الشرعية والتحالف لم يستوعبا جذور الأزمة , ولم يستوعبا دورهما لمعالجة وضع دولة منهارة وليست قائمة بحسب وضعها تحت البند السابع.
للأسف الشديد ان الأوضاع في اليمن ستزداد سوءاً حسب مؤشرات عملية وسياسية بعد عدم تمكن الشرعية والتحالف من حسم المعركة لا سياسياً ولا عسكرياً.
لا تكمن المشكلة في قوة قوى الانقلاب، وإنما المشكلة تكمن في عدم الاعتراف بأن القوى والأحزاب الداخلة في إطار الشرعية لطبيعة الأزمة اليمنية المركبة ذات الجذور التاريخية والسياسية والاجتماعية ، وكذا عدم فهم تلك القوى لدورها كشرعية تكمن مهمتها في معالجة الأزمة وفقا لمعطيات الواقع , وليس لإعادة إنتاج نفسها كجزء أصيل في أزمة المجتمع اليمني شماله وجنوبه.
عدم اعتراف الشرعية بأنها دولة فاشلة:
ولم تعترف الشرعية بمعرفة وزنها ومشروعيتها كدولة فاشلة تحت البند السابع وتنتظر الحلول لا صناعتها وفرض الحلول المعلبة التي أنتجت الأزمة ، وبنفس الأفق والعقليات التي كانت ولا زالت جزءاً أصيلاً من مرض وتداعيات الأزمة اليمنية منذ ولادتها وحتى اليوم ، هذا من جهة ومن جهة ثانية أثبت الواقع أن تلك الأحزاب الداخلة في تكوين الشرعية أصبحت عملياً خارج إطار العملية التاريخية والضرورة الاجتماعية بكونها أحزاب افتقدت لعقيدتها القومية والايديولوجية وأصبحت لا تمثل الشعب ومصالحه في إطار الأقاليم والمناطق وعكس مطالب الهم الاجتماعي وتوازن مصالحه، بل أثبتت أنها اصبحت جزءاً من دكتاتورية النظام الفاسد ومكونه الأصيل وتمتص أجزاء كبيرة من الدخل العام للمجتمع .
وتشارك الدولة في عملية الفساد والسيطرة على الوظيفة العامة التي تجاوزت حدود اللياقة والقانون وتكافؤ الفرص بدليل ما وظفت تلك الدولة والأحزاب من جيش من الأسر والأبناء والأقرباء بوظائف عالية بدون كفاءات , بما يشكل من ناحية الوضع القانوني تمايزا وسطوا وإخلالا بمبدأ تكافؤ الفرص ،ويشكل اساسا لتمايز طبقي واجتماعي ، ومخل بالدستور وقانون العدالة الاجتماعية وهادم لأركان الدولة اليمنية التي يتحدثون عن بنائها.
فوازير من يسابقون الزمن للفيد والفساد وينسون استعادة وطن:
العقل البشري اليمني لم يكن ساذجا لاستيعاب مثل تلك "الفزورات" من أناس يسابقون الزمن للفيد والفساد وليس لتحرير وطن واستعادة مجده وسيادته ،بل لأنهم يشعرون أنهم على سباق مع الزمن , وأن متغيرات الواقع والمعركة التي يحاولون السيطرة على نتائجها لن يحصدون ثمارها، ولذلك فهمهم كسب المصلحة أولاً من الحرب لأنهم خاسرون من حسم المعركة ونتائجها ،والتي ستفرض قوى جديدة على الواقع ،تحاول تلك القوى تفتيتها وتمزيقها قبل حسم المعركة التي أصبحت مصدرا مدرا لثراء المسئولين وكبار العسكر ومقاولي المعارك التي لا يحبذون انتهاءها طالما هناك من يدفع.
إهمال المناطق المحررة مرتعاً للفاسدين والقادة العسكريين:
وفي الاتجاه الآخر ان عدم فهم دول التحالف لطبيعة الشرعية بتناقضاتها وقواها وضعف قواعدها العسكرية والاجتماعية ، قد جعل دول التحالف في دور أبو العريس الذي يتحمل كل التكاليف ويروح للأبن العاق عروسه مع غشها وفراشها، وتلك ما تنتظره الشرعية من التحالف ، التي لجأت إلى تجنيد مقاتلين بالأجر اليومي ،بعد ان تحولت جيوش الشرعية إلى شيطان يمخر أمن واستقرار المناطق المحررة.
إن تناقض القوى الداخلة في هذا التحالف وتمايز مصالحها التي لم يعترف بها من قبل الشرعية والتحالف قد جعل من إهمال المناطق المحررة مرتعاً لفساد المسؤولين والقادة العسكريين ، وجانبا غير محفز للمناطق المحررة وثوارها ولا للمناطق الواقعة تحت الانقلاب الحوثي.
حسابات غير منطقية للشرعية والتحالف:
إن الحسابات غير المنطقية للشرعية والتحالف ،قد تسبب في إيجاد أزمة اقتصادية وتدهور العملة الوطنية وغلاء في الأسعار. ومع معرفتنا بعدم قدرتها على مواجهتها ستنذر بغليان شعبي ،قد لا يخدم سير معركة للتحرير , بل قد يفقد الانتصار المحقق ان اشتعل بريق ثورة المظاليم والجياع.
إن إصرار التحالف والشرعية على فرض الحلول المعلبة تحت شعار استعادة الثوب الممزق والوطن الواحد المحرق لا تجد نفعاً مع الواقع السياسي والعسكري والاجتماعي والقوى الصاعدة التي يحاولان تجاهلها، ولن تزرع إلا ألغاماً لحروب وصراعات قادمة شمالاً وجنوباً ، فهل المخرج يريد هكذا ؟؟