الرصاص الراجع.. قتل مع سبق الإصرار والترصد..!
عدن / الأمناء نت / عادل حمران :

انتهت الحرب في عدن وبقيت آثارها شواهد..جراح المدينة لا تندمل.. وكأنه يُراد لسكانها مواصلة النحيب وتشييع مواكب ضحايا تتخطفهم رصاصات يطلقها مستهترون في السماء ابتهاجاً ، فتعود إلى الأرض حاصدة أرواح عشرات الضحايا من الأبرياء بينهم نساء وأطفال . . الرصاص الراجع شكل آخر للموت في عدن، فهو لا يفرق بين كبير وصغير ورجل وامرأة.

مكتب وزارة الصحة في المدينة سجل خلال العامين الماضيين إصابة 96 شخصاً بالرصاص الراجع في عدن وحدها، بينهم نساء وأطفال , ويقول موظفون في المكتب إن هذا الرقم صغير مقارنة بالعدد الحقيقي الناجم عن حوادث القتل بالرصاص الراجع من السماء، حيث أن كثيراً من المرافق الصحية لا تزود المكتب بالحالات في كثير من الأحيان.

انتشار السلاح.. قاتل

انتشار السلاح ووقوعه بأعداد كبيرة بيد شبان ومراهقين لا تتجاوز أعمارهم الـ18عاماً، ضاعف من انتشار هذه الظاهرة التي عجزت الجهات الأمنية عن وضع حد لها. الحملات التوعوية التي قادتها شخصيات ومنظمات جماهيرية وأمنية في عدن لم تفلح أيضاً في منع إطلاق النار في الأعراس والمناسبات ووسط الشوارع المكتظة بالسكان. لم يعد السلاح وسيلة للحرب أو للاستخدامات العسكرية فقط، بل أصبح رمزاً للمباهاة ووسيلة لإظهار الفرح والسرور.

نائب مدير أمن العاصمة، عدن أبو بكر جبر، قال، في تصريح إلى «العربي»، إن «بعض العابثين يستغلون حفلات الأفراح من أجل خلق حالة عدم الاستقرار، محاولين إدخال عدن في أتون فوضى خلاقة بوسائل مختلفة»، لافتاً إلى أن «من أسباب تفشي هذه الظاهرة انتشار السلاح والذخائر بشكل كبير بسبب استمرار الحرب، إضافة إلى قلة الوعي عند بعض أفراد المجتمع». وأشار جبر إلى أن «إدارة أمن عدن تولي اهتماماً كبيراً لهذا الأمر، وتسعى جاهدة لمنع انتشار ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات والأعراس»، مذكّراً بأن «مدير أمن عدن، اللواء شلال علي شائع، قاد أكثر من حملة لمنع إطلاق النار في الأعراس»، مستدركاً بأن «هذه الظاهرة التي طال ضررها الجميع بحاجة إلى وعي مجتمعي وتعاون من قبل جهات حكومية وأهلية للحد منها، وبالتالي انتهائها».

إجراءات حاسمة

وتابع جبر أن «أجهزة الأمن تعمل باستمرار للحد من هذه الظاهرة السيئة، وتم اتخاذ إجراءات حاسمة بالاتفاق مع عقال الحارات في الأحياء السكنية ومدراء إدارة الأمن في مديريات العاصمة، وبالفعل، ومن خلال الأرقام، فقد حدت تلك الإجراءات من انتشار هذه الظاهرة الدخيلة على عدن». ودعا جبر كل مواطني المدينة إلى «التقيد بالقوانين ومحاربة من يريدون زعزعة أمن واستقرار مدينتهم والعبث بحياة الناس»، مؤكداً أن «الأمن ماض في متابعة الخارجين عن القانون ولن يتهاون مع أحد».

عادة سيئة

يعتبر البعض إطلاق الأعيرة النارية من العادات والتقاليد التي يعبرون من خلالها عن الفرح؛ حيث يتسابق أصدقاء العريس مثلاً إلى إطلاق الأعيرة النارية نحو السماء وبشكل جنوني، غير آبهين بحياة الناس وسلامتهم، وبسبب الرصاص الراجع تحولت بعض حفلات الفرح إلى مأتم للحزن. المحلل السياسي، باسم الحكيمي، يقول، لـ«العربي»، إن «استخدام الأسلحة النارية في الأعراس والمناسبات يعد ضمن العادات والتقاليد السيئة في الشمال والجنوب، ومخاطر هذه التقاليد دُفعت أثمانها باهظة، فقد أوقعت مئات الضحايا من الأبرياء، فالرصاصة التي تطلق نحو السماء تعود إلى الأرض وتفتك بحياة الأبرياء، فمثل هذه العادات ينبغي أن يتجاوزها الشعب اليمني الآن إذا كان بالفعل ينشد دولة مدنية حديثة».

ويستطرد أن «للفرح سبلاً وطرقاً أخرى للتعبير عنه، أرقى وأقل تكلفة وثمناً ولا تريق الدماء، منها الألعاب النارية، كما يستطيع المواطن أن يعبر عن ابتهاجه بالرقصات والأهازيج الشعبية، أما التعبير عن الفرح بإطلاق الأعيرة النارية، فيعد ذلك جُرماً كبيراً يحاسب صاحبه شرعاً وقانوناً». ويناشد الحكيمي «السلطات الأمنية والدوائر الحكومية ذات العلاقة والمنظمات الأهلية القيام بتوعية الناس بأضرار هذه العادة السيئة التي لا تجلب إلا الشر».

تذمر واسع

وتعبر شرائح واسعة من المجتمع عن تذمرها من هذه الظاهرة المتفشية في عدن. وكان ناشطون وصحافيون نظموا وقفات احتجاجية أمام مبنى محافظة عدن في شهر أكتوبر من العام 2016، مطالبين السلطات المحلية باتخاذ قرارات حاسمة لمنع إطلاق النار العشوائي في المدينة، والذي أصبح يشكل خطراً كبيراً على حياة الآمنين، وتُقيّد حوادثه كافة ضد مجهول.

الصحفية، هويدا الفضلي، تعتبر أن «ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية في الأعراس والمناسبات دخيلة على المجتمع في عدن، حيث كانت في السابق تُعدّ جريمة يعاقب عليها القانون وينبذها المجتمع ويطال مرتكبها العقاب الرادع». وتزيد أنه «بسبب انتشار السلاح، أصبح هذا الأمر شكلاً من أشكال الفرح كما يعتقد البعض، وأصبح الناس لا يستطيعون التفريق بين رصاص القتل ورصاص الأفراح».

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني