على أطرف صبر من الجهة الأمامية وأنت مار على الخط العام تشاهد مواطنين في ازدحام، وسيارات هنا وهناك أمام مبنى جديد من الحجر، ربما يدور في تفكيرك أن منظمة دولية مستأجرة له وتوافد المواطنين للحصول على المساعدة، ولكن إذا ركزت جيدا في اللوحة المعلقة على جدار المبنى ستدرك أنه بريد منطقة صبر، وكل أولئك يبحثون عن الراتب او المعاش او الإعانة او تسديد الفاتورة او استلام حوالة .. وإذا دخلت إلى عمق المبنى ستجد أمام الشباك موظفين اقل من أصابع اليد الواحدة أمام كل ذلك الازدحام يقومون بالصرف وسط ضغط شديد من المستفيدين، هذا إذا كانت الشبكة مفتوحة، أما إذا كانت مغلقة فحدث ولا حرج.
التفاصيل لكل ذلك وجدته "الأمناء" عند أصحاب الشأن من موظفين او متقاعدين او رجال أمن او جيش او أصحاب الإعانة، فكل ذلك داخل البريد، والأمر نفسه موجود في كل مركز بريد بمحافظة لحج، ويتكررالمشهد شهرياً. ومن خلال هذا الاستطلاع ننقل ماذا قال المواطنون، وأين هي المشكلة: في البريد او عند المواطن او عند جهات أخرى؟!
الكثير من الموظفين يشكون من تأخر صرف رواتبهم شهرياً، هذا بحسب ما سمعناه من غالبية موظفي التربية.. وفي بريد صبر وجدنا الأخ علي السيد عبدالله، وهو أحد العاملين في إعداد رواتب المعلمين، الذي قال: "التأخير في صرف الرواتب لا تعود أسبابه الى مكتب التربية وإنما إلى البريد، فعندهم ماكنة تقوم بنفس العمل في جميع المحافظات ولكن هنا بلحج يتم تأخير الصرف، نحن نجهز ما يقارب 218 مليون ريال رواتب التربية بمديرية تبن ونتابع الإجراءات لوصول التعزيز إلى البنك، بعد ذلك الإجراءات تقع على البنك والبريد".
ويزكي كلام علي السيد، الأخ مبارك الهبوب، الذي أفاد بأن "البريد يقوم بسحب المبلغ على دفعات مما يجعل الصرف يأخذ أياما عدة، فيحدث كل هذا الازدحام والفوضى".
رجال امن : نشعر بالاهانة
"الأمناء" زارت البريد، وشاهدت خليطا من موظفي التربية والأمن والمتقاعدين، والكل يريد راتبه بأسرع وقت .. وقد التقت الصحيفة أحد منتسبي الأمن الأخ ابراهيم حليسي، الذي تحدث عن نفسه وعن أصحابه في الأمن قائلاً: "كنا مرتاحين ونحن نستلم رواتبنا من مرفق عملنا لا خسائر ولا كل هذا الازدحام والفوضى، نطالب مدير الأمن بإعادة رواتبنا كما كانت عليه من سابق لأننا هنا بالبريد نشعر بالاهانة، نقف طوابير واحيانا ننتظر وقتا طويلا لفتح الشبكة او نفاذ (الزلط) وانتظار وصول تعزيز.. المهم البريد عذاب لنا عند استلام الراتب".
مطالبات بشباك خاص للنساء
أما الأخت ريم صالح، فقد سارعت بتقديم شكوى بأن النساء لا يوجد شباك خاص بهن بعيدا عن الرجال، وطالبت إدارة البريد بتخصيص لهن شباك بعيدا عن كل هذه الزحمة، خصوصا والراتب يتأخر او يحدث صرف لجميع المرافق، والاستمرار بهذا الحال هو عيب كبير على إدارة البريد.
عمل غير منظم
كما تحدث إلينا كل من عبدالباري طه وحسين محسن فضل، مما يعانيه موظفو التربية شهريا، بوصفهم ما يحدث بأنها "تصرفات غير صحيحة ولا حضارية من حيث فتح شبكات التربية والأمن والمتقاعدين معاً بينما عدد الصرافين لا يتعدى أربعة من عمال البريد، وأحيانا كثيرة يتأخر فتح الشبكة لساعات او الى اليوم الثاني ونحن نرتبط بعمل لا بد من تحديد يوم او ايام محددة من كل شهر لدفع رواتب التربية )) .. ويتابع بالقول : (( هذا عمل عشوائي غير منظم من قبل بريد لحج او الهيئة بصنعاء نرى فيه إهانات للمعلم وعذابا من خلال كل هذا الازدحام والطوابير والفوضى وكل هذا الضجيج، نتساءل لماذا يحدث هذا الأمر شهريا؟ هل هو أمر متعمد او عن غير قصد؟! )) .
وفي أحد أركان مكتب البريد لفت نظرنا مجموعة في ركن (مخزنين) لا هم في الطوابير ولا هم قد استلموا رواتبهم.. وبعد السلام عليهم وتعريفهم بأننا من صحيفة "الأمناء" رحبوا بنا بعد أن علمت من البعض أنهم متقاعدون من الصباح منتظرين الشبكة تفتح لاستلام معاشاتهم، وقد كان الوقت متأخرا بالقرب من وقت المغرب.
طوابير الى خارج سور البريد
"الأمناء" في اليوم الثاني زارت مبنى البريد لنقل شكاوى الموظفين إلى مديره، ولكن وجدنا طوابير وصلت إلى خارج سور البريد، وقيل هؤلاء المتقاعدين ينتظرون صرف معاشاتهم، بالإضافة إلى بعض موظفي التربية والأمن، حيث البارحة نفدت المبالغ المالية وإلى الآن والساعة ما بعد العاشرة صباحا لم يتم صرف الرواتب لنا!!
عجزة وكبار سن مرميون على الارض
وتحدث إلينا احد المتقاعدين الأخ محمد مهدي فضيل عن معاناته هو وزملائه بقوله: "يا أخي كل شيء يهون ولكن ما ذنب هؤلاء العجزة من الشيوخ والنساء مرميين على الأرض يريدون معاشاتهم، بالله عليكم هذا وضع غير إنساني يحدث شهريا لا حياء من الله ولا من كبر سن هؤلاء! لماذا يتم خلط معاشات المتقاعدين مع التربية والأمن وأحيانا مع الإعانة؟ لماذا لا يخصص لنا يوم محدد نأتي فيه لاستلام رواتبنا بكرامة ولا هذا الأمر الذي تشاهدونه بأنفسكم )) ثم تابع قائلا : (( اعتقد هذا يحدث فقط في لحج .. يا أخي حرام عليهم اليوم هم في الوظيفة غدا مصيرهم مثل هؤلاء، نقول لهم افعلوا حل لكم من الآن مش لنا واتقوا دعوة هذا العجوز الذي من الصباح في شمس الله وربما يروح بدون معاش )) .
مراسل "الأمناء" كان خير شاهد على معاناة أصحاب الإعانة، وقد لخصتها طاعنة في السن بعبارة ((هــذة إهــانة ما هــي إعــانة)).. نعم تخيلوا أن عجوزاً تأتي من مسافة بعيدة وتظل إلى الظهر منتظرة الإعانة ولا يتم فتح الشبكة! فماذا تفعل؟ هل تعود الى بيتها او تواصل الانتظار إلى المغرب، إما واستلمت او تعود غدا؟! .. حالات تتكرر دائما في كل نقاط البريد بلحج، فهل ستجد إدارة البريد والأخوة في صندوق الرعاية الاجتماعية حلا لمثل ذلك تجنبا لدعوة المظلوم، او ان الإحساس بمعاناة هؤلاء غير موجود عندهم؟!.
