زرنا جمعية المعاقين حركياً وكنا في انتظار وصول باص الجمعية، الذي يقل رئيسة الجمعية ـ كما قيل لنا ـ فجاء الباص ونزلت الرئيسة، فإذا بها أحد المعاقين!! ولكنها.. معاقة جسدياً، فيما هي قوية الإرادة وغير مستسلمة للإعاقة بابتسامتها.. سمحت لنا بأخذ لقطات لها أثناء نزولها من الباص الذي يحمل كرسيها الخاص، وبقوة إيمان قالت لنا: تفضلوا يا أصحاب "الأمناء" ما الذي دلكم علينا؟ فرددنا بأن ذلك يعود للأخوين (عبداللطيف ونائف) من اتحاد شباب اليمن، وبذكاء (بلقيس) عرفت أن زيارتنا ليس سياسية، وإنما إنسانية، ففتحت لنا قلبها الكبير المثقل بهموم ومعاناة المعاقين .. إنها الأخت (سهام الجيلاني) رئيسة جمعية المعاقين حركيا بلحج .
تقول رئيسة جمعية المعاقين : "يوجد لدينا اكبر هم، وفي الوقت نفسه حلم وهو تحويل هذا المبنى المستأجر للجمعية من روضة (الشروق) الى ملكية خاصة بالجمعية، وأشكر مدير مكتب التربية بالحوطة لمساعدتنا في استئجار المكان، كما أناشد محافظ لحج ونائبه تمليكنا المبنى لمزاولة أعمالنا فيه ، فنحن نخطط لافتتاح اماكن لدورات الخياطة والكمبيوتر والنجارة، ولا نقدر على ذلك ليس لأننا معاقون وانما الإعاقة من قيادة المحافظة بعدم إصدار قرار تمليكنا المبنى .. فهل يتكرم الأخ المحافظ بزيارتنا وإصدار القرار؟ إنه والله حلم المعاقين بلحج .. فمن هذا الذي بيده عصا موسى لتحقيقه؟!"
وأضافت "أن دور المحافظة للجمعية ينحصر في الجانب الاداري، بعيدا عن المالي، ومع ذلك هناك جهات غير حكومية تقدم بعض الدعم للجمعية مثل الشركة الوطنية للاسمنت، كداعم اساسي تشكر عليه، تليها شركة الطلاء بعدن و(يمن موبايل)، بينما صندوق الرعاية الاجتماعية يدعم سنويا بمبلغ (100) ألف ريال، ربما لا تفي الإيجار!".. مذكرة مدير مكتب الصحة بما تعهد به من صرفيات شهرية للبترول للجمعية، بموجب توجيهات المحافظ، فربما كان ناسيا ذلك.
وتواصل الأخت (سهام): "بالرغم من شحة الامكانيات ومع ذلك نقوم بإجراء نشاطات رياضية وثقافية ورحلات الى عدن مع انشطة تقام كل يوم اثنين وخميس، ولدينا فصلان من اول الى ثاني قمنا بخلط الطلاب فيهما (معاقين وغير معاقين) لكي لا يحس المعاق بالعزلة ويكون مشاركا فعالا في المجتمع منذ الصغر، ومن صف ثالث سيتم دمج المعاقين في المدارس الحكومية والاهلية نتيجة لعدم وجود صفوف بسبب ما تحدثت حول ملكية المبنى، أما بخصوص نقل المعاق من البيت والى مركز الجمعية؛ فلدينا باص منذ (10) سنوات يقوم بهذه المهمة".
وتساءلت رئيسة الجمعية ـ بألم شديد وحسرة ـ عن مصير القرار الخاص بتوظيف المعاقين بواقع (5%) من وظائف المحافظة؟! مستغربة أن كل المحافظات تعمل على تنفيذه باستثناء لحج، لا نعلم لماذا لا نتحصل على حقنا من التوظيف؟ !
وتكشف الأخت (سهام) أنها كانت متطـوعة في إحدى المدارس لمدة (7) سنوات، وقد تحصلت على العديد من التوجيهات الوزارية بتوظيفها، فتتحول في لحج حبرا على ورق! وحالياً هي رئيس الجمعية ولا تقدر على توظيف نفسها، فكيف بالآخرين من المعاقين؟ ففاقد الشيء لا يعطيه!!
وفي ختام حديثها؛ تتمسك رئيسة جمعية المعاقين في لحج بأمل وحلم ان يتحول هذا المكان الى ملكية خاص لجمعية المعاقين حركيا، لكي تتمكن من صنع المستحيل مع بقية اعضاء جمعيتها، وقالت: "هل سيخلد اسم المحافظ او نائبه من خلال إصدار القرار، أم سيظل حلما لا غير؟!"، فنحن ـ كمعاقين ـ من حقنا العيش والتعلم وكل الحقوق الاخرى.
في أحد الفصول التي تجولنا فيها لنقل معاناة المعاق، تقول المعلمة (عفاف): "بالرغم من ان الصف ( الفصل ) مختلط بالمعاقين مع غير المعاقين، فالطفلة المعاقة (راقية خالد احمد سعيد) اكثر الاطفال تميزا بالفصل"، وهذا ما قد اكدته لنا (راقية) بتعبيرها الخاص الذي يثلج الصدر.
وفي الاستراحة؛ وجدنا الطفل المعاق (محمد بديل ناصر قاسم) وهو يتناول وجبة الإفطار، ولم يكن معاق فقط، بل انه يعاني (تكسرات) في الدم، فأين أصحاب القلوب الرحيمة من هؤلاء؟ .. كما يوجد في أحد الممرات الطفل المعاق (علوي محمد علوي) قيل لنا عنده موهبة الحفظ، وهو يعتبر طالب مستمع لصغر عمره.
الموظفات بالادارة يتحصلوا على (5000) ريال شهريا، والمعلمات بالفصول على (10000) شهريا وهي مبالغ لا تكفي فاذا كان المعلمين والقضاة رواتبهم كبيرة ومع ذلك لا تكفي فكيف حال هؤلاء؟ سؤال مرفوع اولا الى قيادة المحافظة ومن بعد ذلك الى مدراء المصانع بالمحافظة والى التجار واصحاب المحلات فهل من لفتة كريمة لذوي الاحتياجات الخاصة وخصوصا هؤلاء المعاقين .