لقد وضعت قاعدة ثابتة تقول.. ان الكاتب ليس ملكا لنفسه، وانما هو ملك للناس والكاتب في حاجة ماسة الى جو من الحرية ليكتب واما الذين صادروا الريح والهواء اختنقوا في الجو الفاسد الذي صنعوه، او تحولت الريح الى عاصفة اقتلعتهم واصبح الهواء اعصار يدك قلاعهم. فهامتنا التربوية والادبية قد حفر لنفسه بل بأظافره سردابا تحت الارض من اجل الوصول الى الهدف المنشود ولم يكن هذا الاصرار سهلا بل كان مزيجا من العناء والامل ومن المثابرة والصراع في حب الوطن والايمان به.

انه الهامة التربوية والادبية ..سلطان عبده ناجي محمد احمد سعيد المكابري ، اشتهر باسم سلطان ناجي من مواليد 9يناير1936م، بالشيخ عثمان تنحذر اصوله من المقاطرة (غربي – مقاطر الجبل)، قرية الداممة – التربة محافظة لحج لقب العائلة "آل المكابر".

درس سلطان الابتدائية والمتوسطة في مدارس عدن واكمل الثانوية في كلية عدن سابقا، رافقه في مشواره الدراسي زملاء الدراسة منهم: أ.عبده حسين احمد، أ.سعيد جريك، امذيب صالح، المرحوم أ.محمد ناصر محمد، حسين مهيوب سلطان، شكيب خليفة، علي جعفر محمد ناصر، احمد عبدالواحد وغيرهم.

وفي حكومة عدن 1956م ينال سلطان ناجي شهادة تدريب المعلمين – ادارة المعارف ويتحصل بكل اقتدار على شهادة الثقافة العامة للثانوي العادي والعالي – كلية عدن – جامعة لندن 1959م.

ويلتحق سلطان ناجي بسلك التربية والتعليم في عام 1956م، ويعمل معلما في مدارس عدن المتوسطة حتى 1958م، وهناك يعشق المربي الفاضل سلطان ناجي مهنة التعليم وتربية الاجيال وفي عام 1962م يتزوج من السيدة التربوية فردوس محمد احمد الاصنج التي اصبحت رفيقة دربه طيلة حياته وحتى اللحظات الاخيرة منها، وينتقل بعدها للعمل في مدارس عدن الثانوية من 1961-1963م وهناك يقدم رسالة تربوية نبيلة في تعليم الاجيال ويشارك في تقديم المادة العلمية بكل اقتدار ويقدم نجاح متميز مع زملاء المهنة التعليمية في تلك الحقبة ففي المتوسطة كان زملاءه: حسين دلمار، عبدالله محمد راجح، جعفر علي عوض وفي الثانوية يشاركه النجاح: محمود علي عبده، القاضي نجيب شميري وتوفيق لقمان.

سلطان ناجي معلم يمتلك ذكاء نادر..

ويقول الاستاذ عبده حسين احمد لقد شاركت معه في مهنة التعليم في الثانوية وقد كان رجلا هادئ دمث الطباع ومعلم يمتلك ذكاء نادر ويحب مهنة التعليم ويقدر الاسرة التعليمية ومحب لجميع الناس ويمتلك اخلاق عالية حميدة.

ويتخرج سلطان ناجي من الجامعة الامريكية في بيروت وينال بكلاريوس آداب (تاريخ العرب – علوم سياسية)، وفي عام 1964م ينال دبلوم عالي في الادارة التربوية – جامعة ريدينج ببريطانيا وبعدها يشتغل ضابط معارف بمقر وزارة المعارف باتحاد الجنوب العربي ويصبح مسؤولا بدرجة اساسية في شؤون التوظيف وتعيينات المدرسين الوافدين من الخارج في مدارس عدن، ثم يعمل نائب رئيس الجهاز المركزي للخدمة المدنية في حكومة اتحاد الجنوب العربي منتصف 1967م حتى الاستقلال.

وبعدها يعين رئيس الجهاز المركزي في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، ويصبح عضو هيئة تحرير مجلة (دراسات) الصادرة من مؤتمر الخريجين في عدن ويتحصل على دورة تدريبية للمستويات الادارية العليا – المعهد العربي للعلوم الادارية والجامعة العربية بالقاهرة 1971م، وبعدها يعين استاذ محاضر التاريخ اليمني بكلية التربية العليا جامعة عدن 1972م ويصبح مؤسس ورئيس كرسي التاريخ في كلية التربية وعضو مؤسس لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين وعضو مؤسس للمركز اليمني للابحاث الثقافية والاثار والمتاحف بعدن ويعمل في هيئة تحرير مجلة الحكمة الصادرة عن اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين ويشارك في عضوية جمعية المؤرخين والاثريين.

عين سلطان ناجي في لجنة الوحدة بين الشطرين للتربية والتعليم والثقافة والاعلام في السبعينات ويصبح عضو لجنة الوحدة لتأليف كتب التاريخ اليمني المشترك لمدارس اليمن ورئيس اللجنة الام لكتابة التاريخ اليمني.

ويكرم الهامة التربوية سلطان ناجي مرتين في عيد العلم للشطر الجنوبي في 1975-1977م وينال وسام الدولة للادب والفنون، ويصبح الهامة التربوية خبير في الشؤون اليمنية وينشر له العشرات من الابحاث والدراسات في المجلات المتخصصة الاكاديمية ويؤلف عددا من الكتب وقد بلغ عدد اعماله المنشورة حوالي 66 عملا، وفي عام 1976م يتفرغ لدراسة التاريخ اليمني والابحاث في عدن.

علي ناصر محمد: سلطان ناجي مؤرخ يمني بارز

وعند استعراض كتابه (التاريخ العسكري لليمن 1839-1967م) نقول لسلطان ناجي نقرأ بصمة التقديم في الكتاب بقلم السيد علي ناصر محمد رئيس الوزراء وزير الدفاع لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية .. يقول في التقديم سلطان ناجي مؤرخ يمني بارز يعد من خيرة وانشط باحيثنا ومثقفينا وقد وقف نفسه وفرغ كل جهوده ووقته من اجل خدمة التاريخ اليمني والثقافة الوطنية اليمنية ومن مميزاته انه على أحاطته الواسعة بالتاريخ اليمني والثقافة اليمنية وقد اجاد في قضايا الحضارة والنقوش والاثار وشؤون الادارة والسياسة والاجتماع ذات الصلة بتاريخ هذا الوطن العزيز.

ويتواصل مشوار الهامة التربوية في تقديم العطاء ويصبح عضو هيئة تحرير مجلة (المؤرخ العربي) الصادرة من بغداد ومجلة الاكليل الصادرة من صنعاء ويشارك بصورة دائمة في مؤتمرات ومراكز دراسة الخليج والجزيرة العربية وجامعات البصرة – اكستر – كامبردنج بيروت.

وفي عام 1982م يكلف بمهمة تجميع ودراسة وتحليل الوثائق والخرائط الحدود اليمنية العمانية من قبل حكومة الشطر الجنوبي ويكلف من قبل حكومة الشطر الشمالي  بدراسة الوثائق مع السعودية.

ولهذا تردد سلطان ناجي على العاصمة البريطانية وقام بالبحث والدراسة والتجميع لدى مكتبة الهند والمتحف البريطاني ودار الوثائق البريطانية ويستمر بالعمل بكل تفاني من اجل حب هذا الوطن الغالي ونتيجة للاعمال الجليلة المقدمة منه يصبح سلطان ناجي عضو مجلس الشعب الاعلى في الجنوب لدورتين حتى 1986م.

ويأتي عام 1987م ويكرم الهامة التربوية سلطان ناجي بوسام المؤرخ العربي من اتحاد المؤرخين العرب ببغداد، وبعد ذلك يعين مستشارا لوزير الخارجية بالشطر الشمالي في عام 1988م، وينال وسام العلوم من الدرجة الاولى في شمال اليمن وبعد مشوار طويل حافل بالعطاء واثناء احدى الرحلات الاخيرة الى بريطانيا داهمه نزيف داخلي حاد نقل على اثره الى مستشفى سانت ماري، حيث وافته المنية في 6ابريل1989م ونقل جثمانه ودفن في صنعاء.

ترك لنا سلطان ناجي ثروة ضخمة من الادب والعلم والتاريخ فقد أسفرت جهوده عن توفير الأرضية التاريخية والقانونية للمفاوضات التي قامت بها حكومتا الشطرين في اليمن ونجم عنها ابرام اتفاقية الحدود مع الجارتين "السعودية وسلطنة عمان" وأيضا أثناء التحكيم مع ارتيريا في النزاع حول جزيرة حنيش .

وتكرم اسرة الفقيد في عام 1997م على وسام الاستقلال في 30 نوفمبر من الدرجة الثانية وميدالية الذكرى الخامسة والعشرون لتأسيس جامعة عدن عام 2000 وفي عام 2006م شهادة تكريم بيوم الاديب والكاتب اليمني.

ومهما ذرفنا من دموع وسطرنا كلمات الرثاء لن يتكرر سلطان اليمن ناجي مرة اخرى.. والحمد لله رب العالمين اليوم اولاده يكملوا المشوار والرسالة الوطنية في خدمة المجتمع، فاليوم اوراس طبيبة وعضوة مجلس نواب واوسان محامية ومعين مهندس والعزيز يزن سلطان استاذ بكلية الحقوق ومدير عام مديرية المعلا وريدان موظفة بالسلك الدبلوماسي .

كل الاجيال تقول شكرا لسلطان ناجي لكل ما قدمه للوطن .