آخر تحديث :الجمعة 29 مارس 2024 - الساعة:02:29:30
ارتفاع الأسعار وانقطاع المرتبات يحول فرحة المواطنين إلى جحيم ..
"الأمناء" تستطلع آراء المواطنين بعدن ومحافظات الجنوب حول استعداداتهم لاستقبال عيد الأضحى المبارك
(الأمناء/ استطلاع/ مريم محمد الداحمة:)

الشرعية حولت عدن إلى حقل للتجارب ومسرح لمسلسل العقاب الجماعي

راتب الموظف ضئيل لا يفي بقيمة أضحية فكيف للبسمة أن تأتي؟!

أطفال لا يجدون متنفسا لقضاء إجازة العيد في ظل الحرب والدمار

يستعد أبناء الجنوب، كغيرهم من سائر شعوب العالم العربي والإسلامي، لاستقبال عيد الأضحى المبارك، في ظل أوضاع معيشية أقل ما يمكن لنا وصفها بأنها مأساوية.. حرب سرقت أرواح الكثير من الشباب، حرمت أطفالا من فرحة العيد بصحبة آبائهم، وآباء حرموا من قبلات أبنائهم في صباح كل عيد، وأمهات سيذرفن الدموع وهنّ بانتظار فلذات أكبادهن بعد العودة من أداء صلاة العيد.. انقطاع للمرتبات، وتردٍ في الخدمات، وغلاء فاحش في الأسعار، وانهيار تام للوضع الصحي، كل هذه وغيرها من الأزمات تعصف بحياة المواطن وتفقده لذة استقبال العيد ويبقى لسان حاله يقول (عيد، بأي حال عدت يا عيد؟) .

صحيفة "الأمناء" وانطلاقا من واجبها المهني ودورها تجاه المواطن في هذا البلد استطلعت آراء بعض المواطنين حول استعداداتهم لاستقبال عيد الأضحى المبارك، وكانت الحصيلة التالية:

عبدالله مقصع

تيتم وحرمان ووجع وألم وقهر

العقيد (عبدالله مقصع) يقول: "في ظل هذه الظروف القاسية لا يستطيع المواطن البسيط، الذي حرم من أبسط حقوقه، وهي المعاش الشهري، أن يوفر أي شيء من متطلبات عيد الأضحى، بل والمتطلبات اليومية".

وأضاف: "على سبيل المثال نحن العسكريين، وخاصة منتسبي محور الغيضة الذين لم يستلموا ريالا واحدا منذُ دخول عام 2020م في ظل ظروف معيشية صعبة، غلاء في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، وارتفاع جنوني في إيجارات المنازل، وارتفاع في أسعار المشتقات النفطية، وغيرها.. فكيف لمواطن بسيط بنظركم أن يستعد لتجهيزات العيد؟!".

العقيد عبدالله مقصع واحد من عشرات الآلاف من العسكريين الجنوبيين الذين خدموا هذا الوطن وقدموا الغالي والنفيس لخدمته والذود عنه، باتوا اليوم يستجدون ما تسمى بـ"حكومة الفنادق" صرف مرتباتهم المتوقفة منذ أشهر مضت، فبأي حفاوة سيستقبل هؤلاء عيد الأضحى؟ وكيف سيكون موقفهم وحالهم أمام أسرهم التي يعيلونها؟

 

هكذا تستقبل العاصمة عدن عيد الأضحى  

في العاصمة الجنوبية عدن لا شيء يوحي بأن ثمة فرحة أو اهتماما لاستقبال عيد الأضحى المبارك بعد أن حولت سلطات الدولة المدينة الهادئة والمسالمة إلى حقل للتجارب ومسرح لمسلسل العقاب الجماعي، كما يقول المواطن أحمد سالم العودي العلوي، مضيفا بالقول: "تستقبل العاصمة عدن عيد الأضحى هذا العام، بطوابير طويلة يصطف بها آلاف المواطنين، بحثا عن حقوقهم ومتطلباتهم ابتداءً بالمرتبات والمشتقات النفطية وانتهاءً بالمساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات والمؤسسات الخيرية، مقابل فعاليات احتفالية تحاول من خلالها منظمات المجتمع المدني إدخال الفرح والسرور على مدينة تغرق وسكانها في أزمات مركبة، لم تفارقها منذ استعادتها من قبضة ميليشيا الانقلابيين منتصف يوليو/ آذار من العام 2015م".

