تقرير خاص يجيب عن الكثير من التساؤلات الهامة ويكشف النقاب عن حقيقة ما يدور بعدن
الأمناء / قاسم عبدالرب العفيف :

يبدو من وقائع الأحداث منذ تحرير عدن، أن الضغط عليها يزداد يومًا بعد يوم، فمن ورقة الإرهاب، إلى ورقة حروب الخدمات، وورقة حجب مرتبات عشرات الآلاف، وإلى عدم إيجاد أي حلول ناجعة للمعضلات القائمة من قبل حكومة الشرعية، بل لا زال الضغط مستمرًا، وظلت عدن تحت طائلة هذه العقوبات الظالمة.

مرت حادثة الهجوم الإرهابي على مقر البحث الجنائي في عدن، مثل سابقاتها من الهجمات الإرهابية، وتلاها هجوم آخر في موقع آخر وكأن الأمر عادي، هذا يحدث فقط في الجنوب، لكن لو حدث ذلك في أي بقعة في العالم تسقط حكومات، ويحاسب مسؤولون، وتشكل لجان، وينتفض المجتمع بأسره؛ ليضع حدًا لذلك العبث، وهنا نضع عددًا من التساؤلات :

تساؤلات مشروعة

مَن هم؟ ومن وراءهم؟ ومن أين جاؤوا؟ وهل لهم علاقة بأصحاب الفتاوى القديمة والجديدة الصادرة عن نظام صنعاء ضد الجنوب؟ ولماذا يتم استخدامهم في عدن والمحافظات الجنوبية؟  وهل لديهم أسر؟ ومن هي أسرهم؟ ولأي قبيلة أو قبائل ينتمون إذا كانوا جنوبيين أو من مناطق أخرى؟، وكيف مروا ولم يستطع أحد كشفهم؟ أين القوات المنتشرة في عدن؟ وأين مهماتها الحقيقية، والمكان المستهدف يقع بين ثلاثة أو أربعة ألوية؛ أي في محيط أربعة كيلومترات مربعة؟.. لماذا عدن بالذات تستهدف دون بقية المدن الأخرى؟ وماذا عن التحريض الإعلامي الذي تقوم به بعض الأحزاب على القنوات الفضائية التابعة لها، والذي وصل بالبعض حد التهديد بإحراق الجنوب؟  لماذا السكوت عن هذا التحريض الذي ينطلق من مقر إقاماتهم في دول الخليج، وتركيا، وغيرها، على مرأى ومسمع من الجميع؟ وهل هناك صراع إقليمي تجرى تصفية حساباته في عدن والجنوب؟ وكيف يتم تمركز القناصة على أسطح المنازل المواجهة للبحث الجنائي دون أن يمنعهم أحد أو حتى تبليغ الأجهزة الأمنية عنهم؟ ما هو دور المواطن في كشف تحركات هذه الذئاب المنفلتة؟ وأين يتم تجهيزهم (أي المناطق التي تعتبر حاضنة لهم) ؟ وهل ما جرى من تصفية لأوكار الإرهاب في أبين له علاقة بما جرى في عدن؟ وهل هذه بداية لأعمال إجرامية من هذا النوع في عدن؟ وهل سيتم نقل الدواعش من العراق وسوريا بعد انتهاء مهمتهم هناك إلى الجنوب؟ وهل -فعلا- ما تم تسريبه من تحذير من قبل الشرعية صحيح؟ وإذا كان صحيحًا ما هي الإجراءات الأمنية والعسكرية التي يفترض أن تتخذها عمليًا على الأرض أو أنها بذلك تريد أن تسجل نقاطًا على أمن عدن بهدف تسهيل استهدافه من قبلها؟ وأخيرًا ..هل مثل هذه العمليات الإرهابية لم تكن تعبر عن استهداف للتحالف في عدن وتقويض مهامه؟.. أسئلة كثيرة ومتعددة تطرح وتحتاج إلى إجابة واضحة، وصريحة من كل معني بالأمر؛ حتى يتم تفادي مثل تلك الجرائم.

