الحوار اليمني بين اجترار الماضي المجرب ومخاض فرض المخرجات

ماذا بعد ؟سؤال اللحظة المطروح من قبل عرابي مؤتمر الحوار اليمني. المشاركون فيه والمنضوون تحت رايته استحقاقا, أو من  أُريد منهم السد مسد الخبر .

 

ومع انتهاء مؤتمر صنعاء الوطني باتت الأسئلة تزحم بعضها بعضا .عن أيهم قادر على تنفيذ ما اتفق عليه لبرآة  قسم هادي أم أن عليه الاستعداد لصيام كفارتها ابتداءا  قبل إطعام ملايين الأفواه الجائعة التي قيل لها بأن من قاعة موفمبيك سيتفجر  ينبوعا فيه مغتسل بارد وشراب ومن بين أقدام ساسته  ستنبت الأرض نباتا خيره لن يكون أبدا محصورا على ذوي الرتب و  بالحد  الأدنى من  "التفاؤل "تطرح استفهامات  عن أي  آليه ووفق أي طريقه ؟ وبأدوات من ؟وهل سيشارك من هم جزء أساسي في المشكلة في ترتيبات بلورة الحلول وإيجادها ؟ أسئلة كل من أوتي من العلم يسيرا يعرف إجابتها استنادا لحيثيات وأدلة ووقائع وبراهين ومعطيات تقول على لسان أكثر الناس تفاؤلا بأن القادم أسواء:

 

اجتثاث الماضي :

لمقاربة واقع اليمن اليوم نضرب لذلك مثلا مر عليه مئات السنين والشاهد فيه  ليس بالشخوص بل بتشابه واقع الدولة آنذاك ,فحين ورث الخليفة العابد "عمر بن عبد العزيز عن أسلافه حكما عضوضا يتدثر كل أركانه بالفساد ويتلفح رموزه بأوزار المظالم والجور وأكل حقوق الناس بالباطل ,وتغول طبقة المقربون من السلطة واحتكارهم –وهم قلة- للثروة والنفوذ والغلبة, لكن عمر حين أعتلى رأس الدولة كان أول قراران اتخذهما  تجريد نفسه و أقاربه من كل أموال امتلكوها من طريق غير مشروع ولو أرادها على شاكلة " الحكمة اليمانية "لشكل لذلك لجنة .

 

أما  الأمر الثاني الذي قضى به الخليفة :جمع كل عتاولة الفساد في صالة اجتماعات القصر ووقف فيهم خطيبا كخليفة رافعا سبابته  وقال: من أخذ منكم من مال المسلمين شيئا بغير حقه لن يخرج من هذه الغرفة الا وقد تركه وتنازل عنه .

إذا هي إرادة التغيير واضحة على محجة بيضاء لمن أراد لها تطبيقا ولنتائجها نجاحا باهرا سريعا دون إبطاء أو تأخير .

 

لكن صنعاء اختارت طريق اجترار أدوات وشخوص وآليات الماضي وتجريب المجرب المهترئ لسبب بسيط أن من يقع عليهم استحقاقات الحل ودفع أثمان ضمان نجاح القادم ,هم من يدير المرحلة ولن يكونوا مطلقا جزء من الحل, وهمهم فقط ترحيل المشكلات والحفاض على سمت الأزمات بمستوى معين وسموا ذلك" حكمة يمانية.

 

معضلة الجنوب لن تجد صنعاء لحلها سبيلا :

مع إعلان صنعاء اختتام جلسات مؤتمر الحوار الوطني ,كانت دبابات اللواء "33" حرس جمهوري تدك سرادق عزاء في الضالع لناشط في قوى الحراك الجنوبي بقرية سناح شمال المدينة  بأكثر من ست قذائف  أوقعت عشرات القتلى والجرحى بينهم  أطفال في سابقة هي الأولى في تاريخ الحروب.

 

 وعلى الرغم من إدانة الأمم المتحدة للواقعة وتحميلها النظام مسؤوليتها القانونية الا أن أطرافا فاعلة ومالكة للقرار مازالت حتى الساعة تقوم بقصف أحياء وقرى الضالع بالأسلحة الثقيلة حاصدة مزيدا من أرواح الأبرياء مستغلة بعض الاتفاقات مع عدد من ممثلي الدول الكبرى النافذة ووعود أطلقها أولئك الدبلوماسيون بتمريرها حتى حين وتجربة البشير شاهد قريب .

 

حق القوة :ومع تصاعد وتيرة  العنف في عدد من مدن الجنوب وإن كانت في الضالع على أشدها تدرك قوى تفعيل الأزمات أنها مع كل قذيفة تطلقها مدافع الجيش اليمني في أرض الجنوب تباعد بينها و  بين أمكانية طرح أي حلول سياسية  بشأن الانتخابات  والتصويت وما أقل من ذلك أسوارا ومن تحتها قبور متجاهلة حقيقة إن فرض الوحدة بعصى المجتمع الدولي خيار محفوف بالمخاطر وغير مضمون النتائج .

 

وكان النظام اليمني السابق قد جرب ذات الحلول وبأدوات بطش أشد تماسكا وأكثر تنظيما لكنها تكسرت على معول إرادة التأييد الجمعي لقوى الحراك الجنوبي شعبيا وهي القوة التي  لن يكون بمقدور صنعاء لها دفعا وإنما متاحه الوحيد هو: السير والمضي قدما بقاعدة "التواكل " ليس لأن السلطة الحالية لا تريد حل القضية الجنوبية مطلقا وإنما لحقيقة أنها أضعف بكثير من أن تستطيع ذلك لعضم  حجم القضية ولاعتبارات شمالية داخلية .

 

هذه (التوازنات) بين مزدوجين تسير منذ أمد بعيد وفق فلك معين سكته سنين من مداميك الفساد والقهر والظلم الذي مارسه جندرمات الشمال على مناطق تعز وتهامة وإب وغيرها .وقد حاولت ذات القوى اجترار تجربة سجون الشيوخ في الجنوب غير أن ولادة الحراك الجنوبي بداية من حضرموت أفشل تلك التجربة قبل تجريبها.

 

وعلى رغم تغير المعادلات في الشمال الآن بدخول الحوثيون "أنصار الله " كطرف رئيس قوي ومناوئ خلط كل الأوراق التي حاولت تلك الجهات البناء عليها كضمان لديمومتها رغم كل التنازلات وتجارب الاحتواء حتى بمبدأ الإغراء قد  فشلت حتى الأن في جر الحوثيون كي يكونون جزء من منظومتها لأسباب يطول شرحها .

 

خلاصة :

صنعاء وعلى المدى المتوسط  ستأخذ من بيروت ليس رونقها بالتأكيد بل محاصصتها السياسية وتبعاتها بالتأكيد .

الجنوب ستضل الأوضاع على حالها من التصعيد الخطير وستدفع صنعاء ذات الثمن الذي دفعته  في ال2007م حين استهانت بحجم الحركة الاحتجاجية في الجنوب ..

 

الآن حين لجأت بعض قوى الثورة الجنوبية الى تبنت خيارالمقاومة المسلحة  وإن دفاعا عن النفس وفي مناطق محصورة لكنها الحالقة -برأيي -حيث كل المعطيات تنبئ بأن ذلك الخيار سيشهد تناميا وسيجد وإن ليس اليوم من يؤيده خارجيا ,وساعتها لن يكون بمقدور السلطة الجلوس على طاولة في جنيف يتحلق حولها ممثلان عن الحوثيين وقوى الحراك الجنوبي من جهة أخرى .-

 

تصريح الإرياني : "ما سيأخذه الجنوب في مخرجات الحوار باليمين سنستعيده في كتابة الدستور بالشمال " هو استمرار لما يسميها الناشط السياسي "سيف على حسن " بالفهلوة

على الرغم من أكل دابة الأرض لمنسأة صالح كل شهر مرة تقريبا الا أن الرجل لم ولن  يتكئ عليها  الا وعينه مفتوحة لبديهية أن أتباعه قبل خصومه يراقبونها عشية وحين يصبحون .

 

-اسلوب فرض الامر الواقع على الجنوب لن يشكل حلاً وانما يؤسس لمرحلة جديدة من الصراعات مجهولة المعالم .الاستقواء بمزاج المجتمع الدولي لفرض الوحدة بالقوة على الجنوب لن تفضي الى استقرار على المديين القريب والمتوسط في ضل المعطيات .-كثرة المتقاسمون على مبالغ حماية الشركات النفطية  -وهي بالمليار- ستخلف قريبا مزيدا من التشظي في تحالفات قديمة كانت يجمعها المصلحة المحضة وهي أبعد ما يكون عن الوحدة وشعارات الموت لأجلها .

 

-وتيرة الاغتيالات وتصفية الخصوم السياسيين  من الصفين الأول والتاني ستكون سمة المرحلة القادمة .وعنوانها الأبرز .

 

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني