تعيش محافظة الضالع حالة من الفوضى وجمود الأسواق وركود الحركة التجارية، وما يرافقها من خمول إداري وسياسي من قمة هرم القيادة الإدارية للمحافظة وحتى أصغر قواعدها الإدارية التنفيذية، بفعل الانفلات الأمني وتزايد المخاوف لدى السكان، إضافة إلى طفح المجاري وغياب النظافة والأوجه الجمالية، في ظل تجاهل الجهات المعنية لإيجاد الحلول لكل تلك القضايا الشائكة المتعلقة بغياب الخدمات الأساسية، والانفلات الأمني واستشراء الفساد وتراكم القضايا التي لم يتم معالجتها إلى اليوم.
ومن خلال استقصاء أجريناه مع عدد من المواطنين والمثقفين بالمحافظة، كان لنا تسليط الضوء على أسباب وملابسات تعثر مشروع الصرف الصحي بالمحافظة، كأحد أوجه الفساد المستشري فيها وكواحد من أبرز الهموم والقضايا التي يعانيها سكان مدينة الضالع في ظل الإهمال الرسمي لتنفيذ مشروع الصرف الصحي المعتمد للمدينة منذ أكثر من عشر سنوات ماضية.
محافظة بلا صرف صحي!!
يعيش سكان مدينة الضالع معاناة مستمرة من روائح وأضرار المجاري الطافحة التي أصبحت "بحيرة البجح" ملتقى عاما لها، حيث روائح المجاري الطافحة تزكم الأنوف منذ سنوات عديدة، بالرغم من وضع دراسة لمشروع محطة المعالجة المركزية لمجاري الصرف الصحي منذ 2001، وإقرار المشروع البالغة تكلفته قرابة 20 مليون دولار كدعم هولندي ألماني في 2007، وإعلان مناقصة المشروع في عام 2008 إلا أن ذلك لم ينفذ حتى اليوم.
وأكدت مصادر أن فريق الدراسة الخاص بالنزول وتحديد موقع المشروع، وتأكيد الفريق أن المكان لا يشكل أي ضرر على السكان ووضع الدراسات الخاصة بتنفيذه، إلا أن شيئا من التنفيذ أو الإنجاز لم يتم حتى اليوم رغم مرور أكثر من عشر سنوات على إقرار المشروع، الذي تنازل أصحاب الأرض عنه لصالح المصلحة العامة.
وكشفت مصادر مطلعة أن الجهة المنفذة للمشروع، تقدمت برسالتين للجهات المعنية بالمحافظة، بخصوص تهيئة الأجواء لبدء تنفيذ العمل في المشروع، إلا أنها لم تلقَ أي تجاوب من قبل السلطة المحلية والمعنية بالمحافظة، الأمر الذي اضطرها لتوجيه رسالة ثانية وأخيرة إلى تلك الجهات ومنحها مهلة 15 يوما لتهيئة الأجواء وتوفير الأمن اللازم لبدء العمل في المشروع، ما لم فسيعاد المبلغ المعتمد للمشروع وقد يرحل إلى محافظة أخرى.
وتوقعت المصادر أن يذهب المشروع فعلا إلى محافظة أخرى، نتيجة التعامل اللامسؤول من الجهات الرسمية بالمحافظة، وعدم التعامل بجدية في علاج المشاكل والقضايا العالقة في المحافظة التي تعتبر في أمس الحاجة إلى مشروع الصرف الصحي، الذي يعد واحدة من أبرز المشاكل والهموم التي يعيشها سكان مدينة الضالع.
صندوق القمامة و(التخزين) !!
النظافة في أي مدينة تعتبر من مهام صندوق النظافة والتحسين، الذي لم يقم بواجبه على أكمل وجه في ظل غض الطرف عن القائمين عليه من قبل السلطة، وربما مقايضة بين الجميع الغرض منه (لهف) مخصصات الصندوق. وبحسب مصادر مقربة من الصندوق أن سبب تدني النظافة يرجع إلى عدم فهم القائمين في الصندوق مهمتهم، وإنما يفهمون كيفية إرضاء المسؤولين فقط, الأمر الذي أدى إلى تجاهلهم شكاوى المواطنين المتعاقبة، وكأن النظافة في شوارع الضالع ليست من خصوصياتهم ..
حتى وصل الأمر إلى تكدس القمامة في منظر غير لائق في وسط الشارع العام والشوارع الخلفية والأزقة والحارات، فشكل الوضع بتلك الكيفية كارثة بيئية وصحية تنذر بالخطر, ومن يمر في شوارع الضالع يرَ بأم عينيه أكواما من المخلفات البلاستيكية والعلب الفارغة وبقايا فضلات المطاعم والخضروات التي تبقى لأسابيع، وكأنها لوحة جميلة عند أصحاب الشأن الذين يفترض بهم معالجة أمور النظافة، وفي أسرع وقت ممكن.
والمتأمل لحال النظافة في الضالع؛ يتخيل نفسه وسط مقلب قمامة واسع مع انتشار الروائح النتنة والقذارة المنتشرة في كل اتجاه، وليس في مدينة مناضلة تأبى الضيم وتعشق الحرية, ومما زاد الطين بلة وجود مقالب إحراق قمامة قريبة من السكان وعلى مقربة الحارات، وبعضها وسط المدينة ولا تبعد عن الشارع سوى أمتار حتى صار كل شيء ملوثا، وأصبحت الضالع على وشك كارثة بيئية وصحية, الأمر الذي فاقم المشكلات وأدى إلى ظهور أعراض أمراض غير معروفة حسب مصادر صحية.
وأوضحت المصادر لـ (الأمناء) أن مقالب القمامة والمخلفات والمجاري الطافحة في الشارع العام وبحيرة الصرف الصحي أو (بحيرة البجع) ـ كما يحلو لأبناء الضالع تسميتها ـ تعتبر أوساطا غذائية ومائية لنمو وتكاثر المكروبات والفيروسات والبعوض الناقل لأمراض خطيرة والكثير من الأوبئة المنتشرة في الضالع، التي سببتها المجاري الطافحة ومحارق القمامة داخل السوق أو بالقرب من الحارات الغربية للمدينة، خاصة إذا ما علمنا أن سوق الخضروات وسط مدينة الضالع تتكدس فيه القمامة وتنتشر فيه الحيوانات والحشرات والطفيليات.. ناهيك عن مرور المجاري ومياه السيول فيه.