عبدربه حيمد

عيد بطعم العلقم

عبدربه حيمد، العائد من أرض الغربة التي قضاها خارج الوطن بحثًا عن لقمة العيش، يقول وهو يروي لـ"الأمناء" كيف سيستقبل أول عيد يمر عليه بعد عودته إلى أرض الوطن: "رغم الشعور بالفرح، كون العيد سيكون برفقة الأهل والأصحاب، إلا أن هناك ما يكدر فرحتنا، وهو الوضع الحالي الذي تمر به البلاد والذي لا يخفى على أحد.. وبرأيي أن المواطن البسيط لن يعيش الفرحة كاملة، وذلك للظروف المادية، ناهيك عن الحروب والقتل والدمار، كلها ظروف وعوامل مجتمعة سوف تحول الفرحة إلى حزن وبؤس، ولكنني أدعو رب العالمين أن يصلح البلاد ويزيل الفاسدين وتجار الحروب من هذه البلاد التي بات المواطن فيها يتجرع مرارة الحياة والأزمات المتلاحقة".

أنور الحضرمي

رسالة المواطن إلى الحكومة

أنور الحضرمي، وهو ناشط إعلامي، يقول في حديثه لصحيفة "الأمناء": "عيد الأضحى، كما هو معروف، من الشعائر الإسلامية المقدسة لدى المسلمين، ويحرص كل مسلم على أداء هذه الشعيرة اقتداءً بسنة النبي عليه الصلاة والسلام، فيكون حاضرا بأضحيته لتطبيق الشعيرة الإسلامية وإدخال البهجة والسرور لأسرته ولأطفاله، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها".

وأضاف: "الظروف التي يمر بها الموظف والمواطن البسيط لا شك أنها ظروف صعبة، مع غلاء المعيشة، فالأسعار ارتفعت بشكل جنوني لم يسبق لها مثيل من قبل، فأصبح الراتب لا يلبي الاحتياجات الأسرية على الإطلاق، وأكثر الفئات المتضررة هي محدودة الدخل، وفي كلا الحالتين يلجأ المواطن أو الموظف البسيط إلى الاستدانة (الدَين) كي يلبي احتياجات الأسرة في عيد الأضحى، وهي عملية مضاعفة ومكلفة تثقل كاهل المواطن أو الموظف، هذه إحدى الوسائل التي يمكن من خلالها توفير بعض احتياجات عيد الأضحى".

واختتم موجها رسالته: "رسالتي كموطن للمسؤولين أن يتقوا الله في هذا الشعب المغلوب على أمره، وعلى الجهات المسؤولة أن تضع حدا لارتفاع الأسعار وتفعّل الدور الرقابي على التجار وإلزامهم بتوحيد التسعيرة في مختلف المجالات حتى يتمكن المواطن من تلبية احتياجاته".

 

سرقة فرحة العيد

يجلس الخمسيني "سعيد حسين السعيدي" على باب منزله قبل حلول عيد الأضحى المبارك بأيام، ينظر بحسرة وألم مراقبا حركة تنقل المواطنين في الشارع تارة، وتارة أخرى يسرق نظر عينيه نحو طفله محمد الذي يلعب جواره بِكرة صغيرة وهو يسأله وابتسامة الطفولة على محياه: كم باقي للعيد يا أبي؟ طبعا ستشتري لي ملابس جديدة وألعابا وستعطيني فلوسا كثيرة يوم العيد لكي أفرح مع أصحابي في الحي.

 

"السعيدي" الذي يعمل في السلك العسكري منذ "20" عاماً، كان طوال العشرين عاماً الماضية- في مثل هذا الوقت- يستقل سيارته الخاصة برفقة أخيه صالح، ويشرعان بزيارات صلة رحمهما من مدينة إلى أخرى، لكن هذه المرة سيأتي العيد وأخوه صالح قد ذهب إلى جوار ربه شهيدًا وهو يدافع عن الأرض والعرض في جبهات شمال الضالع.. ذهب صالح وترك أخاه "السعيدي" وحيداً.

يقول "السعيدي" لـ"الأمناء": "هذا العيد جاء علينا بطعم العلقم، ولا توجد له أي مظاهر من البهجة والفرح، بسبب ضيق الأحوال الاقتصادية، وعدم حصولنا نحن العسكريين على رواتبنا، بعد استمرار حكومة الشرعية في مسلسل قطع رواتب الموظفين".

ويضيف: "حالنا لا يسر صديقاً ولا عدواً، الظروف القاسية أجبرتنا على الجلوس أمام منازلنا في أيام العيد المباركة، فكل مواطن هنا مثقل بالهموم والمشاكل، حتى باتت ملاصقة لحياته اليومية وأنسته فرحة العيد".

تأثير الأزمات المعيشية والاقتصادية وويلات الحصار التي يعاني منها أبناء الجنوب، لم تقتصر فقط على تغيب مظاهر العيد المتوارثة منذ مئات السنين عبر الأجيال، بل أيضاً باتت تصيب المواطنين بالحرج، خاصة ممن لا يستطيعون دفع "العيدية" للأقارب والأطفال.



شارك برأيك