التعليم الجامعي.. في ميزان الجامعات الحكومية والجامعات الأهلية
تقرير/ أسماء رياض

حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي اقتصر التعليم الجامعي في اليمن على التعليم العالي الحكومي فقط، وفي منتصف التسعينيات ونظراً لتعقد الظروف والتغيير المستمر وازدياد أعداد الطلاب والطالبات وظروف البلد الاقتصادية كان لابد من وجود مؤسسات تعليمية أهلية موازية للحكومية تساهم في استيعاب مخرجات الثانوية العامة وتقوم بتلبية احتياجات سوق العمل لذا قامت الدولة بتشريع فتح الكليات والجامعات الأهلية وتوسيع قاعدة التعليم العالي من خلال اشراك القطاع الخاص بافتتاح الجامعات والكليات الأهلية لتلبية احتياجات التنمية المتزايدة. 

ويعتبر التعليم الأهلي الجامعي نقلة نوعية وخطوة طال انتظارها في تاريخ التعليم العالي في اليمن وتغيير سيسهم في تنمية البلاد وتلبية احتياجات المجتمع والأفراد ومكملا جنبا إلى جنب للدور الذي تقوم به الجامعات الحكومية، بينما يؤدي اهتمام كثير من الكوادر التي تدرس الطلاب بالتعليم الأهلي على حساب التعليم الحكومي ويتسبب هذا بإضعاف التعليم الحكومي.

ولمعرفة ما يميز التعليم الجامعي الأهلي عن الحكومي ومقدار الرسوم التي تدفع والتي ربما كانت سبباً في عزوف بعض الآباء والطلاب من الالتحاق في الجامعات الأهلية خوفاً من كلفتها الباهظة وأمور أخرى مثل إصدار الشهادات المزورة والدراسة عن بعد التقت صحيفة "الأمناء" بالدكتور خالد عمر باسليم  وكيل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لقطاع الشؤون التعليمية كما التقينا بعدد من مدراء الجامعات الأهلية ليدلوا بدلوهم بهذا الصدد:

حيث قال الدكتور خالد باسليم في بداية حديثه: نشكر الجامعات الأهلية على ما يقومون به من دور تعليمي جامعي رائد، وحقيقة نقولها إن إنشاء هذه الجامعات في منتصف التسعينيات من القرن الماضي قد خفف العبء كثيراً على الجامعات الحكومية نتيجة الاقبال المتزايد من قبل الطلاب الخريجين من الثانوية العامة بقسميها العلمي والأدبي.

جامعات نموذجية وأخرى ربحية

أما بالنسبة لما يميز هذه الجامعات بالنظر إلى الحداثة النسبية لإنشاء التعليم الأهلي العالي في اليمن، فإننا نعتقد أن التقاليد الأكاديمية لم تنظم بشكل كامل في هذه الجامعات الخاصة ونعتقد ان هناك تفاوت في الجودة فيما بين هذه الجامعات الأهلية من حيث الخدمة التعليمية المقدمة وبالتالي المخرجات. فهناك جامعات صارت تقدم مثالاً جيداً يحتذى به، بينما جامعات أخرى يعتقد الكثيرون بأنها تسعى فقط للربح.

بالنسبة للوزارة فهي تشجع الاستثمار في جانب التنمية البشرية من خلال فتح جامعات أهلية مع التركيز على التخصصات الحديثة والنادرة بما يعزز التنوع في الجوانب المعرفية التي تقدمها الجامعات الحكومية كانت أو خاصة مع مراعات جوانب الجودة والاعتماد الأكاديمي التي ينص عليها القانون اليمني.

وأضاف الدكتور خالد باسليم قائلا: كما اننا ندعو الجامعات الأهلية التي لم تبدأ الدراسات العليا والبحث العلمي أن تبدأ بذلك أسوة ببعض الجامعات الأهلية المنشأة في أوقات سابقة والتي صارت تبتعث معيديها إلى الخارج لدراسة الماجستير والدكتوراه ومن ثم القيام بالتدريس وإدارة البحث العلمي والدراسات العليا في هذه الجامعات.

بالنسبة للشهادات والتخوف من تزوير بعضها أو إصدار بعض الجامعات أو بعض موظفيها شهادات مزورة، فإن لدى الوزارة طريقتها في مراقبة الشهادات وعدم المصادقة إلا على المؤكد منها، وهذا يشمل كل الشهادات غير المطابقة للمعايير.

وفيما يتعلق برسوم الدراسة في الجامعات الأهلية فإنها تتفاوت من جامعة إلى أخرى ونحن نشدد بدورنا على الجامعات المراعاة في تحصيل الرسوم نتيجة للظروف المعيشية في البلاد.

تنافس الخاص والحكومي

وتحدثت الدكتور فهمي حسين بانافع رئيس جامعة العادل- إنماء- حيث قال أن نظرة المجتمع وسوق العمل للجامعات الأهلية تشوبها الضبابية وعدم الثقة كون التعليم العالي كان متاحاً فقط من قبل الجامعات الحكومية لفترة طويلة. ما يجدر الإشارة له هنا أن المناهج الدراسية وتنظيمات وشراكات الجامعات والكليات الخاصة لا تعتبر سارية الا بموافقة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أي أن الوزارة هي المشرف العام على كل ما له علاقة بالتعليم العالي سواء كان حكومياً أو أهلياً وقد وضعت الوزارة ضوابط وإجراءات تضمن إلى حد مقبول صلابتها والثقة في جودة خريجيها.

وأوضح أن أعدادا من الجامعات والكليات الأهلية في اليمن، رغم قصر عمرها الزمني، تحظى بريادة في مجال التعليم العالي تنافس وربما تفوق الجامعات الحكومية وهذا لا ينفي وجود عدد من الجامعات والكليات الأهلية تسعى للربح مهملين الجودة في التعليم العالي لكن اعتقد أنه سيقل ويختفي لان ملاكها ومسؤولون عنها سيسعون للتحسين من مستواهم في ظل التنافس الحاد بين الكليات والجامعات الأهلية من جهة والتعليم العالي الحكومي من جهة أخرى.

ولفت الدكتور فهمي إلى جانب مهم في التعليم العالي حيث أكد أن التعليم العالي والبحث العلمي هما طرفا المعادلة في التعليم الأكاديمي، أعطت معظم الجامعات والكليات الأهلية جل تركيزها على التعليم وأهملت إلى حد كبير البحث العلمي وهذا ينطبق أيضاً على جامعاتنا الحكومية، ولكي تستمر وتضمن ديمومتها على الكليات والجامعات الأهلية التوجه إلى الطرف الآخر من المعادلة في التعليم الجامعي وهو البحث العلمي لأنه من صميم المهام المنوطة للجامعات هي التصدي لمشكلات واحتياجات المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والصناعية، خصوصاً إذا ما توجهت هذه الجامعات والكليات إلى فتح برامج الدراسات العليا، كما أن من شأن البحث العلمي أن يدر أرباحاً كبيرة على المؤسسات التعليمية العالية الأهلية في حال اعطي الاهتمام والدعم الذي يستحق.

أما بالنسبة لصرف الشهادات المزورة فنحن نستنكر هذا العمل ونطالب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالمراقبة الصارمة على هذه الجامعات لان النتيجة ستكون مخرجات فاشلة لن تقدم أو تنجح في سوق العمل مستقبلاً.

الرسوم في كليتنا غير ربحية وكذا في معظم الكليات الأهلية.. الرسوم لا تقدر بما تقدمه الجامعات الأهلية.

تقديم النموذج

الدكتور عبدالرحمن دبوان مدير جامعة العلوم والتكنولوجيا- عدن- أدلى بدلوه بهذا الموضوع حيث قال: الجميع يعلم أن هناك كثافة عالية في عداد الخريجين من الثانوية العامة وهؤلاء يشكلون روافد عالية للجامعات الأهلية لأن عدد منهم يتجه إليها هروباً من الزحام في الجامعات الحكومية، وبالتالي لابد أن يثبت التعليم الجامعي الأهلي أنه كفؤ لاستقبال هذه الأعداد لكي يقدم نموذجاً مميزا يستطيع من خلاله الاستمرار في تقديم الخدمة الجامعية المثلى، وبالتالي التعليم الأهلي يتميز عن الحكومي في نظري في النقاط التالية:

- استخدام الوسائل التعليمية الجيدة بتفاوت بين الجامعات الأهلية- قلة عدد الطلاب في القاعات الدراسية- الانضباط في الحضور والغياب- تحديث الخطط الدراسية ووصف المقررات بشكل أفضل- التزام المدرسين بمقرراتهم وجداولهم بشكل أفضل- جودة التعليم من حيث "توفير الأجهزة والبيئة والقاعات المناسبة والتكييف والمعامل والنزول الميداني"- سلامة الإجراءات في العملية الأكاديمية "الكونترول والمراقبة".

وحول الرسوم في الجامعة قال الدكتور عبدالرحمن دبوان: مقدار الرسوم ببعض الجامعات عالية مقارنة بالجامعات الحكومية ولكنها مقابل الخدمات والمميزات التي تقدم في الجامعات الأهلية تعتبر مناسبة.

