عام مضى على رحيل الشهيد البطل القائد "راجح مساعد الضحاك" ، سليل بيت الرجولة والشهامة ، فوالده هو الفقيد مساعد / علي الضحاك ، أسد ثورتي سبتمبر وأكتوبر ، كأنما ورث الشهيد راجح المكارم كابراً عن كابر ، الشجاعة والجود عندهم شيمة وشعار ، والخوف والبخل عندهم كفر وعار .
ترجل الشهيد الضحاك وذهب مع ركاب الخالدين ، لكن الذكرى بقيت لتروي لنا حكاية الشهيد ( أبو محمد ومعاذ ) ؛ حكاية البطولة والرجولة ، حكاية التضحية والصمود ، حكاية الانتصار للدين والوطن والثورة والقيم الإنسانية النبيلة ..
كل هذه العناوين والمعاني رسمت كاريزما شخصية الشهيد راجح الضحاك ، الذي يتقدم أحد عشر شهيداً سقطوا في هذه الحرب من بيت الضحاك . وقد جسّد الشاعر "أبو كارم الضحاك" هذه المعاني العظيمة في بذل المُهَج والأرواح في سبيل الدين والوطن ؛ في قصائد عديدة قال في إحداها :
أنا الضحاك أنا تاريخ حافل
أنا رمز الفداء رمز البطولة
أنا الضحاك لي موقع تواصل
بمساحات الوطن عرضه وطوله
مع الأبطال في كل المحافل
وضع بصمات له في كل جولة
أنا الضحاك مخزوني بواسل
رجال أحرار يانعم الرجولة
لأجل الدين باسم الله تقاتل
روافض شيعية سبوا رسوله
سقط راجح شهيداً حر باذل
حياته يفتدي أرض البطولة
لكم عهد الشرف عهداً نواصل
على الدرب الذي سرتم بطوله
إعلان الحرب على الجنوب وخيار المواجهة :
بعد أن عقدت ميليشيات الحوثي وصالح العزم على اجتياح الجنوب في مارس????م، وقف الشهيد كالطود الشامخ مع العديد من الأبطال لصد هذا العدوان الحوثي العفاشي الفارسي البغيض . حيث تسلح الشهيد في معسكر العند وتوجه للقتال في كرش على حدود التماس مع العدو ، لكن كان ضعف المقاومة الجنوبية وتفكك الجيش أمام قوة العدو عدةً وعتاداً مكنت الأخير من التقدم ودخول العند ولحج وأجزاء من عدن .
تراجع الشهيد الضحاك مع زملائه إلى عدن ؛ لترتيب الصفوف وبدء القتال عبر مجموعات يقودها أفراد من الجيش الوطني والمقاومة الجنوبية ، نفذت هذه الكتائب عدداً من العمليات الناجحة ضد العدو . تكلف الشهيد الضحاك في هذه المرحلة بعدة مهام قتالية ؛ أهمها قيادة سرية قتالية من مائة مقاتل ، وكانت مهمتها الهجوم ليلاً على مواقع العدو في جعولة وبئر أحمد واللحوم ، والمهمة الأخرى هي نقل السلاح والذخائر من ميناء الزيت في البريقة إلى ميناء التواهي ، إضافة إلى المهام الاستطلاعية الأخرى في المعارك المباشرة مع العدو .
عاصفة الحزم والتحول الدراماتيكي :
أثرت عاصفة الحزم المباركة والتدخل البري لقوات التحالف العربي على سير المعارك داخل عدن وعلى معنويات المقاتلين ، حيث تداعى أبطال المقاومة الجنوبية والجيش للالتفاف حول قادة التحالف ومعهم قادة الجيش الوطني والمقاومة الجنوبية ، بعد ذلك أخذت قوة المقاومة والجيش تأخذ طابع الجيش النظامي في التكتيك والتنظيم ، وتقود عملياتها العسكرية غرف عمليات مجهزة بأحدث أجهزة الاتصالات الإلكترونية .
بعد ذلك تراجعت معنويات العدو تنازلياً بسرعة ملحوظة أمام قصف طائرات التحالف العربي وضغط المقاومة والجيش والقوات الإماراتية على الميدان ، تكلل ذلك بالنصر العظيم على المليشيات العفاشية الإيرانية وطردها من عدن وأبين .
بصمات بطولية نادرة :
شارك الشهيد في جل معارك التحرير ، ومنها تحرير التواهي وخور مكسر وجعولة وبئر أحمد ولحج والعند وأبين، وكان الشهيد من أول المقاتلين الذين دخلوا قاعدة العند وطهروها من ميليشيات الحوثي وصالح .
