(الأمناء) في مدن المواجهات بين «القاعدة» وقوات الجيش في أبين.. (الحلقة الثالثة)

بعد انتهائنا من اللقاء بقائد اللجان الشعبية عبداللطيف السيد كانت وجهتنا إلى مدينة لودر التي خاضت هي الأخرى حرب ضروس مع الجماعات المسلحة.

 

وتبعد لودر عن مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين بنحو 80 كيلومترا ونحو ساعة ونصف الساعة بالسيارة في الطريق الإسفلتي في مناطق جبلية، ويمكن للمشاهد أن يرى آثار الدمار الذي خلفته المواجهات بين عناصر «القاعدة» واللجان الشعبية والقوات الحكومية.

 

التقينا أحد قادة اللجان الشعبية؛ يتحفظ عن اسمه, يقول: «عاشت مدينة لودر أياماَ و شهوراَ وليالي كانت ذات طابع مذهل سمح لنا بالتفاخر بأننا ننتسب إلى سكان هذه المدينة الباسلة وكان الكل يجاهد ويشارك ضد العناصر المسلحة، ولو أمكن للتضحية الصادقة إن تتجسد لكانت الشهيدين توفيق حوس ومحمد عيدروس؛ فهما أول قائدين للجان الشعبية».

مدير لودر: نحاول تسيير الأمور

من جهته قال المدير العام لمديرية لودر، رئيس المجلس المحلي محمد نصيب محمد: «المديرية استعادت جزءاً كبيراً من نشاطها وحيويتها وهو شيء تلمسه من المواطن البسيط وبالنسبة للحياة اليومية وبالنسبة للنشاط الإداري في معظم مكاتب المديرية فما زال غائباً إلى حد كبير بسبب وجود مبانٍ متضررة لا توجد بها أي معدات أو أجهزة مكتبية، وهي ببساطة مبانٍ وإدارات مخلوعة الأبواب والنوافذ ومفصول عنها الكهرباء والماء، ولكن رغم ذلك نحاول تسيير الأمور ونحن في الشارع أو تحت شجرة أو في المدرسة, وتسير حياة المواطنين بصورة طبيعية إلى حدٍ ما».

 

 

وأضاف لـ«الأمناء»: «مرت مديرية لودر بظروف استثنائية أواخر عام 2010م تمثلت في حدوث اشتباكات دامية بين ما يسمى أنصار الشريعة وقوات الأمن والجيش, مما أدى إلى نزوح سكان المدينة عن مساكنهم إلى المناطق والمحافظات المجاورة, كما أن قيام الثورة الشبابية كان له تأثير سلبي على مختلف المجالات في عموم محافظات الجمهورية, وكذا سقوط عاصمة محافظة أبين بأيدي أنصار الشريعة أواخر مايو 2011م ثم مهاجمة أنصار الشريعة لمدينة لودر في مطلع أبريل 2011م, كل هذا جعل مديرية لودر منطقة منكوبة, ومن الصعوبة بمكان أن تمارس السلطة المحلية دورها بمرونة وأمان في ظل هكذا ظروف».

 

وعن دور اللجان الشعبية في لودر, قال محمد نصيب: «لا يستطيع أحد أن ينكر وجود اللجان الشعبية ودروها البطولي في حماية مدينة لودر وأمنها واستقرارها, وهي تعمل تحت إشراف السلطة المحلية وتساعد الأجهزة الأمنية والعسكرية في حفظ الأمن والاستقرار والسكينة العامة في مديرية لودر, وهي ليست بديل للسلطة المحلية وتقوم بدورها على أكمل وجه».

 

وحول المنازل المتضررة أفاد أن 8 منازل متضررة تم بناؤها كاملة على حساب الغرفة التجارية وتسلم حوالي 85 مواطنا تعويضات متفاوتة من صندوق الإعمار م/ أبين.

 

نفوق الثروة الحيوانية والنباتية

محمد ناصر بدور, رئيس لجنة حصر الأضرار الزراعية بمديرية لودر في أبين أوضح أن «مدينة لودر تعرضت لأضرار كبيرة وجسيمة في إتلاف الكثير من المحاصيل الزراعية ونفوق أعداد طائلة من الثروة الحيوانية وخلايا النحل جراء الحرب التي خاضتها المدينة مع أنصار الشريعة حيث انقطعت الطرق وانعدمت المحروقات فيما بلغت قيمة الدبة الديزل أثناء الحرب حوالي 12,000ريال يمني».

 

 

وخلفت الأزمة إحصائيات وأضرارا زراعية بالسكان المحليين في عاصمة لودر ومناطقها الشاسعة.. ففي الجانب النباتي تعرض 600 محصول زراعي للتلف والأضرار.. وفي الجانب الحيواني وخلايا النحل هلكت ونفقت ما يقارب 2400 من الثروة الحيوانية.

 

وأضاف بدور أن «لجنة الحصر والأضرار لم تستكمل  بقية الأضرار في الكثير من المجالات الزراعية في المديرية؛ نظراَ لعد صرف أي مستحقات للجنة».

واختتم حديثه «نطالب بضرورة الإسراع والبت في صرف تعويضات المزارعين الذين لحق بهم الضرر في إتلاف محاصيلهم الزراعية ونفوق ثروتهم الحيوانية بأسرع وقت ممكن».

 

نقص الامكانيات الامنية

وحول أوضاع الأمن قال مصدر أمني في لودر إن «إدارة أمن لودر تخلو من الأثاث ووسائل العمل الضرورية وتقع في مبنى  قديم متهالك», مؤكدا مع ذلك أن الأوضاع مستقرة في المديرية وأن إدارة الأمن تعمل حسب الإمكانيات المتاحة  لها.

وأوضح المصدر للصحيفة, ممتنعا عن التعريف باسمه, أن أمن المديرية يعاني من نقص في عدد الأفراد إضافة إلى الأطقم والأسلحة, مشيرا إلى أن للجان الشعبية دورا بارزا في مساعدة الإدارة في الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي.

 

 

أزمة مياه خانقة

وتعاني لودر من أزمة خانقة في المياه, وتُحرم من الماء عدة أشهر وإن جاء الماء فهي أقل حظاَ في الحصول عليه.. وتعود أسباب هذه الأزمة إلى حالة الجفاف التي لحقت بعدد من الآبار بالإضافة إلى تعطل عدد من الآبار عن الضخ نتيجة نزف المياه.. وتأتي أزمة المياه بعد أن أثبت مشروع مياه لودر المركزي فشله في تلبية حاجات الناس رغم أنه كلف ميزانية الدولة الملايين الطائلة ولكن دون فائدة ترجى منه على حد قول المواطنين.

 

شريان الحياة في الأسواق

يعتبر «سوق الأحد» الأسبوعي التقليدي أحّد المعالم التاريخية والاقتصادية والاجتماعية في مديرية لودر. قلب نابض للاقتصاد وشريان الحياة لأكثر من خمس مديريات منها: الوضيع, مكيراس، مودية, المحفد وجيشان.. وتشد إلية الرحال من مختلف مديريات أبين ومحافظات مجاورة ليكون مصدر رزق للباعة والمشتريين في  وقت قصير يبدأ من الساعة السادسة وحتى الواحدة ظهرا من نفس اليوم.

 

 

آثار الحرب على التعليم

يقول مدير مكتب التربية في لودر ناصر عوض موسى «بالنظر إلى الظروف التي عاشتها مديرية لودر جراء الحرب والكل يعلم بذلك, حيث ما زالت تداعياتها تؤثر على جميع الأصعدة بما فيها التربية والتعليم؛ إلا أننا في هذا العام استطعنا إعادة الدراسة مع بداية العام الدراسي وسارت بشكل منظم ولله الحمد وهي مستمرة ونتمنى أن تكون الأعوام القادمة أفضل».

 

 

مطالب الشباب

صالح سالم علي قال: «لم نحصل على أي مساعدات من الدولة خلال فترة الحرب حتى هذه الأيام، وكذا معونات دولة الإمارات العربية المتحدة لم نحصل على شيء منها وهناك بعض الأحزاب وبعض رجال الخير قدموا بعض المساعدات ولكنها استثنت بعض المواطنين وهذا كان الخطأ بعينه لأن كل أبناء لودر عاشوا محنة الحرب جميعاَ ويستحقوا جميعهم المعونات والمساعدات دون استثناء».

 

وطالب احد الشباب الدولة بتوظيف الشباب وأن لا تقتصر الوظائف على الجانب العسكري فقط؛ لأن من الشباب من يحمل مؤهلات دراسية, ولودر, على حد تعبيره, بحاجة إلى موظفين في جانب الخدمات الأساسية وخاصة الصحة حيث بينت الحرب ذلك العجز أثناء إسعاف المصابين والجرحى إلى محافظة البيضاء.

 

شاب آخر, وكنيته أبو خالد, لم يخرج من منزله منذ أن تعرض للإصابة وكانت إصابته بليغة وكانت في الأيام الأولى للمعارك ولم يحب طرق أبواب المسئولين ويقول بأنه ليس أفضل من إخوانه «الشهداء» ولكن «نحن نقول إن من واجب المناضل جمال العاقل، محافظ أبين, أن يقف إلى جانب رفاقه لأنه كان واقفاَ في صف واحد مع أبناء لودر أثناء المعارك».

 

 

 

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني