
تستعرض "الأمناء" في عدة حلقات كتاب (إرهاب الحمدين وخطره على العرب والعالم) للمؤلف خالد القاسمي، وبعد أن تناولنا في الحلقة (الثانية) كيف مولت قطر الإرهاب عبر (الإخوان) والجماعات الإرهابية، وما علاقتها بتفجيرات (11 سبتمبر)، وعن صرف قطر جوازات سفر لتسهيل تحركات جماعات الإرهاب بين الدول وتسهيل ممرات عبورهم، بالإضافة إلى ما وراء إرهاب (الحمدين) في دولة الإمارات، سنتناول في حلقة اليوم إرهاب الحمدين في اليمن، والأدوار المشبوهة في اليمن سواء قبل عاصفة الحزم أو بعدها من خلال دعمه ومساندته للمليشيات الحوثية الانقلابية والجماعات الإرهابية المتطرفة.
حيث كشف المؤلف أن نظام الحمدين أدى في اليمن أدواراً مشبوهة في اليمن سواء قبل عاصفة الحزم أو بعدها من خلال دعمه ومساندته للمليشيات الحوثية الانقلابية والجماعات الإرهابية المتطرفة في اليمن، فقد كشفت وثائق سرية مسربة من الأرشيف الاستخباراتي لنظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وقد تسلط الضوء في تلك الوثائق المسربة عن الدعم القطري والإيراني بالتعاون مع حزب الله في إشعال فتيل الصراع في اليمن، ولم يقتصر دعم التنظيم الإرهابي للحمدين، ووفقاً لتقارير خاصة لصحيفة نيويورك تايم عقب عملية الإنزال الجوي الأمريكي في المكلا، فقد تضمنت تلك التقارير معلومات أظهرت بأن القاعدة ترتبط مع الإخوان في اليمن وقيادتها في الدوحة، وعلى الصعيد العسكري فقد سعت قطر على تقديم الدعم لقيادات حزب الإصلاح بهدف السيطرة على المشهد الحربي في المنطقة وخصوصاً في المناطق الشمالية ولتنفيذ أجندة ورغبة الدوحة، فأساليب قطر الممنهجة باتت واضحة، فهي تعاود نشاطها التجسسي مستغلة بذلك حزب الإصلاح وزرعهم لتلك الخلية التجسسية في مكتب الرئيس اليمني عبدربه منصور، وكانت تقوم في التجسس على المكالمات ونسخ وتسريب الوثائق، وكذا استخدمها لأبواقها الإعلامية وترسيخ الاحتلال الحوثي الإيراني لصنعاء، وذلك من خلال دعمها لقنوات إخوانجية، ولم يمنعها نفوذها المادي في دفع الرشاوي لتعطيل المبادرة الخليجية، حيث كشفت تسجيلات مسربة بين حسين الأحمر وأحد المسؤولين في الاستخبارات القطرية، وذلك لتلقيهم أموالاً طائلة لعرقلة المبادرة الخليجية ودفع الرشاوي لتوكل كرمان، وذلك لتشويه التحالف العربي في اليمن، ولم تغب يد قطر على عملية اغتيال الرئيس اليمني السابق فقد قدمت أكثر من 14 مليار يمني لتدبير عملية اغتياله، وكذا تزويرها للتقارير الأممية لصالح الحوثيين، وقد شرعت قطر إلى استخدام الحرب الاقتصادية وتجويع الشعب اليمني من خلال إعاقة المساعدات الإغاثية وسحب العملات الخارجية من سوق الصرف اليمني لغاية افتقاد الريال ما تبقى من قيمته، وأيضا قيام تجار النفط التابعين لمليشيات الحوثي في استيراد شحنات نفطية بعيدا عن التعاملات المصرفية وبذلك يستنزف العملة الصعبة، وقامت قطر في عمل قنوات اتصال بين حلفائها في اليمن من قيادات إخونجية وحوثية مقيمة في إسطنبول، وأبرز تلك القيادات محمد علي الحوثي ومحمد البخيتي.
وأضاف المؤلف إلى أن تدخل نظام الحمدين في العراق وتخفيها في ملف الملالي، ودعمها لمليشيات الحشد الشعبي وتحويل مبلغ 500 مليون دولار لإطلاق سراح القطرين في نوفمبر 2018م، وكذا لقائها بمسؤولين عراقيين في ضوء العزلة القطرية بغرض الإيحاء بعدم عزلها عن العالم ولمساعدة إيران في الهروب من العقوبات الأمريكية، وعند تحرير مدينة الموصل، وجدت تقارير خاصة تثبت تورط الحمدين ودعمها لجماعات داعش الإرهابية، وكما كشف قيادي في النصرة عن تمويل قطر للجماعات المتطرفة في سوريا من 2011م وكذا دعمها لجماعات الإخوان في العراق من خلال الضغط على كتل السنة وابتزازهم من أجل ترجيح الكفة لكلٍ من المالكي والعامري.
وكما تشهد محافظة البصرة تهريب أكثر من 40 ألف طن من النفط إلى إيران وقطر بحراسة من جماعات مسلحة، فقد جاهر مجموعة من الشخصيات العراقية في اختراق قطر منظومة أمن مطار البصرة ولمساعدة إرهابيين للوصول إلى قطر دون المرور بنقاط التفتيش.
علاقة تنظيم الحمدين في بلاد الشام وعلاقتها بإسرائيل، فبعد انقلاب حمد بن خليفة على والده عام 1995م استغلت قطر عملية السلام التي كانت جاريه بين الفلسطينيين والإسرائيليين فهرولت باتجاه إسرائيل، وقامت بالتطبيع معها في عام 1996م، والتقى وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم مع نظيره الإسرائيلي ايهودباراك في مؤتمر الدول المانحة لفلسطين في باريس وتلت ذلك لقاءات ومشاورات، وقدمت قطر دعوة رسميه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارتها وقام شمعون بيريز بزيارة الدوحة في 1996م، ثم فُتح مكتب بمسمى مكتب تمثيل المصالح التجارية وكان رئيسه يحوز رتبة سفير في الخارجية الإسرائيلية.
وكانت ظاهرة عزمي بشارة بوجوده في قطر مثيرة؛ حيث تولى منصب مدير الأبحاث في معهد فان لير في القدس، وهو معهد صهيوني متخصص في الدراسات الاستراتيجية، ويسير على نهج أن فلسطين وطن للشعب اليهودي وقد أصدر هذا المعهد دراسة بعنوان (إسرائيل على مشارف القرن الواحد والعشرين)، حُددت الغايات والأهداف القومية للكيان الصهيوني وكان أهمها على المستوى الأيدلوجي العربي، وهو كما ورد بالضبط فيما يلي: (العمل على زرع ونشر عوامل الفرقة والتشتت والتحزب الفكري في البلدان العربية وبما يؤدي إلى زياده التطرف الديني والطائفي والعرقي والقضاء على فكرتي القومية العربية والتضامن الإسلامي وإحلالهما بفكرة التعاون الإقليمي الشرق أوسطي وتوظيف الأصولية الإسلامية وأيدولوجيات الأقليات في المنطقة لصالح الكيان الصهيوني وذلك في تعاون وثيق مع قوى التطرف الصليبي في العالم)، ولعب عزمي بشارة دور صانع السياسة القطرية باعتباره مستشاراً لأمير قطر تميم الذي صاغ مخططاً لعزل قطر عن محيطها الخليجي بعد أن عزلها عربياً وإسلامياً، وعمل على إسقاط السعودية لتكون قفزة سلطوية لقطر تستطيع بعدها رسم سياسة الشرق الأوسط الجديد، والذي أعلن عنه بشارة مراراً، كما أن بشارة رسم الخطوط العريضة للسياسات التي تتبعها الإمارة الصغيرة في إقامة علاقات مشبوهة مع المنظمات الإرهابية لإثارة الفوضى والدمار في الشرق الأوسط، كما عمل نظام الحمدين على تحويل الشعب القطري لفئران تجارب للإسرائيليين، حيث عمل الأطباء الإسرائيليون على تجارب طبية ومعملية خطيرة على القطريين، كما طبعت قطر مع الإسرائيليين في مجال التعليم وبناء المستوطنات الإسرائيلية والعلاقة مع الموساد الإسرائيلي، وقد قدم نظام الحمدين تنازلات للوبي اليهودي وتودد أمير قطر للإسرائيليين ومول جمعية للضباط الإسرائيليين، ولعبت قناة الجزيرة منبراً إسرائيلياً لتبرير قصف غزة وقام بالتطبيع الرياضي بين قطر وإسرائيل.
