
عاد صراع الالتزام والتنفيذ ببنود اتفاق الرياض مجددًا بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي وقع بين الطرفين قبل أكثر من عام في العاصمة السعودية الرياض، والذي جاء بعد الأحداث التي شهدتها المحافظات الجنوبية في أغسطس 2019م.
ويرى المجلس الانتقالي في اتفاق الرياض طريقًا يقربه من الهدف الذي يسعى لتحقيقه المتمثل في استعادة دولة الجنوب، والذي تم تفويضه من الشعب الجنوبي في الرابع من مايو عام 2017م لتمثيل القضية الجنوبية والانتصار لها.
وأكد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي، في أكثر من تصريح، السير قدما حتى تحقيق الهدف الذي فوض من الشعب الجنوبي من أجل تحقيقه، وقطع عهدا من أجل ذلك.
ونجح الأشقاء في التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، في الضغط على الشرعية بوقف الحرب في أبين وسحب القوات إلى مناطق متفق عليها وإعلان الحكومة الجديدة المناصفة بين الجنوب والشمال حسب اتفاق الرياض.
ووصلت الحكومة مؤخرا إلى العاصمة عدن رغم محاولة اغتيالها من قبل مليشيات الحوثي وبعض الأطراف المتضررة من تنفيذ اتفاق الرياض في أحداث المطار.
وأكد الانتقالي الجنوبي دعمه الكامل للحكومة الجديدة من أجل تحقيق النجاح، في انتشال المناطق الجنوبية المحررة من الوضع المعيشي والاقتصادي المتدهور جراء الحروب الذي شنتها قوى يمنية على الجنوب وعلى العاصمة عدن وتسببت في تدهور الوضع.
لماذا يصر الانتقالي على تنفيذ اتفاق الرياض؟
منذ دعوة المملكة العربية السعودية المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية إلى الحوار، بعد الأحداث التي شهدتها العاصمة عدن ومحافظتا شبوة وأبين في أغسطس 2019م، سارع المجلس الانتقالي في الترحيب بالدعوة، مؤكدا مشاركته في أي حوار سلام يحفظ للجنوبيين حقهم في استعادة دولة الجنوب.
بعد توقيع اتفاق الرياض، سارع الانتقالي الجنوبي في الالتزام وتنفيذ بنوده، حيث يرى المجلس في اتفاق الرياض نصرا جنوبيا، فيما حاولت قوى دخال الشرعية، ذات أجندة معادية للتحالف العربي، تعطيل أي حوار مع المجلس الانتقالي الجنوبي وعرقلة ما تم التوقيع عليه.
وكشف نائب رئيس الدائرة الإعلامية في الانتقالي، منصور صالح، في تصريح له، عن الثمار التي سيجنيها الجنوبيون من اتفاق الرياض، حيث أكد أن الاتفاق نصر جنوبي ستكون من ثماره انسحاب قوات الغزو من الجنوب، والشرعية الدولية للمجلس وللقوات الجنوبية، واعتراف حقيقي ولأول مرة بوجود جنوب سياسي نداً للشمال.
وجدد الانتقالي الجنوبي تمسكه باستكمال تنفيذ كافة بنود اتفاق الرياض، جاء ذلك في بيان للمجلس الانتقالي، أعلن رفضه القرارات الأخيرة التي أصدرها الرئيس عبد ربه منصور هادي، ووصفها بـ"أحادية الجانب".
واستنكر الانتقالي "المحاولات المتكررة الهادفة إلى تعطيل عملية استكمال تنفيذ اتفاق الرياض وإرباك المشهد وإفشال عمل حكومة المناصفة بين الجنوب والشمال المنبثقة عن الاتفاق"، مشيرا إلى أن "تلك القرارات شكلت خروجا صارخا وانقلابا خطيرا على مضامين اتفاق الرياض، وعملية التوافق والشراكة بين طرفي الاتفاق"، مؤكدا أن "تلك القرارات لا يمكن التعاطي معها".