العدو الخفي

 من الواضح أن الدين يستخدم كعامل أساس في إقناع مثل هذه الذئاب المنفلتة لتنفيذ مثل هذه الأعمال الإرهابية الفظيعة، لكن من وراء ذلك الشحن والإعداد النفسي، والإقناع والتدريب والتجهيز والإعداد اللوجستي لهذه العصابات الإرهابية؟ وأين يتم ذلك؟ وهل له صلة بمن هم وراء الحدود أصحاب القنوات الفضائية، والجمعيات الخيرية، والمراكز الإسلامية المتنوعة، والمدارس الدينية والحوزات العلمية، أم أنهم موجودون في الداخل تحت مسميات دينية أو حزبية أو طائفية أو قبلية أو عسكرية أو غيرها (…) وأين دور المسجد والمدرسة والأسرة والحي والمجتمع؟، هل يمكن تفعيل هذه الأطر لتفادي وقوع الأبناء في براثن العصابات الإرهابية؟.

وتستمر الحرب على الجنوب

الحرب على الجنوب مستمرة منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، وتدرجت من اغتيال السياسيين الجنوبيين ومنتسبي القوات المسلحة والأمن الجنوبي، إلى تجهيز قنابل بشرية متفجرة فردية ، ثم  إلى تجهيز عدد من القنابل البشرية المتفجرة في آن واحد - وهذا ما حدث في عملية البحث الإرهابية في عدن - إنها حرب إبادة لشعب الجنوب الذي يرفض الاستعباد والهيمنة والاستعمار من جديد، وهناك من استخدم تلك الفصائل الجهادية القادمة من أفغانستان  في الصراعات السياسية، والتاريخ القريب شاهد على  ذلك خلال تسعينيات القرن الماضي، عندما تم تأطيرهم  في مؤسسات الجيش والأمن، في اليمن، وتم توجيههم -وتحت حماية رسمية-  للاغتيالات السياسية والتقطع وخطف الأجانب والقتل الحر وأصبحوا  جزءًا  من المؤسسة العسكرية والأمنية للدولة، بل ازداد الأمر ضراوة بعد تحرير الجنوب من الغزو الأخير لتحالف المخلوع صالح والحوثيين، الذي كان عنوان غزوهم هو محاربة داعش، وذلك لاستمالة العالم بأنهم يحاربون الإرهاب، واعتبروا كل شعب الجنوب دواعش.

إنه الاٍرهاب الموجه الذي أراد له صانعوه أن يوجهوا بوصلته جنوبًا؛ لتحقيق مآرب سياسية، يتدثر بعباءة الدين ومرتبط بالفتاوى الدينية لعلماء نظام صنعاء، الذين أباحوا قتل الجنوبيين، واعتبروهم غنائم حرب هم وممتلكاتهم لصالح القوى المتنفذة القادمة من صنعاء، ومن يقف معهم من القوى الإقليمية والهدف السيطرة على الجنوب كموقع استراتيجي، وكذا الاستيلاء على مقدراته الاقتصادية.

 

الاختراق الأخير يعبر عن خلل في  العمل الأمني الجمعي، وأي عمل أمني لا يكشف الجريمة قبل وقوعها يعتبر ناقصًا ويتطلب إعادة النظر في الخطط الأمنية، وتفعيل أجهزة الاستخبارات، وتوحيد القرار الأمني في إطار المحافظة، لكي تكون جهة واحده تتحمل مسؤولية النجاح أو الإخفاق، أما تواجد أعداد كبيرة من المعسكرات والقوات والأجهزة المختلفة في إطار المحافظة، والتي لا يربطها أي رابط؛ سيمكن عصابات الإرهاب من إحداث ثغرات أمنية تنفذ من خلالها أعمالها الإرهابية وهذا ما نراه في محافظة عدن ، لذا أولى الأولويات تصحيح هذه الثغرة الكبيرة بأن يتم توحيد الأجهزة الأمنية والاستخباراتية تحت إدارة الأمن العام في عدن، كما يجب الاستفادة من الخبرات الأمنية والعسكرية الجنوبية، والتي تمتلك خبرات في هذا المجال، وأن يتم ترحيل كل القوات من المعسكرات في أحياء عدن وتموضعها على مشارف عدن أو لتغطية الاحتياجات الأمنية في المحافظات الأخرى..

