جهات رسمية متواطئة وراء الظاهرة.. مكافحة المخدرات تتصدر اهتمام شباب عدن

كثفت مراكز ومبادرات شبابية في محافظة عدن أنشطتها نحو التوعية بمخاطر انتشار المخدرات بين شباب المحافظة لحمايتهم من الغرق في هذا المستنقع الخطر الذي يعرض حياتهم للهلاك ويؤثر سلبًا على فاعلية المجتمع.

 

وتتنوع الأنشطة بين حملات توعوية من خلال النزول الميداني وعرض ريبورتاجات تتناول ما يترتب على ذلك من أخطار وكوارث مجتمعية وإلصاق بوسترات, إضافة إلى استهداف طلاب المدارس والمعاهد والكليات من خلال الندوات والمحاضرات القيمة من أجل تجييش الحشد المجتمعي لمواجهة الظاهرة التي تغذيها جهات خفية هدفها تدمير عدن وشبابها وباتت خطرًا يهدد حياتهم.

 

وعلى الرغم من جهود الشباب وحرصهم في مبادراتهم على تقديم كل ما لديهم من إمكانيات في سبيل محاربة الظاهرة, فإن هذه الجهود تظل ناقصة لغياب دور الجهات المختصة في فرض القانون وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب مع المتعاطين والمتاجرين بها أمام مرأى ومسمع تلك الجهات التي تغض الطرف وإن فعلت شيئًا فسرعان ما تطلق تصريحات بالقبض على أشخاص أو خلايا عادةً ما يتم إطلاق سراحهم بتوصيات من نافذين.

 

لا بد للجهود أن تشمل الأسرة والمجتمع

أمجد حسين, من مبادرة «شباب متطوعون لأجل المجتمع», كشف عن خطة عمل لدى المبادرة بخصوص تكثيف حملات التوعية للشباب في المحافظة «قمنا بتوزيع الشباب كفرق توعوية في مديريات (التواهي – المعلى – المنصورة - دارسعد) كمرحلة أولى حيث سيقومون بالجلوس مع عقال الحارات وأئمة المساجد ومدراء المدارس لمساعدتهم في إيصال رسالتهم إلى المستهدفين».

 

وأضاف «هناك منظمات دولية أبدت استعدادها لتمويل أي أنشطة تكافح ظاهرة المخدرات ولديها برامج ممكن أن تحول متعاطي المخدرات من خطر وعالة على المجتمع إلى أداة فاعلة ومنتجة من خلال إشراكهم في مشاريع مهنية مدرة للدخل مثل صيانة الجوالات والسباكة, وإعادة تأهيلهم وبناء قدراتهم, ولكن لن يتأتى ذلك إلا إذا كانت الجهود متكاملة ابتداء من الأسرة والحي والمجتمع ككل».

 

ويرى أمجد أن سبب استفحال هذه الظاهرة يعود إلى جملة من الأسباب التي تكمن في الجهل والبطالة وضعف الوازع الديني, ودور المهرب والتاجر والمروج في توفير تلك السموم القاتلة (المخدرات), كذلك عدم تأدية بعض أولياء الأمور دورهم الصحيح والإيجابي نحو أبنائهم كمتابعة دروسهم ومستوياتهم الدراسية وعملية الحضور والغياب عن الدراسة وأين ومع من يختلطون, وعدم أخذ البعض العبرة والعظة.. إضافة إلى اللامبالاة بالتوعية عن المخدرات وأضرارها وعواقبها، التي تقوم بها الجمعيات الشبابية التي أخذت على عاتقها هذه المهمة الكبيرة.

 

وأوضح «البعض تحفظوا عما لديهم من معلومات حول أشخاص وأوكار تعاطي وترويج المخدرات حيث من الواجب عليهم التعاون وسرعة التواصل مع أجهزة مكافحة المخدرات للإبلاغ عن تلك المعلومات».

 

محاربة المخدرات مسؤولية الكل

من جهتها دعت رئيسة مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات سعاد علوي أطياف المجتمع كافة إلى تضافر الجهود لمواجهة انتشار ظاهرة المخدرات.

وقالت «لا بدّ من ردة فعل قوية من قبل شرائح المجتمع كافة حتى على مستوى المواطن البسيط؛ فالكل تقع عليه مسؤولية محاربة هذه الظاهرة في البيت والحي والحارة والشارع والمدرسة والجامعة والمسجد أو أي أنشطة تهدف للتوعية».

 

وأوضحت في معرض حديثها «نحن في مركز عدن لمكافحة المخدرات نبذل كل جهدنا في سبيل مناهضة هذه الظاهرة من خلال تنفيذ العديد من الأنشطة الهادفة إلى التوعية بالمخاطر والانعكاسات السلبية على الفرد والمجتمع إلا أن تلك الجهود بحاجة إلى مساندة شعبية من قبل أفراد المجتمع كافة حتى تحقق الأهداف المرجوة».

 

وعن إحصائيات هذه الظاهرة, قالت: «للأسف الشديد لا تتوفر لدينا مثل هذه الإحصائيات، ولا لدى أية جهة رسمية في البلاد كلها: لا الصحة ولا جهاز مكافحة المخدرات ولا الإحصاء أو منظمات المجتمع المدني؛ لأن الجهات المختصة لم تهتم بهذه الظاهرة، ولم تول  ضحايا تعاطي المخدرات رعاية، وليس ادعاء ولا مبالغة فيما نقوله، نكاد نكون نحن مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات أول من بدأ يولي هذا الأمر اهتمامه ويتحمل مسؤولية توعية المجتمع والشباب بأخطار المخدرات».

 

وأضافت «من خلال حملتنا في المدارس نحاول أن نوجد خلايا مناصرة للمركز في إطار المدرسة حيث نقوم بتوزيع استبيان خاص بالطلاب والتلاميذ كي نرصد من خلاله مدى انتشار المخدرات وما هي الأنواع التي يتعاملون معها», مبينة «بهذا العمل سوف نخرج ولو بإحصائية تقريبية إلى أن تأتي دولة تولي هذا العمل اهتمامًا؛ لأنه عمل كبير ويحتاج إلى إمكانيات مادية وبشرية كبيرة جدًا أكبر بكثير من إمكانيات مركز عدن الذي يعمل بإمكانيات تكاد تكون شحيحة جدًا إن لم تكن معدومة».

 

تفككت العديد من الأسر وذهب ضحيتها عدد من الشباب

ويرى شميم العبدلي, أمين عام اتحاد منظمات المجتمع المدني, أن «الإهمال الكبير الذي تعرضت له مدينة عدن أدى إلى تفشي آفة المخدرات بشكل كبير ورهيب، فأصبحت تُعدُ من أكثر المناطق المروجة للمخدرات، التي انتشرت بكثرة بين مختلف طبقات المجتمع وخاصة الشباب ما دون العشرين».

 

وقال: «أصبح تعاطي المخدرات أمراً عادياً وروتينياً لدى الكثير من الشباب، والمؤسف في الأمر أن معظم الشباب لا يعرفون شيئاً عن مضار تعاطيها وذلك نتيجة لضعف التنمية في المنطقة», موضحًا «لهذا نحن الآن في أمسِّ الحاجة للبدء ببرامج عمل جادة لمكافحة هذه الآفة التي أودت بحياة العديد من شبابنا وفككت العديد من الأسر».

 

وتحدث عن بعض الوسائل الممكنة والتي يرى بأنها ستساعد في الحد من هذه الظاهرة كـ«إنشاء مراكز علاج وتأهيل المدمنين, كذلك تشجيع كبار الكتاب والمفكرين والمخرجين والفنانين على تناول القضية في أعمالهم بما يدعم نشر ثقافة رفض المخدرات».

 

 

كما اقترح «وضع خطة إعلامية بالتنسيق مع الجهات المختلفة مع تأمين الموارد المالية والكوادر البشرية اللازمة لها وإنشاء إدارة أبحاث وتدريب يعهد إليها بتأهيل العاملين في المجال الإعلامي, وتوفير المادة العلمية للرسالة الإعلامية وتقييم ما يقدم من أعمال للعمل على تحديد شريحة المشاهدين المستهدفة في طريقة عرض البرامج بحيث تصل الرسالة الإعلامية لكل فئة عمرية خلال أعلى نسبة مشاهدة وتوفير قواعد بيانات داخل أجهزة الإعلام المختلفة التي تعمل في مجال حماية النشء لتكون مرجعية لكل إعلامي يتصدى لهذه القضية وقيام وسائل الإعلام بنشر وإبراز التجارب الرائدة في مجال حماية النشء من المخدرات».

 

وأضاف «يجب على الجمعيات الشبابية إجراء دراسات انتشارية موسعة كي تساعد في رسم خريطة توزيع المخدرات بأنواعها المختلفة, والعمل مع الشباب وتفعيل استراتيجية التنمية الشبابية المجتمعية».

 

من يحب «عدن» ويحرص على شبابها فليساعدنا

نادرة الصعدي منسقة حملة شباب ضد المخدرات, تحدثت عن تنظيم عدد من الندوات لطلاب كلية الآداب والمعهد البريطاني ومدارس المعلى شارك في إلقائها دكاترة متخصصون من جامعة عدن وأنشطة أخرى».

 

وقالت: «عقدنا ورش عمل ووزعنا بروشورات على الشباب في الكليات والمدارس إضافة إلى الشوارع خلال الحملة التي نظمناها على مدى شهر كامل», موضحة أن الحملة «استهدفت 500 شاب وشابة  بهدف التوعية وتقديم المساعدة للشباب المدمن والعمل على تعريفهم بأضرار المخدرات, ومحاولة المستهدفين من البرنامج إقناع المتعاطين المعروفين لديهم في حاراتهم أو أصدقاء لهم أو أشخاص معروفين بالإدمان الإقلاع؛ نظرًا لما تسببه لهم من مخاطر صحية واجتماعية إضافة إلى توعيتهم بضرورة التبليغ عن مثل هكذا حالات».

 

 

وأشارت إلى أن «ملتقى فكر للطفولة والشباب ينوي تنفيذ مجموعة من الخطط المستقبلية في مجال التوعية إلا أن مصادر التمويل تشكل عائقًا أمام تنفيذها», متمنية «من الجهات الداعمة والتجار وكل من لديه القدرة على تقديم الدعم لنا انطلاقًا من حبه لعدن وحرصه على شبابها مساعدتنا على تنفيذ هذه الأنشطة التي تصب في التوعية بهذه الظاهرة الخطيرة».

 

السلطة المحلية والأمن

وفي الوقت الذي تتزايد فيه همة الشباب ويواصلون أنشطتهم لرفع مستوى التوعية, يتطلب بالتزامن مع ذلك, وجود دور فعال وملموس للسلطة المحلية والأجهزة الأمنية.

 

ويصر شباب عدن على مواصلة أنشطتهم التي تهدف للتخلص من هذه الظاهرة وتوسيع رقعة التوعية بحيث يتقلص تعاطيها ويتم القضاء عليها وإنزال برامج تنموية لإعادة تأهيل المتعاطين حتى يتحولوا إلى راسمي خطوط المستقبل القادم.

 

 

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني