
كشفت التحركات الأخيرة لصالح الجبواني، عن تمهيده لتدخل يتطلع إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الملف اليمني، خدمة لأجندة ومصالح التنظيم الدولي للإخوان.
واتهم وزير النقل في حكومة الشرعية اليمنية صالح الجبواني رئيس الحكومة وقيادة التحالف العربي بالخيانة والانقلاب على رئيس الجمهورية في انفلات مخزٍ يظهر ضعف هرم هذه السلطة.
وقال الجبواني في نص تغريدتين نشرهما عبر حسابه في "تويتر": "لم يكفه تغطية الانقلاب في عدن والغدر بالرئيس الذي ائتمنه على المسؤولية بعد أن قال أنه والانتقالي في خندق واحد، بل لم يخفِ تطلعه وطموحه الجامح للسلطة ولو على حساب الوطن.. ركب الشرعية بانتهازية مفضوحة واليوم يغطي على مشروع تفتيت الوطن.. كثيرون فعلوا ما تفعل ومضوا للمكان المناسب لهم".
وأضاف: "عاد رئيس الوزراء في ١١/١٨ إلى عدن وباقي حتى اليوم مع رفض المليشيا تنفيذ الاتفاق.. هذا انقلاب جديد من قبل رئيس الوزراء وداعميه ضد الرئيس هادي بتأسيس غطاء لسلطة الانقلاب المليشاوي وتنفيذ ما خططت له الإمارات نصاً وروحاً.. معين ينفذ انقلابًا على الرئيس هادي في عدن هذا ما يجري بالضبط".
لماذا تبرأت حكومة الشرعية من الجبواني؟
تصريح وزير النقل صالح الجبواني فجّر صراعًا داخل الشرعية بين جناح يقوده رئيس الحكومة معين عبدالملك ويؤيده التحالف العربي وجناح يتصدره الإخوان المسلمون ووزراء يناصبون العداء للتحالف العربي، وظهر ذلك جليًا في البيان الذي أصدرته الحكومة أمس الأول الثلاثاء، ونشرته الوكالة الرسمية (سبأ) وأشارت فيه ضمنيا إلى تصريحات الجبواني عن تسليم إدارة الموانئ والمطارات لتركيا.
وأكدت الحكومة أن تلك التصريحات لا تمثل الحكومة بل تمثل الشخص الذي أدلى بها، لكن صدور البيان عن مصدر حكومي وليس الناطق باسم الحكومة وخلوه من اسم الوزير الجبواني أو تركيا، الدولة المعنية، كشف حجم الصراع في الشرعية بحسب مصادر مطلعة.
وقالت مصادر في الشرعية إن رئيس الحكومة المؤيد للتحالف العربي أراد تصريحًا من قبل الناطق الرسمي يتم فيه دحض تصريح الجبواني وأن يتم ذكر اسم الوزير المصرح والدولة التي ذكرها وهي تركيا، غير أن جهات في الشرعية أوعزت لمدير مكتب الرئاسة عبدالله العليمي عدم اعتماد توجيه رئيس الحكومة والاكتفاء ببيان هزيل تم نشره لإسقاط الإحراج فقط.
كما رفض الناطق الرسمي للحكومة "راجح بادي" توجيهات رئيس الحكومة والعليمي وبادي، عضوا بجماعة الإخوان المسلمين في اليمن التي تسيطر على قرار الشرعية وتتوافق مع التوجه التركي الداعم للإخوان والخصم الإقليمي لدول التحالف العربي.
وكانت قناة الجزيرة نشرت حوارًا مع وزير النقل صالح الجبواني المقرب من قطر والذي زار تركيا مؤخرًا قال فيه إنه اتفق مع الأتراك على تسلم موانئ اليمن وتشغيلها وأنه شكل لجانًا فنية مع الأتراك من أجل ذلك.
وعقب لقاء الجبواني مع الجزيرة وتصريحه الذي يمثل تهديدًا للتحالف العربي الذي يعيش حالة صراع مع تركيا في ليبيا وغيرها، أراد رئيس الحكومة اتخاذ موقف غير أن جماعة الإخوان في الشرعية أحبطت ذلك ليخرج بيان هزيل في محتواه رغم أنه يعد وثيقة نفي لحديث الجبواني.
وجاء في نص الخبر الذي نشرته وكالة سبأ الرسمية: "أكد مصدر حكومي مسؤول، أن التصريحات المتداولة عن ترتيبات لتوقيع اتفاقيات وتحديدًا في قطاعات النقل خاصة الموانئ والمطارات وغيرها، تعبّر عن وجهة نظر شخصية ولا تمثل الحكومة الحريصة على استكمال الهدف الواضح في استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانيا للانطلاق نحو البناء والتنمية وإعادة الإعمار".
وأوضح المصدر لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن تصريحات بعض أعضاء الحكومة في هذا الجانب خلال زيارات شخصية يقومون بها لدول شقيقة وصديقة، غير مسؤولة، ولم يتم الرجوع فيها إلى دولة رئيس الوزراء وفخامة رئيس الجمهورية، مؤكدا حرص اليمن على بناء علاقات طيبة مع الدول الشقيقة والصديقة تقوم على العمل المؤسسي وفي إطار التشريعات والقوانين النافذة وليس إبرام اتفاقات بشكل شخصي.
وجدد المصدر، التزام الحكومة وجميع أعضائها برؤية الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، في التعاون والتنسيق الخارجي وبناء الشراكات التنموية وفقا للمصالح الاستراتيجية العليا لليمن وشعبها.
إصرار إخواني على إدخال تركيا
وتصر جماعة الإخوان المسلمين على إدخال تركيا في الملف اليمني خدمة لأجندات تركية تريد تصفية حسابات مع دول التحالف العربي وعلى رأسها السعودية ومصر والإمارات، وترسيخ للمشروع التركي الذي يرعى فروع الجماعة ويستخدمها، حيث حاولت عن طريق القيادي الإخواني حمود المخلافي عبر الدعوة إلى انسحاب المقاتلين اليمنيين من الحد الجنوبي السعودي وإنشاء معسكر لهم بتعز، وكذلك عبر مهاجمة العاصمة الجنوبية عدن واحتلالها بجيش من مأرب للوصول إلى باب المندب وفرض دخول تركي حتمي في وضع إقليمي تمارس فيه تركيا حربًا على العرب وأي مشروع عربي وتدخل فيه قوات عسكرية إلى ليبيا عبر فرع جماعة الإخوان المسلمين هناك.
عرّاب الإرهاب التركي
ويرتدي المدعو صالح الجبواني قناع عرّاب الإرهاب التركي في اليمن، إذ يعمل على الترويج لخطط تركيا في اليمن خلال الفترة المقبلة باعتبارها مواقف شخصية يقنع بها ويقدمها للرأي العام عبر وسائل الإعلام التركية والقطرية، في وقت بدا فيه الجبواني قد عقد جملة من الصفقات مع الجانب التركي لتسهيل مهمة أردوغان في اليمن مستقبلاً.
خلال اللقاءات الإعلامية التي أجراها الجبواني مؤخراً سوّق لوجهة النظر التركية بشأن اتفاق الرياض، بعد أن زعم أن الاتفاق يرسخ لما أسماه بـ"تقسيم اليمن"، وحمّل دولة الإمارات مسؤولية توقيعه، في حين أن الذي حدث أن الإمارات أعادت الانتشار في الجنوب بما سمح لدور أكبر للمملكة العربية السعودية من أجل تنفيذ بنود الاتفاق وتشكيل حكومة مشاركة وتوحيد الجهود العسكرية لإنهاء الانقلاب الحوثي على الشرعية.
ما يبرهن على أن الجبواني يروّج لوجهة النظر التركية أن أردوغان يحاول تكرار الاتفاق الذي وقعه مع حكومة السراج في ليبيا، ومحاولة الإيهام بأن الحكومة الشرعية هي من استنجدت به لإضفاء قدر من المشروعية على تدخلاته السافرة، وبالتالي يتم ترويج الإشاعات بشأن التحالف العربي ودولة الإمارات العربية المتحدة في محاولة فاشلة لقلب الحقائق.
والأكثر من ذلك أن الجبواني تحدث صراحة عن رغبة تركيا في استغلال ثروات اليمن من دون أن يدري، بعد أن أكد على أن أنقرة مستعدة لتوقيع اتفاقيات لاستغلال موانئ البحر الأحمر، عبر اختلاقه قرارًا بـ "تشكيل لجنة يمنية تركية مشتركة لدراسة الملفات المتعلقة بقطاع النقل البحري والجوي والبري في اليمن، وكيفية تقديم الدعم لهذا القطاع واستثمار الأتراك فيه".
وقال الجبواني: "لقد اتفقنا أثناء زيارتي إلى تركيا مع وزير النقل التركي جاهد طورهان على تشكيل لجان فنية يمنية- تركية مشتركة لدراسة الملفات المتعلقة بقطاع النقل البحري والجوي والبري في اليمن، وكيفية تقديم الدعم لهذا القطاع واستثمار الأتراك فيه، وأن هناك اتفاقات ستأتي خاصة أن هذه الشركات أثبتت نجاحها على المستوى العالمي، وهو ما يشجعنا على عقد شراكات واتفاقيات معها".
وأضاف: "وبعد إتمام اللجان الفنية عملها سنوقع اتفاقية مع تركيا لنستفيد من شركاتها المختصة في مجال النقل، خاصة أن هذه الشركات أثبتت نجاحها على المستوى العالمي، وهو ما يشجعنا على عقد شراكات واتفاقيات معها.. ومن المعروف أن لدينا أكثر من 10 موانئ تطل على البحر الأحمر وبحر العرب، ولدينا مطارات كثيرة، وشبكة نقل بري واسعة، وهذا ما يجعلنا نتحمس للشراكة مع تركيا ونستعين بخبرات الأشقاء الأتراك لإعادة بناء البنى التحتية وتشغيل هذه الموانئ والمطارات، وإصلاح الطرق ووسائل المواصلات".
ويرى مراقبون أن حديث الجبواني يؤكد على أن هناك رغبة تركية بالتدخل في الأزمة اليمنية وأنه يقوم بدور الممهد لهذا التدخل، وأن بقاءه على رأس إدارة قطاع النقل قد يجعله أكثر قدرة على خدمة الأطماع التركية، وهو ما يتطلب سرعة إبعاده عن هذا الملف.
وكان الجبواني قد اتخذ أول قرارات الشرعية التي برهنت على عدم رغبتها في تنفيذ اتفاق الرياض، بعد أن طالب في مطلع الشهر الماضي، باستمرار إيقاف العمل في ديوان وزارة النقل، وأصدر مكتبه تعميمًا لموظفي ديوان الوزارة بوقف العمل حتى إشعار آخر، ولم يصدر أي تصريح رسمي من حكومة الشرعية أو الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي على هذا التصرف، ما برهن على موافقتها ضمنياً على ما جاء بالطلب.
وأصدر الجبواني قراره من غير أن يكون ذي صفة، بعد أن غاب عن ممارسة عمله قبل ثلاثة أشهر مع عدم اعترافه باتفاق الرياض الذي يعد مرجعية يتوافق عليها كلٌ من المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية والتحالف العربي.
وزعم في تعميمه بأنه هو المختص بإصدار قرار بعودة العمل في ديوان وزارة النقل، مطالبا الموظفين بتنفيذها، بل أنه توعد بخصم راتب أي منهم في حال مارس عمله.
كيف ردت السعودية على تصريحات الجبواني؟
الإعلامي السعودي مشاري الذايدي علق على لقاء وزير النقل صالح الجبواني لقناة الجزيرة القطرية الذي تحدث فيها عن توقيع اتفاق مع الحكومة التركية في اليمن.
وقال الذايدي، وهو مقدم برامج في قناة العربية السعودية: "صالح الجبواني وزير النقل في الحكومة اليمنية الشرعية يقول في حوار له مع شبكة الجزيرة أنه سيتعاون مع حكومة أردوغان التركية من أجل استغلال موانئ اليمن".
وطرح الذايدي عدة تساؤلات: "هذا الجبواني يمثل من؟! هل الحكومة اليمنية موحدة الرأي؟ أم كلٌ يغني حسب ليلاه الحزبية أو المصلحية؟!".