غموض يكتنف عملية اقتحام القاعدة للمنطقة العسكرية الثانية بحضرموت ( تقرير )

 جاءت عملية اقتحام مجموعة من عناصر تنظيم القاعدة لمقر المنطقة العسكرية الثانية في حضرموت الساحل لتثير شكوك وتساؤلات المواطنين والمفكرين والسياسيين في الجنوب وحضرموت خاصة عن الوضع الأمني في الجنوب وحضرموت، وتوقف الانفلات الأمني عند هذا الحد ؟ ، أم ستتحول محافظات ومدن الجنوب إلى ملعب تنفذ فيه كل الأطراف المتصارعة المحلية والإقليمية لعبتها، وهو ما يوجب على الدولة وأجهزتها العسكرية وضع حد للاختلالات الامنية

غياب الشفافية وتضارب المعلومات هو المشهد الذي يتصدر العملية العسكرية التي نفذت صباح يوم الاثنين 30/ سبتمبر وأدت إلى احتلال قيادة المنطقة العسكرية الثانية المحصنة امنيا بالعديد بالنقاط العسكرية ، وهي غرفة العمليات والإمداد الأساسي للقوات المرابطة في محافظة حضرموت بالمعلومات والسلاح والمال والإمداد، وأفادت بان عناصر القاعدة بدءوا هجومهم بتفجير سيارة محملة بالمتفجرات قرب بوابة المعسكر . بينما الرواية الثانية للسلطة المحلية وهيئتها الإدارية تناقض الرواية الأولى.. فقد ذكرت السلطة المحلية بمحافظة حضرموت في بيانها الذي أصدرته عن قيام مجموعات من العناصر المسلحة بمهاجمة واقتحام مبنى مقر قيادة المنطقة العسكرية الثانية ، ملمحة إلى وجود مؤامرة لإسقاط المحافظة، قبل ان تتبنا القاعدة امس الاحد عملية الاقتحام في بيان تدولته وسائل الاعلام.

الرواية الحقيقية لاقتحام المنطقة

وذكر عقيد نجا من حادثة الاقتحام بأنه في تمام الساعة التاسعة صباحا جاء طقمين عسكريين بلباس القوات الخاصة وسيارة كورلا وكانت السيارة محملة بالسلاح والمتفجرات ، وتمَّ تفجير السيارة الكورلا في البوابة ، واقتحام مبنى المنطقة العسكرية المكونة من ثلاثة طوابق ، وتمت تصفية الحراسات واعتقال الضباط والجنود في باحة المعسكر ، وكان عددهم يقرب من سبعين ضابطا وجنديا ، وأغلق الضباط في طبقات المبنى الثلاث النوافذ، وعند سماع أصوات الانفجار والضرب تحركت القوات الخاصة التي كانت بجانب المنطقة ، واقتحمت المباني السفلية وقامت بفتح نوافذ المكيفات في الطابق الأول والثاني وتم إنقاذ الضباط والجنود ، بينما الجنود في الطابق الثالث ظلوا محاصرين وسيطرة القوات المهاجمة على الطابق الثالث، وفخخت المداخل إليه ولم تستطع القوات الخاصة اقتحامه لكثافة النيران من المهاجمين ، إضافة إلى الافخاخ التي منعت من تقدم القوات الخاصة.

وأفاد بعض الشهود بان مسؤلا امنيا كبيرا حضر من صنعاء ، وقاد عملية التفاوض مع المهاجمين التي انتهت بالفشل ، وبعد ان شرعت القوات المهاجمة في قتل الضباط والجنود اضطرت القوات المحاصرة للمنطقة من مختلف الوحدات العسكرية للهجوم بواسطة تغطية نارية كثيفة من البحرية والقوات البرية من الأمام والخلف للمنطقة العسكرية نتجت عنها مجزرة حقيقية أدت إلى مقتل العشرات من الجنود والضباط والمهاجمين الذين كان اغلبهم يرتدي الزي المدني، وقامت سيارة الإسعاف بنقل العسكريين المصابين والقتلى إلى مستشفى ابن سيناء بفوه ومن ثم يتم نقلهم إلى العاصمة صنعاء.

انتشار القاعدة في حضرموت

انتشرت القاعدة وقوتها في حضرموت عقب عملية الهروب الكبير من السجن المركزي بحضرموت، اذي وثقه شريط بثته القاعدة، وقد استهدفت القاعدة في عملياتها ضد الحكومة الأمن السياسي وكوادره واعتمدت على فتوى سمتها " نفي الخبث "، تجيز محاربة الأمن السياسي الذي ساهم في قتل وإلقاء القبض على أفراد القاعدة وزعمائها ويقدمون معلومات استخباراتية وعسكرية للقوات الأمريكية ، وبعد ذلك توسعت استهداف الشخصيات العسكرية، ازيد من ذلك بثت القاعدة أناشيد ذكرت فيها أشخاص بعينهم مطلوب تصفيتهم ، وقد تمت تصفية اغلبهم ، والغريب بان عمل وأسلوب القاعدة شهد تغييرا غريبا ويثير الشك في كثير من العمليات، حيث ان القاعدة لم يعد لها مرجعية شرعية في كثير من عملياتها ، وهو غير معهود في عمل القاعدة التي ترتكز في كل خطاباتها وأعمالها على بيانات واضحة وعلى مرجعية إسلامية تقوم على الفتوى وطلب الاستتابة كبيان " نفي الخبث " الذي طلب من قوات الأمن التوبة والرجوع عن محاربة الشريعة بحسب متخصصين في شئون القاعدة.

وبحسب مصادر محلية فان عملية غيل باوزير فان عناصر تنظيم القاعدة في حضرموت تعمل بشكل واضح ويتدربون في وادي جِد بين مديرية غيل باوزير والشحر، وتصلهم الإمدادات والغداء وغيرها دون متابعة أمنية أو مراقبة، فما ذكره بعض الجنوبيين من وجود مخطط لإسقاط بعض محافظات الجنوب في يد القاعدة على غرار إسقاط أبين ليس بعيدا ، فبعض القيادات والأجهزة في الدولة تسهل عمل القاعدة وتنقلها ، كما ان الخلاف بين قائد المنطقة محسن ناصر قاسم الشاعري الضالعي، وقائد اللواء 27 ميكانيكي المرابط في منطقة الريان الشميري انعكس على ضعف المنطقة العسكرية الثانية، حيث يتبع القائد الشميري علي محسن ، ورفض أوامر قائد المنطقة في أكثر من حادثة .

ويتوقع متخصصين في شئون القاعدة بان عمليات التنظيم ستشهد تسارعا كبيرا، وستسقط بالفعل كثير من المديريات وبعض المحافظات بيد القاعدة لتتحول هذه المناطق والمدن إلى مدن منكوبة ويشتغل الناس بالأوضاع المحلية، عما يعتمل في مؤتمر الحوار، وستحرف الأنظار إلى قضايا أخرى.

فشل حكومي

من جانبه علّق عمر سالم المرشدي ـ رئيس حزب البعث العربي الاشتراكي القومي بحضرموت الساحل على ظاهرة الانفلات الأمني بقوله : لم يعد خافيا على احد ظاهرة الانفلات الأمني المخيف الذي أصبح هما يؤرق أبناء هذه المحافظة والوطن عموما ، وما هذا الانفلات الأمني إلا دليلا واضحا على فشل الحكومة في اتخاذ المعالجات الصحيحة في تحقيق الأمن والاستقرار وان الصراع السياسي المبطن تحت صراعات مراكز قوى ونفوذ متحكمة في المجتمع الذي ما زال هو سيد الصراعات وما زال متصدرا المشهد السياسي إلى هذه اللحظة . كما اثبت الواقع المعاشي اليوم بكل تجلياته فشل الهيكلة للقوات المسلحة وأصبحت هذه الهيكلة جزاء لا يتجزءا من مؤامرة تدمير الجيش ، وهنا نتساءل ويتساءل كل من يهمه امن واستقرار ورقي وتطور هذا البلد لمصلحة من يتم هذا ؟ ، ومن يقف خلف المجازر التي تحصل اليوم لأبناء قواتنا المسلحة ورجال الأمن ، ابتداء بالاغتيالات بواسطة الدراجات النارية إلى اقتحام المعسكرات وذبح الجنود الضباط ، كما حصل في محافظة شبوه وقيادة المنطقة العسكرية الثانية ، واعتقد ان الحلول الواقعية في ظل هذا الانفلات الأمني المخيف أصبح البحث عنها ضرب من الخيال في ظل انقسام المجتمع وتخاذل السلطات في تعزيز الأمن وتزويده بكل ما يتطلب من تجهيزات في مواجهة قوى الإرهاب والتطرف .

     وأكد ألمرشدي بان ما حصل بأنه اختراق امني واضح وفضيحة كبيرة لهذه الحكومة ودليل واضح وفضيحة كبيرة لهذه الحكومة ودليل واضح على ضعف أجهزة الأمن والقوات المسلحة التي أصبحت اليوم بكل تأكيد مخترقة من داخلها لعناصر هذا التنظيم ، وإلا كيف يتم دخول أطقم محملة بعناصر هذا التنظيم واقتحام مقر قيادة المنطقة العسكرية الثانية بهذه السهولة ، فالمعروف انه في إطار تحركات الوحدات العسكرية تكون هناك بلاغات عن تحرك هذه الوحدة أو هذا الطقم إلى أي جهة أو تلك ، وبهذا أصبح الجيش ووحداته العسكرية مفتوح أمام المذابح التي ترتكب بحقه اليوم من قبل هذا الجماعات الإرهابية التي تسعى إلى الفوضى والخراب والتدمير .

أولياء دم الكوادر الجنوبية : الدولة تخلت عن موظفيها

ذكر الشيخ عمر مبروك بن عمرو : بأننا رغم متابعاتنا الشديدة لاغتيال العقيد عمر ربيع بن عمرو قائد الأمني في منطقة الوديعة بعد خروجه من صلاة الجمعة في منطقة القطن قبل حوالي شهر ، فإننا لم نشهد أي جهود عملية أو متابعة أمنية وجنائية ، وشعرنا بان الدولة تخلت عن المواطن وعن موظفيها ، وكأن الأمر يراد منه تحويل الجنوب لساحة صراع ومعارك تحت برضاء وقبول ومباركة من الدولة .

وأشار الشيخ بن عمرو بان ما حدث في المكلا من اقتحام للمنطقة العسكرية يعد فضيحة بكل معاني الكلمة ، وهذا يعني بان الدولة فقدت سيطرتها على الأمن ، وبان المحافظة سقطت عمليا وواقعيا من يد الدولة ، وأنا أؤيد ما ذكرته القيادات الجنوبية من وجود خطة لإسقاط محافظات الجنوب في مستنقع الفوضى والحرب والاقتتال .

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني