قبل أشهر قليلة عندما ظهر مرض الكوليرا بشكل مفاجىء وأرعب حياة الناس في الضالع، فالمستشفيات الحكومية لا تستطيع استيعاب الحالات التي قد تصل، والمستشفيات الخاصة لا يوجد لديها استعداد، فالمحاليل والادوية المتعلقة بهذا المرض غير موجودة والبلاد بحالة حرب، وثمة أزمة بنفاد كمية المغذيات المطلوبة قد نفدت من جميع مخازن الأدوية ليس في الضالع انما أيضاً في المحافظات والمدن الأخرى، ولم يكن امام أبناء مديرية الحصين التي بلغ عدد حالات المصابين فيها المئات في بداية الأمر الا ان تعلن استنفارها لمواجهة الكارثة..
سارع المحامي عبدالعزيز قاسم ألماني ومعه الدكتور علي مطهر واخرين الى عقد لقاء لمناقشة الموضوع وخلصوا الى اعلان لجنة طوارىء لمواجهة داء الكوليرا، استنفر رجال الخير في الحصين جهودهم وبدأت الحملة التي خلصت الى إقامة محجر صحي بجهود ذاتية وكان لها رجال الخير الذين اعتاد الجنوب ظهورهم في كل المواقف الصعبة، الشيخ عبدالعزيز الحريري رئيس الجالية الجنوبية، في ولاية كالفورونيا بأمريكا، ومدرم الشعيبي نائب رئيس الجالية الجنوبية، والأستاذ نبيل الجعدي الخوبري، عضو الهيئة الادارية العليا للجالية الجنوبية، ورجل الخير المناضل محسن القشم..
انطلقت الحملة بقوة وتقدم صفوفها في الخارج الشخصيات الأربع الذين نحتوا عطائهم في وجدان الجنوبيين، أيام قليلة فقط ونجحت فكرة إقامة المخيم الطبي الذي استطاع تقديم خدمات طبية مجانية ومساعدة مئات الأسر في مديرية الحصين بالضالع، ولا يزال يؤدي عمله الخيري حتى اللحظة..
هنا نحب ان نقف وقفة احترام وإجلال لهؤلاء الرجال السباقين دائماً الى فعل الخير في كل مكان وزمان، رجال صحيح ان المقام استقر بهم خارج حدود الوطن في ارض الشتات لكن صعوبة الابتعاد عن الوطن والأهل وعدم معايشة الظروف القاسية التي يمر بها اهلهم في الداخل الا انهم ظلت ارواحهم معلقة بالوطن، قريبة من اهلهم على مستوى الجنوب، وظلوا ولا يزالوا تتدفق ارواحهم عطاءً وخير، هؤلاء وغيرهم الكثير أصبحوا ذو مكانة كبيرة في قلوبنا، وكلمة شكر بحقهم او عبارات حقيرة كهذة ليس بمقدورها رد اقل القليل من الجميل الذي قدموه ويقدمونه للأهل والوطن، للجنوب بشكل عام.
مواقف إنسانية نبيلة، مواقف رجولية شجاعة، وقفوا في كل المنعطفات للجنوب وقضاياه العادلة، منحوا الجنوب الكثير ولا يزالوا يمنحونه ويقدمون التضحيات في سبيل الجنوب..
اليوم ومع اندلاع كارثة الجفاف في مديرية جحاف، وقف هؤلاء الرجال في مقدمة الصفوف يحملون هم ومعاناة ابناء جحاف، وقفوا يناشدون ويبعثون الرسائل ليل نهار في سبيل إنقاذ اهلهم في جحاف دونما ان يطلب منهم احد هذا ودون ان يطلبوا من احد او ينتظرون لا حمداً ولا شكورا..
وليست مبادرات الخير تقف عند هذين النموذجين المشار إليهما أعلاه انما هناك الكثير الكثير من العلامات المضيئة لهؤلاء الرجال ولا يسعنا المجال لذكرها هنا..
ألف تحية، نبعث بها لهؤلاء الرجال الذين لا ينتظرون منّا او من احد ان يثني عليهم، فكل ما يقدمونه سيدونه التاريخ بأحرف من نور ليست منحوتة في قلوبنا فحسب، بل منحوتة في قلب الوطن..