شبح الثأر والانفلات الامني يطبقان على شبوة

شبوة المحافظة المنكوبة بالثأر والمظاهر المسلحة تستيقظ  كل يوم على قصة جديدة  وفصل دمويا جديدا من اعمال القتل والنزاعات المسلحة بين ابنائها، ما يميز محافظة شبوة هو: ان شبح الثار لا يخيم في الارياف والقرى فحسب بل امتد الى عاصمة المحافظة عتق، التي اصبحت مسرحا لكثير من عمليات القتل والاغتيالات بينما يشكو المواطنون من ضعف دور الأمن في القيام بواجبها تجاه هذه الظاهرة التي استفحلت في الآونة الأخيرة.         

يوضح تقرير حصلت عليه صحيفة الامناء صادر عن قسم الطوارئ بمستشفى عتق العام للستة الاشهر الاولى من عام 2013م ان حجم الاصابات العامة بلغت نحو 4300 اصابة بينما بلغت الاصابات التي جراء التدخل الجراحي لها 262 اصابة، منها 51 اصابة ناتجة عن اطلاق النار ومعظمها في قضايا ثار، حيث تشتعل من وقت الى اخر في مديرية حبان بمفردها اكثر من 30 حرب قبلية اهلية وتتركز اكثرها في قرية الخبر ووقرية هدى وقرية لهية، ويؤكد الاهالي ان هذه الحروب مستمرة ومستعرة بمباركة الحكومة او بتغاضيها على اقل تقدير، حيث تشير احصائيات الى ان ما يقارب 50 حرب قبلية اهلية مازالت مفتوحة وتجدد من وقت الى اخر في معظم مديريات محافظة شبوة التي اثخنتها الجراح فيما لم تبادر الدولة بعد لاخماد نيران الثارات المشتعلة.

جذور المشكلة

 يرجع الكثيرون انتشار ظاهرة الثار بشبوة، بسبب مشاكل قبلية قديمة تركت بدون حل والبعض الأخر لم يفصل فيها لعدم وجود محاكم ومشايخ عادلين في احقاق الحق مما يؤدي الى ان بعض الناس يلجئ الى اخذ حقه بنفسه، وهناك دور للجهل وقلة الوازع الديني في انتشار هذه الظاهرة وعدم الجدية في طلب القصاص من القاتل فقط دون ان يوسع دائرة المشكلة الى الاسرة او القبيلة بكاملها، ومؤخرا فاقمت حالة الانفلات الامني من حوادث الثار، حيث تميزا شهري مايو ويونيو بزيادة حجم الاصابات الناتج عن اطلاق النار منها 16 اصابة في شهر مايو بينما بلغ حجم الاصابات في شهر يونيو 13 اصابة اي ان حصيلة الاصابات في شهري مايو ويونيو قد بلغت 29 اصابة من اصل 51 اصابة خلال ستة اشهر.

القتل الممنهج

مؤخرا نتيجة لحالة الانفلات الأمني الغير مسبوق وتزايد المظاهر المسلحة التي وصلت ذروتها بتسليم عددا من مديريات المحافظة لعناصر انصار الشريعة قبل عامين، تزايدات حوادث القتل والثارات بشكل تصاعدي، حيث يؤكد المواطنين ان مظاهر السلاح والقتل لم تكن متفشية قبل عام 90م، حينها كان المواطن يتنقل بين مناطق المحافظة دون ان يحمل اي سلاح، حيث ساعد وجود الدولة وتطبيق النظام والقانون على ان يسود الهدوء المحافظة، ومع مطلع التسعينيات عادت كافة انواع الاقتتال القبلي والنزاعات التي تغذيها اطراف عسكرية ومسؤليين بارزين بهدف تمزيق النسيج الاجتماعي داخل المحافظة ونهب ثرواتها النفطية والغازية في غفلة من اهلها.

الامن: السلاح للدفاع عن النفس

وحول الحالة الأمنية في المحافظة يقول العميد ركن: احمد صالح عمير- مدير أمن محافظة شبوة: محافظة شبوة افضل من غيرها من المحافظات مقارنة بحجم السلاح الموجود فيها وهناك تضخيم اعلامي لما يحصل في المحافظة والأولى بمن يضخم هذه المعلومات ان ينظر لما يحصل في المحافظات والمناطق الاخرى، والسلاح الموجود في ايدي المواطنين في محافظة شبوة هو للدفاع عن النفس وشبوة ليست الوحيدة التي تشهد جرائم القتل بل ان الوضع ينطبق او يزيد في مختلف ارجاء اليمن. 

السلاح السبب

المواطن عدنان محمد سعيد تحدث حول مخاطر انتشار السلاح واعمال الثأر في المحافظة قائلا(( حمل السلاح ادى بشكل كبير الى اتساع ظاهرة الثأر القبلي وفي هذا  تهديد للأمن والسلم الاجتماعي في شبوة وانعكس كل هذا سلبا على مسألة التنمية في المحافظة التي تراجعت بشكل مفزع مما ادى الى تدهور اقتصادي أثر على حياة المواطنين وحملهم المزيد من الأعباء تفوق طاقتهم حتى ان المواطن اصبح هو المسؤول عن حماية نفسة، واما بشأن النتائج المترتبة نتيجة انتشار هذه الظاهرة فقال: اضطر المواطن للهجرة والسفر اما فرارا من الثأر او بحثا لقمة العيش المعدومة في محافظته نتيجة غياب التنمية وتدهور الحالة الامنية كنتيجة حتمية لهذه الظاهرة.

فرض الامن هو الحل

وعن الدوافع وراء انتشار هذه الظاهرة في محافظة شبوة تحدث الينا الاستاذ/ ناصر سعيد بافاضل- مدرس في كلية التربية- شبوة قائلا: من الدوافع الرئيسية هي عدم الشعور بالأمان نتيجة لانتشار الفوضى والنهب والسلب وعدم وجود أمن بالشكل المطلوب وتقاعس اجهزة الأمن عن مهامها الموكلة اليها، ومن ناحية ثانية يعتبر السلاح عادة قبلية قديمة للدفاع عن النفس من القبائل الاخرى ونتيجة لغياب الضوابط الخاصة بحمل السلاح نلاحظ ان هناك اطفال يحملون السلاح ويتسببون في بعض المشاكل نتيجة لجهلهم بعواقب الامور.

وحول المخرج من هذه الظاهرة أضاف((لإيجاد مخرج لهذه الظاهرة لأبد اولا من تشديد الامن ومنع السلاح والاهتمام بالجانب التوعوي وزيادة المحاضرات ونشر العلماء بين الناس لتعريفهم بحرمة قتل نفس المسلم وعقوبة ذلك عند الله ،وكذلك  يجب على اولياء الدم طلب القصاص من القاتل بعينة وعلى قبيلة القاتل عدم التستر عليه ، وهذه الظاهرة تحتاج الى فصل سريع وفوري من قبل المحاكم في تنفيذ الاحكام)).

 قرار سياسي

يرى المحامي فيصل الخليفي ان خل مشكلة الثار في شبوة ممكن، ان وجدت الارداة السياسية لحلها رغم ان احصاءات القتل في شبوة تعد اقل جرائم قتل على مستوى الجمهورية، الا ان قضية الثأر وفي ظل عدم تفعيل القوانين لضبط الجناة من قبل اجهزة الامن وكذا كل من يأويهم ومحاسبتهم بالعقوبة التمألوا في القتل ومساعدة ومشاركة القاتل في ارتكارب جريمة القتل بدافع الثأر وعلى لجان معالجة الثار التي لم تفعل منذ انشائها بقرار جمهوري ان تقوم على حل تلك القضايا ما قبل صدور القرار.

يضيف: السؤال هو: لماذا غابت اجهزة الدولة؟ مؤكدا ان الثأر ظاهرة سياسية ترجع للدولة وانهائها مرتبط بقوة وحضور الدولة وفعالية اجهزتها وفق تعريف الثأر .. مشيرا الى ان قضايا الثأر حسمت قبل الاستقلال وبعدة باصدار قرار سياسي انذاك ابان الجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقآ الا انه عاد الثأر بوجهه القبيح الذي يهلك الحرث والنسل ومصائبة وكوارثة لا تحصى ولا تعد منذ تولي قيادات سياسية على محافظة شبوة بعد اعادة توحيد اليمن لا هم لهم الا اثارت النعرات القبلية واشعال الفتن بين المواطنين والذي لازال المواطن يكتوي بنيران الفتن والثأر .. فهل القيادة السياسية ستصدر القرار حتى يحقن دماء الابرياء من مخلفات العصور الجاهلية؟.

ضعف الوازع الديني

وحول ضعف الوازع الديني ودوره في انتشار وتفشي هذه الظاهرة تحدث الينا الشيخ: صالح محمد الصملة-أمام وخطيب جامع الفارق، عتق- قائلا((ان ضعف الوازع الديني من أهم اسباب انتشار هذه الظاهرة لأن المجتمع  جميع افراده مسلمين وكل ما كان المسلم اكثر ارتباطا بالله واقوى ايمانا به كل ما كان ابعد عن هذه الجرائم وكل ما قوي خوف الله في قلب المسلم حجزه ذلك عن الأقدام على معصية كهذه وهو يعلم عقوبتها عند الله ، وعن الدور الذي ينبغي على الدعاة والخطباء وائمة المساجد ان يقوموا به للتعريف بمخاطر هذه الظاهرة، اضاف الشيخ الصملة قائلا((على الدعاة والوعاظ دور كبير في السعي للقضاء على هذه الظاهرة ولذلك ان المجتمع المسلم بطبيعته يتأثر بالخطاب الديني اكثر من اي خطاب أخر ،فعليهم ان يتناولون هذه الظاهرة في خطب الجمعة وفي الندوات والمحاضرات والاجتماعات ويقوموا بتوزيع النشرات والملصقات والنزول الى القرى والارياف ويستغلوا المناسبات الدينية والاجتماعية للتحذير من خطورة هذه الظاهرة)).

ختاما.. انتشار ظاهرة الثأر في محافظة شبوة لا تقع مسؤليته على المواطن فقط بل ان للحكومة المتمثلة بأجهزتها المختلفة الدور الابرز في مكافحة هذه الظاهرة والتخفيف من حدتها، حيث يحمل المواطنيين الدولة وأجهزتها الامنية المسئولية كاملة، نتيجة حالة الانفلات الأمني والمظاهر المسلحة التي اظهرت الاجهزة الامنية عجز فاضح عن وضع حد لها، فيما الوية الجيش تتمترس حول اسوار شركات شفط ثروتي النفط الغاز اللذان تنام المحافظة على مخزون هائلا منهما.

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني