تجتاح صنعاء موجة هلع من السيارات المفخخة مع انتشار شائعات حول هجمات دامية متوقعة، فيما أغلقت الأمم المتحدة مكاتبها في العاصمة اليمنية أمس. وظلت السفارات الأجنبية مفتوحة كالمعتاد فيما تلقى اليمنيون بصدمة مشاهد بثها التلفزيون اليمني مساء الأربعاء حول الهجوم الذي نفذه مسلحون من القاعدة قبل أسبوع ضد مجمع وزارة الدفاع واسفر عن 56 قتيلا. وأظهرت المشاهد كيف قام المهاجمون ببرودة بقتل أطباء وممرضات في المستشفى العسكري التابع للوزارة فيما تمكنت قوات الأمن من قتل المهاجمين الـ12 الذين غالبيتهم من الجنسية السعودية.
وأغلقت نسبة كبيرة من المحلات التجارية أبوابها أمس في صنعاء التي بدت الحركة فيها مشلولة. وتعاظمت مخاوف السكان مع انتشار الشائعات كالنار في الهشيم حول تفجيرات متوقعة بسيارات مفخخة. وكانت مصادر أمنية قالت سابقا إنه في أعقاب الهجوم الدامي الذي استهدف مجمع وزارة الدفاع الخميس الماضي، فككت السلطات الأمنية عبوتين في سيارتين مفخختين فيما تتابع البحث عن خمس سيارات مفخخة.
قال مصدر في الأمم المتحدة أمس الأول إن المنظمة قررت إغلاق مكاتبها في العاصمة اليمنية غدا الخميس وأمرت موظفيها بعدم التوجه إلى العمل بعد تلقي تحذير من احتمال تعرضها لهجوم. وقال المصدر إن "موظفي بعثة ووكالات الأمم المتحدة تلقوا تعليمات بعدم التوجه إلى عملهم الخميس". وقال المصدر إن الإجراء هو "احترازي جاء بناء على نصيحة من السلطات الأمنية".
وحذرت المنظمة في توجيه لموظفيها من "خطر حدوث عمليات إرهابية محتملة في مناطق معينة" خاصة في حي حدة الذي تقع فيه مكاتب الأمم المتحدة جنوب صنعاء، بحسب المصدر. إلا أن مسؤولا أمنيا رفيعا شكك في مصدر هذه التحذيرات. وقال مسؤول أمني رفيع جهاز الأمن القومي لوكالة فرانس برس "إنها معلومات كاذبة جرى ترويجها للجهات الغربية وهي غير صحيحة". وأضاف "كنا مجتمعين مع مسؤولين أمنيين في السفارات الغربية ولا معلومات عن عمليات إرهابية".
وبحسب المسؤول فإن "هناك حملة شائعات تتعمد نشر الخوف والقلق في أوساط الناس" مقرًا في نفس الوقت بان السلطات "اتخذت فعلا إجراءات احترازية حول السفارات والمصالح الغربية والمنشآت الحيوية في كل اليمن وليس في صنعاء فقط" بعد هجوم الخميس الماضي. وبحسب مصادر متطابقة، أغلقت مكاتب شركة النفط الفرنسية توتال أمس، وكذلك مكاتب الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، وهما الشركتان المسؤولتان عن مشروع بلحاف لتسييل الغاز في جنوب اليمن. وظلت السفارات الغربية مفتوحة امس بما في ذلك السفارة الأمريكية والفرنسية والبريطانية، بحسب مصادر في هذه السفارات.
وأعلن مصدر قضائي يمني، أمس، عن إحالة 3 سعوديين من تنظيم "القاعدة" إلى المحاكمة بتهمة التسلل إلى البلاد بطريقة غير مشروعة. ونقل الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع اليمنية عن المصدر، قوله "إن المتهمين السعوديين، نواف القحطاني، وأنس الصبيح، ومشعل السند، تسللوا إلى البلاد بطريقة غير مشروعة للانضمام إلى عصابة مسلحة تتبع لتنظيم القاعدة". وأضاف المصدر أن "السلطات اليمنية تمكنت من القبض على الإرهابيين السعوديين في مدينة عمران بعد تسللهم عبر منفذ البقع الحدودي مع السعودية".
تلقى اليمنيون بصدمة بالغة صورا بثها التلفزيون اليمني للعنف الشديد والقتل بدم بارد خلال الهجوم الذي نفذه قبل أسبوع مسلحون من تنظيم القاعدة ضد مجمع وزارة الدفاع في صنعاء لاسيما ضد المستشفى التابع للوزارة. وبث التلفزيون مساء امس الأول مشاهد فيديو التقطتها كاميرات المراقبة وأظهرت الرعب الذي عاشه عشرات الأطباء والممرضات والمرضى وذويهم داخل مستشفى وزارة الدفاع. وكان الهجوم الذي نفذه 12 مسلحا قتلوا جميعا، بدأ بقتل الحراس وبتفجير انتحاري خارج المبنى تبعه هجوم مسلح، ما اسفر عن 56 قتيلا وعن مقتل جميع المهاجمين الذين غالبيتهم من الجنسية السعودية.
وأظهرت المشاهد صور الموظفين يهرعون في كل اتجاه بعد وقوع الهجوم الانتحاري بالقرب من مدخل مستشفى مجمع وزارة الدفاع. كما اظهر احد المشاهد مسلحا مدججا بالسلاح يصعد السلالم إلى المستشفى وهو يطلق الرصاص عشوائيا قبل أن يجد حوالى عشرة أشخاص من أفزاد الطاقم الطبي مختبئين في غرفة واحدة، فيخرج بكل دم بارد قنبلة يدوية، يفتحها ويرميها عليهم فيقتلهم. ومن المشاهد المروعة، صور لاب يحمل طفله ويحاول الهرب به من مكان إلى آخر قبل أن يقف في مكانه منتظرا الموت الذي بالفعل لم يتأخر.
كما اظهرت الصور مسلحا يقتل طبيبا قبل أن تأتي طبيبة لإسعافه فيطلق النار عليها أيضا، وبعد برهة من الوقت، يطلق النار عليهما مجددا ليتأكد من موتهما. ومنذ الهجوم الدامي الخميس الماضي، تعيش صنعاء حالة من الهلع والخوف من سيارات مفخخة قد تنفجر في أي لحظة، وذلك في ظل موجة من الشائعات التي تنتشر كالنار في الهشيم.
* صحيفة الراية القطرية