
في النصف الأول من العام 2019، كانت القيادة الجنوبية على وشك تحرير وادي حضرموت من قبضة الإخوان والجماعات الإرهابية المرتبطة بها مثل القاعدة وأنصار الشريعة.
إلا أن الجنوبيين تفاجئوا بفتح الحوثيين لجبهة شرسة في محافظة الضالع، بتواطؤ من جيش الشرعية المُسيطر عليه من قبل الإخوان أنفسهم.
تهاوت معسكرات ما يسمى بالجيش الوطني، وتمكن الحوثيون من تحقيق تقدمات سريعة أكبر من حجمهم الفعلي على الأرض، ليتضح بعدها أن مسلحي الإصلاح كانوا يقاتلون جنباً إلى جنب مع إخوانهم الشماليين.
وفي أغسطس الماضي، استشهد مجموعة من خيرة رجالات الجنوب بعملية غادرة للإخوان وتبناها الحوثيون، ضمن مخطط مشترك للسيطرة على محافظة شبوة الغنية بالنفط، ومن أجل تحويلها إلى ممر آمن لوصول الامدادات الإيرانية من السلاح للحوثيين.
ومثلت ضربة الجلاء بداية للمؤامرة القذرة التي تستهدف الأرض الجنوبية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وهاهم اليوم يكملون مخططهم القذر بهجمة أخرى شرسة على أحد معسكرات المقاومة في محافظة الضالع.
وتزامن الهجوم مع ظهور الدور التركي للسطح في ليبيا، وهو المشروع الذي تنوي انقرة استنساخه في الجنوب، وحصراً في محافظة شبوة، بدعم وتسهيل تنظيم الإخوان الدولي.
وكان لا بد من صرف الأنظار عن شرق الجنوب بهجمات ايذائية في الغرب، ومرة أخرى يبرهن الحوثيون أنهم مجرد أداة أخرى من أدوات الإخوان، وأنهم جماعة إرهابية تتحكم فيها قيادة التنظيم العليا مثلهم مثل القاعدة وداعش.
وأقدم الحوثي على خطوة هو نفسه لا يعرف مدى خطورتها، وتتمثل في ضرب المقاومة الجنوبية تمهيداً لتوطين العثمانيين الجدد في شبوة ومناطق أخرى في الجنوب، من أجل استعادة إمبراطوريتهم الاستعمارية الغابرة، وهو ما لن يحدث مطلقاً ولا حتى بعد مائة عام.
فالشعب الجنوبي الحر الرافض للاحتلال الشمالي الغاشم، لن يقبل بأي احتلال آخر، ولن يرضى بأن تعود أراضيه وخيراتها إلى يد محتل خارجي، بأي ذريعة كانت.
فالمقاومة الجنوبية حاضرة في كل الميادين بقوة، ولن نقبل بأي وصاية، شمالية كانت أم تركية، ما دام والجنوب يعج برجاله الأحرار وحلفائه الأخيار.
ونحن على ثقة مطلقة بأن الأشقاء في التحالف العربي يدركون تماماً أبعاد المؤامرة الراهنة على الجنوب، وكيف يسعى دعاة الاحتلال القديم إلى تسليمه لاحتلال تركي – فارسي جديد، لن يكون فيه أي دور للعرب سواء من الجنوبيين أو إخوانهم في الخليج.
ولولا التزام الانتقالي ببنود اتفاق الرياض، والتهدئة المصاحبة له، لكان أمر الإخوان والحوثيين قد حُسم منذ زمن، فالمقاومة جاهزة لقطع أياديهم العابثة بأمن واستقرار الجنوب وأرضه وشعبه.
وما تصعيد الضالع إلا بداية لتصعيد أشد خطورة منه في شبوة، وقد ينتهي إلى العاصمة عدن، إذا لم يبادر الجميع بوقف تمدد الاحتلال الشمالي بكل فئاته الثلاث (الحوثية – الاخوانية – العفاشية)، فالمخطط خطير والاعداء غالباً ما يتحدون عندما يتعلق الأمر بالهيمنة الشمالية على الجنوب.