- بعد أسبوع من حصارها.. مليشيا الحوثي تقتحم قرية حنكة آل مسعود في قيفة رداع بالبيضاء
- مجلس جامعة عدن يدعم مطالب وحقوق أعضاء هيئة التدريس مع عدم الإضرار بالعملية التعليمية
- وثيقة- السعودية تشدد إجراءات الدخول.. تطعيمات إلزامية للزوار والمعتمرين اليمنيين
- اصابة طفلتين في انفجار قنبلة من مخلفات مليشيات الحوثي الارهابية في ابين
- حلف قبائل حضرموت يسمح بمرور ناقلات النفط الخام لكهرباء عدن مؤقتًا
- الاحزاب السياسية بالبيضاء تدين بشدة جرائم الحوثيين في حنكة ال مسعود بمديرية القريشية قيفة
- مليشيا الحوثي تشن هجومًا عنيفًا على مناطق آل مسعود في البيضاء
- بن بريك: نحن دعاة سلام ونستهدف الأيادي العابثة بأمن الجنوب
- استكمال معالجة 2,048 ملفاً للموظفين المزدوجين بالقطاعات المدنية والأمنية والعسكرية في لحج
- احباط تهريب شحنة صواعق متفجرات و TNT للحوثيين
إذا كان القيادي الإخواني الإصلاحي البارز عبدالمجيد الزنداني وغيره من "العلماء" يرفضون الدولة المدنية، فإن ذلك يعني أنهم يريدون دولة طائفية. دولة ضد الإنسان أو تلك الدولة، التي تعني، طبقا لمفهوم التسامح الديني والاجتماعي، دولة عنصرية وكافرة.
ويطالعنا المعنى التقليدي للعنصرية بحقيقة أنها تقوم على التفريق بين البشر بحسب اللون والعرق، وفي الحالة الدينية تقوم العنصرية على التفريق بين الناس بحسب انتمائهم الطائفي.
وبالمفتوح تعتبر الطائفية شكلا من أشكال العنصرية والمتدين يصير طائفيا ساعة يعتقد أن "الله" إلى جانبه وحده، وأن دينه وحده هو دين الحق، الحق الذي يخلق بينه وبين الآخر مسافة، ويصبح عنصريا.
يا أيها الزنداني إن شمس الله تشرق على الأخيار والأشرار في هذه الدنيا، وليس من حقك حصرها في نطاق الضوء الشاحب لفانوس مغارتك المعتمة.
إن من لا يخاف الله هو الذي يفتي بقتل الآخرين بمجرد اختلافهم عنه بالرأي وباللون والعرق والمذهب والدين، وأن الكافر هو العنصري والفاشي الذي يعتقد بأنه الأفضل والأرقى والأنقى.
ألم يكن هتلر يعتقد بنقاوة وأفضلية الجنس الآري، على هذه الشاكلة المأسوية والكارثية؟ أولم يكن زميله وحليفه في الحرب العالمية الثانية الايطالي موسوليني يتطلع إلى استرجاع الحيوية الرومانية القديمة واسترجاع الطهارة البكر؟.. أو لا يكفي هذا العالم خسران ملايين البشر على مذبح إدعاء الحقيقة والأفضلية والأستاذية على العالم؟
ألا يعلم "المعتدل" الإخواني شوقي القاضي –تلميذكم النجيب، الخارج من معطفكم غير المبجل- أن تكفيره وتلويطه وتفسيقه للمختلفين معه يفح ببدائية وبدوية فاشية مقرفة تستبطن الكثير من العنف الهمجي والاستئصالي وأن اليمن ليست ناقصة لهذا النوع من الناعقين وحملة الأكفان والحراب والرايات السوداء.
ليس الكافر هو الآخر الذي ليس مسلما يا زنداني لأن "الكافرين هم اتباع طرق الشر الذين يرتكبون الآثام ويسفحون دماء الأبرياء" وهم من يسلبون حق الحياة من غيرهم.
الدين ليس عنصريا
وليكن في علمكم وغيركم من "العلماء" ان الدين لم يكن عنصريا وليس بعنصري وهو ليس بوهابي أو حوثي أو شيعي أو سني، أو مسيحي أو يهودي وغيره، انه كل هذا وذاك ولم ينقسم صحابة الرسول واتباعه في السقيفة على الدين، وإنما انقسموا على موضوع الولاية ولم تنشأ المذهبية والطائفية إلا في حومة الصراع والاحتراب على الولاية: السلطة!
ألم تسمعوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القائل لخصومه من قريش: "أذهبوا فأنتم الطلقاء".
ما الذي يمنعكم من أن تكونوا طلقاء منفتحين على الدنيا ومحلقين في الفضاءات الفسيحة، بدلا من أن تظلوا حبيسي مغارات الجبال وحراسا على ممرات ما قبل التاريخ ودهاليز الخرافة.
ألا تسمعون بما يحدث في العراق هذه الأيام من معارك ضارية ومدمرة تدار باسم الإسلام وتحت راياته والإسلام منها براء.
ألا تدركون بأن اليمن الفقيرة المنكشفة في عراء صحراء الربع الخالي من السياسة، المثخنة بالجراحات والمكلومة بفقدان المئات والآلاف من القتلى على ذمة "الجهاد" والمعارك المقدسة، ليست بحاجة إلى استعادة معركة صفين ولمن يرفعون كتاب الله؛ فهي تعاني الأمرين من فائض العنف والدم والدمار ومن قطعان الذئاب وسكاكين الجزارين المتدافعين لافتراس ما تبقى منها من نبض ورمق وخضرة ونضارة.
اليمن تعاني من الاختناق
ألا تعلمون واتباعكم بأن اليمن تعاني من الاختناق والفوات والموات في مسرح قيامي مجدب وضاج بالعواء بسبب القتل والقتل المضاد، الاختناق من طوابير النعوش والجنازات ومن روائح جثث الأغرار الصغار الذين يباعون كالخرفان إلى تجار الدين وتجار الحروب ويقتلون أمام أهاليهم ومن غير علم أهاليهم إذا كانوا من "المجاهدين بالأجرة".
ما ذنب كل هؤلاء الضحايا الذين يفقدون حقهم في الحياة وهم في زهرة شبابهم!؟ وما ذنب العشرات والمئات الذين رحلوا بالطائرات من عدن إلى أزمير بتركيا ثم إلى محرقة الحرب في سوريا ليلقوا حتفهم في الغالب بناء على فتاوى علماء ومشايخ وليرجع من نجا منهم إلى ساحات "الجهاد" في الداخل ليطعمها بالخبرة الداعشية، وكوابيسها الجوالة التي حولت كبريات المدن والنجوع العراقية إلى سجون ومقابر جماعية!
وأين موقعكم ومسؤوليتكم و"العلماء" من تورط جمعيات ومنظمات كثيرة محسوبة عليكم في البيع والشراء لـ"المجاهدين" وفي التصدير والتحضير والاستثمار بالدماء والإسلام، ومن رهن تلك الجمعيات لـ"الثورة" كأصل تجاري أو التعاطي معها كمشروع استثماري.
هل تريدون لهذا الشعب أن يحل مشكلاته عن طريق الحروب الأهلية وحروب الطوائف والمذاهب من خلال استدعاء معركة صفين أو تجديد داحس والغبراء وحروب النواصب والروافض، وتريدون ممارسة التعددية باعتماد وسائل وأساليب القتل الكثيرة والمتعددة فيما ترفضون التعددية بما هي فضاء للتعايش والتعدد السياسي والاندراج في العصر؟!
أم انه الإصرار على إعادة داحس والغبراء بالسيارات المفخخة والطرود المغلومة والتفجيرات والاغتيالات؟!
أو لا تعلمون بأن شعار "الإسلام هو الحل" صار يطرد المسلمين من منافيهم التي لاذوا بها بعد أن نجح في طردهم من بلدانهم؛ "وأن المسلمين صاروا في أمس الحاجة إلى من يحميهم من هذا الإسلام –بنسخته الداعشية، القاعدية، الاقصائية- وقد حمل رايته قطاع الطرق واللصوص والمرتزقة والسفلة والفاسدين وتجار المذاهب"!؟
شرر متطاير لالتهام السلطة
أيها الزنداني و"المشائخ والعلماء" وكل هذا الرهط أو الحشد –يقال 5000 عالم- ليست اليمن بحاجة لمن يرفع المصحف وفي نفسه الكثير من المآرب الدنيوية الشريرة القذرة، أما في عيونه فثمة الكثير من الشرر المتطاير لالتهام عرش السلطة واغتنام أسلابها..
إن اليمن يحتاج إلى الدولة المدنية التي تكتنف جميع القوى والطوائف والمذاهب والمشارب وتلتزم بقواعد التسامح والتعايش وتنأى بنفسها عن الاستنقاع بالدماء والانتجاع في المواكب الجنائزية، وهي في غنى عن كل فتوى يمكن أن تصدر عن شيخ يكذب كما يتنفس ويفتك بالعباد بإطلاق الفتاوى المرسلة والقاتلة، ويأكل أموال اليتامى والمساكين ويستثمر باسم الله.
أما في ما خص القوى السياسية التي استمرأت اللعب المزدوج والمداهنة والانتهازية و"ثقافة الهدنة" مع جماعات التكفير والتفجير كيما تكسب المزيد من الجولات الدنيوية وإن بالاعتماد على أجهزة الآخرة والقيامة، فقد حان الأوان لمكاشفتها بالمآلات الداعشية والدخول معها في حوار شفاف، نقدي، علني يستلهم ويتفاعل مع الذي يحدث في الأرجاء العربية فهي تحتاج إلى أن تستعيد اكتشاف نفسها كما يحتاج كافة الفرقاء إلى اكتشاف أنفسهم وابتكارها من جديد فجلهم في لحظة عراء تاريخي تدعوهم إلى الإقرار بأنهم "يقفون على ذيل الديناصور الذي لن يكون الوصول إلى رأسه يسيرا".
وقبل أن نختم:
لا بأس من التذكير بأن الأحزاب وكافة المكونات التي شاركت في مؤتمر الحوار ملزمة أخلاقيا وسياسيا ووطنيا ودوليا باستكمال ما تبقى من مشوار خارطة الطريق (المبادرة الخليجية) ودعم فريق إعداد وإنجاز الدستور وتفعيل دور الهيئة الوطنية لمراقبة تنفيذ مخرجات الحوار ومستوى انعكاسها في وثيقة الدستور، لأن النكوص عن ذلك من قبل أي طرف ينطوي على إعلان هذا الطرف عن انتحاره السياسي وإعلانه الحرب على نفسه وعلى اليمنيين والعالم.
ويجدر بكل هذه المكونات ان لا تنسى انها في حالة انكشاف تام أمام الشعب والرعاة الدوليين فليس في الوقت متسع لإشعال المزيد من الحرائق وحفر المزيد من الخنادق أو لتهييج الشارع واستنزاف طاقة واحتمال اليمنيين الذين اشبعوا ترويعا وقتلا وتدميرا، وفقدوا الثقة بنخب السياسة الشائخة والمتقاتلين على السلطة ومناطق النفوذ وانسدت أمامهم أبواب الأمل بالتغيير باستثناء الأمل بضوء خافت يبرق في آخر النفق وينعقد على حبل السياسة والحوار والرعاية الدولية.
نعم، ما من أمل سوى في أن يتولى المجتمع الدولي صون ما تبقى من إنسانيتنا "لئلا نستمر في إنفاق أموالنا في تشييد المقابر التي تخلدنا" –حسب زميلة تونسية.
الدولة الفاشلة هي عجز القيادة وغيابها وغياب القانون وانفساح المجال لاستعراضات الفتوات المسلحة وبارونات تجارة السلاح والمخدرات و"القاعدة" وتعميق الروابط بين الإرهابيين والمتمردين في الداخل مع شركاء إقليميين ودوليين وشتى المستفيدين من الكسب غير المشروع والمختلسين للموارد المالية والثروات تحت غطاء من العناصر والمؤسسات الجوفاء والصورية.... في الدولة الفاشلة يصبح الفساد واللاقانون هما القاعدة وقاعدة لـ"القاعدة" ومصدري الرزق لأن غياب الخدمات الضرورية لبناء الإنسان –التعليم والصحة والأمن- يعني بيع الحاضر والمستقبل وإطلاق العنان لشتى أشكال العنف والتدمير الذاتي، ولأن انعدام وجود الجيش والإدارة الفعالة والنظام القضائي المستقل وفراغ السلطة لا يخلف غير هذه الكارثة.
المساعدات الخارجية بالنسبة للدولة الفاشلة تصبح نوعا من التعويض أو المكافأة لمن صنعوا الكارثة، ولمن كانوا وراء التدمير المنهجي للمؤسسات عبر توارث الفساد وللنافذين الطارئين القراصنة على سوق التجارة والأعمال.
اليمن.. حالة رثة
يوم الأربعاء 11 يونيو كادت العاصمة اليمنية صنعاء تسقط في مهب الفوضى والاضطراب، وكان ما حدث من شلل وسكتة أصابت حركة المواصلات ومن قطع للطرقات وإشعال لحرائق الإطارات وغيرها يشكل ذروة الفلتان وغليان الاحتقان المتراكم، كما يعبر عن الدرجة القصوى للفراغ الأمني والسياسي الذي تعيشه البلاد.
إن معايير الدولة الفاشلة المذكورة، سابقاً، تنطبق تماما على أوضاع اليمن فقد كان من شأن الفراغ الأمني والسياسي أن يفسح المجال واسعاً أمام ظهور وانتشار الجماعات الإرهابية والمجاميع المسلحة المتناثرة في أرجاء واسعة من البلاد، وسيطرة المليشيات المتطرفة التابعة لـ"القاعدة" على معظم مديريات محافظات أبين وشبوة وعلى مفاصل حساسة من محافظة لحج ومناطق متناثرة من حضرموت، ومغاور وكهوف ومعسكرات في البيضاء ومأرب والجوف، تابعة لتنظيم القاعدة بعد أن صارت اليمن معقلاً رئيسيا في منطقة الخليج والجزيرة العربية ومن أخطر المواقع على مستوى العالم.
