آخر تحديث :الجمعة 14 فبراير 2025 - الساعة:00:21:35
"الأمناء" تستعرض شهادة الشيخ عبدالله الأحمر حول حقبة التسعينيات (8 والأخيرة )
()

 

يروي الشيخ عبدالله الأحمر في مذكراته تفاصيل مذكرة التفاهم الحدودية مع المملكة العربية السعودية فيقول : ((  بعد النصر العظيم الذي تحقق في السابع من يوليو 1994م ، وبعد محاولات الرئيس ، ونحن معه ، تحسين علاقاتنا مع أشقائنا في المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي عموماً ، إلا أن الموقف ظل متوتراً بيننا وبينهم تقريباً أكثر من عام ، فقد كنا مستاءين فعلاً لأننا نعتقد أنهم أساءوا إلينا في موقفهم من الحرب ، وهم يعتقدون أننا أسأنا إليهم بموقفنا من أزمة الخليج ، وإذا كانوا قد طلبوا منا أن نعتذر لهم فقد أصبحنا الآن نحن الذين نطالبهم أن يعتذروا لنا أو على الأقل واحدة بواحدة ولكن برغم هذا كله بدأنا نحن بالمبادرة.. فالرئيس تولى الاتصالات مع قادة الإمارات وعمان وقام بزيارات لهم أما قطر فكان موقفهم معروف وبالنسبة للبحرين والكويت فموقفهم يتبع المملكة العربية السعودية ، وبقي معنا حينها التفاهم مع المملكة وهي الأهم وكان التخاطب والتفاهم مع المملكة بطيئاً بعض الشيء ، وكان يزيد الموقف توتراً بعض التحرشات الحدودية منا ومنهم وهذه المناوشات الحدودية التي كانت تحصل بين آونة وأخرى كان يتم احتواؤها وتهدئة الموقف باتصالات وطرق بسيطة ومؤقتة ثم تعود . وأنا شخصياً انقطعت عن زيارة المملكة العربية السعودية بعد الحرب حتى لأداء العمرة واحتفظت بدوري في تلك الفترة العصيبة إلى أن التقيت بالأمير سلطان في المغرب ، في نفس الوقت الذي التقى فيه الرئيس أيضاً بولي العهد الأمير عبد الله أثناء انعقاد القمة الإسلامية في ديسمبر سنة 1994م في المغرب ..

وقد حضرت لقاء الرئيس بولي العهد حيث طرح موضوع زيارة الرئيس للمملكة وتمت الموافقة من الأمير عبد الله والأمير سلطان )) .

ويتابع الشيخ الأحمر قائلا : (( عدت من المغرب والموقف في بعض مناطق الحدود يكاد ينفجر عسكرياً فسافرت على الفور إلى المملكة على رأس لجنة ومعي الأستاذ عبد القادر باجمال وزير الخارجية في حينه والأستاذ إسماعيل الوزير وعدد من المختصين والفنيين ، وكانت الفكرة الأساسية لهذه الزيارة أولاً: سحب فتيل التوتر القائم، وثانياً: محاولة تحسين العلاقات ولو تدريجياً، وثالثاً: التطرق إلى مشكلة الحدود فهي لب المشكلة. المهم عقدنا مباحثات مع قادة المملكة وطرحنا ما عندنا وهم طرحوا ما عندهم . وكان أول عملية قمنا بها نحن وإياهم سحب فتيل التوتر العسكري على الحدود وذلك بتشكيل لجنة عسكرية مؤقتة للإشراف على تحركات الدوريات في الحدود وسحب بعضها وتأخير بعض المواقع.  والتوتر العسكري أساساً كان سببه عدم وضوح معالم الحدود  وإلى أين تصل دورياتنا وأين تصل دورياتهم! وبعدها دخلنا في حوار طويل حول مسألة الحدود وأن أساس الاختلافات نتيجة لعدم تطبيق اتفاقية الطائف وتحديد معالم المناطق التي لم تشملها اتفاقية الطائف . ومضينا في حوار طويل كان يشتد تارة ويهدأ تارة أخرى ، وأحياناً تأتينا تعليمات من صنعاء توحي بشدة الموقف من جانبنا حتى أن الرئيس طلب منا عدة مرات العودة .. والذين كانوا معي من الوزراء أصابهم الملل والضجر فالأستاذ إسماعيل الوزير ما استطعنا نقنعه بالبقاء إلا بصعوبة ، وإلا كان يصر على ضرورة أن نعود إلى اليمن ونؤجل المحادثات وقلت له: لن نعود إلا وقد وصلنا إلى نتيجة )) .

ويقال الأحمر أن عبد القادر باجمال ولو أنه كان يتناقض في بعض أفكاره أحياناً ، لكنه كان رجل حوار ، وكان له دور في وضع بعض المخارج المفيدة للمفاوضات وكانت نفسيته أكثر انفتاحاً من نفسية إسماعيل الوزير ، وإسماعيل الوزير كان ينفعنا بالمرجعية القانونية والجوانب التاريخية وكان يعقدها علينا في بعض الأشياء، (( وفي بعض الحالات كان بعض الفنيين الموجودين معنا يسببون لنا الإرباكات ويفسدون علينا أكثر مما يصلحون ، وبعض الموظفين من مكتب الرئاسة كانوا يتطاولون ويضعون أنفسهم في مواقف أكثر مما ينبغي أن يكونوا عليها )) . 

ويواصل حديثه قائلا : (( المهم أعان الله واستمررنا فترة أربعين يوماً تقريباً وكنت مصمماً أنه لا بد أن نصل إلى نتيجة حتى تم التوقيع على مذكرة التفاهم ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك ليلة القدر في بيت الأمير سلطان في مكة المكرمة سنة1995م ، وكانت المذكرة هي حجر الأساس لمعاهدة جدة التاريخية التي وقعت في يونيو سنة2000م وأغلقت ملف الحدود نهائياً بين البلدين .. أما بعد توقيع مذكرة التفاهم وبعد تشكيل اللجان فقد استمرت هذه اللجان في أعمالها وأنا ابتعدت قليلاً ولم أذهب للمملكة إلا مرة أو مرتين. وعندما كانت الأمور تصل إلى طريق مسدود وتتوقف أعمال اللجان ، كنت أذهب من  أجل تحريكها من جديد.. وبعدها ابتعدت ، والرئيس أيضا كان يحبذ ابتعادي لأنه تولى الموقف بنفسه، وعلى أساس أن عبد الله بن حسين وهو رئيس مجلس النواب وقد أدى دوره عندما كانت الأمور على حافة الانفجار ، وإلا فمجلس النواب ليس مؤسسة تنفيذية )) .

ويتحدث الأحمر عن زيارة الرئيس صالح للمملكة في يونيو سنة 1995 ويصفها بأنها كانت استقبالاً متميزاً عن غيره من الزيارات السابقة، وهذه الزيارة وإن لم تكن فيها اتفاقيات إلا أنها كانت مفيدة جداً لتلطيف الأجواء وكسر الحواجز وتحسين العلاقات.. وبعدها بسنة تقريباً التقى الرئيس بالأمير سلطان في كومو في إيطاليا واتفقوا على خط الحدود وهو ما مهد للحل النهائي.

وعن الخلاف حول تفاصيل ترسيم الحدود يقول : (( كان الانطباع لديّ عموماً أن أي اتفاق محل رضى الطرفين فهو مقبول لإخراج البلد من أزمة ، لم يكن لدي ملاحظات فنية فمثل هذه الملاحظات لدى الفنيين هذه رقم كذا وهذا رقم كذا وهذه النقطة دخلت أو خرجت !! كانت قناعتي ولا تزال أن علاقة اليمن مع المملكة العربية السعودية أهم من حفنة تراب وهذا الذي تم!! )) .

التعديلات الدستورية فبراير2001م

 ويتحدث الأحمر في مذكراته عن التعديلات الدستورية عام 2001 ويقول أن توقيتها كان مناسباً قبل الانتخابات النيابية ومع الانتخابات المحلية  وكان هناك رغبة سابقة لإجراء بعض التعديلات الدستورية لعدة عوامل – يوردها الأحمر كالتالي :

أولاً :هناك مجلس استشاري يضم نخبة من شخصيات وعناصر كفؤة دكاترة وأساتذة ووزراء سابقون وشخصيات اعتبارية ووجاهات وضباط قدامى يرأسه الأستاذ/ عبد العزيز عبد الغني الشخصية الوطنية المعروفة وأحد رجالات الدولة، وطبعا المجلس لم يضم هذه العناصر الكفؤة إلا لأنهم بالتعيين ولا يصح أن يظل هذا المجلس بلا صلاحيات هذه إحدى العوامل التي جعلت الرئيس يطلب التعديل.

ثانياً: هناك مشكلة الترشيح للانتخابات الرئاسية حيث كان النص الدستوري السابق يشترط على من يريد أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية الحصول على تزكية 10% من أعضاء مجلس النواب ثلاثين عضواً وهذا الشرط يحول دون ترشيح أي شخص ليس له في مجلس النواب كتلة كبيرة ، فجاء التعديل للتخفيف من  هذا الشرط بعض الشيء.

ثالثا: أن الدستور كان ينص على أن أي تعديل في مواده المهمة وغير المهمة ، الأساسية وغير الأساسية ، لا يصح إلا باستفتاء شعبي وقد تتطلب الحالة في بعض المراحل أن تتعدل بعض المواد غير الأساسية ويكفي فيها موافقة الأغلبية في مجلس النواب بدون الاستفتاء الشعبي.

وكانت هذه إحدى المواد التي جاءت في التعديل وكانت في البداية تشتمل على مواد كثيرة ولكن في اللجنة التي شكلها مجلس النواب لدراسة التعديلات الدستورية تم التقليل من عدد المواد التي يكتفي في تعديلها بالتصويت في مجلس النواب واقتصر ذلك على المواد غير الأساسية.

إلى جانب هذا جاء في مقترح التعديلات التي قدمها رئيس الجمهورية تمديد فترة مجلس النواب من أربع سنوات إلى ست سنوات والمجلس عندما وجد هذا المقترح من رئيس الجمهورية رأى إنه لا يمكن أن تكون مدة مجلس النواب أكثر من مدة رئيس الجمهورية فأدخل ضمن التعديلات التمديد لرئيس الجمهورية من خمس سنوات إلى سبع سنوات إضافة إلى محاسبة الوزراء بصورة فردية وسحب الثقة عنهم وهذه لم تكن موجودة. والتعديلات كلها ليس فيها ما يخالف الدستور وليس فيها أي ضرر أو إخلال بالنظام الديمقراطي، والإصلاح كتنظيم سياسي كان موقفه في البداية معارضًا للتعديلات الدستورية من حيث المبدأ، أيضاً كان موقف الأحزاب الأخرى بكاملها، لكن بعد أن التقت قيادة الإصلاح مع رئيس الجمهورية استدعينا مجلس شورى الإصلاح وطرحنا عليه ما خرجنا به من نتائج في لقاءاتنا مع الرئيس ، وأقنعناهم وبالتالي تم إقناع الكتلة البرلمانية في مجلس النواب وصوتت لصالح التعديل.

 




شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل