آخر تحديث :الاثنين 10 فبراير 2025 - الساعة:17:20:42
"الأمناء" تستعرض شهادة الشيخ عبدالله الأحمر حول حقبة التسعينيات (4)
()

وصل الحوار بين أحزاب الائتلاف إلى طريق مسدود في بداية شهر نوفمبر من عام 1993م على ما أعتقد، وتشكلت لجنه حوار انضمت إليها الأحزاب الأخرى التي كانت متحالفة مع الحزب الاشتراكي ، وكان موقف الأحمر رافضًا لهذه اللجنة وفق مذكراته ، وتوصلت لجنة الحوار إلى وثيقة العهد والاتفاق ، التي يقول عنها الأحمر : (( كنت رافضاً لها رفضاً قاطعاً بصفتي الشخصية وبصفتي الحزبية وحتى بصفتي رئيس مجلس النواب لأن فيها إجحافًا وابتزازًا وخطورة واستسلام . وكانت تدل على أنها بديل عن المؤسسات الدستورية )) .

ويتابع الأحمر القول : (( عندما  قررنا التوجه إلى عمّان لتوقيع الوثيقة رأيت أن شركائي في القيادة السياسية قبل أن يتوجهوا إلى عمّان قد مر كل منهم لزيارة بعض الدول ، فمثلاً  الرئيس زار أرتيريا ، والبيض زار مصر وسوريا ، فقررت أن أمر على المملكة العربية السعودية لأعرف موقفها وأعمل مثلما عملوا ، فإن كانوا قد ذهبوا إلى تلك الدول لأنه تربطهم بقياداتها صداقات شخصية ، فأنا كذلك تربطني علاقات مع القيادة السعودية ، وإن كانت الزيارة للاستشارة ومعرفة مواقف هذه الدول من الأزمة فأنا كذلك ، طبعاً لم أذهب إلا وقد تفاهمت مع الرئيس وقد قابلت الملك فهد في نفس اليوم وبارك حضوري .. وبعد التوقيع حصل اجتماع بين صالح والبيض بحضور الملك حسين وقد طال الاجتماع بين الرئيس والبيض إلى وقت متأخر في الليل، ولم يصلوا إلى حل، واتفقوا على لقاء آخر في الظهر أو الساعة العاشرة صباحاً وخرجوا لتناول وجبة السحور .. ولم تأت الساعة العاشرة صباحاً، إلا وقد وصلت أنباء انفجار الموقف العسكري في أبين، وكل واحد كان في مكانه أو مقر إقامته ، وحاول البعض أن يذهبوا لصالح وآخرون للبيض على أساس أن يلتقوا ، ولكن انفجار الموقف  أفشل كل شيء ، فغادر البعض عمان إلى صنعاء . وذهب البيض وقيادة الحزب إلى دول الخليج بتلك الطريقة..  

المواجهة العسكرية في عمران

رغم أن معركة عمران كانت شرارة بدء أول فصول حرب صيف 1994 إلا أن الأحمر يرويها بطريقته الخاصة حيث لا يشير عند التطرق لهذه المعركة إلا أنها جاءت بعد ساعتين من خطاب صالح في السبعين والذي شن فيه هجوما تحريضيا على الحزب الاشتراكي ، كما أن معركة عمران تم فيها تدمير اللواء الثالث الجنوبي بشكل كامل ، إلا أن للشيخ الأحمر روايته الخاصة بخصوص هذه الأحداث حيث يقول : (( كانت هناك بعض الإشكاليات في عمران، وقد خرجت لجنة عسكرية فيها الملحق العسكري الأمريكي والفرنسي والعماني والأردني ومعهم نائب رئيس الأركان وبعض القادة العسكريين، حاولوا تهدئة الموقف وحل الإشكال وحاول أيضا بعض المشايخ ولكن قائد اللواء التابع للحزب الاشتراكي واسمه سيف البقري رفض كل الحلول، وكانت قوتهم أكثر من القوات التابعة للشرعية ، وكانوا يتصورون أنهم سوف يتغلبون على الوحدة العسكرية الشمالية وهي أقل منهم عدداً وأضعف تسليحاً، وكانوا منسقين مع قبائل من عيال سريح وبني عبد والغولة والجبل ومعتمدين عليهم ، وكان هؤلاء يؤكدون لهم بأنه مجرد أن تبدأ الحرب سوف ينضمون إليهم ويتحركون من هناك ويقطعون الطرق ويحاصرون صنعاء ، ومعهم أيضاً أفراد من أرحب وغيرها، وكانوا قد رتبوا معهم هذه الخطة من قبل ونحن على علم بهذا المخطط، وعرفنا أن المخطط للحزب الاشتراكي هو تفجير الموقف في الشمال ، وبدلاً من أن تكون المعركة في عدن تكون في صنعاء )) .

ثم يقول الأحمر : (( كانت معركة عمران أول ضربة لهم، وقد هرب قائد اللواء سيف البقري وبعض الضباط والجنود هربوا أولاً إلى الجماعة الذين كانوا منسقين معهم من عيال سريح ومن الغولة وأخرجوهم تجاه الجوف.. والآخرون سلموا أسلحتهم ودخلوا مستسلمين إلى العرضي .. )) .

ومن الغريب أن الشيخ الأحمر يقول : (( لقد فُرضت علينا الحرب ولم تكن خيارنا، ولكنا كنا واثقين أنها لن تطول  وأن الموقف سيحسم لصالحنا لا سيما بعد أن أعلنوا الانفصال ، وحينما زارنا الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة أكدت له أن الوحدة هي خيار الشعب اليمني وأن الموت يهون من أجلها )) .

زيارة السعودية أثناء الحرب

يتحدث الأحمر عن زيارته للسعودية والإمارات أثناء حرب صيف 1994 ويقول أنها كانت ضرورية لا سيما وأن مؤشرات تعاطفهم مع الحزب الاشتراكي قد ظهرت ابتداءً من مرور علي سالم البيض وجماعته عليهم بعد عمّان واستقبالهم له .. ويضيف : (( قمت بزيارة المملكة ومعي الدكتور عبد الكريم الأرياني بتكليف من الرئيس صالح في اليوم السادس لاندلاع الحرب قبل عيد الأضحى بيومين ، وعندما اتجهنا إلى الرياض باشروا ضرب صنعاء بالصواريخ في نفس اليوم وعلمنا بذلك ونحن هناك. وفي الرياض قابلنا الملك فهد والأمير سلطان ولم نطلب منهم شيئًا إلا شرح الموقف وتوضيحه واستعدادنا لقبول وساطتهم واستقبلونا استقبالاً طيباً جداً كما هي عادتهم، وتحدثنا معهم كثيراً، وقلنا لهم إن دولاً عربيه وغير عربية قد قامت بأدوار ووساطات قبل انفجار الحرب وأنتم أقرب ، والحق عليكم أكثر ومعرفتكم وتأثيركم أكبر وأنتم مقبولون لدينا أكثر. استمعوا لنا واعتذروا عن الوساطة لأن موقفهم حساس وأن هناك أطرافًا أخرى ربما لم يعجبها وساطة المملكة وقد يتوتر الموقف أكثر. وإنما سيدفعون غيرهم للوساطة ويتحملون أي تبعات مالية لمن سيقوم بالوساطة ، وطلبوا منا توقيف الحرب والهدوء ولو هدنه حتى تتاح لهم الفرصة ليدفعوا ببعض الأشقاء للوساطة. ولأننا قادمون على عيد الأضحى فقد اتصلنا بالرئيس ووافق على الهدنة لثلاثة أيام وأنه سيعلنها عند مجيئنا .. وعند توديعنا للملك فهد وبعد أن خرج الأمير سلطان والدكتور الأرياني مسكني الملك فهد بيدي وقال لي: إذا كنتم قادرين على دخول عدن وحسم الموقف فبادروا ، لتخرجونا من الحرج وتضعوا الجميع أمام أمر واقع وتفوتوا الفرصة على أي تدخل . وغادرنا المملكة متجهين إلى أسمرة بعد أن أبلغونا أن الصواريخ تضرب صنعاء فخشينا أن يترقبوا عودتنا ويستهدفونا بعد أن أصبحت الصواريخ تضرب أمام بيتي في الحصبة !! بتنا في أسمرة ، وغادرناها في اليوم الثاني متجهين إلى صنعاء ، وفي نفس الليلة أو التي تلتها، أعلنوا الانفصال واشتدت المواجهات وكان إعلان الانفصال متوقعاً رغم أنه عملياً قد أصبح موجوداً من قبل لكن إعلانه أفادنا كثيراً )) .

زيارة الإمارات

يتحدث الشيخ الأحمر في مذكراته عن زيارته للإمارات بالقول : (( زيارتي للإمارات كانت في الأيام الأخيرة للحرب بعد ما بدأت وسائل الإعلام في الإمارات تسمي البيض فخامة الرئيس دون اعتراف رسمي ، وكان ذلك من الأشياء التي احتجينا عليها وطرحناها لهم في الزيارة التي قابلنا فيها الشيخ زايد ، وقد أوضحنا لهم أولاً: أن هؤلاء تمردوا واختلقوا أزمة سببت وألحقت بالشعب أضرارًا ومتاعب كبيرة ، وتعطل كل شيء وقدمنا لهم تنازلات كثيرة واستجبنا لمطالبهم ، وأخيراً أملوا علينا وثيقة فيها كل ما يريدون وقبلناها واشترطوا ألا توقع إلا في عمّان ، وذهبنا إلى عمّان ، ومن عمّان يذهبوا إلى الرياض وسلطنة عمان والإمارات والكويت وأنتم تستقبلونهم كأنهم دولة وهم متمردون؟ ثانياً: أن موقفكم هذا الذي أصبح واضحاً ما كنا ننتظره أو نتوقعه منكم فهم أعدائكم قبل أن يكونوا أعداءنا ، وهم حزب شيوعي ، ثم إن الوحدة قد تمت واعترفتم بها وباركتموها فتمردوا على الشرعية وأعلنوا الانفصال وانتم مؤيدون لهم )) .

كما يتحدث الأحمر عن موقف الشيخ زايد أثناء لقاءه بهم فيقول : (( كان موقف الشيخ زايد واضحًا في دعم الاشتراكي فكان طرحنا له صريحًا وواضحًا وقويًا ، وإجابته لنا كانت أكثر وضوحاً وصراحة وتعصباً بشكل فظيع ما كنا نتصوره. قال: أولاً: حكاية شيوعية ما عادوا شيوعيين. وثانياً: الوحدة لا تفرض بالقوة والحرب. وثالثاً: لجوؤهم إلينا وانفتاحنا عليهم لأنهم أضعف منكم وانتم تجبرتم واعتديتم عليهم، فأشتد بنا النقاش إلى أن بلغ حد ارتفاع الأصوات وكان معي الأستاذ عبد الوهاب الآنسي نائب رئيس الوزراء في حينه وبعض المشايخ من الإمارات أسكتونا وانتقلوا إلى مكان آخر ، وبقيت أنا والشيخ زايد كل واحد متسمر في كرسيه لا يكلم الآخر ولا ينظر إليه. وعادوا إلينا برأي أن تنفض الجلسة ويجتمع نائب رئيس الوزراء عبد الوهاب الآنسي مع الشيخ فلان والشيخ فلان، وخرجنا دون الوصول إلى شيء، والشيخ زايد مصمم على أنه لا بد أن نوقف الحرب. قلت: الحرب مقدسة بالنسبة للوحدة ، والوحدة تستاهل الدماء قال: تريدون سفك الدماء والوحدة ليست بالقوة. قلت: نعم الوحدة تستحق التضحية ونحن مستعدون لبذل المزيد من التضحيات من أجلها ، والوحدة ليست بالقوة فهي وحدة شعب واحد إنما الانفصال هو الذي يريد أن يفرض بالقوة.. وانتهت الزيارة بهذا الشكل دون الوصول إلى أي نتيجة  )) .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




شارك برأيك