إن إبراز القضايا الذي مارسه نظام الحمدين في سوريا منذ اندلاع الثورة في 2011م، شق الصف المعارضة السورية في 2012م. وكذا دعمه لجبهة النصرة وجاء ذلك على لسان أحد أبزر القيادات التنظيمية في العراق، فقد أعلن القرضاوي في خطبة الجمعة ومن إحدى منابر قطر عن تودده لأمريكا وطمأنته لإسرائيل من الجيش الحر الذي يزعم في أقواله عن مهاجمته لها وكذا أعرب عن تأييده للضربات الجوية التي توجهها أمريكا للجيش السوري؛ معتبراً ذلك حقاً مشروعاً في حماية المواطنين، ولم يقتصر الدور القطري على ذلك فقد ساعدت قطر على إشعال فتيل الفتنة في سوريا وذلك من خلال دعمها بالسلاح لجماعات إرهابية تم إدخالها عن طريق مخابرات تركية، ومع الهزائم المتكررة لتنظيم النصرة فقد أعطيت قطر توجيهاتها على (العريدي) للانضمام لحرس الدين، وقد تمكن بذلك وحشد 1000 مقاتل وذلك بمساعدة التمويل القطري، ووفقاً لوثائق سرية مرفقة مع التقرير الاستخباراتي الأمريكي لعقد اتفاق سري أبرم بين أوباما وأردغان ويسمى بخط الجرذان، وفيما يخص جماعة أحرار الشام فقد تعمدت قطر على إرسال الأسلحة والأموال إلى المتمردين وتحويل الانتفاضة السورية إلى انتفاضة إسلامية، وعن أنصار جماعة البخاري فهي ذريعة جديدة استحدثها التنظيم القطري الإيراني لتدمير سورية لتحل محل تنظيمي داعش والنصرة، وقد تشكلت هذه الجماعة من العرب وأجانب، فقد بدأ نشاط تلك الجماعة بعد الخسائر المستمرة لتنظيم داعش في سوريا.
وفيما يخص قضية الإفراج عن 48 ضابطا إيرانياً في سورية قام تنظيم الحمدين في تمويل لتلك الجماعات باتخاذها ذريعة للمساومة والإفراج عن الضباط وكذلك بتنسيق مع سائق الحافلة التي يوجد فيها الضباط مع كتائب شهداء دوما وكتيبة البراء. وعن دوره في نقل المطلوبين قبل سفرهم لأروبا فقد قامت السلطات القطرية في عمل سفارة وهمية لسورية (ائتلاف المعارضة السورية) في قطر، وذلك لمنح جوازات سفر منتهية الصلاحية والتزوير فيها.
وكما كشفت مصادر عسكرية في المعارضة السورية عن تمويل التنظيم القطري لحزب الله اللبناني في درعا من أجل تشكيل مليشيات طائفية، مؤكدين أن الحمدين ضخ بأموال طائلة من أجل التشيع وتأجيج الفتنة الطائفية. فكل ذلك يعكس العلاقة بين تنظيم الحمدين وحزب الله في الملف السوري.
لم تسلم لبنان عن أيادي الغدر من التنظيم الحمدي، فقد لعبت قطر دورا واضحاً في دعم حزب الله في إطار دعمهم للمحور الإيراني، وفي محاولة لها لدعم الإرهاب في المنطقة فقد قام التنظيم الحمدي في دعم حزب الله بالأسلحة والصواريخ المتطورة ودعمها المالي لنشر الفتن في المنطقة وإنشاء مشاريع إعمار في القرى التي تم تدميرها من القوات الإسرائيلية جراء الحروب المتبادلة مع قوات حزب الله، وقد هددت السلطات القطرية في طرد30 ألف لبناني، وذلك مقابل الإفراج عن عبدالعزيز بن خليفة العطية المتهم في قضية تمويل الإرهاب الدولي بحسب معلومات بريطانية أمريكية.
سنتناول في الحلقة القادمة، بإذن الله، كيف تعرضت المملكة الأردنية الهاشمية لإرهاب تنظيم الحمدين، والسموم التي تبثها التنظيمات الإرهابية القطرية في العالم العربي، بالإضافة إلى إرهاب تنظيم الحمدين في دول الجزيرة والشام ودول أفريقيا.