آخر تحديث :الخميس 17 يوليو 2025 - الساعة:23:56:36
أين ذهب وعد وزير التربية (لملس) باعتماد مليار ريال لطباعة الكتاب؟
رئيس شعبة التعليم العام بعدن: نشعر بالأسف حين نرى طلابنا بدون كتب أو يشترون من السوق السوداء!
("الأمناء نت" تقرير/ عادل حمران:)

 رغم مرور قرابة النصف من العام الدراسي الحالي إلا أنهُ ما زال يحمل في طياته الكثير من المعاناة التي يعاني منها قطاع التعليم في اليمن، أبرزها نقص المعلمين والكتب المدرسية وازدحام الفصول الدراسية، وهذه المشاكل عانى منها وطننا كثيرًا؛ لكن الحرب فاقمت الأزمة حتى أصبحت مستفحلة في جميع المدارس وباتت تؤرق الجميع وتعرقل سير العملية التعليمية.

ومطلع العام الدراسي (2018/2019م) صرح وزير التربية والتعليم د.عبدالله لملس في مقابلة صحفية سابقة بأن مجلس الوزراء اعتمد مبلغ مليار ريال لطباعة الكتاب المدرسي، حينها تفاءل الجميع خيرًا واعتقدوا بأن مليار الوزارة سينهي أزمة الكتب المدرسية، التي باتت تؤرق العملية التعليمية وتعرقل أداء المعلم ومستويات الطلبة، حيث يضطر المعلمون إلى كتابة كل شيء في السبورة، وهذا يحتاج إلى جهد ووقت مضاعف من قبل المعلم والطالب، ولكن لا غنى لهم جميعا عن الكتب المدرسية وبدونها سيتدهور المستوى التعليمي وتتراجع مستويات الطلبة بشكل عام.

 

معوقات تربوية

معاناة مدارس العاصمة عدن ليست وليدة اللحظة فهي منذ العام 2011 ثم جاءت الحرب وفاقمت المعاناة ووضعت المدارس أمام واقع تعليمي صعب للغاية، وفي العام الدراسي 2019 / 2020م تفاقمت المشكلة حيث يحتاج الطلاب 139 مادة من الصف الأول وحتى الصف الثالث الثانوي في الفصل الدراسي الأول، وتم طبع كتب 39 مادة وتخلف عن الخطة مائة مادة، أما الفصل الدراسي الثاني فيتكون من 72 مادة تم طباعة 34 مادة وتخلف عن الخطة 38 مادة، فيما تم طباعة كتب المرحلة الابتدائية بشكل كامل، وبقية الصفوف الدراسية عمدت وزارة التربية إلى إنزال فرق تربوية إلى المدارس لتفتيش المخازن ومحاولة إعادة تغليف وترتيب الكتب وعمل جرد كامل لها ومحاولة الاستفادة منها، فجميع المدارس تعاني من أزمة الكتب المدرسية.

وهذه المعلومات أكدها رئيس شعبة التعليم العام بالعاصمة عدن الأستاذ نبيل عبدالمجيد، الذي قال بأن أزمة الكتاب المدرسي ليست وليدة اللحظة، وأن قطاع التعليم يعاني منها منذ سنوات، وأن الحرب فاقمت الأزمة وتوقفت المطابع ووجدت المدارس نفسها أمام مشاكل كثيرة، إلا أنهم في مكتب التربية والتعليم بمحافظة عدن يحاولون بشتى الوسائل معالجة مثل هذه المشاكل سواء بإنزال لجان إلى مخازن المدارس ومحاولة تغليف وترتيب الكتب القديمة وأعادة استخدامها، وخصوصا للمراحل الأساسية والثانوية، والتركيز على منح كتب لطلاب الابتدائية، وخصوصا من الصف الأول إلى الصف الرابع ابتدائي؛ لأن الطالب يستخدم تلك الكتب كدفتر وكتاب، ولأن الأطفال غالبا ما يعرضون كتبهم للتلف.

وأضاف الأستاذ عبدالمجيد: "لا ننكر وجود هذه المشكلة ونشعر بالأسف حين نرى طلابنا بدون كتب أو يشترون من السوق السوداء، ولكن يجب أن يعرف الجميع بأن البلد تمر بظروف غير صحية وغير طبيعية، وهذا يؤثر سلبًا على كل قطاعات الحياة بشكل عام بينها قطاع التعليم، فالحوثي استخدم موارد التعليم للمجهود الحربي، وبعد نقل البنك إلى عدن تم تخصيص مبالغ محددة لطباعة الكتب، لكنها ليست كافية، ولَم تستوفي سوى المراحل الأساسية، وبعض مواد الصف التاسع والثالث الثانوي، وبقيت الفصول تعاني من نقص في معظم المواد الدراسية، ونتمنى بأن يتم حل المشكلة التي أرقت كاهل الطلاب ووضعتنا أمام مواقف محرجة وصعبة للغاية".

 

معاناة مشتركة

زرنا عددًا من مدارس العاصمة عدن ووجدنا معاناة مضاعفة وكل مدرسة تحمل همومًا إضافية وأوجاعًا متناثرة فإنجازات وزارة التربية والتعليم لا أثر لها إلا في وسائل الإعلام، أما في الواقع فالجميع يعاني، واتُهم بعض المعلمين الوزارة بالفساد ونهب ميزانية الكتب المدرسية والتصريح من فنادق الخارج دون معرفة وعلم بما يدور في المدارس وبما يعانيه المدرسون والطلاب على حدا سواء.

 الأستاذة امتثال أبو بكر - نائبة رئيس نقابة المعلمين بخور مكسر - صرحت بالقول: "لاشك بأن غياب الكتاب المدرسي انعكس سلباً على العملية التعليمية وعلى أداء المعلمين، حيث يضطر المعلم إلى نسخ ملازم من أمواله وتوزيعها على الطلاب وتوضيح محتوى المادة التعليمية لهم وخصوصًا المواد العلمية، أو الكتابة على السبورة وهذا يحتاج إلى جهد ووقت مضاعف، فحين دول العالم وصل مستوى التعليم عندهم إلى مستوى كبير عبر التكنولوجيا، ونحن ما زلنا نحلم بالحصول على الكتب المدرسية! ثم نستغرب لماذا نحن أمة جاهلة؟ لأننا أهملنا التعليم؛ بل ووضعناه على هامش الحياة، راتب المعلم لا يتجاوز مائة دولار، ربما المعلم يتقاضى أقل راتب بين جميع الوظائف الأخرى، عشرات المعلمين يتم إحالتهم الى المصحات النفسية بسبب الأوضاع الصعبة والتهميش والتجاهل الذي يعيشه المعلم".

وأضافت امتثال: "هناك عدة أسباب أدت إلى أزمة الكتب المدرسية أبرزها ظروف الحرب وتوقف مطابع الكتب المدرسية وإهمال بعض المدارس للمستودعات المدرسية وعدم فرز الكتب وترتيبها والحفاظ عليها، وأيضاً عدم متابعة الطلاب في تسليم كتبهم المدرسية نهاية كل عام، وعدم متابعة الطلبة وحثهم على الحفاظ على الكتب المدرسية وتغليفها وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب بين التلاميذ، إضافة إلى فساد بعض الجهات العاملة في الوزارة وعدم تعاملها بمسؤولية وخصوصا أنني نجد الكتب في أرصفة الشوارع وتفتقر إليهم المدارس فمن منح الباعة الكتب المدرسية وأحرم الصروح التعليمية؟!".

 

أكثر من 500 ريال سعر الكتاب

أولياء أمور الطلاب وقعوا بين مطارق المدارس وسندان السوق السوداء، فسعر الكتاب في الشوارع قرابة 500 ريال للكتاب الواحد، وبعض الكتب مصورة بالألوان الأسود والأبيض وغير واضحة ولكنهم يشترونها لعدم وجود بدائل عنها، وهذا ما أكده المواطن بالقول: "لم نجد لأولادنا كتبًا مدرسيةً رغم بحثنا في كل مكان اشتريت لأولادي بعض الكتب من الأسواق السوداء ولكن الطباعة رديئة و أسعار باهظة الثمن، وأعرف كثيرًا من الأسر عجزت عن توفير كتب لأطفالهم فَلو استمر الحال هكذا اعتقد بأن العملية التعليمية تهوي إلى المجهول".

وأضاف: "سمعنا عن دعم كبير تحصلت عليه الوزارة من قبل عدد من المنظمات بينها منظمة اليونيسف ومنظمة (كير) العالمية، ولكن لم نرَ أي تغير على الواقع، إضافة إلى دعم رئاسة الوزراء لوزارة التربية بمليار ريال، أين ذهبت كل هذه الأموال يا سعادة الوزير؟ اتقوا الله في هذا الشعب فقد جعلتم حياته في جحيم المعاناة وأصبح غير قادر عن توفير المتطلبات الضرورية لأطفاله، ناهيك عن الكتاب المدرسي الذي أصبح اليوم صعب المنال وحلمًا عجز الكثير عن الحصول عليه".

واختتم حديثه بالقول: "لا ترتقي الأمم ولا تتطور الشعوب إلا بالعلم، ومن المؤسف بأن التعليم في بلادنا يهرول إلى الوراء، فالمدارس تعاني نقصًا حادًا في إعداد المعلمين والطلاب بلا كتب مدرسية، معاناتنا ليست وليدة اللحظة، إننا نعانيها منذ سنين، ولكن لم نجد حكومة جادة لكي تساهم في حل إشكاليات التعليم، فكل ما يتم عمله مجرد حلول ترقيعية قصيرة المدى وفِي كل عام تتكاثر هذه الأزمات وتؤثر سلبا على سير العملية التعليمية ومستويات الطلبة، وهذا ما ينذر بصعود جيل متخلّف وجاهل".


#
#
#

شارك برأيك