التعليم عن بعد

وحول اعتماد شهادات "التعليم عن بعد" قال: لقد تم وضع آلية مناسبة لاعتماد شهادات طلاب "التعليم عن بعد" مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الورشة التي أقيمت من قبل الوزارة في نهاية شهر أكتوبر 2017م والتي تتضمن المصادقة على الشهادات ما قبل 2016م بختم يخص التعليم المفتوح خلف الشهادة، اما الطلاب الخريجين عن بعد للعام 2016 ـ 2017م فيتم تعميد الوثائق بنص صريح عن نظام التعليم في الشهادة وهو "التعليم عن بعد".

 من جانبه أوضح الدكتور سمير محسن مثنى مدير الجامعة الوطنية- عدن- أن الجامعات الأهلية تم إنشاءها في منتصف التسعينيات من القرن الماضي نظراً للكثافة الكبيرة لخريجي الثانوية العامة وقد ساعدت هذه الجامعات والكلية في تخفيف العبء على الجامعات الحكومية في استيعاب أعداد هائل من خريجي الثانوية كما تعتبر الجامعات الأهلية رديف للجامعات الحكومية وتعمل كشريك في تأهيل المجتمع والتنمية البشرية ورفد سوق العمل بالتخصصات المطلوبة والارتقاء بالتعليم يتحقق بتطبيق الانتقال من نظام التعليم التقليدي إلى أنظمة تعليم حديثة كتلك التي تهدف إلى تنمية مهارات الطلبة وبناء الشخصية واكتساب مهارات الاتصال والبحث العلمي.

مضيفاً: وتحظى الجامعات الأهلية بسمعة طيبة وقبول لدى أفراد المجتمع من خلال ما تقدمه من جودة في التعليم العالي والبحث العلمي والالتزام والانضباط وقلة عدد الطلاب في القاعات والأجهزة والمعدات الحديثة وكذا المعامل والتكييف. ونحن نسعى لتقديم خدمة لأبنائنا الطلاب مقابل رسوم رمزية لا تساوي شيء أمام ما نقدمه.

بالنسبة للتعليم المفتوح والتعليم "عن بعد" هو نظام معترف فيه بأرقى الجامعات العالمية وهو فرصة لتأهيل من غلبتهم ظروفهم ومعيشتهم في السابق وهو أيضاً معتمد في بلادنا من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

وحول التنسيق وتبادل الخبرات بين الجامعات والكليات الأهلية والحكومية قال الدكتور سمير: التنسيق بين الجامعات الحكومية والأهلية تنسيق غير رسمي بمعنى أن كل مدرسينا هم مدرسين في الجامعات الحكومية ونحن على استعداد لأي تنسيق قادم.

الأستاذ سالم أحمد الوادي مدير العلاقات العامة بالجامعة اللبنانية الدولية- عدن تحدث إلينا قائلاً: التعليم العالي الأهلي والحكومي مكملان ومساندين لبعض ويصعب على جهة واحدة تحملها ولدى كان لابد من منافذ وقنوات أخرى تساهم وتساعد في دعم التعليم العالي. وما يميز التعليم الأهلي هو العمل والدراسة بأنظمة جديدة غير متوفرة في القطاع الحكومي على سبيل المثال عندنا في الجامعة اللبنانية نتبع النظام الأمريكي وهو نظام الساعة حيث يكون الطالب هو المسؤول الأول عن رسم خطته الدراسية من اختيار المواد وتوقيتها وأيضاً من مميزات التعليم العالي في القطاع الأهلي الحرص الشديد على أن لا يكون عدد الطلاب أكثر من اللازم في القاعة الواحدة. وبشكل عام قد يكون للتعليم الأهلي الجامعي مميزات لا توجد في الحكومي ولكن في كل خير.

وحول التنسيق مع الكليات والجامعات الحكومية قال: يوجد لدينا تنسيق وتبادل خبرات مع بعض الكليات والجامعات الحكومية على مستوى المقاصة في الشهادات حيث تعتبر الجهة المسؤولة علينا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وهي مرجع لكل الجامعات الخاصة والحكومية ويتم التنسيق والتشاور فيما بيننا معها.

وبخصوص صرف الشهادات المزورة قال الأستاذ سالم الوادي: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كجهة مسؤولة تقوم بمتابعة كشوفات جميع الطلاب المسجلين في الجامعة منذ السنة الأولى وحتى الرابعة ولا يتم اعتماد أي شهادة مزورة من أي جامعة أو كلية.

وحول الرسوم المقررة في الجامعة اللبنانية قال: تصل الرسوم قبل الخصم إلى ألف دولار سنويا ونتعامل بسعر الصرف بقيمة 300 ريال للدولار بالنسبة للطلاب الجدد و250 ريال للدولار للطلاب القدامى.

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني