لقد ازدهرت واشتهرت دلتا تبن بلحج بأرضها الخصبة وتنوع الخضروات والفواكه وكان ذلك إلى ما قبل حرب 1994 م، وبعد ذلك حولت الوحدة ومتنفذو الشمال معظم مزارع المزارعين بمديرية تبن إلى شبه صحراوية وبعضها تحول للبيع والشراء ومع انتشار كثيف لشجرة السيسبان بالإضافة لعدة عوامل من أبرزها ارتفاع الأسعار بالمشتقات النفطية وعدم وجود دعم حكومي للمزارع أو خطط زراعية بعد القضاء على التعاونيات ومزارع الدولة وإفساح المجال لتصدير منتجات الشمال بالأسواق الجنوبية .
حرب اقتصادية :
تعتبر دلتا تبن مصدر الخام لصناعة الطماطم والقطن قبل الوحدة ، فجاءت الوحدة للقضاء على مصنع الطماطم و محلج القطن ، ومن هنا كانت بداية استهداف القطاع الزراعي بدلتا تبن خاصة ولحج عامة حتى يتمكن الشمال من تصدير المنتجات الزراعية إلى الجنوب واحتكارها وبيعها بأسعار خيالية ، إن الحرب في 7/7/1994 م توقفت عسكرياً ولكنها لم تتوقف حرب الشمال على الجنوب وحتى اليوم من الناحية الاقتصادية .
مرحلة الاحتضار :
تمر حالياً الزراعة بلحج بمرحلة الاحتضار نتيجة لتلك السياسة الاقتصادية ، وزاد من الأمر أزمة المشتقات النفطية وعدم وصول مياه السيول لمعظم الأراضي بدلتا تبن لاحتكارها والتربع عليها من قبل متنفذين ، فأصبح معظم المزارعين غير قادرين على ممارسة الزراعة نتيجة لخسارتهم بنهاية الموسم الزراعي ، ويبذل مكتب الزراعة والري بلحج جهودا مكثفة لإعادة الروح إلى قطاع الزراعة بالرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه المكتب مع عدم امتلاكه لجميع مقومات العمل بالنهوض بالقطاع الزراعي وعودة مجده كما كان قبل 22 مايو 1990 م وترك الأمر بدعم القطاع الزراعي من قبل جهات داعمة أخرى غير حكومية .
زراعة الحناء :
نتيجة لعدم قدرة المزارعين مجابهة تلك الأزمات والمشكلات فقد استطاع بعض المزارعين وبعض عامة الناس من زراعة (شجرة الحناء ) والتي انتشر زراعتها حالياً في بعض مزارع دلتا تبن وفي الحدائق المنزلية ، ونتيجة لازدهار زراعة شجرة الحناء وتراكم الخام لهذه الشجرة فقد تمكنت جمعية (سد المنتصر) بمنطقة الفيوش بعمل دراسة عن هذه الشجرة وكيفية تصنيع وريقات الحناء محلياً ، فكانت مؤسسة (جسور للحلول التنموية بعدن) رافداً أساسياً بنجاح الفكر وتحويلها من حبر على الأوراق إلى معمل ناجح لصناعة الحناء بمنطقة الفيوش بمديرية تبن بلحج .
بقعي نحلم بالتصدير :
أنور أحمد محمد بقعي مدير معمل حناء الفيوش أسرد لـ"الأمناء" حكاية شجرة الحناء وصناعة الحناء بحديث طويل نقتبس منه جزئيات هامة منها : ( برزت فكرة صناعة الحناء نتيجة لزيادة زراعة شجرة الحناء بمنطقتنا خاصة وتبن عامة ، حيث وجدنا لهذه الشجرة جدوى اقتصادية هامة ، فقمنا بعمل< دراسة فتح معمل الحناء مع تنمية زراعة الحناء> وقد ساعدتنا كثيراً المهندسة / فتحية أرشد مديرة إدارة تنمية المرأة الريفية بمكتب الزراعة والري بلحج ، وبعد العرض على قيادة مؤسسة جسور للحلول التنموية بعدن ، تمكنا بعون من الله وتوفيقه وبدعم مادي و معنوي من المؤسسة بافتتاح وتشغيل معمل الحناء بمنطقة الفيوش والذي يعمل فيه حالياً 14 فردا منهم 10 عاملات بشكل يومي ولله الحمد حيث تم تشغيل بهذا المعمل عددا من الأسر وساعدهم العمل في توفير متطلباتهم اليومية ، وبعد هذا النجاح والتصدير محلياً نحن الآن بصدد وضع دراسة لعملية تصدير الحناء خارجياً فهو ذو جودة عالية ، فقط ينقصنا الدعم المالي الكافي لنجاح هذه الفكرة وإن شاء الله نتمكن من تحقيق هذا التوجه بالقريب العاجل ) .
تبن أرض خير وبركة :
وأضاف البقعي : ( كما هو معلوم فدلتا تبن أرض خير وبركة وتزرع فيها مختلف الخضروات والفواكه والأعلاف ، فجودة الأرض ممتازة وحالياً انتشرت زراعة شجرة الحناء ليس على شكل سياجات وإنما كمنتج زراعي أساسي وبكميات كبيرة ، وتوجد مزارع خاص بزراعة شجرة الحناء منها مزرعة بحوالي 12 فدان خاص بزراعة الحناء ، ونحن بصدد وضع دراسة لتنظيم زراعة الحناء مع الدعوة بفتح معامل بعد التنسيق المنظم مع إدارة تلك المعامل تحت إدارة واحدة تنظم عملية زراعة وتسويق الحناء بشكل منتظم راقٍ حتى لا تصل بأي فترة زراعة الحناء إلى فشل في التسويق كمثل زراعة الطماطم والبصل ) .
المنصورة وصناعة الحناء :
بقرية المنصورة بمديرية تبن قامت أسرة المواطن / يسلم صالح أحمد - المتقاعد براتب تقاعدي أقل من 30,000 ريال يمني والمكون من 12 فرداً معظمهم من النساء - بفكرة مشروع صناعة الحناء ، ونتيجة لوجود مع رب الأسرة بئر ماء ومزرعة صغيرة فقامت الأسرة بزراعة شجرة الحناء ويعقب ذلك قطف وتجفيف وتصفية وتجميع وريقات الحناء فيقوم (الأب) عقب ذلك بالذهاب بوريقات الحناء وهي في أكياس إلى مطاحن الشيخ عثمان بعدن لطحنها ، وبعد ذلك تقوم الأسرة بتقسيم مطحون الحناء في أكياس صغيرة يدوياً وبيعه داخل القرية ، ونتيجة لجودة الحناء توسعت الأسرة بعملية بيع الحناء ، ومع ذلك فالأسرة تواجه صعوبات منها عدم التمكن من طحن وريقات الحناء فقاموا بشراء طاحون وكان كبيراً وهو طاحون خاص بطحن الحبوب والذرة الشامية وليس خاصاً بطحن أوراق شجرة الحناء لعدم قدرة الأسرة شراء هذا الطاحون ، ونتيجة لذلك تتكبد الأسر مخاسير نتيجة لتطحين الحناء عدة مرات حيث الطاحون يعمل على مكينة ماء بقوة 24 حصان وتستهلك عملية تشغيل المكينة مادة الديزل .
نناشد بدعم الأسره :
رئيس المجلس الأهلي بمنطقة المنصورة هاشم المطرفي تحدث عن مشكلة الأسرة وأطلق مناشدة :
( نأمل من المنظمات الداعمة دعم أسرة المواطن / يسلم صالح أحمد بمعدات عمل صناعة الحناء ، حيث منطقة المنصورة منطقة زراعية واسعة وقابل للتوسعة بزراعة الحناء ، فإذا وجد الاهتمام بهذا الجانب من قبل الدولة والمنظمات سيكون مشروعا ناجحا وله مردود اقتصادي محلي ويكافح ظاهرة الفقر من حيث تشغيل عدد من الأسر الفقيرة بصناعة الحناء ، ولهذا نناشد الجهات الداعمة بدعم الأسرة بمقومات عمل صناعة الحناء في أسرة لا تمتلك تكاليف ذلك وبالرغم من عدم القدرة لكنها حققت نجاحاً في صناعة الحناء محلياً بمعدات بسيطة )
ويضيف المطرفي : ( توجد لهذه الأسرة صعوبات في عمل الحناء منها الطاحون ليس طاحون خاص بطحن وريقات الحناء ويعمل على الطاقة الكهربائية أو التوليدية بالإضافة لعدم وجود الأدوات السليمة من حيث التجفيف والتجميع والطحن والتصفية والإرشاد في كيفية التقسيم والتكييس -أي قرطسة الحناء- بالإضافة لعدم توفر وسيلة مواصلات كمثل دراجة نارية من خلالها يتم استلام وتوزيع الحناء إلى المستهلك ) .
الفيوش و المنصورة :
من خلال هذا الاستطلاع نجد أن صناعة الحناء اشتهرت بدلتا تبن بلحج بمنطقة المنصورة و الفيوش ، ولكن استطاعت الفيوش من تنظيم العملية بدعم من قطاع المرأة بمكتب الزراعة والري بلحج ومن مؤسسة "جسور للحلول التنموية بعدن" وأصبح معمل الحناء بالفيوش يمتلك مواصفات ممتازة وتوجد له إدارة وعمال بلغ عددهم أكثر من 13 موظفاً < ذكور / إناث > وحالياً هناك توجه عند مدير المعمل أنور البقعي بعد تسويق الحناء محلياً بتصديره للأسواق الخارجية ، فهل مكتب الزراعة والري بلحج ومؤسسة جسور للحلول التنموية أو أي منظمات أخرى داعمة تستطيع تقديم الدعم لأسرة المواطن يسلم صالح أحمد بقرية المنصورة بمديرية تبن بلحج حتى تتمكن من تطوير معمل صناعة الحناء وتشغيل العديد من الأسر الفقيرة بالمنطقة وخلق تنافس شريف في صناعة الحناء ؟.
حلم ..هل يتحقق؟
يحلم كل مزارع بتحقيق حلمه بعودة تشغيل مصنع الطماطم ومحلج القطن حتى يتمكن المزارعون من توريد منتوجات الطماطم و القطن والاستفادة منها ؛ لكن للأسف حتى اليوم ربما لم يتم من قبل الزراعة و الري بلحج تقديم رؤية بعودة هذه المصانع ولو عبر القطاع الخاص بواقع 100% ، فقد كان المستثمر معمر السالمي لديه رغبة بافتتاح مصنع الطماطم لكن لا نعلم ماهي التسهيلات التي تم تقديمها للمستثمر أو ماهي العراقيل التي وقفت أمام تحقيق هذا المشروع ؟ .
دور مكتب الزراعة :
يبرز السؤال الأخير : هل لدى مكتب الزراعة والري بلحج وإدارة الزراعة والري بمديرية تبن رؤية بتحويل هذه المعامل الصغيرة مستقبلاً إلى مصنع كبير لإنتاج الحناء بدعم حكومي أو مشترك مع القطاع الخاص وتشغيل معظم الأسر الفقيرة تحت قيادة واحدة مع إيجاد تنظيم موحد لزراعة الحناء والذي اشتهرت به مؤخراً دلتا تبن أو سيظل الجانب الحكومي عاجزاً مكتفياً بتدخل المؤسسات والمنظمات بدعم بعض المزارعين ؟ ، بالرغم من أن الدولة الآن تمر بمرحلة التعافي فلا داعي لتبرير أي عجز بمخلفات الحرب وخصوصاً بعد مرور عامين من انتهاء الحرب ، فلا بد من إبراز دور القطاع الحكومي وإخراج صورة الدولة القادرة على القيام بواجباتها تجاه المواطن مع عدم الاتكال على الآخرين من منظمات وغيرها ، ولهذا يقع على جهات الاختصاص بالدولة الاعتماد على النفس وإبراز دورها في العمل على أرض الواقع والتغلب على عجزها من خلال القيام بواجباتها وعدم الاعتماد على الآخرين كما كان الوضع قبل حرب مارس 2015 وعدم تحويل هذه <الحرب >إلى شماعة لفشل العديد من مكاتب فروع الوزرات في تحقيق النجاح في العمل وخصوصاً بعد تطهير لحج من تلك المليشيات في28 أغسطس 2015 م .