مدينة (أمعين) كبرى مدن لودر/ أبين ، مدينة مترامية الأطراف تمتد آلاف الكيلو مرات لتتوسط مديريات أبين الشرقية - عاصمة مدينة لودر - مديرية الوضيع - مديرية مودية - ومدينة شقرة، ويعيش في مدينة أمعين ومناطقها قرابة 6 ألف نسمة، فهي اليوم تتنفس الصعداء ببطء شديد؛ بعد أن ذاقت مرارة وويلات الحرب في مارس الماضي وقدمت قوافل من الشهداء؛ لكنها لا تزال تعاني من جروح تتمنى أن تتعافى منها..
"الأمناء " بدورها قامت بنزول ميداني لاستطلاع الوضع في مدينة أمعين وانعكاسات الحرب على هذه المدينة..
في البداية ، سمعنا المواطنين ينهالون بشكاوى لا تكاد تقف متمثلة بانقطاع الماء وانطفاء الكهرباء لساعات النهار, التي لا تزال هذه المعاناة مستمرة حتى اللحظة ومنذ أكثر من سنة وبضعة أشهر، وأجمع المواطنون هناك أنهم لا يستطيعون التحمل أكثر ، فقد بلغت المعاناة الحلقوم في مواجهة الصعوبات والضغوط الحياتية.
أحاديث مصبوغة بالمعاناة
ويقول المواطن "عبدالله ناصر لجلد" :" إن الضربة كانت قوية خاصةً بسبب الحرب التي شنتها مليشيات الحوثي وصالح على الجنوب، فمشكلة انقطاع التيار الكهربائي منذ عدة شهور تفاقم من معاناتنا وتتسبب لنا في شقاء بالغ لم نعد نطيق تحمله".
وبنبرة حزن يؤكد حسين ناصر "عامل": "إن هناك كثير من المرضى والمصابين يعانون الأمرّين جراء انقطاع الكهرباء ، وخاصة مرضى الربو والضغط والقلب، ممن يعانون جراء انقطاع التيار، حيث أرسل مواطنو أمعين رسائل لقيادة السلطة المحلية بالمديرية، والمحافظة، وكذا للهلال الأحمر الإماراتي للالتفات إليهم ، لترحمنا من هذا العذاب وترفع عنا هذه المعاناة التي أثقلت كاهل المواطنين ".
وأضاف قائلاً : "إن البعض من السكان قد يستطيعون أن يوفروا لهم بديلاً لديهم والذي يكمن في شراء مولدات كهرباء أو الطاقة الشمسية .. ولكن من أين للفقراء بثمن المولد الذي يتجاوز الـ 50 آلاف ريال؟!! ".
تدهور بالغ
وتعاني هذه المديرية من تدهور لا محدود في الخدمات، حيث انطلقنا للبحث عن الوضع البيئي متوجهين إلى الشاب "معاذ قاسم" - 25 عاماً - ليحدثنا عن الوضع الخدماتي والبيئي فأجاب: "الوضع الخدماتي يتدهور يوماً عن يوم ، ولا تقتصر معاناة أبناء أمعين على ضعف الخدمات كانعدام المياه وانقطاع الكهرباء في النهار وبعض ساعات الليل بل أنها تتمحور وتتشعب أكثر لتشمل رداءة الوضع البيئي التي تشهدها معظم شوارعنا وأحياءنا ، فرداءة الوضع الصحي في الآونة الأخيرة برزت أكثر "ظاهرة انتشار تكدس القاذورات والنفايات" في كل أنحاء المنطقة بسبب التغيب المستمر لعمال البلدية عن القيام بواجبهم ،الذين يُرجعون ذلك الإهمال إلى عدم حصولهم على حقوقهم من قبل السلطة المحلية ، فتكدس القمامة بالشوارع يضر بصحة أبناء المنطقة، إضافة إلى تشويه المنظر الجمالي للمدينة" .
وأضاف قائلاً: "كما تشاهدون أمامكم .. بيارات المجاري تعرقل الحركة في أزقة المدينة وتخدش منظرها الجميل، والقمامة متكدسة بين الناس، والمخلفات منتشرة في كل زاوية من المدينة وسوقها الشعبي الكبير". ويضيف مواطن آخر في المنطقة : " ليست القمامة والمخلفات وحدها من تحاصر شوارع المدينة، لكن قلة وعي المواطنين تزيد من شدة المعاناة ، ففي ظل غياب تام لرجال المرور وعمال النظافة، نجد غالباً أن هنالك شباب واعٍ ومثقف ، فدائماً ما يعملون على تنظيف المدينة سواء من خلال حملات طوعية لشباب المدينة، أو من أعضاء منظمة أهلية".
