"المخا"ساحل تحت سيطرة مشايخ وضباط التهريب ودليل لإنفلات الدولة وفساد أجهزتها

تقدم "المخاء" دليلاً مخيفاً على انفلات الدولة وفساد أجهزتها.. في هذا المكان من البلد المهدور؛ عليك اعتساف الأمل للتنبؤ بواقع أقل مأساوية.
 
 
بداية الأسبوع قبل الماضي، قصدت "المخاء"، لإنجاز تحقيق صحفي عن التهريب الذي أصبح عنواناً للبلدة، طاغياً على شهرتها التاريخية بميناء البن اليمني "كوفي مخا". كان البن اليمني بجودته المعروفة يصدر إلى بلدان العالم عبر ميناء المدينة، الذي ألغي مؤخراً –نتيجة إهماله- من خارطة الموانئ العالمية!
 
 
المخاء توفد الريح لاستقبال الزائرين كما لو أنها متمسكة بـ"إرادة النظام السابق" في إبقائها بعيدة عن الأنظار، فتعادي الزائر وترفض كل جديد، لتسهيل استخدامها في التهريب، كما يردد الأهالي الذين بدا أنهم رضخوا لما يسمونه "مؤامرة خبيثة".
 
 
وصلت المدينة ظهراً، وكانت شبه خالية إلا من الريح الذي يضيق بكل شيء في شوارعها. توقفت السيارة أمام مستشفى المدينة، حيث وصلت برفقة د. رشاد أحمد عايض، مندوب إحدى شركات الأدوية. جوار المستشفى، برزت مبان خاوية متهالكة ارتصت بمحاذاة الساحل. يسرح البصر داخل المباني ذات الأحجار البالية، عبر نوافذ مكشوفة اهترأت أخشابها وتآكلت أسياخها الحديدية بفعل الملوحة. أوحت المشاهد الأولى بانقراض المدينة. في الجانب الشرقي من المدينة، تتفرق مبان حديثة يتحدث الأهالي عن تبعيتها لمهربين معروفين، ومتعاملين معهم من ضباط الأمن والجيش.
 
 
كان الدكتور رشاد يعرف المخاء جيداً، وفيها تجولنا معا حتى عصر اليوم ذاته؛ حيث عاد هو إلى مدينة تعز التي وصل منها لزيارة أطباء المستشفى، فيما بقيت أنا 6 أيام أخرى لإنجاز التقرير. أنهى الرجل عمله وتقدمنا شمالاً باتجاه "حراج السمك"، لنأخذ ما يكفينا للغداء. اتجهنا إلى أحد مخابز المدينة لطهي السمك، ثم إلى سوق القات، وهي العادة التي التزمت بها أيام بقائي هناك. في "حراج السمك" بضعة صناديق معبأة بالثلج، وأسماك صغيرة بعضها مرصوص على أغطية الصناديق، وكانت جميعها بأحجام تستدعي أن تأخذ منها بالكمية أو بالـ"محكال"، حسب التسمية المحلية(تجمع 5-10 منها بخيط واحد). كان "حراج السمك"، التابع لوزارة الثروة السمكية، دليلا على تبدد الثروة التي تردد كثيراً عن غنى البلد بها. وكانت تلك الأسماك الصغيرة هي ما أبقته سفن الاصطياد المصرية، التي جرفت، خلال السنوات الماضية، الشعب المرجانية، واستخدمت الشباك الممنوعة دولياً فأنهكت سواحل البحر الأحمر، وضربت فرص الصيادين اليمنيين في الحصول على ما يؤمن معيشتهم.
 
مخاطرة الصيادين
 
حاليا، يضطر الصيادون اليمنيون إلى المخاطرة بحياتهم في تجاوز الخط الدولي، داخلين في المياه الإقليمية الإريترية للاصطياد هناك. وعندها تكون احتمالات موتهم، أو احتجازهم وتعذيبهم ومصادرة قواربهم، أقوى من احتمال العودة بصيد يقل ثمنه عن 70 ألف ريال، لكل قارب.
 
 
تحدث أشرف الجبلي، أحد محرجي السمك، عن أوضاع الصيادين الذين يبيعونه ما يحصلون عليه في رحلات صيدهم. مئات الصيادين اليمنيين محتجزون لدى السلطات الإريترية كانوا يصطادون في مياهها الإقليمية. سابقاً، كانت السلطات الإريترية تحتجز قوارب الصيادين اليمنيين، وتترك لهم قارباً واحداً ليعودوا عليه؛ لكنها الآن تحتجز القوارب والصيادين الذين باتت تستخدمهم في مشاريعها الإنشائية وشق الطرقات، بحسب الرجل.
 
