التوجيه التربوي:
لقد أشار التقرير الخاص بالمراجعة السنوية الثامنة لتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية للتطوير والصادر من وزارة التربية والتعليم في مايو 2013م بأن من أهداف التوجيه التربوي تحسين وتطوير التعليم بجميع جوانبه وعناصره الفنية المختلفة ومساعدة المعلمين والمتعلمين على التحسين المستمر في المحافظات.. وللتعرف على واقع جهاز التوجيه على مستوى ديوان الوزارة والفرق المحلية تقع عليه مسؤولية الإشراف على تنفيذ السياسة التعليمية ومراقبة تنفيذها في إطار المدارس, ويحلو للبعض تسميته بـ«عين الوزارة» باعتباره همزة الوصل بين الوزارة والمدرسة, وتضم فرق التوجيه لكل المواد الدراسية والنشاطات التعليمية المتعددة..
وقد بلغ عدد الموجهين 5183 موجهًا وموجهةً للعام 2011م, ولكن عند المتابعة لأداء مهام جهاز التوجيه يلاحظ أن هناك ضعفًا في الإدارة وشحة في الزيارات الميدانية التي يقوم بها وترك العديد من المشكلات والظواهر السلبية تتراكم دون إيجاد معالجات تذكر..
كما أن الجانب البحثي مهمل دون اهتمام, ولذا أمام هذا الوضع لا بدّ من إيجاد معالجات لتفعيل دوره ميدانيًا على مستوى المدرسة خاصة وأن من المتوقع أن تشمل الإصلاحات السياسية القادمة إعادة النظر في المهام الكثيرة الملقاة على المركز المتمثل بديوان الوزارة والدوائر العاملة فيه وتحويله إلى المحافظات والمديريات؛ بحيث تتكون فرق ميدانية على مستوى المراكز التعليمية لتكون قريبة من المدارس وتصبح مسؤولية الفرق الميدانية مساعدة المدارس في حل مشاكلها ووضع برامج للنزول المستمر للقيام بزيارات ليومين في الأسبوع إلى المدرسة الواحدة.. إضافة إلى قيامه بمتابعة تنفيذه الخطة الدراسية والنشاطات المدرسية والقيام بتدريب المدرسين في المدارس لتحسين الأداء الصفي والتقييم الذاتي.. وكذا تدريب الإدارات المدرسية والمدرسين الأوائل للقيام بدور الموجه المقيم في المدرسة.. وعليه أيضًا تحليل محتوى المناهج الدراسية والكتب المدرسية وإبداء ملاحظات لتطويرها وكذا تفعيل ملاحظات الإدارات المدرسية والمدرسين ومجالس الأمناء في المدرسة حول سير العمل التربوي التعليمي بوجه عام.
خامسًا: المناهج:
تعتبر المناهج الدراسية من أهم المكونات في العملية التعليمية وعادة ما ترتبط بعوامل عديدة منها المعلم والمتعلم والنشاطات الصفية واللاصفية ومدى ارتباطها باحتياجات المجتمع المحلي وكذا المجتمع الإنساني؛ لأن ارتباط المتعلم اليوم في القرن الواحد والعشرين في زمن الانترنت والتكنولوجية الحديثة لم يعد بعيدًا عما يجري في هذا الكون والذي أصبح بمثابة قرية صغيرة تلتقي فيها كل المكونات المجتمعية والدول القريبة والبعيدة..
والمناهج هي مفتاح التفاهم واللقاء بين المجتمعات بكل ألوانها وجذورها وتجربتنا في التعامل مع المناهج متواضعة على الرغم من أنها تعود إلى الخمسينيات من القرن العشرين إلا أن إدخال التحسين النوعي يظل بطيئًا؛ لأنه يخضع لصعوبات مجتمعية وتنموية تعيق توجه التعليم نحو التنمية المستدامة ولكن يركز بدرجة أساسية على مواجهة الأمية الأبجدية التي يعاني منها المجتمع كثيرًا إضافة إلى شحة موارد الدولة.. علينا السعي نحوه لنتمكن من رفع مستوى مخرجات النظام القائم ليتمكن الخريجون من الحصول على فرص عمل.
إن المناهج المقررة على التعليم العام تشمل كتب مدرسية لمواد عديدة لمرحلة التعليم الأساسي 9 سنوات وهي غير مفرعة.. بعدها تأتي مرحلة التعليم الثانوي التي تستمر لمدة ثلاثة سنوات ويبدأ التفرع فيها سنة ثانية في القسمين الأدبي والعلمي.
إن البحث عن بدائل لتحسين وضع المناهج ومردودها على الخريجين أمر مطلوب, منها على سبيل المثال أن تزداد عدد الفروع في المدرسة الثانوية بحيث تتضمن عدة مواد كاللغة العربية والتربية الإسلامية والقرآن الكريم في قسم مستقل والرياضيات والفيزياء في قسم آخر والاجتماعات الخ.. أو التفكير في مقترحات أخرى بهدف التحسين ويتأتى من خلال عقد ورش عمل لاختصاصيين لتدارس بدائل بهدف التحسين النوعي.
وهناك مشكلة أخرى في المناهج وهي الحشو غير المطلوب في الكتب المدرسية إضافة إلى عدم توفرها في عدد من المدارس بينما تجدها تباع في الأكشاك وعلى الأرصفة.. وبدلًا من ذلك ما المانع بقيام الوزارة بعقد اتفاقيات مع مؤسسات أهلية للقيام ببيع الكتب المدرسية بأسعار مدعومة وتخضع للرقابة أسوة بالمطبوعات الأخرى.
أما فيما يخص تأليف الكتب المدرسية فهناك تجارب تبنتها عدد من الدول منها مصر وهي الإعلان عن مسابقات لتأليف الكتب المدرسية تتقدم لها مؤسسات وفرق تربوية وأكاديمية على أن تخضع لشروط تضعها الوزارة بحيث تشكل لجان للاختيار الأفضل.
الامتحانات:
وفي إطار تناول عناصر المنظومة التعليمية فإن الامتحانات تمثل المرحلة التقييمية النهائية لكل مدخلاتها وهي بمثابة مرحلة الثانوية العامة والتي على ضوئها يتقرر نوع الدراسة اللاحقة لهم.. والامتحانات بشكلها الحالي تخلق الرعب عند الطلاب وأولياء الأمور؛ لأنها عند الكثيرين تعتبر غاية وليست وسيلة للتقييم والسبب أن النظام التعليمي يتعامل معها كأنها المقياس الوحيد لمستوى الطالب التعليمي وعلى ضوئها يكرم بالنجاح أو يكون نصيبه الفشل.. ولذا فنظام الامتحانات في حاجة لمراجعة وتقييم باعتبارها قضية وطنية ورأي عام, وما رأيناه سنويًا من ظواهر غش وعدم انضباط في الامتحانات وخاصة الثانوية العامة, والأمر ليس بخافٍ على أحد, يخلق ثقافات سلبية لدى الطلاب مما ينذر بكارثة أخلاقية لدى الشباب لا تقل خطورتها عن السلوك المنحرف وغير السوي.
إن الغش في الامتحانات العامة أصبح متفشيًا ولا يعطي المؤشر الصحيح لمستويات الطلاب في مرحلة التعليم العام.. بينما أكدت نتائج دراسة الاتجاهات الدولية للرياضيات والعلوم للصف الرابع من التعليم الأساسي للعام 2000م أن دولًا عربيةً ست إحداها اليمن شاركت في تلك الدراسة قد جاءت في المستوى الأخير في حين جاءت اليمن في آخر مرتبة من الستة والثلاثين دولة المشاركة في تلك الدراسة, وفي إشارة أيضًا إلى تدني مستوى طلاب الثالث ثانوي أورد تقرير المجلس الأعلى لتخطيط التعليم للعام 2011م أنه تم اختيار عينة من طلاب الثالث ثانوي في إطار إعداد (التقرير المعرفة العربي – دراسة حالة اليمن) لقياس مدى المعارف والمهارات المكتسبة لديهم وكذا الجوانب الاجتماعية والوجدانية اللازمة للعيش في القرن الواحد والعشرين، حيث تتمثل في حل المشكلات والتواصل الكتابي واستخدام التكنولوجيا للبحث عن معلومات.. أظهرت النتائج أن هناك تدنيًا واضحًا في اكتساب المعارف والمهارات المطلوبة.
سادسًا: المخصصات المالية الحكومية لقطاع التعليم:
وفقًا لمصدر وزارة المالية مجلدات الموازنة العامة للدولة مجلدات الحساب الختامي لعدة أعوام والوارد في تقرير المجلس الأعلى لتخطيط التعليم, فقد شهد الإنفاق على قطاع التعليم بمختلف أنواعه نمو ومتوسط سنوي وقدره 12.80% وقدر الإنفاق على قطاع التعليم بالمليون 338.884 ريال للعام 2011م أما الإنفاق في نفس العام على التعليم العام بالمليون 250.229 ريال وبتحليل تركيب الإنفاق على التعليم العام يتضح أن المرتبات تحتل تقريبًا 80% من إجمالي النفقات الجارية وتشكل نفقات التشغيل التقريبية 20%, وبما أن تمويل قطاع التعليم مهم لرفع مستوى الأداء فيه لا بدّ من رفع نسبة نفقات التشغيل بحيث تتناسب ومستوى النشاطات المطلوبة لتحسين جودة التعليم.
استخلاصات ومقترحات:
من خلال ما تم استعراضه حول واقع التعليم العام الحكومي في اليمن ومكوناته العديدة يمكن القول إن هناك حاجة ماسة لتحسينه ورفع مستوى الأداء في نظامه ومدخلاته لتحقيق مخرجات تواكب متطلبات التعليم في القرن الواحد والعشرين، وبهذا يمكن تحقيق الأهداف المرجوة منه لينعكس ذلك على حال المجتمع بوجه عام ولتفادي السلبيات المعيقة للتطور والتحسين في المكونات العديدة للنظام التعليمي أورد عددًا من المقترحات لتسهم في بلوغ الغاية المنشودة من التعليم وهي على النحو الآتي:
1- تقليص دور الوزارة المركزي وتحويل أكثر من مهامها إلى الجهات المحلية وإلى المدارس لتفادي الشكاوى من روتين المتابعة والبيروقراطية المعمول بها حاليًا.
2- توعية التلاميذ والتلميذات ممن هم في الفئة العمرية في 6 سنوات وأسرهم على أهمية الالتحاق بالمدارس من خلال برامج ونشاطات محلية تقوم بها المدارس ومؤسسات المجتمع المدني والمجالس المحلية.
3- إدخال نظام الرقم الوطني للطلاب من سنة أولى من التعليم الأساسي وحتى نهاية التعليم الثانوي ليسهل متابعة سير دراسة كل فوج من الملتحقين بالدراسة ومعرفة المتسربين منهم.
4- توحيد مصادر المعلومات الإحصائية المتعلقة بوزارة التربية ومؤسساتها التعليمية المختلفة منها لتضارب المعلومات.
5- أهمية العمل بنظام الخارطة المدرسية عند إنشاء المدارس وقيام الجهات المحلية المسئولة بتبني نظام تخطيط المدن.
6- استحداث نظام جديد لتطوير المناهج والكتب المدرسية يقوم على أساس المسابقات والتنافس.
7- القيام بتبني نظام جديد للامتحانات يراعي أن الامتحانات وسيلة وليست غاية في العملية التعليمية.
8- تفعيل مبدأ أن التعليم مهنة وليس وظيفة؛ لذا لا بدّ من إيجاد وسائل تنافسية مصدرها المدرسة عند التعيينات والترقيات.
9- إيجاد نظام تنافسي لاختيار الإدارات المدرسية والتعليمية مبنية على شروط فنية وإدارية واجتماعية وسلوكية ويتم الاختيار عبر لجان كفؤة ومستقلة.
10- استخدام نظام الموجه المقيم ليقوم بمسؤولية تدريب المعلمين في المدرسة ورفع مستوى الأداء الفني والإداري.
11- العمل على منع الحزبية في المؤسسات التعليمية تفاديًا للمشاحنات الحزبية القائمة باعتبار أن التربية والتعليم خدمة لكافة شرائح المجتمع.
12- تفعيل دور المجلس الوطني للتعليم وفقًا وما ورد في المادة 11 من القانون العام للتربية والتعليم رقم 45 لعام 1992م.
13- إعادة النظر في القوانين القائمة والمتعلقة بالتعليم بوجه عام وتحديثها بما يوافق والتوجه المستقبلي للدولة وتطلعات أفراد المجتمع.