعضاء مجلس النواب رئيس المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة والنائب العام ووزير الداخلية، للتدخل وإجراء تحقيق في الاعتداء على مقر هيئة الرقابة الإدارية في العاصمة طرابلس. واستنكر النواب في بيان لهم ما حدث، وطالبوا بفتح تحقيق في ملابسات الهجوم المسلّح الذي تعرض له المقر.

تركيا الحاضر الغائب
وذكرت صحيفة "218" الليبية، أن هذا تطور يكسر بحسب مراقبين الصورة التي حرص اللواء 444 على تصديرها بوصفه نواة عسكرية منضبطة تحترم التراتبية القيادية، وتخضع قياداته لأوامر المنطقة العسكرية طرابلس منذ نقل تبعيته من وزارة الداخلية إلى رئاسة الأركان العامة، وتنفيذه لعمليات مسلحة استهدفت مُهربين وتجار بشر في المناطق الممتدة من ترهونة إلى نسمة جنوباً، حيث تتمركز قوات اللواء والتي كادت اندفاعته لمنطقة الشويرف أن تقود لمواجهة مسلحة مع قوات القيادة العامة التي تعتبر المنطقة خطاً فاصلاً لوقف إطلاق النار.
وكشفت مصادر لـ218 عن إقلاع طائرة مُسيّرة تركية من مطار معيتيقة باتجاه موقع الاشتباكات، حيث حلّقت لمدة ساعة قبل أن تعاود الهبوط في المطار الذي تُدير القوات التركية الموجودة في ليبيا غرفة عملياتها من داخله بالتزامن مع خروج قوات مدججة بالسلاح تتبع جهاز الردع والشرطة القضائية، وهو ما يبدو محاولة لاستجلاء الموقف، خاصة في ظل تأكيد اللواء عبد الباسط مروان عن مغادرة آمر اللواء 444 محمد حمزة إلى تركيا، وسط معلومات صحفية تؤكد وجود احتجاجات وتململ وسط المرتزقة السورين الموجودين في معسكرات جنوب طرابلس، الخاضعة عملياً لنفوذ اللواء نتيجة عدم صرف مرتباتهم المستحقة.
وأوضح الموقع أن التطورات على الأرض تُقلق الأتراك الذين لن يُسرّهم حالة العداء بين قيادات عسكرية موالية لها، خاصة في ظل ما تردد عن زيارة الفريق محمد الحداد لمقر اللواء 444، مما يعني تشكّل حالة من الاستقطاب وتجديد التحالفات داخل أروقة الدوائر الأمنية والعسكرية في طرابلس، مما يترتب عليه تغيّر جذري في المشهد الأمني والعسكري بالعاصمة مع ازدياد الضغط الدولي الداعي لإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، ومماطلة تركيا في هذا الشأن.

عمق التصدع
فيما قالت مصادر مطلعة لصحيفة "العرب" إن “أمير الحرب عبد الغني (غنيوة) الككلي الذي يتزعم ميليشيا دعم الاستقرار دفع بعناصره للسيطرة على مقر المعسكر التابع لمنطقة طرابلس العسكرية والواقع في حي صلاح الدين إلى الجنوب من الوسط بمسافة 10 كلم، مستغلاً بذلك فرصة انتقال أغلب عناصر اللواء 444 إلى أودية وأحراش بني وليد وترهونة.
وأوضحت المصادر أن اشتباكات طاحنة شهدتها بوابة المعسكر والمناطق المحيطة به استعملت فيها الأسلحة المتوسطة والثقيلة، وأن اللواء 444 استدعى قواته الموجودة خارج العاصمة لتلتحق بساحة القتال حيث نفذت خطة التفافية، نجحت من خلالها في دحر ميليشيا دعم الاستقرار وأسر عدد من عناصرها ممن تم الكشف عن هوياتهم في شريط فيديو تم نشره صباح الجمعة.
كما أكدت المصادر أن المواجهات نتج عنها قتل عنصرين من اللواء 444 وآخر من ميليشيا دعم الاستقرار، بالإضافة إلى عدد من الإصابات متفاوتة الخطورة في الطرفين.
ويرى المراقبون أن اشتباكات التكبالي كشفت عن عمق التصدع داخل جبهة الميليشيات في طرابلس وعن الصراعات التي تعرفها الجبهة العسكرية التابعة للمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، وهو ما تبين من ردود الفعل بعد توقف المعركة، فيما تحدث آخرون عن عملية تمرد حاولت تنفيذها منطقة طرابلس العسكرية المرتبطة بالمجلس الرئاسي ضد قوات قيادة الأركان التابعة لحكومة عبدالحميد الدبيبة.
وتشير أوساط من داخل طرابلس إلى وجود تصدعات داخل جبهة الميليشيات، ولاسيما بين الكتائب التابعة للمجلس الرئاسي ونظيرتها الموالية للحكومة، وأن ما حدث فجر الجمعة يكشف عن حجم الخلافات ذات الصلة بمراكز النفوذ وبالصراع على الشرعيات المزعومة من داخل تكتلات تطغى عليها النزعة الميليشياوية، حيث حاولت منطقة طرابلس العسكرية التمرد على رئاسة الأركان، وكلتاهما تتبعان نظريا وزارة الدفاع التي يشرف عليها رئيس الحكومة وتخضعان للقيادة العليا التي يمثلها المجلس الرئاسي.


 




شارك برأيك