 وجود مثل هذه القوات الكثيفة في إطار محافظة عدن يشكل إعاقة للجهود الأمنية لعدن ، والدليل على ذلك ما حدث أخيرًا، حيث يتواجد في موقع العملية الإرهابية أربعة ألوية، بعضها لا يبعد عن مكان الحادث إلا أمتارًا قليلة، وكادت أن تكون نتائج العملية الإرهابية كارثية؛ لو لم تتم السيطرة على الموقف، ومن يدري فقد تدخل عدن في الفوضى العارمة التي بشر بها عفاش في أحد خطاباته حيث يتم القتال من “طاقة” إلى أخرى ، ويبدو أن داعش بتبنيه هدف الوحدة أو الموت مثله مثل بقية القوى المتنفذة في نظام صنعاء القديم والجديد وغيرهما من المتدثرين بعباءة الشرعية؛ والهدف إخضاع الجنوب بالإرهاب بعد أن فشلت الوسائل الأخرى، وعليه يفترض أن يوضع العديد من المعالجات؛ لكي لا يتكرر مثل هذه العمليات، ويتم ضمان أمن واستقرار محافظة عدن .

ولحكومة الشرعية دور لا يستهان

من الملاحظ أن إيقاع عمل الحكومة يسير باتجاه تَوتير الأوضاع في المناطق المحررة، ولا تبشر بإيجاد حلول واقعية للمشكلات التي أفرزتها الحرب الأخيرة، وهي تتجاهل الحقائق على الأرض وتذهب بعيدًا لكي تعيد إنتاج نظام ما قبل الـ 26 من مارس 2015 م وخاصة فيما يتعلق بالجنوب ولم تراعي التضحيات الجسيمة التي قدمها شعب الجنوب للخلاص من الغزو الحوفاشي الأخير وتسير بالاتجاه المعاكس للإرادة الجمعية الجنوبية، مستخدمة وسائل ضغط منها تعطيل الخدمات وعدم دفع المرتبات لأشهر كثيرة، وتدوير الكادر الفاسد في المناصب الحكومية، واستشراء الفساد في كل تعاملاتها المالية والإدارية.

حكومة، رئيس وزرائها همه إعادة حزبه لكي يتسيّد على عبَّاد الله غارقًا في الفساد، ووزراؤه جميعهم يجوبون الأرض شرقًا وغربًا لكي يبشروا العالم بالوحدة أو الموت، وتناسوا أن عاصمة اليمن لا زالت محتلة من قبل الانقلابيين، ولم يعملوا من أجل تنفيذ مهامهم الدستورية تجاه مواطنيهم، وكانت كل إنجازاتهم توظيف أقاربهم في وزاراتهم؛ كل ذلك وغيره ولد إحباطًا وتوترًا شديدين لشعب حقق انتصارات، وقدم تضحيات، واليوم  يموت ببطء على قارعة الطريق.

وأصبحت الكهرباء من المسائل النادرة في حياته، غارقًا في فوضى أمنية رغم وجود الجيوش الجرارة من حوله، وكأن ما يخطط له قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع ولن يستطيع أحد السيطرة عليه، وبالنتيجة سيتم تقويض عمل التحالف في دحر الانقلابيين وعودة الشرعية إلى صنعاء، لذا من المهم التنبه إلى إعادة النظر في سير عمل الحكومة؛  لكي تتوافق وعمل التحالف العربي.

همسة للجميع

الجنوب اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما الاستسلام وإما الصمود، فالمعركة واضحة المعالم فهي بين مشروعين إما أن يلتف كل الجنوبيين وراء مشروعهم، أو يسمح لأصحاب المشروع الآخر أن يمروا، ولشعب الجنوب الخيار في ذلك.

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني