جبهة كرش.. حائط الفولاذ الذي يقسم ظهور الغزاة
تقرير/ ماهر عبدالحكيم الحالمي

وهكذا انطلقت الثورة الجنوبية بعد أن حزمنا أمتعة العشق للوطن في حقائب قلوبنا، لا بد من الوصول مهما طال السفر، وهذه المرة لم نحمل عشقنا فقط بل معه بندقية للذين لا يدركون معنىً لعشق الوطن ولا يستوعبون سوى لغة الرصاص، الذين قلوبهم ماتت من تفاقم أمراضهم وضمائرهم نائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن دمائهم سائلة...يرهبون الموت ولا يودون الإقرار بحقيقة ذلك، دائماً ما يستخدمون الأبرياء دروعاً تحجب عنهم الرصاص الذي لن يصمت إلى أن تتحقق الغايات وينتصر الوطن لقضيته، مهما توثبت المليشيات الغازية محاولة العودة من جديد إلى أرض الأحرار، دون أن يكون بإمكانها فعل ذلك..

 

التضحية للوطن

ليس بعد الوطن عنوان.. بدونه لا هواء ولا ماء ولا روح.. عبير ونسيم الوطن يرد ويداعب الروح.. الوطن مغروساً في القلب والوجدان.. الوطن منبع الحُـبّ والحنان لكل إنسان.. الوطن يسكن في روحك وهو أشد ألماً على النفس والقلب والوجدان.. فالوطن وشم في باطن القلب وظاهرة يلوح في الذاكرة والنفس باطمئنان فيه هيامى في زواياه.. فلا يعرف حُبّ الأوطان إلا من كابد مواجع الابتعاد ومحاولة النسيان..

إن مفهوم حُبّ الوطن والتضحية من أجله، هو ذلك المفهوم العملي الواقعي الذي  لا يعد الشعارات البراقة والأناشيد الحماسية، فأعظم هدية نقدمها للوطن، تتمثل في ذلك الانتماء الذي يتعدى حدود الذات ومصالحها ومباهجها، إلى التضحية بكل دقيقة، وبكل حواسنا ومشاعرنا في سبيل بنائه، والدفاع عنه.

بطعم الدم ورائحة البارود

ويجزم الجميع بأن التضحية تكون فداءً لما نحب ، ومما لاشك فيه أن حُبّ الوطن هو الأسمى والأعز لما يحمله من معاني كبيرة وشعور بالانتماء وفي هذا الضوء نسلط تضحيات أفراد اللواء الثاني مشاة حزم في جبهة كرش من أجل التمسك بالهوية الجنوبية ، إنّها حرب التنازع الهوية واستعادتها ممن حاولوا طمسها وطمس معالمها وعاداتها وتاريخها التليد الزاهي الباهي الجميل.

مقاتلون وجوههم نديَّة، مقبلون على حياة بعزيمة وإصرار، ولا يودونها حياة سهلة المنال فقدوها لا قيمة لها، سيقاتلون من أجل الدين والوطن والعرض هذه المرة.. حياة لها بطعم الوديان ورائحة الجبال، يرقصون على أنغام الرصاص يهتفون وهم يقتحمون خنادق الأعداء ،رفاق النضال في متارس الوغى وميادين الثبات حماة الدين والأوطان ،فقد تمكنت قوات اللواء الثاني مشاة حزم من خسائر وسط العدو، في فترة يترنح فيها الأعداء على حافة الانهيار والهزائم المتلاحقة ،وهزائمهم العسكرية المتلاحقة في جبهة كرش.

الجيش الوطني الجنوبي اللواء الثاني مشاة حزم أحكم السيطرة على معظم مناطق بلدة كرش، مستفيدة قوات اللواء الثاني مشاة حزم من السيطرة مؤخراً على عدة مواقع وتلال مرتفعة لضرب مفاصل عمق المليشيات الانقلابية الاحتلالية بالنيران، يأتي ذلك بعد هجوم عنيف ومتوالٍ شنتة قواتنا في ظل تقهقر وشل قدرات العدو ممّا سمح لقواتنا بتحقيق إنجاز عسكري استراتيجي.

 

مواجهات شرسة

قامت قيادة المليشيات الحوثية العفاشية بدفع تعزيزات مكثفة خلال الأيام القليلة الماضية إلى منطقة الشريجة، ودفعت بهذه التعزيزات سعياً منها لتخفيف الخناق الذي ضاق عليها في الجبهة الغربية، لكنه كان تكتيكاً فاشلاً بحكم اليقظة العالية والاستعداد القتالي المتواصل لقوات اللواء الثاني مشاة حزم.

رغم التكتيك العسكري للمليشيات الانقلابية، إلا أنّها تعمل على البحث لإيجاد أي ثغرة تحاول العبور منها، فلم تتمكن من ذلك، فقامت بتعبئة وحشدت مقاتلين جدد وأرسلتهم إلى مديرية طور الباحة ظناً منهم الدخول عبر الجبال  ووديان طور الباحة لكن دون جدوى ، وعادة الذين تم الاغرار بهم إلى أهاليهم لكن في صناديق البعض منهم جثة ،والبعض الآخر نصف أو مجرد بقايا، بعد أن لقوا حتفهم.

وبقيادة اللواء الركن "فضل حسن العمري" يتقدم الجيش الوطني الجنوبي والمقاومة الجنوبية في طور الباحة، حيث كانت المعركة مصيرية بكل ما تعنيه من معنى وحتمية لتخليص التجمعات السكنية والمدنيين من قصف المليشيات الغازية الانقلابية من مواقعها في المرتفعات الحدودية ،وهي بداية لعملية لفك الحصار الناري على مناطق الصبيحة وتشكيل حزام الأمان للمناطق الصبيحة الحدودية.

المليشيات الانقلابية الحوثية العفاشية الاحتلالية تتجرع الهزيمة أمام المقاتلين الجنوبيين، رغم امتلاك المليشيات الانقلابية سلاحاً يفوق سلاح الجيش الوطني الجنوبي والمقاومة الجنوبية ، إلا إنّها تتجرع هنا وهناك الهزيمة تلو الأخرى أمام المقاتلين ذوي التجهيز العسكري المتواضعة ، رجال يعجز التعبير عن وصفهم ،أياديهم على الزناد لا تفارقهم ، وأقدامهم راسخة في المتارس رسوخ الجبال ، لا يكاد يمر يوم من الأيام دون أن ينكلوا بالعدو قنصاً واستهدفاً للآليات ،وغزوات حتى أنهكوا العدو وأثخنوا فيه القتل والجرح.

 

بعد عامين ونصف

بعد أكثر من عامين ونصف يضع المقاتل الجنوبي المليشيات الانقلابية أمام خيارين لا ثالث لهما ، اعتمدت المليشيات الانقلابية الاحتلالية في حربها على الجنوب، على الترسانة العسكرية التي تمتلكها، والدعم الإيراني العلني لها منذ أول وهلة، في تحقيق ما يسمى أهداف الثورة، وإن كانت الأهداف المعلنة ليست إلا غطاءً لتحقيق أهدافها لاحتلال الجنوب العربي ولكن بصيغ أخرى وجديدة تنفيذاً لمشاريع أسيادها الإيرانيين.

وبمستوى من الجهل وعدم المعرفة تفاخر زعماء التمرد والاحتلال (السيد عبدالملك الحوثي ، وصالح المخلوع ) مؤمنين بقدراتهم بالسيطرة الكاملة على الأجواء الجنوبية وإلحاق الهزيمة بمن وصفهم حينذاك ولا يزال بالدواعش حسب تعبيرهم ، لكن رغم العداوة التي يروجونها إعلامياً لداعش ، إلا أن المفخخات والعبوات والأحزمة الناسفة تحدث في المناطق الجنوبية وتطال قيادات وأبناء الجنوب، ورغم عداوتهم مع داعش حسب ما يزعمون ،إلا أنه يستثنيهم من المفخخات والأحزمة الناسفة.

لم يتبقَ إلا أيام لدخول الحرب على الجنوب عامها الثالث والمليشيات الانقلابية الحوثية العفاشية الاحتلالية غارقة في الوحل الجنوبي ،بعد أن عرفت أنّها أخطأت الحسابات ،وأن حسابات النصر في المعركة الجنوبية خاطئة ،وأن الترسانات العسكرية لا يمكنها صناعة النصر أمام مقاتل محترف يقاتل من أجل قضية ، قضية الوطن والعز والعرض والشرف الجنوبي ، فيقاتلون بشغف من الحُبّ الساحر لأجل الوطن لآخر قطرة دم في عروقهم، ولتبقى أراضي الجنوب العربي قلعة حصينة تجاوزها يعني الهلاك للمعتدين.

 

معاناة وانتصار

مقاتلون في ظروف استثنائية بين شوك الجبال وبرودة الطقس، وعلامات الإرهاق والتعب والجوع على عيونهم تحدثك عن معاناتهم، صامدون في أصعب الظروف في الجبهات بإرادتهم وبإمكانياتهم الشحيحة، لمواجهة المليشيات الانقلابية ،والتي تكللت بالنصر، مطالبين فخامة الرئيس المشير "عبدربه منصور هادي" وقائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء الركن "فضل حسن العمري" إلى الالتفات لمعاناتهم وتلبية مطالباتهم وتوفيرها، مع الاسراع في صرف مرتباتهم.

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني