يصفونه بأنه طبيب غير عادي، لكنه يرى أننا نخطئ في فهم كلمة «عادي»، فالـ «عادي» وفقًا لفهمنا الخاطئ أن تقتصر مهنة الطب على فحص المريض، وووصف الدواء، والتباهي بالرداء الأبيض، وتكدس المرضى في المشافى والعيادات انتظارًا لأدوارهم، بل وتمايز المرضى لتفاوت درجاتهم الاجتماعية ... «العادي» – وفقًا لفهمنا الملوث – هو أن يذهب المريض إلى الطبيب يريد منه أن يستأصل «ضميره» الذي يسبب له الكثير من الألم، فيوافق الطبيب على الفور ويقوم بإجراء العملية الخيالية دون أن يشعر بأدني تانيب للضمير وهو يخدع مريضه! ...
لكن «العادي» وفقًا للدكتور «جيم ويزرز»، ووفقًا للفطرة الإنسانية السليمة، هو أن يتعامل الطب مع الإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معان وظلال ... «العادي» هو أن يكون الطبيب رجلاً يحارب مصدر رزقه بإحياء ضميره فيرزقه الله من حيث لا يحتسب ... العادي هو أن يذهب الطبيب إلى من عجزوا عن الذهاب إليه!
ولكي يتمكن من علاج من لا مأوى لهم قرر «جيم ويزرز» أن يفعل شيئًا مختلفًا ... قرر في سنة 1992أن يخلع الرداء الأبيض، وأن يعسس في الليل بزي الفقراء في شوراع بيتسبرج متفحصًا أولئك الذين خاصمهم المجتمع الآثم؛ أولئك الذين سكنوا الشوارع واحتموا بالكباري وتشردوا في الطرقات بعيدًا عن أعين الملتفين حول مدافئهم!
يقول: «لقد صُعقت من عددهم ... وبدأت أدرك أن ثمة أشخاصًا يفوق عددهم الحصر ... يكابدون جروحًا وقرحًا دامية ... تنهكهم السرطانات وكافة أنواع الأمراض ... يطويهم سكون الليل وصخب النهار».
وعبر رحلة غير ربحية استمرت 22 عامًا، نجح «جيم ويزرز» في إجراء الفحص الطبي وتقديم العلاج لأكثر من 1200 حالة سنويًا ... ليذيع صيت تجربته، وتقوم أكثر من 90 دولة بتطبيق برامج مماثلة لطب الشوراع والرعاية الصحية المجتمعية.
* منقول عن - المكتبة العامة