كل ذلك وما خفي أعظم، فهناك من تكلم ولا يريد ذكر اسمه، او ما قد تلفظ به!!
مدير البريد : المشكلة عند صنعاء
"الأمناء" كانت على الوعد والعهد، فقد نقلنا هموم ومعاناة الجميع دون تحديد أو تجريح إلى الأخ علي عبدالله سعيد، مدير مكتب البريد بمنطقة صبر محافظة لحج، وبالرغم من عمله عصرا بمكتب البريد وانهماكه في مراحعة الحسابات، فقد رحب بنا بتلك الابتسامة التي لا تفارق وجهه شاكرا للصحيفة هذا الاستطلاع لنقل الحقيقة ورفع الاتهام عن مكتب البريد، حيث قال لنا:
"أحيانا كثيرة تكمن المشكلة عند الهيئة العامة للبريد بصنعاء، فقد كان هناك اتفاق بأن يصرف راتب الأمن في تاريخ (20) من كل شهر والدفاع في (25) من كل شهر، على أن يحدد لحالات الضمان الاجتماعي أسبوعا من تاريخ بدء الصرف، ولكن مع الأزمة التي تمر بها البلاد وأحيانا بسبب المناسبات كالأعياد حدث ان يكون الصرف للجميع مما أدى إلىتداخل في عمليات الصرف، وكل واحد يريد راتبه او معاشه او إعانته في ذلك الوقت عندما يعلم بفتح الشبكة".
وأضاف: "هناك مرافق أخرى كالتربية تخضع صرف رواتبهم لإجراءات المالية وعند وصول التعزيز يحدث علينا ضغط بسرعة الصرف، ولو كان ذلك مع صرف مرتبات الأمن او غيرهم ولا نقدر تأخيرهم لأن ذلك سيحث مشكلة، ومع احترامنا للأخوة بالتربية فدائما تأتي (شيكاتهم) متأخرة مع الظهر ويحدث ذلك شهريا، وأحيانا تأتي إلى مديريات دون مديريات أخرى مما يحدث استفسارات كثيرة وطوابير وازدحام، ومع ذلك تعتبر التربية اكبر قوة وللأسف غير منظمين انفسهم عند استلام الراتب، فيجب التعاون معنا من قبل الجميع وتفهم ظروفنا ايضا، ومع ذلك البريد بذل جهدا كبيرا لعودة العمل في هذا البريد لتسهيل عمليات الصرف كونه على الخط العام".
لدينا موظفين قليلين
وأوضح "نحن نعترف بأن لدينا موظفين قليلين جدا في عملية الصرف لقلة وجود موظفين في هذه المراكز على مستوى المحافظة، ومع ذلك لو في تنظيم سيتم العمل سريعا، أما بخصوص شكوى الأخوات فلهن حق علينا وعليهن الصبر، فنحن نلتزم لهن بتخصيص شباك للصرف للنساء يكون منعزلا عن الرجال ونريدهن الالتزام به وليس كما خصص في بريد الحوطة للنساء شباك ومع ذلك بعضهن لا يلتزمن به، وإن شاء الله سيكون قريبا وبحسب امكانيات المكتب".
وأفاد بالقول: "وللتوضيح احيانا يحدث أن من يستلم راتبه يريد يسدد فاتورة هاتف او ما شابه ذلك، وهذا يتسبب في الإعاقة لعملية الصرف، وإذا رفض الموظف تحدث مشكلة، ومثل ذلك نحن في طور وضع الحلول له وعليهم تقدير وضعنا الإداري لعدم وجود عمال، وايضا تقدير وضع البلاد وخصوصا هذا الشهر حدث فيه ازدحام كبير بسبب ما تعرضت له لحج، وخوف المواطن جعله يريد الراتب في أسرع وقت مما أدى إلى حدوث كل هذا الازدحام و الفوضى".
عن صحيفة "الأمناء" الصادرة اليوم الاثنين العدد262