خلال العقدين الماضيين أصدرت المملكة العربية السعودية عدة قرارات أميرية تستهدف تنظيم وتقليل العمالة الأجنبية غير الضرورية خاصة بعد أن وصلت أعداد هذه العمالة إلى أرقام كبيرة ، وهذا حق سيادي للمملكة لا غبار عليه.
لكن المتضرر من هذه القرارات خلال هذه الفترة كانت العمالة العربية من مصر وسوريا واليمن وغيرها من البلدان العربية والإسلامية.. أما العمالة الآسيوية فإنها لم تتأثر كثيراً من جراء هذه القرارات لأن غالبيتها عمالة منزلية تخدم في بيوت الأمراء والتجار وبالتالي هي غير تجارية أو مهنية ، وقد بدأت هذه الإجراءات منذ زمن تتباعث فيما بعد وكان آخرها فرض رسوم جديدة على مرافقي العمالة الأجنبية ، وشملت هذه الإجراءات المتتابعة الآتي:
وقد أظهرت المملكة من خلال هذه الإجراءات المتتابعة أنها لا تغطي أي مجال للتجنيس لأي عمالة أجنبية مهما كان احتياجها إليها أو مدة العامل الطويلة التي قطعها العامل الأجنبي في المملكة ، وهي تقيد هذه العمالة بقيود كثيرة وبعضها ظالمة ولا تمت للإخوة العربية الإسلامية بصلة والتي أوصانا بها رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام الذي قال فيها : "المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً إذا استثنى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
ورغم كل ذلك كانت العمالة العربية واليمنية على وجه الخصوص أكثر احتراما لسيادة المملكة وتنفذ ما يطلب منها حتى ولو كان ذلك على حساب معيشتها ومعيشة أسرها وخاصة في ظروف الحرب التي تدخل عامها الثالث والمملكة هي رائدة التحالف ضد الانقلابيين الذين كانوا السبب في كل ما تعانيه البلاد من جراء هذه الحرب.
وفي ظل الأزمة القطرية مع الدول الأربع (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) أطلت قطر برأسها تزيد مماحكة السعودية فمن هذه الزاوية (التعامل مع العمالة الأجنبية ) , حيث أصدرت مراسيم تستهدف تسهيل واستيعاب العمالة الأجنبية بل والإشارة إلى تجنيس بعضها في دولة قطر.
ويأتي هذا الإجراء في هذا الوقت بالذات ليؤكد أن قطر تبحر عكس التيار لدول المقاطعة في كثير من الأمور السيادية التي تدعي هي بالحرص عليها , وهي بذلك تصر وبعناد شديد على البقاء على مواقفها السابقة تجاه أشقائها في الخليج وبالذات في الجانب العسكري من خلال محاولات الاستقواء بتركيا وإيران وأحيانا باللجوء إلى استعطاف الدول الكبرى أمريكا وروسيا وأوروبا لمساندة مواقفها غير العقلانية وآخرها عناد المملكة تجاه العمالة الأجنبية وتريد إظهار نفسها كدولة ديمقراطية تساوي الدول الأوروبية في تعاملها مع العمالة الأجنبية وهي بمثل هذه الاجراء تكبد للسعودية ودول الخليج الأخرى من باب السياسية وليس من باب المصلحة الوطنية لتظهر احترامها للعامل الأجنبي.
قطر منذ فترة وهي تبحر عكس تيار أشقائها في دول الخليج وتحاول دائما من أن تقف في وجه أي دور ريادي للسعودية كدولة لها تأثير كبير على العالم العربي والإسلامي بل ولها تأثير على المستوى العالمي.
وعلى ما يبدو أن قطر وأميرها قد أذهلتهم القدرة الفائقة التي أظهرها الأمير الشاب محمد بن سلمان في تعامله بنَفَس جديد وإيجابي مع العالم ومع الجيران وأثبت أنه القائد الماهر للمرحلة القادمة ولهذا اغتاظت قطر وأميرها من هذا الدور البارز للأمير الشاب محمد بن سلمان ولهذا تصر على العناد الذي لا تقوى عليه.
ودولة قطر مع احترامنا وتقديرنا لقيادتها وشعبها الجار والشقيق لدول الخليج لا تستطيع أن تجاري السعودية في مجال من المجالات ، فهي رغم المال الضخم والفائض الذي تمتلكه دولة صغيرة وسط البحر وقدر الله عليها بوجود حدود برية مع جارتها السعودية وهذا عامل كان يفترض أن تشكر الله عليه ومساحتها لا تساوي مساحة مديرية في محافظة المهرة التي تقع على البحر والبر وفي موقع هام من بحر العرب.
وسكان قطر أيضا مهما جلبت إليها من المهاجرين من تركيا أو إيران أو غيرها من البلدان العربية أو الإسلامية فلن تستوعب أكثر من عدد سكانها الحالي ، فماذا سيكون هذا العدد مقارنة مع السعودية وسكانها ومساحتها وتأثيرها في العالم العربي والإسلامي ومعها دول الخليج الأخرى الكويت وعمان والإمارات والبحرين؟.
اعقلوا يا قادة قطر وخذوا مكانكم الطبيعي بين أشقائكم وبس.. وأنتم إخوة وأعزاء على دول الخليج وعلينا في العالم العربي والإسلامي.
أما الزيادة في أي دور خارج عن هذا أو البهرجة في قناة الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام الأخرى التي تغدق عليها قطر بالأموال الضخمة فلن يفيدكم على المدى القريب أو البعيد.. والمثل العربي يقول : (من تغذى بكذبة ما تعشى بها ).. والله من وراء القصد.