آخر تحديث :السبت 11 يناير 2025 - الساعة:14:46:32
لماذا يهرب التلاميذ أثناء الدوام المدرسي؟
()

ظاهرة الهروب من المدرسة تعد حاجزاً قوياً أمام تقدم المجتمع وتطوره؛ لما تشكّله من أثر مباشر في تفشي ظاهرتي الأمية والبطالة، ويؤازرها في ذلك عدم العناية، والتفكك من قِبل بعض الأسر وانعدام الاهتمام الأسري، وانشغال الإدارات المدرسية بأمور ذات اهتمامات فرعية وأقل أهمية بعيداً عن تلك الأساسية، مثل ضبط الطلاب ومتابعة التزامهم بالدوام، وإقامة المناشط اللاصفية ومتابعتها 

الأجواء مشجعة للهروب
في البداية تحدث الطالب قاسم محمد عن ظاهرة الهروب من المدرسة، وقال: "إن الأجواء تشجع في غالب الأيام وتساعد على غياب الكثير من الطلاب"
وأضاف أن الوقت الذي أقضيه في المدرسة يسير ببطء شديد بسبب الروتين الدراسي اليومي، لذا أفضل الغياب في هذه الأوقات أو اتفق مع زملائي على الهروب من المدرسة

أهرب بسبب المدرس !
وعلق الطالب ناصر أحمد، على موقف الهروب من المدرسة في وقت الفسحة بغير إذن من الإدارة وقال: "الإحساس بالضغط الذهني في الحصص الثلاث التي تسبق الفسحة كأن تكون جميعها مواد علمية هو أحد أسباب الهروب" ويواصل حديثه قائلاً: "أحيانا اضطر إلى الهروب لأنني "ما أريد أحضر حصة المدرس الفلاني".. مشيراً إلى أنه يجد الوناسة والترفيه خارج المدرسة، حد قوله.

الهروب خطير!
يقول مختار عبدالله قائد، معلم في المرحلة المتوسطة، إن الهروب من المدرسة يعد أخطر أنواع الجنوح الذي قد يمارسه بعض الطلاب، وفي فئة عمرية معينة ومحددة قد تكون بين المرحلة الابتدائية والمرحلة الثانوية أي المرحلة المتوسطة.

الاهتمام واجب
صالح حسين مبروك, مدير مدرسة الشهيد (لجدل)، قال: "إن ظاهرة الهروب تعد ظاهرة تستحق الاهتمام، ومن وجهة نظري فإن الأسباب تعود لثلاثة محاور منها ما هو متعلق بأسرة الطالب مثل الظروف المادية القهرية للأب، وطريقة التوبيخ من قِبل الوالدين والإهانات، كما أن انفصال الوالدين سبب رئيسي في اضطراب الحالة النفسية للطالب، وهنالك أسباب متعلقة بالمدرسة مثل عدم متابعة حالات الهروب من المدرسة وانشغال إدارات المدارس بقضايا أخرى، وعدم تعزيز الأنشطة المدرسية المفيدة الكافية التي تلبي رغبات وحاجات الطلاب فمثلاً لا يكفي يوم واحد في الفصل الدراسي ليكون يوماً مفتوحاً، فالواجب نهاية كل أسبوع أو كل شهر يوم مفتوح وتكون الجوائز قيمة، وليست كما يعمل في المدارس من جوائز رخيصة الثمن بغية التوفير مثل دمى السيارات والأقلام وبطاقات الشحن، وهناك أسباب تعود للطالب نفسه مثل شعور الطالب بالعجز عن متابعة الدراسة وتكرار الرسوب وكبر سن الطالب وكثرة السهر في المنزل أو خارجه وتعلقه بعادات سيئة مثل التدخين وغياب الدافع للدراسة.

مسؤولية الجميع
 وأضاف المعلم صلاح ثابت، فقال: "حالات الهروب من المدرسة بدأت تتزايد في ظل المتغيرات التعليمية المتجددة والمشتتات، وعدم الاهتمام الأبوي بالطالب، وأردف قائلاً: "ذات مرة أثناء الدوام الرسمي أبلغني أحد الأصدقاء بأنه رأى مجموعة من الطلاب يقبعون في مقهى للإنترنت وآخرين يقومون باللعب داخل الأحياء، وعند معرفتي بذلك أبلغت مجموعة من أولياء الأمور الذين فوجئوا  بتصرف أولادهم

وأشار إلى أن دور المدرسة والمنزل لابد أن يكون تكاملياً لضبط التعليم، والحفاظ على جودته وتحقيق المسؤولية التشاركية تجاه الطلاب
التعاون المشترك هو الحل
ويرى المعلم ناصر عوض موسى، مدير تربية لودر، أن الهروب من المدرسة موضوع شائك لابد من علاجه بالطرق العلاجية والوقائية التربوية، وتكوين فريق متعاون لتعديل سلوك هؤلاء الطلاب بشكل إيجابي, موضحاً أن للرفقة دوراً في انحرافهم، مشدداً على أهمية دور المرشد التربوي (المرشد الطلابي) بوضع آلية تربوية لمعرفة أسباب تأخير الطلاب أو الغياب أو الهروب، وإجراء دراسة حالات للطلبة وعقد جلسات علاج فردي وجمعي وبيان أهمية الالتزام بالدوام الرسمي للمدرسة وتصحيح مفاهيمهم الخاطئة تجاه الهروب من المدرسة والآثار المترتبة على ذلك والحرص على مقابلة أولياء أمورهم لمساعدة أبنائهم على تجاوز مشكلة الهروب والتأخر، ومن ثم وضع حلول تناسب ظروفهم, موضحاً أن المدارس لا تقوم بإبلاغ المنزل عن تغيب ابنهم إلا بعد ثلاثة أيام متتالية.

الإيذاء اللفظي
وتحدث أبرز مدربي المعلمين مصطفى المنصوري، وقال: "الهروب هو تعمد الطالب الخروج من المدرسة أو الحصص الدراسية سواء بالخروج من الفصل، أو البقاء في محيط المدرسة أو خارجها ويعد من مخالفات المواظبة في قواعد تنظيم السلوك والمواظبة الصادرة من وزارة التربية والتعليم لمدارس التعليم العام", مشيراً إلى أنه يمكن حصر بعض مظاهر الهروب في عدم إكمال اليوم الدراسي وعدم حضور الحصص الدراسية والتغيب عن المناسبات والأنشطة المدرسية، والخروج من المدرسة دون إذن وكذلك عدم حضور الاختبارات المدرسية
وأضاف أن الأسباب كثيرة، ولعل من أبرزها تعرض الطلاب للإيذاء اللفظي من المعلمين والبدني وغياب الأنشطة اللا صفية في المدارس، وعدم تنوعها - أي رتابتها وإهمال رصد حالات الغياب في الحصص - وصعوبة المقررات الدراسية مما يشعر الطالب بالعجز ويجبره على الهروب تجنباً للمواجهة, موضحاً أن لعناصر التشويق والجذب داخل المدرسة دوراً في ذلك وحجرات الدراسة من ناحية اتساعها وضيقها، كما هناك سبب جوهري وهو ضعف العلاقة بين المعلمين والطلاب وعدم تقبلهم، وهناك أسباب خاصة بالطالب مثل عدم الرغبة في الدراسة أو وجود مشكلة مع أحد زملائه والرغبة في جذب انتباه الآخرين نحو مغامراته والتفاخر بها ومصاحبة رفقاء السوء والتأثر بهم، ووجود ضغوط من خارج المدرسة على الطالب وأشار إلى أن هناك أسباباً أسرية منها الإهمال، وغياب السلطة الضابطة في المنزل وانشغال أحد الأبوين أو كليهما وانخفاض الدخل المادي، وعدم إشباع حاجات الطالب وميوله المادية والنفسية والتدليل الزائد من قِبل بعض أولياء الأمور والثقة المفرطة
وأشار إلى أن الآثار المترتبة على ذلك التأخر الدراسي الكلي أو الجزئي وبالتالي الرسوب، ومن ثم التسرب وعدم الدراسة فينتج عن ذلك البطالة والهدر التعليمي وسرعة الانتماء إلى الجماعات المشبوهة والضالة، وبالتالي القيام بتهديد أمن الوطن والمجتمع، مؤكداً توعية أسر الطلاب بأضرار الهروب وتقوية العلاقة بين المدرسة والمنزل وتفعيل قواعد تنظيم السلوك بالمدارس
الأجواء التعليمية الجاذبة
ونوه نائف زين اليافعي، مسؤول الاعلام التربوي بجعار، بأن ظاهرة الهروب من المدارس ترجع إلى عدة أسباب قد تكون تربوية تتمثل في عدم وجود بيئة مدرسية جاذبة للطالب مثل المناشط، التي تشبع حاجات ورغبات الطلاب أو أسباب اجتماعية تعود إلى طبيعة نشأة الطالب، بحيث يكون فاقداً لأحد الأبوين أو أحدهما ويعيش فراغاً اجتماعياً يفتقر فيه إلى الرعاية الكافية والتوجيه السديد, مشيراً إلى أنه يجب ألا نغفل الجوانب الاقتصادية التي تجعل من الطالب منعزلاً عن أقرانه، لذا يبقى دور المرشد الطلابي بداخل المدرسة مهماً وحيوياً لدراسة حالة الطلاب والتعرف على احتياجاتهم وظروفهم الأسرية ومعالجة أسباب النفور من المدرسة, مؤكداً ضرورة توفير الأجواء التعليمية التي تجذب الطالب من قِبل إدارة المدرسة

 

 




شارك برأيك