إن تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات المتطرفة قد تمكنت من اختراق المؤسسات الأمنية والعسكرية والحكومية والتغلغل فيها، وصارت المليشيات التابعة لهذا التنظيم ترتزق من السطو المسلح على البنوك ومراكز البريد ومن عمليات اختطاف الأجانب ورجال الأعمال وأنجالهم، ويتعزز وضع "القاعدة" في البلاد بغطاء من بعض القوى السياسية النافذة التي تستخدم المليشيات في صراعاتها ومن الجنرالات ومشائخ القبيلة الوسطاء بين "الدولة" والقاعدة لتحصيل "الفدية".
ومن المفيد الذكر أن الحيز الزمني الذي استغرقه تمدد المليشيات يتجاوز اللحظة الراهنة، يتوغل في حقبة تعود إلى أكثر من عقدين حيث جرى تهيئة اليمن كحاضنة وملاذ لـ"المجاهدين" العائدين من أفغانستان، وبعدها للعائدين من العراق، وفي طور أخير للعائدين من سوريا حتى إن رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي أقر بأن 70% من الإرهابيين المنتشرين في اليمن أجانب.
الواضح انه بعد أن تحولت اليمن إلى قاعدة ومركز رئيسي لتنظيم القاعدة على مستوى المنطقة شهدت تدفقا غير مسبوق للعناصر المتطرفة حتى إن بعض أرجاء البلاد وأراضيها تحولت إلى معسكرات تدريب وتأهيل لكل أصناف التيارات المتطرفة.
في الأثناء كانت سياسات الحكومة ضبابية وملتبسة ولم تنتقل إلى طور المواجهة الجادة لهذا الخطر الماحق، لأن القرار القيادي ظل رهينا لحسابات ضيقة ومراهنات ساذجة على مهادنة المتطرفين بدعوى أنهم كانوا "شركاء في الثورة".
وفي حين كانت التنظيمات المتطرفة على درجة عالية من الجاهزية القتالية والخبرات المكتسبة في أفغانستان والعراق والسعودية –التي طردوا منها- وسوريا مؤخرا فقد كانت الحكومة عاجزة وفاشلة حتى على مستوى إدارة الخسائر، ولم تفلح إلا في تجويع وترويع الشعب.
وبالتوازي مع هذا الفراغ الأمني والسياسي كان مستوى تدهور الوضع الاقتصادي يتفاقم بديناميكية متسارعة، وصارت شبكات الاقتصاد الموازي تتحكم بمسار العملية الاقتصادية كلها.
وصار "الاقتصاد الموازي" يحتل قلب الممارسة اليومية للسلطة وانتشرت شبكاته حتى غدت تزود قطاعات هامة من الاقتصاد المهيكل شكليا بمعظم الخدمات والموارد.
في مثل هذا الوضع خرجت من معطف أجهزة السلطة طبقة طفيلية جديدة من "رجال الأعمال" الذين أثروا من نهب الخزينة العامة للبلاد ومن توظيف الأموال المنهوبة في قطاعات شتى بعد أن صاروا من أصحاب الشركات والأصول العقارية الشاسعة والبنوك التي يستخدمونها لتبييض الأموال المتأتية من الأنشطة غير المشروعة عبر استثمارها في المضاربة.
إن استغلال الدولة لمكاسب شخصية والتعامل معها كملك خاص للحاكم وحاشيته، وتغليب عناصر الولاء والطاعة وشراء الذمم وتعايش الناس مع الممارسات الفاسدة والاعتباطية والتعسفية على مدى عقود وتحول الجباية إلى ضرب من النهب قد حول المرافق العامة والمال العام إلى مجرد غنيمة كان الصراع عليها وحولها هو السبب في كل ما شهدته البلاد وتشهده من دمار وخراب.
وبمعنى أوضح فإن الأرض المستباحة والإنسان المستلب في اليمن يعنيان أن الدولة فاشلة بامتياز؛ ذلك إذا ما جاز القول بأن الدولة قد أنجزت كمشروع فعلي على الأرض لأن الراجح هو أن اليمن مازالت ترزح في مرحلة ما قبل الدولة.
وفي كل الأحوال صارت اليمن أحوج ما تكون إلى حكومة إنقاذ تنفذ برنامج إصلاحات عاجلة وتعتمد على خارطة طريق واضحة ترسو بالبلاد على سكة الانتقال إلى مشارف الدولة عبر انتخابات برلمانية ورئاسية تحدد مواقيتها من لحظة الإعلان عن حكومة الإنقاذ التي ينبغي أن لا تقوم على المحاصصة وتقاسم غنائم السلطة.