آخر تحديث :الاحد 14 يوليو 2024 - الساعة:11:08:26
صحيفة دولية : غريفيث يسرّع حراكه في اليمن على أرضية ممهدة لوقف إطلاق النار
(الامناء/العرب:)

قطعت الزيارة التي بدأها المبعوث الأممي مارتن غريفيث الأحد إلى صنعاء غيابه المستمرّ منذ أكثر من عام عن العاصمة اليمنية الواقعة تحت سيطرة المتمرّدين الحوثيين، وحملت مؤشّرات على وجود أرضية جديدة مناسبة للتحرّكات الأممية والدولية الهادفة لإقرار تهدئة للحرب في اليمن تكون مدخلا لإطلاق عملية سلام طال انتظارها.

ويعمل غريفيث تحت ضغط الوقت لتحقيق “إنجاز اللحظات الأخيرة” حيث لم يبق له متّسع لمزيد من الحراك قبل أن يغادر خطته الحالية ليشغل منصب وكيل للأمين العام للأمم المتحدة ومنسقا للإغاثة في حالات الطوارئ.

وجاءت الزيارة بعد لقاء جمع المبعوث الأممي الأسبوع الماضي في العاصمة العمانية مسقط برئيس الوفد التفاوضي للحوثيين محمّد عبدالسلام بعد أن كان الأخير قد رفض في وقت سابق الاجتماع بالمبعوث الأممي، الأمر الذي أغضب الجهات الأقليمية والدولية المنخرطة في جهود السلام باليمن وفي مقدّمها الولايات المتّحدة.

وقالت مصادر يمنية إنّ تجديد غريفيث لحراكه في المنطقة وتوسيع نطاقه ليشمل صنعاء جاء بالاستناد إلى وجود معطيات ميدانية وسياسية جديدة مناسبة لإعلان هدنة شاملة في اليمن.

ولفتت المصادر إلى أن فشل الحوثيين في حسم معركة مأرب التي خطّطوا لاستكمالها في شهر رمضان الماضي، وحالة الإرهاق الشديد الذي لحق بمجهودهم الحربي جرّاء طول القتال في المحافظة الغنية بالنفط والغاز، يدفعان باتّجاه تليين موقفهم من وقف إطلاق النار المقترح من قبل السعودية، على الأقل مرحليا لالتقاط الأنفاس وتجنّب هزيمة عسكرية ستكون مؤثرة بشدّة في وضعهم الميداني وكذلك في موقفهم التفاوضي.

ولم يستبعد أحد المصادر أن يكون غريفيث بصدد “وضع اللمسات الأخيرة على إعلان وقف لإطلاق النار يمكن أن يصدر خلال الأيام القادمة”.

كما اعتبرت المصادر أنّ عودة الولايات المتّحدة للتلويح بعصا العقوبات في وجه المتمرّدين الموالين لإيران، ومبادرتها بفرض عقوبات جديدة على مسؤوليْن عسكريين في جماعتهم، جاءتا بمثابة إنذار لهم بقرب نهاية أسلوب اللّين الذي سلكته إدارة جو بايدن تجاههم.

وكشفت “العرب” في وقت سابق عن رسائل بعث بها مسؤولون أميركيون على صلة بالملف اليمني إلى الجماعة الحوثية عبر مسقط هددوا فيها باتخاذ قرارات قاسية ضد الحوثيين على خلفية رفض وفدهم التفاوضي للنسخة المعدلة من مبادرة المبعوث الأممي إلى اليمن.

وأعلن المبعوث الأميركي إلى اليمن تيموثي ليندركينغ مؤخرا فرض عقوبات على رئيس هيئة الأركان الحوثية محمد عبدالكريم الغماري والقيادي العسكري الحوثي البارز يوسف المداني.

كما حمّل ليندركينغ الحوثيين مسؤولية تعطيل السلام قائلا إنّهم “أظهروا رغبتهم في الانخراط مع شتّى الأطراف المعنية ولكنهم سرعان ما كانوا يتراجعون عن مسارهم”.

لكنّ العامل الأكثر جلبا للانتباه، وقد يكون مؤثرا في موقف الحوثيين من المبادرة السعودية، هو الموقف العماني المساند لتلك المبادرة والذي جاء على لسان وزير خارجية عمان بدر البوسعيدي عندما قال الجمعة الماضي إثر لقاء جمعه في مسقط بالمبعوث الأميركي إلى اليمن إنّ “الطريق إلى الحل السياسي للأزمة اليمنية يمر عبر بوابة وقف إطلاق النار وتدفق المساعدات الإنسانية”.

وجاء ذلك، بحسب المراقبين، بمثابة إعلان عن تأييد السلطنة للخطوة التي اتّخذتها المملكة العربية السعودية وأيّدتها الأمم المتّحدة والولايات المتّحدة، وتمثّلت في الدعوة إلى وقف شامل لإطلاق النار وفتح الباب أمام تدفّق السلع الأساسية والمساعدات الإنسانية على المناطق اليمنية.

ووصل غريفيث الأحد إلى صنعاء حيث من المقرر أن يعقد عدة لقاءات مع مسؤولين في جماعة الحوثي لبحث سبل استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار وتخفيف الوضع الإنساني باليمن، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزيارة غريفيث إلى صنعاء هي الأولى من نوعها منذ مارس 2020، حيث رفض الحوثيون مرارا لقاء المبعوث الأممي متهمين إياه بالانحياز ضدّهم وهو ما نفاه أكثر من مرة.

وكان غريفيث قد قام الأسبوع الماضي بزيارة إلى العاصمة العمانية مسقط التقى خلالها محمد عبدالسلام كبير مفاوضي جماعة الحوثي و”كبار المسؤولين العمانيين وناقش خطة الأمم المتحدة لفتح مطار صنعاء ورفع القيود عن موانئ الحديدة لتعزيز حرية حركة الأفراد والسلع من وإلى اليمن، والتوصّل إلى وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد، والتزام الأطراف بإعادة إطلاق عملية سياسية لإنهاء النزاع”، بحسب ما ورد في بيان لمكتبه.

وفي مؤشّر على بوادر تغيير في المشهد اليمني كشفت مصادر سياسية يمنية مطلعة لـ”العرب” في وقت سابق عن إحراز تقدم جزئي في الاتّصالات التي ترعاها الأمم المتحدة بمشاركة المبعوث الأميركي إلى اليمن وسفير الاتحاد الأوروبي في اليمن هانس غروندبرغ والذي قام بزيارة إلى مسقط برفقة سفراء دول الاتحاد للانضمام للجهود الدولية المتزايدة للضغط على الحوثيين للتوقيع على خطة المبعوث الأممي المعروفة بـ“الإعلان المشترك”.

ويبدو التصعيد الحوثي في جبهة مأرب أو باستهداف الأراضي السعودية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة مناقضا لحالة التفاؤل بتهدئة وشيكة في اليمن، لكنّ مطّلعين على الشأن اليمني يرون أنّ هدف الحوثيين من التصعيد ليس تحقيق مكاسب ميدانية، بل تحسين وضعهم في أي مفاوضات قد يتمّ التوصّل إلى إطلاقها لاحقا.

وبدا المبعوث الأممي إلى اليمن أكثر تفاؤلا بإحراز تقدّم في جهود السلام باليمن، قائلا “تظهر اجتماعاتي الأخيرة، بالإضافة إلى الدعم الدولي والإقليمي المستمرين، أنه لا يزال بإمكان الأطراف اغتنام هذه الفرصة وإحراز تقدّم نحو حلّ للنزاع”.



شارك برأيك