غياب الصرف الصحي
وبمداخلة من الشاب "سليم مرزوق" أكد أن : " المدينة تفتقر إلى مشروع للصرف الصحي الذي تعثر إنجازه لأكثر من مرة أثناء تعدد إشراف عدة سلطات محلية، رغم نزول فريق المهندسين لمسح المنطقة منذ سنوات طويلة، إلا أن الصمت وحده مازال يخيم بسبب توقف هذا المشروع، إضافة إلى انتشار الأمراض والأوبئة الفتاكة التي ازدادت خطورتها مع اتساع رقعة المخلفات والقاذورات في أرجاء مختلفة من البلدة".
الحرمان من الماء
مناطق '' أمعين'' التي يتوافد إليها النازحون من كل حدب وصوب نتيجة الحرب التي تمارس في شمال وجنوب اليمن، تعاني من شحة المياه، ويعتمدون على شراء صهاريج الماء التي قصمت ظهورهم ، حيث أكد الأهالي أن المناطق المحرومة من المياه كانت تنعم بإمدادات المياه من مشروع مياه تدهور وضعه وأصبح في خبر كان ، وكذلك منظمة الهجرة الدولية التي تمدهم بنحو أربعة صهاريج مياه يومياً .. وعند ذهاب منظمة الهجرة الدولية ورفع دعمها عن المناطق المتضررة من الحرب والمحرومة من مشاريع المياه ، مما أجبرهم على شراء صهاريج مياه تكلف الأسرة الواحدة نحو عشرين ألف ريال شهرياً !..
ويعاني أكثر من 6 ألف مواطن من أهالي مناطق '' العين ''شرق عاصمة أبين زنجبار (150 كيلومتر)، قلة في المياه، بعد أن جفت الآبار ومات النخيل والأشجار عطشا، و تخربت المشاريع التي كانت تمد المياه للمناطق الذين يطالبون به منذ 20 عاما.
وقال المواطن حسين علي من أبناء العين : ''آبار القرية جفت بسبب افتقاد الماء، وطالبنا بمشروع المياه منذ سنوات طويلة''، مستغربا من عدم إيصال المياه للقرية رغم بعدها بضع الكيلوهات فقط عن مناطق تتمتع بالمياه، مؤكدا أن شحة المياه تقف عائقا أمام أهالي القرية وممتلكاتهم من المواشي والحيوانات ، فأهالي القرية يعتمدون بشكل كلي على الأمطار للاستفادة منها للسقي والزراعة؛ لكن الآبار جفت ، ومشروع القرية ذهب أدراج الرياح ! ...
وقال مواطنون ممن التقيناهم : '' بكل أسف السلطة المحلية بالمديرية والمحافظة أهملت مناطق العين والمناطق المجاورة للودر واعتماد مشاريع مياه لها ، الذي نطالب به منذ سنوات طويلة ومع الأسف ليس له أثر!!، ، فنحن نجلب لمنزلنا نحو خمسة صهاريج شهريا على حسابنا الخاص، وأسعار المياه أرهقتنا ..''.
مطالبات لمنظمات الإغاثة
وطالب المواطنون من مناطق أمعين عبر الــ" الأمنــاء" منظمات الإغاثة الأممية والدولية والخيرية, بتوصيل مواد إغاثية لهم، حيث أنه لم يتم إرسال أي فرق لتقييم احتياجات لسكان المناطق وإغاثتهم، منذ استمرار القتال مع مليشيات الحوثي والمخلوع صالح إلا مرة واحد على حد قولهم ..
ويعد الساكنون بمناطق أمعين من أشد المناطق فقراً وحاجة فلم تدخل المناطق ضمن خطة الإغاثة التي شملت جميع المحافظات الجنوبية بعضها لا يعاني من شظف العيش كما يعاني أهالي هذه المناطق التي تعرضت لمواجهة الحرب مع العناصر الانقلابية.
مواقف مشرفة
ورغم معاناة سكان مدينة أمعين فهناك مواقف مشرفة في هذه المدينة المترامية الأطراف تجد بين ساكنيها حسن الجوار، والنخوة، والتعاون، قلما تجدها في أماكن أخرى، ومنازل تجمعت مع بعضها، وسكان تآخوا إلى أبعد الحدود ، تجمعهم المعاناة والأرض والمصير المشترك.