انعكست الأزمة في اليمن على وزارة التربية كحال معظم الوزارات، فآلاف معاملات المعلمين والإدارات المدرسية والطلاب معلّقة دون أن يجد لها المعنيون حلاً.
ويمكن تلمُّس الوضع المُزري الذي يعانيه القطاع التربوي من خلال حالة مكتب التربية والتعليم في محافظة الضالع الذي يتخبط بمشاكل كثيرة.
معاناة متعددة
معاناة القطاع التربوي في الضالع تبدأ بالنقص الحاد في الكتب المدرسية بسبب توقف مطابع الكتاب المدرسي منذ اندلاع الحرب، ونقص الكادر التعليمي نتيجة توقف التوظيف ما يشكل عائقاً إضافياً للقطاع، إضافة إلى تضرر الكثير من المدارس إما نتيجة التضرر من القصف أو بسبب تحول بعضها إلى ثكنات عسكرية.
وضع سيء
نائب مدير التربية والتعليم في الضالع / عبد القوي المليجي، أوضح معالم الوضع السيء الذي تعانيه المديرية في المحافظة مؤكداً أن 60 مدرسة في عموم مديريات المحافظة تضررت بشكل جزئي أو كلي بسبب الحرب.
ولفت المليجي في حديث إلى «العربي» أن قطاع المعلمين يعاني عجزاً كبيراً في المعلمين، إضافة إلى توقف الدرجات الوظيفية للمعلمين منذ العام 2011 الأمر الذي زاد الأمور تعقيداً.
وأشار إلى أن «عدداً كبيراً من المعلمين ما زالت لديهم مشاكل تتعلق بتسوياتهم وأوضاعهم، ونحن بدورنا نحاول التواصل مع وزارة التربية والتعليم والجهات ذات الاختصاص من أجل حلّ كافة مشاكل المعلمين الذين نقدم لهم الشكر على تحملهم هذه الصعاب وتسيير العملية التعليمية رغم ذلك».
وتابع: «هناك مشكلات أخرى وصعوبات عديدة نحاول بالمتاح التغلب عليها بالتعاون مع السلطة المحلية والأهالي».
خطة إعادة تأهيل
وكشف عن خطة وضعها مكتب التربية في الضالع لتنفيذ برنامج إعادة تأهيل الطلاب نفسياً نتيجة ما تعرضوا له بسبب الحرب، داعياً المنظمات والجهات ذات العلاقة إلى مساعدة المكتب في هذا الأمر.
وفي هذا الإطار، يرى مدير مدرسة «الشهيد الحازمي» محمد علي محسن، أن استمرار هذه المشاكل ستتسبب بعرقلة العملية التعليمية ووضع الإدارات المدرسية في موقف حرج.
وقال محسن في حديث إلى «العربي» إن «المدارس في الضالع عموماً تعاني من نقص في الأثاث وكراسي الطلاب، حيث بات العديد من الطلاب يفترشون الأرض في العديد من المدارس، ناهيك عن الازدحام في الصفوف الدراسية بسبب كثافة أعداد الطلاب في الصفوف الأولى تحديداً».
وأضاف أن «وزارة التربية لجأت لحل مشكلة نقص الكادر التعليمي من خلال نظام التعاقد المؤقت مع معلمين جدد لسد الفراغ الناتج عن نقص المعلمين خاصة في المواد الهامة كالعلوم والرياضيات واللغة العربية».
ووجه محسن لوماً شديداً لبعض المعلمين «المنفلتين» ممن استغلوا غياب الرقابة والمحاسبة بسبب الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد، ولم يراعوا ضمائرهم وواجبات الرسالة المقدسة التي يؤدونها.
أزمة إضافية
مع بداية العام الدراسي الجديد، بدأت معاناة جديدة لأهالي الطلاب المطالبين بتوفير احتياجات أبنائهم من ملابس وقرطاسية في ظل أوضاع اقتصادية صعبة وارتفاع الأسعار وانقطاع الرواتب، ما أجبر بعض الأسر الفقيرة على الاقتراض، فيما باع البعض مقتنياتهم لشراء لوازم المدارس لأبنائهم.
معلمون في أسواق القات
تردي الأوضاع الاقتصادية وتوقف المرتبات دفعا العديد من المعلمين إلى العمل كبائعين في سوق القات أو بسطات الشوارع من أجل توفير الطعام لأطفالهم ومتطلبات الحياة، في ظل الراتب الزهيد جداً الذي يتقاضوه.
في السياق، أوضح رئيس نقابة المعلمين الجنوبيين، قائد الجعدي، أن المعلمين في اليمن يعانون من ضعف الراتب وغياب الرعاية الصحية، مبيّناً أن راتب المعلم الحاصل على شهادة الدبلوم 32 ألف ريال (90 دولاراً) بينما يحصل حامل شهادة البكالوريوس على 43 ألف ريال (130 دولاراً).
وأضاف الجعدي أن «المعلمين لا يحصلون على تسويات ولا علاوات سنوية، وحتى من تمت إحالتهم إلى التقاعد لم يعطوهم حقوقهم حتى يتمكنوا من عيش حياة كريمة بعد تقاعدهم».
وأعلن الجعدي أن وزارة التربية والتعليم التزمت بتنفيذ مطالب المعلمين المشروعة قبل 30 أكتوبر، مؤكداً أنه إذا لم تنفذ الوزارة وعودها فإن المعلمين سيبدؤون إضراباً شاملاً، وأن النقابة ستتخذ «إجراءات تهز عروشهم، فأنا مسؤول عن 83 ألف معلم، وإذا لم تنفذ مطالبنا وإعطاء المعلمين حقوقهم سوف نفجر ثورة الجياع».