كثيرة هي الشكاوى والتظلمات التي تصلنا من مواطنين من مختلف مديريات محافظة لحج والتي يشكون فيها ما يتعرضون له من ظلم وحرمان من قبل القائمين على توزيع المعونات بمختلف مسمياتها الخاصة بالمنظمات الغير حكومية والتي ازداد عددها خصوصا بعد تردي الأوضاع الأمنية في العاصمة اليمنية صنعاء وسيطرة مليشيا الحوثي عليها وما شهدته من أحداث ومعارك دفعت بالمنظمات الغير الحكومية إلى مغادرتها والتوجه صوب المحافظات المحررة لا سيما الجنوبية .
ولعل من الأهمية بمكان أن نستعرض من خلال هذا التقرير الذي تنشره "الأمناء" جوانب عمل هذه الجمعيات وآلية عملها والجهات التي يتم إسناد مهام النزول إلى المديريات والمناطق إليها والوقوف أمام شكاوى المواطنين التي ما تزال تصلنا تباعاً ..
ماذا تعرف عن المنظمات الغير حكومية ؟
لقد كان عام 1832 م ، هو عام تأسيس المنظمات الغير حكومية ، وكانت أول منظمة "الجمعية البريطانية لمحاربة الفقر" ، وفي عام 1943م ، أنشأت المنظمات الغير حكومية في أمريكا USA ، تحت اتحاد أُطلق عليه (المجلس الأمريكي للمؤسسات الأهلية للإغاثة) ، وتُعرَف المنظمات الغير حكومية بأنها : مجموعة من الأفراد لهم هدف معين يستخدمون طريقاً أو أكثر من طريق لتحقيق الهدف ، بينما المنظمات الحكومية تقوم بها الدولة وتعمل على إدارتها ودعمها من أجل القيام بمهام وفق الاحتياج والأهداف .
عمل ترويجي :
قبل تحقيق الوحدة كان يمنع منعاً باتاً داخل الجنوب التعامل مع جهات خارجية ، دون علم وموافقة الدولة ، وبعد الوحدة أصبح الميدان أمام الجميع ، وتدخلت عدة منظمات بأسماء عديدة ، وأصبح دورها غير واضح وخصوصاً فيما يتعلق بجهات تمويلها ، وكيفية صرف هذا التمويل ، ولوحظ قيام بعض المنظمات بزيارة مناطق دون علم الدولة ، وتنفيذ مشاريع ورقية أو تقديم مساعدات غذائية لا تلبي حاجة الأسر ، ومن دون مشاركة أو التنسيق مع جهات الاختصاص في المحافظة أو المديرية أو القرية والمنطقة ، فأصبح عمل معظم المنظمات مجرد اللهث خلف الأحلام ، وكسب المال باسم مساعدة الأسر الفقيرة والمهمشين ، بينما تدخلها على أرض الواقع عبارة عن تدخل ترويجي لا يغني ولا يسمن من جوع ، مع عدم الإنصاف بعملية التدخلات كانت غذائية أو مالية أو إيوائية أو مشاريع صغيرة ، وهو الأمر الذي أوجد الاستياء الكبير عند عامة الناس من عمل بعض المنظمات ، والذي تحول إلى عمل غير إنساني أو أخلاقي ، وخصوصاً عند الأسر النازحة والتي لا تتحصل على أي مساعدات مع عدم العدل والإنصاف في توزيع المساعدات ، وهذا الظلم يمكن لأي زائر سماعه عند زيارة مخيمات النازحين أو الأسر النازحة خارج المخيمات أو عند الأسر الفقيرة والمهمشين ، مما جعل عمل بعض المنظمات في قفص الاتهام ، ولكنه حر لعدم وجود الدولة .
معاناة الأسر النازحة :
لاتزال الحرب قائمة بأطراف لحج الشمالية والغربية ، ولا تزال موجة النزوح مستمرة ليل نهار من مناطق النزاع المسلح إلى بعض مناطق لحج ، فقد وُجِد فقط بمديرية تبن 4 مخيمات للنازحين وأكثر من 1000 أسرة نازحة مع أسر أخرى تسكن عند الأهل والأقارب وبعضها قامت بعملية استئجار منازل ، بينما المنظمات والتي وصل عددها داخل لحج أكثر من 37 منظمة ، لم تقُم بعملها الإنساني كاملاً مع هذه الأسر النازحة بلحج ، ولا مع الأسر الأكثر فقراً والمهمشين وذوي الاحتياجات الخاصة ، بالرغم من امتلاك المنظمات أسطولاً كبيراً من آخر موديلات السيارات الحديثة ، ولكن للأسف هذا الأسطول فقط بهدف لفت الانتباه والترويج لعمل ورقي لا يلبي احتياج هذه الأسر التي هي في أمسّ الحاجة للحصول على المساعدات ومن أبرزها الغذائية والصحية .
مصادر تمويل مجهولة :
يرى عامة الناس والمهتمون بمتابعة عمل المنظمات ، بأن عمل بعض المنظمات عمل غير إنساني ، ومصدر تمويلها مجهول ، وقد تكون ذات طابع سياسي حزبي أو تجسسي ، بالإضافة إلى أشخاص كانوا يعملون بهذه المنظمات وخرجوا منها لأسباب مجهولة ، البعض منهم اعتبر عمل المنظمات غير شفاف ، والآخر اعتبر عمل المنظمات حرام - وهو الأمر الذي يعود بالذاكرة إلى قيام عناصر مجهولة ربما تنتمي لتنظيم القاعدة قبل حرب 2015 ، بالتقطع لسيارات المنظمات ، بهدف منعها من العمل داخل لحج - وما بعد الحرب ساعد في بقاء واستمرار عمل المنظمات بهذا العمل الترويجي مع التكاثر داخل لحج . تجاهل الدولة عن معرفة بيانات هذه المنظمة وترك لها الحبل على القارب ، حتى وصل الأمر عند بعض المنظمات بالتدخل دون أي تنسيق مع جهات الاختصاص بفروع مكاتب الوزارات أو مع مدراء عموم المديريات ، وأصبحت لحج تفتقر لقاعدة بيانات صحيحة عن عمل هذه المنظمات داخل المحافظة ، غير معروفة وتمييز المنظمات من خلال أسطول السيارات التي تمتلكه بآخر الموديلات .
مصالح سياسية :
يتخوف الناس من ارتباط عمل المنظمات بمصالح سياسية تفرض عليهم في الباطن من قبل جهات التمويل لغرض سياسي يتم استثماره مستقبلاً ، وخصوصاً مع انتشار الفقر ، وتدخل بعض المنظمات بهذا المجال وما يترتب عنه من إغراءات ، قد تكون في المستقبل لها تأثير سلبي كبير على هيبة الدولة ، ولتدارك هذا الخطر يتطلب من الدولة الوقوف أمام عمل هذه المنظمات ، والتحقق من بيانات المنظمات ومجال عملها وجهات التمويل وميولها السياسي ، فكما هو معلوم لا أحد يعلم عن نشأة هذه المنظمة أو طبيعة عملها ، وما هو تأثيرها مستقبلاً على الجانب الاقتصادي والاجتماعي وقد يصل إلى السياسي ؟ ! ، لهذا يرى الناس ضرورة قيام القيادة السياسية وبعد مرور أكثر من عامين داخل المحافظات المحررة من مراجعة الحساب ، وفتح ملف هذه المنظمات ومعرفة الدول الداعمة ومبالغ التمويل وكيفية صرف هذه المبالغ ، فترك زمام الأمور دون رقيب أو حسيب للمنظمات ، قد تكون كارثة في المستقبل ، وخصوصاً بعد تدخل العديد من المنظمات الغير حكومية الدولية والمحلية ومن مختلف الأماكن بالعمل داخل لحج نتيجة لغياب الدولة ، واستثمارها لهذه الأوضاع لصالحها الخاص أكثر من تقديم الدعم للمواطن ، فقد أصبح عمل بعض المنظمات لا يلبي احتياج المحافظة ، وخصوصاً بمجال الإعمار ودعم التنمية الشاملة للوصول إلى التعافي الكبير .
أسماء المنظمات :
بموجب كشف حصلت عليه "الأمناء" صادر عن مكتب التخطيط والتعاون الدولي بلحج يوضح أسماء المنظمات الدولية حكومية وغير حكومية والمنظمات المحلية العاملة بلحج : ( منظمة الأغذية الزراعية للأمم المتحدة FAO / المنظمة الدولية للهجرة IOM / برنامج الغذاء العالمي WFB / المنظمة الدولية للدعم السكاني UNFPA / المنظمة الدولية لشؤون اللاجئين UNACAP / منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة UNICEF / منظمة الصحة العالمية WHO / مكتب الأمم المتحدة للتنسيق للشؤون الإنسانية الأوتشا OCHA / برنامج الأمم المتحدة الإغاثي UNDP / الهيئة الطبية الدولية IMC / منظمة الإغاثة الإسلامية I.R.Y / المجلس النرويجي للاجئين NRC / الجمعية القطرية QC / جمعية إنقاد الأطفال الدولية " شيف شلدرن" SCI / منظمة التنمية والمساعدات الإنسانية HADO / منظمة الرحمة " ميرسي كور " MC / منظمة ماري الدولية MSEY / منظمة المساعدات الدولية إنترسوس INTERSOS / وكالة الإغاثة والتنمية ADRA / لجنة أكسفور للإغاثة المجاعية OXFAM / المنظمة اليمنية الدولية CARE / منظمة مكافحة الفقر ACF / الصليب الأحمر ICRC / منظمة الهلال الأحمر القطري QRCS / لجنة الإنقاذ الدولية IRC / منظمة المجتمعات العالمية / منظمة العمل الدولية ILO / جمعية التكافل الإنساني SHS / مؤسسة ماهيدا NMO / الجمعية الاجتماعية للتنمية SSD / الجمعية الاجتماعية للمجتمع CSSW / مؤسسة يمان الصحية YEMEN / مؤسسة العائلة اليمنية YFCA / اتحاد نساء اليمن YWU / المؤسسة الطبية الميدانية FMF ، بالإضافة لتدخل عدد من المنظمات والتي تعمل دون تنسيق مع مكتب فرع الوزارة .
من خلال هذا الكمّ الهائل للمنظمات نلاحظ منذُ انتهاء الحرب بلحج ولفترة أكثر من عامين ونصف فهذه المنظمات لم تستطع إعادة بناء مدرسة داخل لحج بعد تدميرها بحرب مليشيات الحوثي عام 2015 ، مما يعني تدخل المنظمات ليس بهدف إعادة بناء الإنسان باعتبار التعليم أهم ركيزة أساسية لبناء الإنسان والأوطان ، وإنما عمل هذه المنظمات محصور فقط في الجانب الإغاثي والإيوائي وتدخل بسيط بقطاع المياه والصحة ، ومع ذلك لا يوجد الإنصاف عند أي تدخل من قبل بعض المنظمات بحسب استطلاع مع عدد من الأسر النازحة و المواطنين ، فلو اجتمعت هذه المنظمات وقامت بتوحيد عملها داخل لحج ، ربما كانت قادرة على تحويل لحج أرضاً وإنساناً إلى محافظة تنافس الدول الخليجية ، لكن للأسف كان عملهم مسيطر عليه الطابع الترويجي فقط ، وبدون أي شفافية كما جاء بالتقرير .