ومما يرويه زملاء الشهيد عن شجاعته وعزيمته الفولاذية أنه كان يقود سرية أسماها (سريه الموت) ، خاضت أشرس المعارك مع العدو وجهاً لوجه في جعولة وبئر فضل وصبر والعند وأبين .
وبعد الانتصار الكبير وطرد ميليشيات الحوثي وعفاش من عدن التحق الشهيد الضحاك بالحزام الأمني مع قائد اللواء الأول منير اليافعي (أبو اليمامة) ، وكان ضمن الكتيبة التي يقودها علي عسكر اليافعي ، وأسند للشهيد قيادة عدة عمليات مداهمة لأوكار الإرهاب تكللت كلها بالنجاح ، ونال الشهيد الضحاك بعدها ثقه واحترام الجميع.
الانتقال إلى باب المندب :
تقدم القائد الإماراتي (أبو محمد ) إلى قائد اللواء الأول دعم وإسناد(أبو اليمامة) بطلب أفضل سرية مقاتلة مميزة في الحزام الأمني فأرسل أبو اليمامة سرية بقيادة القائد راجح الضحاك.
وبعد انتقال الشهيد إلى باب المندب ظل كعادته في مقدمة الصفوف يقاتل العدو بكل شجاعة وصلابة إلى جانب زملائه من الجيش والمقاومة الجنوبية ، والقوات الإماراتية ، ومرافقاً للقائد الإماراتي الشجاع (أبو محمد) الذي قال عند استشهاد راجح الضحاك : ( الضحاك مقاتل شجاع من طراز فريد ومن أسرة أصيلة يمتلك صفاتٍ وأخلاقاً مميزةً ) .
وقال عنه قائد اللواء الأول دعم وإسناد ، منير اليافعي (أبو اليمامة ) : (الشهيد الضحاك من أشجع الرجال الذين فقدناهم في هذه الحرب ، وكنا نعتمد عليهم في السراء والضراء ).
ولم تقتصر بطولة الشهيد الضحاك على مستوى الشجاعة والنضال والثورة فحسب ؛ بل كان الضحاك نهراً دفاقاً من قيم المروءة والشهامة والكرم ، فقد كان شخصية اجتماعية محبوبة يشار إليها بالاحترام والتقدير .
هذه الصفات المميزة جعلت الشهيد الضحاك يحظى بحب وإعجاب زملائه وقادته العسكريين ، وأبرزهم القائد البطل هيثم قاسم طاهر ، والقائد الإماراتي البطل أبو محمد وزملائه.
الفصل الأخير من حكاية شهيد :
كان الشهيد راجح الضحاك على موعد مع زفاف فلذة كبده ، ابنته الغالية في يوم الاثنين والثلاثاء ، ولم يدرِ أنه على موعد آخر مع القدر الإلهي. واذا بالقائد الإماراتي أبومحمد يخبره بضرورة تحركه إلى باب المندب لشنّ هجوم على العدو ،وفي يوم الثلاثاء توجه الضحاك إلى باب المندب تاركاً استكمال فرح ابنته العزيزة ، ملبياً نداء الوطن والدين والشرف بلا خوف ولا تردد .
وفي يوم الجمعة ????/?/?? م حدث الهجوم على العدو في معسكر العمري ، وقاتل الشهيد في هذه المعركة ببسالة ، وفي الساعة الحادية عشرة ظهراً تسلم الشهيد أوامر من القيادة بالتقدم إلى قلب المعركة لإنقاذ بعض الجرحى الذين شاركوا في هذه المعركة ، فاستهدف الطقم الذي يقوده الضحاك وانقلب مع اثنين من زملائه ، فكانت نهاية رحلة البطولة والصمود والإباء للشهيد راجح الضحاك التي كتبها بدمه في كل حبة من تراب الوطن وفي كل ناحية من وطنه الحبيب.
ترك الشهيد بعده زوجة واثنين من الأولاد ( محمد ومعاذ) وثلاث من البنات.
وفي الحادي والعشرين من يناير ????م كانت مقبرة الرضوان في الممدارة هي آخر محطة يرتاح فيها الشهيد (أبو محمد) راحته الأبدية السرمدية ، بعد أن شيعه الآلاف من زملائه وأحبابه في موكبٍ مهيبٍ اختلطت فيه الدموع والأحزان .
رحم الله الشهيد راجح الضحاك وكل الشهداء رحمة الأبرار ، وأسكنه الجنة مع الأنبياء والشهداء والصديقين الأخيار .