 
أحيانا تنجو قوارب الصيادين اليمنيين من الزوارق الإريترية التي تلاحقها حتى المياه اليمنية، حيث تحتجز زوارق الجارة السمراء ما تلتقيه في طريقها من قوارب صيد يمنية، حتى وإن لم تكن دخلت المياه الإريترية، بحسب أشرف الذي التقيته وصيادين آخرين مساءً في إحدى مقاهي المدينة. أحد الموجودين احتجزته السلطات الإريترية قبل عامين، بعد أن ذهب للاصطياد في مياهها الإقليمية، إلا أنها أطلقت سراحه بعد أسبوع واحد. لكنه لم ينس الطابور الطويل لقوارب الصيادين اليمنيين المحتجزة في السواحل الإريترية. قال: "كانت القوارب المحتجزة مرتصة جنبا إلى جنب لما يزيد عن كيلومتر واحد".
 
 
دعا أشرف صيادا آخر يدعى أحمد سالم، لينضم إلى الطاولة التي نلتف حولها في مقدمة المقهى، وسأله عما إذا كان ذهب للاصطياد إلى "عصب"، ساحل وميناء إرتيري قريب من باب المندب، فرد بالإيجاب، موضحا أنه عاد من هناك صبيحة اليوم ذاته.
 
 
سألت أحمد عن أسباب ذهابه، وغيره من الصيادين اليمنيين، إلى المياه الإقليمية الإريترية للاصطياد، وكيف يتقون زوارق الجنود الإريتريين. أنهيت السؤال، واستمر في صمته، ليتحدث بعدها على مضض: "اللي يمسكوهم يحبسوهم ويشلوا القوارب". بادر أشرف بالحديث ليكفي الرجل عناء الكلام، واكتفينا منه بهز رأسه موافقة على ما يقوله أشرف. كان الإنهاك يغطي ملامح الرجل، وكان الحزن متحجراً في عينيه.
 
 
قال أشرف إن سفن الاصطياد المصرية ظلت تعمل بتصريح من الدولة منذ 2002 إلى 2009، مستخدمة الشباك الممنوعة، حتى أوشكت على إنهاء الأسماك من المياه الإقليمية اليمنية. يعرف أشرف، من خلال الصيد الواصل إليه، ما إذا كان من المياه اليمنية أو من إريتريا؛ إذ إنه لا يمكن للصياد أن يحصل في مياهنا على أكثر من سمكة واحدة، بحجم كبير من نوع واحد: "ما فيش بالسواحل حقنا إلا سمك صغير، ولما توصل كمية من السمك بأحجام كبيرة الكل يعرف أنها من بحر إريتريا".
 
 
واصل أشرف الحديث، واستمر أحمد في هز رأسه بالموافقة. كان أحمد لا يريد الحديث. ليس تحفظا على سر؛ لكنه بدا كما لو أن بوح البحر حقّر كل بوحٍ لديه. يتمنى أحمد لو كان بحراً ليجرف سلطة سمحت بجرف مصادر عيشه، ويجرف الصحفي القابع أمامه كلِفاً بالكلام، الذي لا يكوّن الشعب المرجانية ولا يكاثر أسماك الصيد.
 
 
لم يجد أشرف، الذي بدا على قدر من الثقافة، ما يجمّل المدينة غير العودة إلى خلفيتها التاريخية، فاسترسل في الحديث عن ماضيها، على نحو من الترتيب، كما لو أنه فتش عن تأريخها وحفظه كتعويذة لتخفيف شعوره بالأسى تجاه واقعها البائس.
 
 
أرتدت عن كل الأديان و أمنت بالتهريب
 
بحسب أشرف، ذكر المؤرخ اليمني ضرار عبد الدائم أن اسم المدينة "أصله مخان، وهي مفردة عبرية تعني استراحة". قال إن المدينة "كانت، قبل 1200 سنة تحديداً، تضم 360 مسجداً، و12 كنيسة، و4 معابد"؛ لكنها ارتدت الآن عن كل ديانة، وآمنت بالتهريب. في المدينة أسر من أصول مختلفة، كالفارسية والهندية والتركية وغيرها؛ غير أن المخاء لم تعد تعترف سوى بالمهربين.
 
 
يقول أشرف إنه حصل، في 2002، على الترتيب الأول لطلاب ثانوية المخاء، بمعدل 87 القسم العلمي؛ إلا أن وضعه المعيشي منعه من مواصلة الدراسة. في المخاء ينتهي الأمر بالجميع إلى البحر وسوق السمك، حسب شاب رد على نصحي بمواصلة دراسته التي توقف عنها في الصف الحادي عشر.
 
"ما احد يجسر يكلمهم"
 
فيما يعتمد معظم سكان مدينة المخا على الصيد، امتهن التهريب عدد من سكان القرى المجاورة دون تحفظ، يعمل معهم عدد غير قليل من أهالي قراهم وأبناء المدينة. يتحدث الأهالي عن المهربين، ويذكرون أسماء عدد منهم؛ لكنهم لا ينسون التنويه بقوة المهربين ونفوذهم بما يحول دون اعتراضهم. "ما احد يجسر يواجههم".
 
 
يستخدم المهربون "صنابيق" (قوارب خشبية يصل طول أحدها 45 متراً، ويحمل حتى 200 طن)، وجلبات (قوارب يصل طولها 16 متراً وتحمل حتى 60 طناً).
 
 
في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، قلبت الرياح جلبة كانت محملة بالسجائر المهربة. بحسب صيادين تحفظوا عن ذكر أسمائهم، أخذ بعضهم كراتين السجائر التي سقطت من الجلبة، وباع أحدهم ما حمله على قاربه بـ200 ألف ريال. آخرون، وصل رسل مهرب السجائر إلى منازلهم، وتم الاتفاق معهم على إرجاعها مقابل نصف ثمنها. "جابوا لهم من 20 ومن 50 ألف".
 
 
تراجع التهريب
 
يتحدث الأهالي عن تراجع عمليات التهريب، مشيدين بدور وحدة مكافحة التهريب التي قالوا إنها وصلت من صنعاء ولم تكن بينها وبين المهربين أي علاقة، بخلاف الوحدات العسكرية المتواجدة في المنطقة، التي يتهمها الأهالي بالتواطؤ مع المهربين مقابل عمولات معينة. يدلل الأهالي على جدية وحدة مكافحة التهريب بوصول أول شحنة دراجات نارية إلى الميناء ليتم ترسيمها بشكل قانوني؛ في إشارة إلى عجز صاحبها عن إدخالها بالتهريب الذي ظهر فيه كأحد الأسماء البارزة.
 
 
إدارة الأمن، الضباط الأمنيون، ضباط الجيش، ومشايخ المنطقة؛ جميعهم، في نظر الأهالي، متهمون بتقاضي مبالغ مالية، مقابل تغاضيهم عن التهريب. يدفع المهربون، بحسب الأهالي، عن كل جلبة مبلغ 5 ملايين و500 ألف ريال؛ ذلك أن ثمن حمولتها تصل إلى 100 مليون ريال: "قدهم متفقين.. يوصّل المهرب المسْلُم (الرشوة) إلى يد وكيل يوزعها بينهم كل واحد بقدر سلطته".
 
حماس وطني تخذله السلطات الرسمية
 
في اليوم الأول، التقيت قائد وحدة مكافحة التهريب، صادق الشرعبي، في منزل مدير ميناء المخاء، محمد أحمد صبر. قدمني "صبر" إلى "الشرعبي"، وأخبره بأني وصلت المدينة لإنجاز تقرير صحفي عن التهريب. بعد اعتراض لم يطل، تفهم الشرعبي مقصد العمل الصحفي وأبدى موافقته على التعاون في إنجازه.
 
 
في اليوم الرابع لوصولي المدينة، وافق قائد وحدة مكافحة التهريب على مرافقتي لأفراد الوحدة إلى مواقعها التي لا يبعد أقصاها عن ميناء المخاء أكثر من 10 كم جنوباً على الساحل، فيما تمتد المسافة من الميناء حتى باب المندب 80 كم. اشترط الشرعبي عدم تصوير الأفراد، أو ذكر أسمائهم.
 
 
في الطريق، تبادلت الحديث مع أفراد الوحدة. كانوا قد ألقوا القبض، قبل ساعتين، على "جلبة" تحمل مادة المحروقات لتهريبها إلى أفريقيا. أوصلوا المحروقات، التي تم القبض عليها، إلى أحد مواقعهم. لا يُلقى القبض على المهربين ولا تتم معاقبتهم؛ فقط تتم عمليات القبض على المواد، ولا يتم الاعتراض على المهربين، "بحسب التوجيهات"، قال أحد أفراد المكافحة بحسرة. بدا شعر الرجل معجوناً بالرمل. وطقس المنطقة ترك عليه آثاره. شرح جندي مكافحة التهريب مخاطر التهريب، بادئا بالخطر الصحي في تهريب الأدوية، التي يتم تخزينها بطرق غير مناسبة ما يؤدي إلى انتهائها قبل موعد التأريخ المدون عليها. أمعن في شرح المخاطر الاجتماعية والاقتصادية، وعدم جدوى مكافحته بغير معاقبة المهربين. كان الرجل مفعماً بالوطنية وقلة الحيلة: "قلنا لهم خلونا نؤدب المهربين، وقالوا خذوا المواد فقط واتركوهم".
 
 
ظهر من حماس الجنود أنهم يعملون لإرضاء ضمائرهم فحسب، حتى أملهم بنتائج إيجابية لجهودهم لا يشجع على الاستمرار. قالوا إنهم وصلوا قبل أشهر لمكافحة التهريب، على أن يعززوا بعدها بآخرين؛ لكنهم، حتى الآن، لم يعززوا بأسلحتهم: "نزلنا بأسلحتنا الخاصة".
 
 
على الخط الإسفلتي الفاصل لقرى التهريب عن مراسيها اكتسبت مهنة التهريب لدى سكان المنطقة شرفاً يستدعي المباهاة!
 
 
في طريق عودتنا من مواقع أفراد وحدة مكافحة التهريب، أوقفنا أحد الصبية طالباً أخذه معنا باتجاه المدينة. وسأله سائق الطقم عما إذا كان يعمل مع المهربين، متوقعاً إنكاره؛ إلا أن الطفل رفض التخلي عن مجده المعتبر، ولو كلفه ذلك المشي على الأقدام في ظهيرة حارة: "أنا أكبر مغفر". قال الطفل بـ"عنترية" عالية. تركه السائق وانطلق بنا نحو المدينة.
 
 
توقفنا أمام أحواش التهريب لأخذ بعض الصور. تبرز أحواش التهريب في قرى مبعثرة، شرق الطريق، مثل "واحجة"، و"الكدحة"، وغيرها، على امتداد الطريق الساحلي الذي يبدأ بمديرية حرض، في الحدود السعودية، وينتهي بمحافظة عدن. تتوزع مواقع وحدة مكافحة التهريب في المخاء على مسافة لا تزيد عن 10 كيلومترات جنوباً، حيث يقع "المعقر"، آخر مواقعها.
 
 
طلبت من الجنود الانعطاف باتجاه إحدى القرى لتصوير أحواش التهريب عن قرب. وأخبروني أنه لا يمكنهم تجاوز الخط الإسفلتي شرقاً باتجاه المناطق، تفادياً لأي اشتباك مؤكد فيما لو أقدموا على ذلك. أخبرني أحدهم أن توجيهات تمنعهم من ملاحقة سيارات التهريب في هذا الاتجاه. على الجنود التيقظ للقبض على شحنات التهريب في الساحل، أو بعد تحميلها على السيارات؛ شريطة ألا تكون قد تمكنت من قطع عدة أمتار، وتجاوزت الخط الإسفلتي باتجاه الشرق.
 
 
يفصل الخط الإسفلتي قرى التهريب عن المراسي المقابلة لها. ولكل منطقة مرسى خاص. على أفراد مكافحة التهريب التيقظ للقبض على الشحنات المهربة في الجانب الغربي، وللمهربين أن يطمئنوا إذا ما تجاوزا تلك المسافة المتفاوتة في ثنايا الكيلومتر الواحد، وقطعوا الصراط الإسفلتي باتجاه قراهم المحرمة على الجنود. ترتسم معالم الطرق الفرعية، الواصلة بين القرى، ومراسيها على الساحل، متقاطعة مع الخط الإسفلتي الممتد جنوباً.
 
 
كان منتصف النهار، حين أقنعني أفراد وحدة مكافحة التهريب بمخاطر الخروج عن الخط الإسفلتي صوب قرى تسترخي فيها أحواش التهريب، بعيداً عن سلطة الدولة، أو في حماية "مسؤولين كبار"، كما يذهب محليون يبدون استياءهم تجاه من يُظهر أدنى استغراب إزاء ما يرددونه كمسلمات تستسخف النقاش في صحتها. قبل يومين؛ كنت أبديت حماسي لمدير ميناء المخاء في مرافقة الدوريات الليلية لأفراد مكافحة التهريب، ومشاهدة إحدى عمليات القبض على الشحنات المهربة. حينها سألني مدير الميناء عما إذا كنت شجاعاً بما يكفي: "معك قلب قوي؟". غير أن قائد وحدة مكافحة التهريب رفض مرافقتي للجنود ليلاً، وحرمني فرصة الرد على امتحان مدير الميناء، الذي بدا لي الآن خلافاً للبساطة التي توقعتها.
 
 
كانت فتحات الرصاص، على الزجاج الأمامي لسيارة أفراد وحدة مكافحة التهريب، شاهدة على أحد الاشتباكات مع المهربين. في رمضان الماضي، تابع الجنود شاحنة عليها دراجات نارية مهربة إلى أحد أحواش "الكدحة" يتبع "عبده حسن مهيم"، أحد الأسماء البارزة في التهريب. جرح أحد الجنود في اشتباك جرى مع حراسة "مهيم". تطلب الأمر تعزيزاً أمنياً انتهى بأخذ الشاحنة، والكف عن مهربات أخرى بالأطنان داخل حوش "مهيم". ومذاك، لا يسمح لأفراد الوحدة بمداهمة الأحواش، أو ملاحقة سيارات التهريب إذا ما استطاعت الفرار باتجاه القرى، حسب أحد المشاركين في حملة مكافحة التهريب.
 
 
يبرز، أيضاً، اسم "زيد الخُرْج"، كأحد المتهمين في التهريب. لاحقاً، أخذت هاتف الرجل من مسؤول محلي، واتصلت عليه؛ غير أن الشخص الّذي رد على الهاتف قال إنه ابن عمه، واعداً إخباره بأن يتصل بي لاحقا، وهو ما لم يفعله.
 
 
في الحادية عشرة صباحاً، وصلنا آخر مواقع وحدة مكافحة التهريب (المعقر). ومعنا وصل صبوح جنود الموقع. فاصوليا تيبست على جوانب القدر، وشيء في قاعه، ونصيبهم من الشاي في "كتلي" كبير، صب منه زملاؤهم في المواقع السابقة قسطهم. طلب أحدهم تصوير الإناء، مقترحاً على زميله أن يوجهه للكاميرا: "احنا مكافحة التهريب، وهم يكافحونا احنا.. خليه يشوف كيف أوضاعنا ويتحدث عنها". كانت أوضاع أفراد مكافحة التهريب جاحدة لجهودهم.
 
 
حالياً، يتخفف المهربون غالباً من "الصنابيق" التي تأخذ حمولات كبيرة، كونها أكثر عرضة للقبض عليها، خصوصاً بعد عدة عمليات قبض أجرتها وحدة مكافحة التهريب على عدد من شحنات الأسلحة والسجائر والألعاب النارية، أوصلت السجائر والألعاب النارية مخازن جمارك المخاء.
 
 
يقتصر المهربون على استخدام "الجلبات"، التي يأتون بها وقت المغرب، أو ساعات الفجر الأولى. تصل "الجلبة" مطفأة، والسيارات التي تستقبلها كذلك. بضع دقائق، وتكون الحمولة على متن السيارات، التي تنطلق بها على خط مستقيم صوب الأحواش المقابلة. "حتى لما نتلقي بلاغ عن وصول جلبة مهربة، أتحرك من الموقع، ما أوصل إلا وقاحملوا الشحنة، وانطلقت السيارات للقرية، والجلبة ترجع البحر". قال قائد وحدة مكافحة التهريب، الذي ينتظر تعزيز وحدته بأفراد وسلاح.
 
 
تعمل وحدة مكافحة التهريب في المخاء باستقلالية عن قيادة محور تعز. وتتبع مباشرة قائد المنطقة الرابعة ووزير الدفاع، بإشراف استخبارات المحافظة؛ وهو ما مكنها من تحقيق نجاحات تداعب أمل الأهالي، على غير يقين باستمرار جهود المكافحة على ما هي عليه. تحتاج وحدة مكافحة التهريب إلى تعزيزات كافية، وتغيير القيادات العسكرية المتهمة بالتواطؤ مع المهربين.
 
 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني