آخر تحديث :الاثنين 10 فبراير 2025 - الساعة:01:07:34
مأزق الحراك الجنوبي في معارك أبين وشبوة !!
()

أظهرت الأحداث الأخيرة ومعارك الجيش اليمني في محافظتي شبوة وأبين حالة من الضبابية التي يعاني منها الحراك الجنوبي، والتي بسببها لا يتمكن من قراءة المشهد السياسي بشكل صحيح.

 يذهب بعض مثقفي ونخب الحراك الجنوبي بعيدا جدا في موقفهم من الاحداث الجارية ومعارك كسر العظم بين الجيش والقاعدة، لا يخطئ أي من مثقفي الحراك الجنوبي ونخبه حين يقولون بأن الحراك الجنوبي هو المستهدف مما يجرى، لكن مواقفهم المواجهة لهذا الاستهداف تجعل الحراك الجنوبي في موقع الضحية وليس المستهدف فقط.

لا يوجد استهداف للحراك الجنوبي أكبر من تواجد الجماعات المسلحة في أرض الجنوب، وخصوصا الجماعات التي لا يتسق منهجها مع منهج الحراك الجنوبي ولا أهدافها مع أهدافه ولا مصالحها مع مصالحه، ومنها جماعة (القاعدة) أو ما يعرف بـ (أنصار الشريعة).

في الأحداث الأخيرة اتسق موقف عدد من قيادات الحراك الجنوبي، وماكينته الاعلامية الاساسية قناة "عدن لايف" مع موقف أبرز أعداء الجنوب، وهما الجنرال علي محسن الأحمر، والشيخ عبدالمجيد الزنداني، اللذان يطالبان الرئيس (هادي) بوقف حملته العسكرية على مسلحي (أنصار الشريعة) في محافظتي شبوة وأبين.

لعبة (القاعدة)

لا يختلف اثنان على استغلال سلطات نظام (صنعاء) لملف (القاعدة) في الجانب السياسي ، بدءا من استغلال سلطات نظام الرئيس السابق للجهاديين العائدين من

أفغانستان في حرب صيف 1994 وتجييشهم ضد ما كان يصفهم الشيخ الزنداني بـ "الكفار الاشتراكيين"، والمقصود بهم الطرف الجنوبي في تحقيق الوحدة ، كما استغلت سلطات الرئيس السابق هذا الجانب إبان أزمة عام 2011 ، وقبل هذا كان يعمد الى انتشار (القاعدة) في أرض الجنوب وتركيزهم هناك، وهو الذي خرجت من وسائل إعلامه وصفة "الحراك القاعدي".. لكن هذا لا يعني أن (القاعدة) لا تملك وجودا حقيقيا على الأرض.

بالإمكان القول إن السلطات السابقة كانت تعتمد على ملف (القاعدة) كشماعة لابتزاز العالم واستدرار الأموال والمنح بذريعة القضاء عليها، في حين انها لم تكن تنوي القضاء الحقيقي على (القاعدة) كونها الدجاجة التي تبيض ذهبا، لكن انكار وجود التنظيم بشكل عام على الارض، فـ (القاعدة) نفسها قد تكون على علم ان السلطات تستغلها ولكنها تحاول قدر الإمكان أن تستغل هذا الاستغلال لصالحها.

(القاعدة) كفكر موجودة في تراثنا الفقهي، وموجودة في أفكار كتاب (معالم على الطريق) الذي أسس لهذا الفكر كاتبه الشهيد سيد قطب رحمه الله، ولها معتنقون ومريدون يؤمنون بصوابية أفكارها قبل أن يكون لها رجال يقاتلون لتحقيق أهدافها، وبالتالي الحديث عن كونها فزاعة في كل الظروف والأحوال يكون مجانبا للصواب!!

الموقف الصحيح

قد يقول قائل ليس من مصلحتنا أن ندخل في صراع مسلح مع (القاعدة ) ينتهي بتمزيق الحراك الجنوبي وادخاله في صراع مسلح هو غير مستعد له، وهو محق في ذلك، وقد يقول آخر إن هذه المعارك الهدف منها تثبيت تقسيم الجنوب وهو رأي لم أفهم تفسيره حتى الآن، رغم ان الحرب تدور باتجاه واحد وفي محافظتين من اقليمين مختلفين - وفق التقسيم المعلن عنه - لكن ما نتفق عليه أنه ليس من مصلحة الحراك الجنوبي الوقوف الى جانب (القاعدة)، أو حتى الوقوف ضد الحرب القائمة عليها.

إذا كانت الحرب كما قال الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض حربا بين شركاء حرب صيف 1994، فلماذا نقف ضدها؟ وما مصلحتنا في استنكارها أو إدانتها؟ قد يقول قائل إن الامر متعلق بالدمار والخراب الذي تتسبب به الحرب في محافظتي شبوة وأبين، نقول صحيح اذا كان انتقادنا لها في الجانب الانساني، وباتجاه الدفع نحو تعويض المتضررين وإعمار الخراب.

يخوض الرئيس (هادي) حاليا حرب كسر عظم مع أعضاء التنظيم في شبوة وأبين، وفي المقابل؛ يواجه مقاومة شرسة من الرعاة الرئيسيين لهذا التنظيم وفي مقدمتهم اللواء علي محسن، والشيخ الزنداني، لكن رغم هذا يرفض الزنداني ان يدلي بكلمة واحد يصرح فيها ضد الحرب أو ضد التنظيم، عشرات الاعلاميين تواصلوا معه ومع مكتبه في سبيل استدراجه لإصدار تصريح صحفي يوضح فيه موقفه من الأحداث، إلا انه ظل يرفض الحديث.

لا يخفى على أحد أن الحرب الدائرة حاليا في شبوة وأبين خارجة عن سيطرة كبار القادة العسكريين والأمنيين في الدولة، وتأتي بإشراف دولي يختبر جدية النظام الجديد في محاربتها، كما أن الحرب الأرضية جاءت بعد أسبوع من الغارات الجوية الامريكية التي أحدثت شيئا من الارتباك في المشهد داخل التنظيم المسلح، كما أن المجهر الدولي حاليا يراقب الجميع وهو ما يفسر صمت الزنداني ومحسن عن نصرة وتأييد أصدقائهم في شبوة والمحفد ، في حين ينبرئ بعض مثقفي الحراك ونخبه السياسية لاستنكار ما يجرى هناك، وكأن لهم مصلحة في ذلك.

لماذا شبوة وأبين؟!

لطالما حاولت سلطات نظام (صنعاء) والقوى التقليدية لنظامه - القديم الجديد - إلى وصم الحراك الجنوبي بالحراك القاعدي منذ انطلاق الثورة السلمية الجنوبية المباركة في العام 2007 ، وطوال سبع سنوات من انطلاقة الحراك الجنوبي دأبت سلطات نظام (صنعاء) على محاولات اختراق الحراك الجنوبي، ودس عناصر مشبوهة في صفوفه بغية الإساءة اليه والى تضحيات أبنائه.

كانت سلطات نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح تتعمد تركيز تجمع هذه الجماعات في محافظات جنوبية بغية ارسال رسالة للعالم أن الجنوب بيئة حاضنة للإرهاب، ورغم هذا كانت الضربات الجوية الأمريكية تتركز على مناطق في شمال الشمال مثل أرحب ومأرب والجوف، رغم أن فاتحة هذه الضربات الجوية كانت في منطقة المعجلة بأبين قبل خمسة أعوام.

منذ بدء التدخل الدولي في اليمن بشكل أكبر نتيجة انعدام الثقة بينهم وبين مسؤولي الملفات الامنية في اليمن والذين غالبهم متورط في ملف (القاعدة) حرصوا كما يبدو على اعتماد سياسة مصيدة الذباب في التعامل مع مسلحي تنظيم (القاعدة)، وهي الاستراتيجية نفسها التي كانت أمريكا تتخذها سابقا مع مسلحي التنظيم حين استدرجتهم من كل أصقاع الدنيا ليتجمعوا في افغانستان، ومن ثم سهل عليها ضربهم، كما تقوم الآن بجمعهم من كل مكان في سوريا، والسيناريو نفسه هنا حصل في أبين ومن ثم في المحفد وشبوة.

ختاماً ..

إن كانت سلطات نظام (صنعاء) تستغل (القاعدة)؛ فإن الولايات المتحدة الامريكية استغلتها قبلها، وتستغلها بدءا من استغلالها في حروب السوفييت كما أسلفت، وبعد ذلك في سوريا، وفي منتصف ذلك مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين حين زعمت انه استقبل محمد عطا القيادي في التنظيم .. لكن في كل الأحوال كما أسلفنا (القاعدة) كورقة قد تستغل سياسيا لمختلف الأطراف، لكن هذا لا يعني التقليل من شأنها أو من خطورتها.

لذا؛ على الحراك الجنوبي ألا يقع في فخ الوقوف الى جانب (القاعدة)، فإذا كان يقول ان الحرب تقتل أهالي شبوة وأبين فهذا اعتراف منهم بأن غالبية أعضاء (القاعدة) من الجنوب، في حين أن الرئيس (هادي) قد حاول التماس العذر وقال بأن 70% منهم أجانب، في حين يثبت الحراك هذه التهمة على نفسه.

 

 




شارك برأيك