بدت مخاوف تطفو على السطح من أن تتحول قصة الشابة السعودية «هدى آل نيران»، والهاربة إلى اليمن مع يمني يدعي «عرفات»، من «قصة بين حبيبين» إلى «قضية بين بلدين»، بحسب ما يراه مراقبون.
وتعود بداية تفاصيل القصة التي شغلت الرأي العام اليمني والمنظمات الحقوقية، عندما أعلن أهل الفتاة «هدى» أن شاباً يمنيا ويدعى «عرفات» قد «سحر» ابنتهم وخطفها إلى اليمن.
لكن الشابة السعودية، التي تعود أصولها إلى منطقة عسير، جنوب غربي المملكة، والمتواجدة حاليا في سجن الاحتياط بالعاصمة اليمنية صنعاء، دحضت رواية أهلها، وقالت إنها «هربت من البيت لتتزوج بمن تحب» و«خوفا من تزويجها من أحد الأقارب بالقوة»، بحسب ما قالت في إحدى جلسات محاكمتها بتهمة التسلل إلى الأراضي اليمنية.
ومنذ بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نشرت وسائل الإعلام السعودية تصريحات لوالدها المسن الذي قال إن ابنته اتصلت به وقالت له إن 3 يمنيين خطفوها، ثم تصريحه بأن ابنته تعر?'ضت للسحر، وأخيرًا الخروج بتصريح لشاب سعودي يقول إنه عقد عليها قبل ثلاثة أشهر، وأن حفل زفافهم كان سيتزامن مع عطلة عيد الأضحى المنصرم.
وفي وقت قياسي، كانت الشابة السعودية المتمسكة بعبارة «عرفات أو الموت»، تجد نفسها أمام القضاء اليمني بتهمة «التسلل إلى اليمن بطريقة غير مشروعة»، في حين وجهت لـ«حبيبها» الشاب تهمة مساعدتها في التسلل.
وطلبت الفتاة السعودية من المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، منحها حق اللجوء الإنساني، إلا أن وزارة الداخلية اليمنية رفضت السماح بزيارتها، وهو ما يصفه مراقبون بأن الأمر قد تطو?'ر إلى مستويات رسمية أعلى بين الدولتين اليمينة والسعودية وأن هناك ضغوطًا من الجانب السعودي على الجانب اليمني.
وقال قانونيون ومتضامنون يمنيون مع هدى إن الاتفاقيات والبروتوكولات الخاصة بشؤون اللاجئين، التي وق?'ع عليها اليمن، تسمح للجنة المفوضية بمقابلة الفتاة، ولا يحق لأحد قانوناً أن يمنعها من دخول أي بلد وتوقيع أي إجراء عقابي، خصوصا أنها تتمتع بالحماية المقررة في الاتفاقيات الدولية.
ويوم الأحد الماضي، قررت محكمة جنوب شرق أمانة العاصمة اليمنية صنعاء، السماح للمفوضية السامية للاجئين بمقابلة الفتاة السعودية طالبة اللجوء والحماية الدولية في اليمن.
وهذه هي الجلسة الثانية التي تحاكم فيها الفتاة السعودية والشاب اليمني في العاصمة صنعاء، بعد احتجازهم في سجن مصلحة الجوازات، ومن ثم نقلهم إلى «سجن الاحتياط» في العاصمة صنعاء.
وقررت المحكمة إلزام النيابة بإحضار «أصول محاضر جمع الاستدلالات»، والرد على مذكرة محامي الفتاة السعودية المتطوع من منظمة (هود) الحقوقية المستقلة، المحامي عبدالرقيب القاضي.
وبعدها تم تأجيل الجلسة حتى الأحد القادم، لسماع رد النيابة والاطلاع على محاضر جمع الاستدلالات (الدلائل).
وتطالب النيابة بإعادة الشابة السعودية الى أهلها في المملكة وهو ما ترفضه الفتاة وتقول إن «القتل ينتظرها».
ويوم الأحد الماضي، أصيبت الشابة السعودية البالغة من العمر 22 عامًا بالإغماء في قاعة المحكمة أثناء استجوابها وسقطت على الأرض.
وناشدت الفتاة السعودية من داخل المحكمة «جميع الجهات الرسمية والأهلية والحقوقية والمدنية والمجتمع اليمني والخليجي إلى الوقوف بجانبها هي والشاب عرفات ومساندتهما للخروج من أزمتهما»، مشيرة إلى أنها اختارته بقناعتها وإرادتها «دون أي ضغوط أو إكراه»، بحسب ما نقل عنها محاميها.
وأعلنت منظمة «هود» اليمنية للدفاع عن حقوق الإنسان (غير الحكومية) عن «تقديم العون القضائي للفتاة السعودية»، باعتبار اللجوء «حقًا إنساني?'ًا أصيلاً تستحقه الفتاة بسبب ظروفها، والمخاطر التي تتهدد حياتها حال عودتها إلى المملكة».
وقال المنظمة في بيان إن «اللجوء واجب تعه?'دت اليمن بتحمله حال موافقتها على المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحق اللجوء الإنساني».
وكان مندوب السفارة السعودية قد حضر جلسة المحكمة الأحد الماضي، داعيًا لطرد الإعلام ومنع التصوير، ما يوحي - بحسب حقوقيين ومراقبين - أن المملكة ستضغط بكل الوسائل لاستراد الفتاة على اعتبار أن الأمر تحو?'ل إلى قضية تمس المجتمع السعودي ككل، كما يصور ناشطون سعوديون الأمر في تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعقدت المحكمة جلسة اليوم الأحد اتسمت بالسرية بعد منع المواطنين ووسائل الإعلام من الدخول لقاعة المحكمة، وقررت حجز القضية إلى الأحد القادم للنطق بالحكم، فيما اعتبر محامي الفتاة السعودية عبدالرقيب القاضي الإجراءات بالمخالفة للقانون الذي يلزم المحاكم بأن تكون الجلسات علنية لضمان حقوق المتهمين في القضية، ووضعها تحت رقابة الرأي العام.
وقال المحامي إنهم قدموا بوثائق والطلبات الرسمية للفتاة السعودية بلجوئها إلى اليمن، ومطالبة بتنفيذ ما صادقت عليها اليمن من اتفاقيات تحمي اللاجئين. وتابع «طلبنا من المحكمة منح الفتاة السعودية فرصة كافية، للفصل في طلب اللجوء، واستكمال إجراءات قبولها لاجئة من قبل السلطات اليمنية».
عن وكالة "الأناضول".