ملاحظة عابرة في فلسفة الجمال
الأمناء نت / د قاسم المحبشي

(نرى الاشياء الجميلة ولكننا لم نرى الجمال أبدا!)

الوعي الجمال هو احد أشكال الوعي الاجتماعي الثقافي التي اكتسبها الكائن البشري منذ الفجر الأول للتاريخ الاجتماعي، مثله مثل الوعي العلمي والوعي الأخلاقي والوعي الديني والوعي الوعي السياسي ..الخ

ولما كان الانسان في حياته محاطاً بجملة هائلة من الأشياء والظواهر الثابتة والمتحركة التي يتحسسها وينفعل بها بحواسه الخمس ويدركها بعقله الفعّال ويميز بينها من حيث ما تبعثه في ذاته من مشاعر سارة أو موحشة، جميلة أو قبيحة، جليلة أو رهيبة، مفرحة أو محزنه، لذيذة أو مؤلمة. بل قل أن ثانية الشعور باللذة والآلم هو ملكة فطرية عند جميع الكائنات الحية، وفقاً لقانون: مقاومة الفناء والحفاظ على البقاء. فكل ما يؤلم ويوجع ويحزن ويفجع ويخيف ويهدم ويحطم هو من يبعث الكائن على الهروب والنفور والابتعاد والتحوط والاحتياط بينما كل ما يلذ ويسر ويفرح ويبهج ويسعد وينعش ويريح ويثري ويغني ويبني وينمي هو ما يعبث على القرب والاقتراب والحميمية والأنس والاستأناس والطمئنية والثقة والأمان والسلام ...الخ.

من هذا الجذر العميق تتطلعت موضوعات عدد من العلوم الانسانية ومنها علم الجمال وعلم الأخلاق وعلم السياسة وعلوم الدين والاقتصاد والعلوم الاجتماعية والنفسية وغيرها.في محاولة البحث عن جواب للسؤال البسيط الذي هو: لماذا يفعل الناس ما يفعلونه ويقول ما يقولونه ويحبون ما يحبونه ويفضلون ما يفضلونه ويعتقدون فيما يعتقدونه.. الخ ذلك هو سؤال العلم الباحث عن حقيقة الظاهرة الاجتماعية، إذ لا قيمة ولا فائدة من محاولة الإجابة على سؤال: كيف يفعل الناس وكيف يسلكون وكيف يعتقدون وكيف يفضلون قيمهم الأخلاقية والجمالية وينفرون من غيرها.وفِي هذا السياق يمكن النظر الى الثقافة بوصفها بنية اجتماعية كلية تتكون من ثلاثة عناصر أساسية هي: أنماط الحياة والعلاقات الاجتماعية والتفضيلات القيمية؛ الجمالية والأخلاقية. والقيم الإنسانية نسبية، إذ تختلف التفضيلات الجمالية والأخلاقية من مجتمع الى آخر بحسب أنماط الحياة السائدة والعلاقات الاجتماعية المهيمنة، بل أن نمط حياة وعلاقات مجتمع من المجتمعات تحدد نظرتهم الكلية الى العالم والحياة والتاريخ والإنسان والى ذواتهم والآخرين. بحسب دوركايم. ورغم أن الشعور الجمالي هو فطري فطري عن الكائن الإنساني وهذا ما يفسر نفور الأطفال من كل قبيح وشرورهم بكل ما هو جميل ، الإ أن التربية والثقافة يمكنها العبث بالحس الإنساني السليم وجعل الجميل قبيحاً والعكس! من هذا المنظور الواسع يمكن لنا النظر الى فلسفة الجمال وفرعها المعرفي علم الجمال بوصفه علم يدرس العلاقة بين الأشياء الجميلة أو القبيحة والحواس والمشاعر الإنسانية. وقد ارتبطت فلسفة الجمال قديماً بنظريات الكون والإلهيات، إلا أنها على مدى التاريخ اقتربت من نظريات المعرفة والأخلاق.

وتمثل مفاهيم الجمال و فلسفة الجمال فرعا من أهم فروع التخصص الفلسفى فإنها تتصل اتصالا وثيقا بنقد الفن وتاريخة، وعلم الجمال أو علم الاستاطيقا علم حديث النشأة، انبثق بعد تاريخ طويل عتيق من الفكر الفلسفى التأملى حول الفن والجنال، وبهذا المعنى يعد علم الجمال علماً قديماً وحديثاً فى وقت واحد. لم تكن لدى اليونانيين معرفة فى ذاتة ولذاتة ولكن اهتموا بالفن من حيث علاقتة بالخير أو دلالتة على الحقيقة، لذا يقال أن مجال الاستاطيقى هو كلمة مرادفة لمفهوم (الفن والجمال). والجمال مفهوم كلي مجرد لا يمكن ادراكه بالحواس المجردة. مفهوم يعبر عّن كل الأشياء المادية والمعنوية الواقعية والرمزية التي تبعث الشعور الجميل بالدهشة والمتعة والابتهاج والسعادة عند الانسان. ويمكن أن يتجلى الجمال في عدد واسع من الظواهر والاشياء الطبيعية والتاريخية الثقافية، في تلك المناظر الخلابة في السماء والأرض في البحار والغابات والجبال والأنهار والشلالات في الزهور والثمار والحيونات والطيور والالوان والاشكال التنظيم والتناسق والتصميم التي تدل على الجمال الرباني العظيم، ولابد من التمييز بين الجميل والجليل وبين الجمال والفن، الجميل هو كل ما يبعث على البهجة والمتعة والسعادة في النفس المتأملة مثل منظر البحر والامواج أو منظر الوجوه الجميلة أو منظر الورد ..الخ بينما الجليل هو ذلك الذي يبعث الشعور باللذة الممزوجة بالذهول والرهبة كروية الباركين والعواصف والفيضانات الجائحة. ويطلق مفهوم الجمال على كل الأشياء الجميلة في الطبيعة بينما يقتصر مفهوم الفن على كل ما أنتجه وأبدعه الانسان من فنون ، العمارة والصناعة والنحت والرقص والموسيقى والأدب والنقد..الخ والجمال والفن عدد من الوظائف الحيوية الإيجابية في حياة الانسان والمجتمع.

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني