
كتبت صحيفة نيويورك تايمز عن عام 2013 في الإمارات وكيف اعترى القادة هناك قلق استوجب إعادة التفكير ومراجعة حالة البناء الداخلي التي تبنتها منذ تأسيس الدولة في العام 1971 والتي اقتصرت منذ ذلك الحين على القفزة النوعية التي تحققت لها بالفعل لكن على مستوى اقتصادي فجعلت من البلد الصغير نسبيا واحة من التطور في هذا المجال، داخل المنطقة، يعيش الناس بها وهم ممتنون لهذا النهوض ويستمتعون بثماره.
ورأت الدولة الاتحادية أن الأحداث التي توالت على المنطقة منذ "الربيع العربي"، وتمدد النفوذ الإيراني وبروز تهديدات شتى على رأسها التنظيمات المسلحة المتشددة التي لا ترى أبوظبي بينها اختلافا على تنوعها، وهذا ما استدعى الوصول لآفاق أخرى غير اقتصادية والإشراف على أنشطة ومشاريع خارج المضمار المعتاد لها.
ومنذ 2013 شهدت هذة الأعوام القليلة دورا متناميا للإمارات في ملاعب أخرى إذ ارتبطت بقضايا وصراعات المنطقة في كل من مصر واليمن وليبيا والصومال وحتى أنها تبنت فرض حصار مع بعض دول الخليج على قطر.
ولم يضع محمد بن زايد آل نهيان، 58 عاما، نصب أعينه ولم ير سوى محاربة "أيدولوجيا التطرف" التي يصرح بأنها صاحبت جيله، وهدفه أيضا بحسب ما أوضح دعم السلام والاستقرار وإنقاذ الشرق الأوسط من قدر محتوم ينحصر في خيارين وفقا لرؤيته الشخصية، وهما إما نظام قمعي أو كارثة كاملة.
وقد يتفق مراقبون أو يختلفون مع نظرته حول مستقبل الشرق الأوسط والتي عدت أحيانا "غير معتدلة"، أو"قاتمة وسوداء" على حد وصف "نيويورك تايمز"، كما أنها كانت مبعثا لانتقادات وشك في مواضع كثيرة وكلفته وضع صورة بلاده على المحك في أحيان أخرى، لكن يعتقد هؤلاء أنه لا يمكن القول إنه لم يكن محقا في كثير مما ساقه حول "الإسلام السياسي" ولا سيما أنه قد وصل لإدراك معين بناء على مجموعة من تجارب خاضها بنفسه خاصة إبان عدم تفاعل الإدارة الأمريكية للديمقراطيين مع هواجسه بشأن بزوغ نجم حركات الإخوان في المنطقة وتعاملها معها كإفراز طبيعي للتحولات الديمقراطية التي صاحبت أحداث " الربيع العربي" وأيضا معرفته أن بين منفذي هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول في نيويورك في 2001، إماراتيان.
لكن دوافعه وهواجسه كانت أيضا وراء تنامي ما اعتبر "قمعا " داخل المجتمع الإماراتي وسقوط ضحايا له في الداخل وأيضا من الجنود الإماراتيين في الصراع اليمني، وتعالي انتقادات حقوقية ضد البلد في خضم انفتاحه على عدة جبهات وفي خضم سعيه لترسيخ "مفاهيم الإسلام المعتدل والتعددية "التي يقول بن زايد إنها عقيدة والده ومؤسس دولة الإمارت علمها له منذ نعومه أظافره.
وبرغم كونه ليس الحاكم لدولة الإمارات، لكن الصحيفة تقول إن من صاغ كل هذا هو محمد بن زايد إضافة لعمله على تعزيز قدرات القوات المسلحة لبلاده التي باتت لا تقل عن أي من نظيرتها في المنطقة ما عدا الإسرائيلية وفقا لـ"نيويورك تايمز".
ويشير له المقال الصحفي أيضا بأنه الرجل المعني برسم المسارات الجديدة والسياسات الخارجية والمالية. كما أونه لا يغفل الثقافية والتعليمية وعيا بأهمية دورها، كل ذلك على الرغم من قلة ظهوره في المحافل الدولية وعزوفه عن اللقاءات الصحفية بقدر الإماكن وتحبيذه البقاء والعمل في الظل.
وتؤكد الجريدة وباستشهادات وأمثلة أن هذا التطور ليس في عمله فحسب بل في جوانب أخرى كثيرة من حياته الشخصية والعائلية وحتى أحيانا في علاقاته وخياراته السياسية وتضعه في مربع "الرجل الخارج عن المألوف" في بعض الأحيان.
وتتوقع الصحيفة الأمريكية أن لا تمر التطورات الحاصلة في منطقة الخليج والتصعيد بين واشنطن وطهران في ضوء عملية اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني الأسبوع الماضي من دون أن يكون محمد بن زايد لاعبا مؤثرا، ولا سيما أنه يحرص على نسج علاقات متوازنة لبلاده دوليا رغم أي شيء. ويقال إنه فتح مجالا لبذل الجهود الديبلوماسية مع الإيرانين في مرات عدة لكن من أبواب خلفية.