ودعا الانتقالي "رعاة الاتفاق إلى استكمال عملية التنفيذ"، مشددا على أنه "سيقدم على اتخاذ الخطوات المناسبة في حال عدم معالجة القرارات التي تم اتخاذها دون اتفاق مسبق".
هل ستنجح الضغوط في إنجاح الاتفاق؟
وعلى ما يبدو أن الضغوط الدولية التي تمارس على الشرعية من أجل تنفيذ اتفاق الرياض ووقف استفزازها تجاه خصومها ستنجح، لأسباب رئيسية أهمها: أن المجتمع الدولي أصبح يتعاطى مع الانتقالي الجنوبي كطرف رئيسي في المعادلة السياسية وقوة فاعلة سيبني تحالفا استراتيجيا معه في الجنوب ضد النفوذ الإيراني والتنظيمات الإرهابية.
لذلك لا خيار أمام الشرعية إلا تنفيذ ما تبقى من اتفاق الرياض الذي سيقلص من نفوذها وقوتها وقصقصة أجنحتها.
كيف تعمل الشرعية على الفوضى والحرب؟
تعمل الرئاسة الشرعية التي يسيطر عليها حزب الإصلاح على إعادة الصراع في الجنوب بعد نجاح تشكيل الحكومة والجهود الكبيرة للأشقاء في التحالف لتنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض وسحب القوات العسكرية إلى الجبهات لمواجهة الحوثي.
ويبدو أن تنفيذ الشق العسكري وتغيير محافظي المحافظات ومدراء الأمن أزعج الرئاسة اليمنية، حيث أصدر الرئيس هادي قرارات جمهورية بتعيين رئيس لمجلس الشورى ونائبا عاما للجمهورية، في تجاوز واضح لما جاء في اتفاق الرياض.
وأكد الانتقالي الجنوبي رفضه للقرارات الجمهورية وعدم التعاطي معها ووصفها بأنها غير قانونية وتهدف لإفشال اتفاق الرياض، مؤكدا حقه في الرد على هذه القرارات.
وصعدت سلطة الإخوان في شبوة، في رسالة واضحة تؤكد رفضها تنفيذ اتفاق الرياض، واستهدفت معسكرات التحالف العربي والنخبة الشبوانية في بالحاف وفي معسكر العلم بقذائف الهاون والكاتيوشا لإفشال اتفاق الرياض.
وقامت سلطة الإخوان بافتتاح ميناء "قنا" في شبوة لتهريب المشتقات النفطية والأسلحة التركية والإيرانية إلى المليشيات الحوثية والإخوانية في مأرب والمناطق الشمالية لمواجهة التحالف العربي.
وتدعم الشرعية الإخوانية الفوضى في المناطق التي تقع تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي عبر عناصر إرهابية، تقوم بزرع عبوات ناسفة وتفجير قنابل صوتية أمام مقرات الشرط وأمام المنظمات والبعثات الدولية في العاصمة عدن.
ما خيارات الانتقالي؟
أكد المجلس الانتقالي، في أكثر من بيان، رفضه للقرارات والتجاوزات الأخيرة من قبل مؤسسة الرئاسة، وأنه لن يتعاطى مع أي قرارات أحادية خارج سياق روح اتفاق الرياض ونصوصه وعملية التوافق ومبدأ الشراكة، وأنه سيحتفظ بحقه في اتخاذ ما يلزم من خطوات تحمي مشروعه والشعب الجنوبي وقضيته التي تحافظ على منجزاته.
وقال الانتقالي الجنوبي إن العاصمة عدن والجنوب عموماً لن يكون مسرحاً لأي إجراءات غير متفق عليها.
ولم يكشف الانتقالي عن خياراته القادمة، لكن أكد حرصه على نجاح اتفاق الرياض وتنفيذ ما تبقى من بنوده، فيما يرى مراقبون أن الانتقالي يملك خيارات عسكرية وسياسية لمواجهة عبث الشرعية والرئاسة التي تسعى لإفشال أي مساعٍ للسلام في الجنوب.