(شرعة حالمين) بين عراقة الماضي الجميل وجفاف الحاضر المؤلم!
استطلاع / صبري عسكر

هي ملهمة للطبيعة ، ومدرسة للتضحية والفداء ، وسيظل ينبوعها المدرار يروي تربة الوطن بالغالي والنفيس، بدون ضجيج يناضل أبناؤها على أمل أن يكون لهم موقعا خاصا في الجنوب القادم ، وما تبقى من ذلك الأمل الظاهر على أجسادهم أنهكه ضنك العيش وكدر الحياة ، لأنهم عانوا الأمرّين في الماضي والحاضر ، وأصبحت مناطق شرعة ووادي بنا بعيدة عن أنظار الدولة ، بل في "سلة المهملات" منسية ومحرومة من أبسط خدمات الحياة ، ورغم كل المعاناة التي ترافق حياة الإنسان في شرعة الحبيبة لعقود طويلة من الزمن إلا أنهم صامدون في وجه التحديات لم يؤثر شيئا ذلك التهميش عن حياتهم وأصالتهم وتراثهم وحضارة الأجداد وتقاليدهم وأعمالهم الوطنية ، كما أنها تزخر بالكثير من الشخصيات اللامعة في الشعر والحكمة والقضاء والدين والنقد الاجتماعي  ..

 

تقع مناطق شرعة شرق مدينة حبيل الريدة ، ويبلغ عدد سكانها 10 ألف نسمة موزعة على 5 مراكز انتخابية ، وتتناثر تلك القرى في هضاب وسهول ذلك الوادي الممتد من صدر شرعة إلى وادي بنا اقطان ، وتبعد عن مركز المديرية بمسافة كبيرة ليست بالقليل ، ترتبط مناطقها بمناطق يافع سواء في طرقها الجبلية والحركة الشعبية الموسمية بمصيفها العلاجي الشهير ، لكنها تعاني وتفتقر مناطق شرعة المشاريع الحيوية والخدمية مثل : الكهرباء والماء والصحة والتعليم وطرقها الوعرة ، وأصبح أبناؤها بين سندان السلطة ومطرقة الدولة ، أصابهم اليأس والإحباط من كثرة الوعود الكاذبة منذ ذلك الزمن حتى الآن  .. صحيفة "الأمناء" كعادتها تسلط الأضواء عن أحوال الناس ومعاناتهم وهذه المرة كسرت حاجز العزلة لتلامس هموم المواطن في مناطق شرعة ووادي بنا لكي تصل رسالتهم إلى الجهات الحكومية لعلهم يلتفتون لهم ويردون الجمائل لأبنائها على مواقفهم الوطنية  المشرفة.. وإليكم هذه الاستطلاع التالي مع الأهالي ..

أبسط المشاريع الخدماتية

في البداية التقينا بالمحامي[ قاسم الطويل ] ، وقال : "  نشكر صحيفة "الأمناء" على هذا الاستطلاع الميداني لمناطق شرعة التي تعاني من أبسط المشاريع الخدماتية ، أبرزها طريق (نقيل المعدي – شرعة)  الوعرة ، التي تجرفها السيول دائما والتي تمتد من عاصمة المديرية بـ 42 كيلو متر إلى آخر قرية وهي منطقة (أقطان) ، ومع ذلك يوجد في المنطقة حمام علاجي لكن لم يلاقِ الاهتمام المطلوب حتى هذه اللحظة ، ناهيك عن الطريق الجبلية التي تشكل خطراً حقيقياً على مواطني مناطق شرعة وعن تكلفه نقل البضائع من مركز عاصمة المديرية بسبب هذه الطريق المتعثرة والمعتمدة ضمن خطة الدولة منذ عام 98م ((شق ، وسفلتة)) ، لكن ظل المشروع متعثراً في قسم الترحيل وذلك لعدم المتابعة ، ورسالتي للسلطة المحلية في المديرية والمحافظة النظر إلى مشروع نقيل المعدي" .

وقال المحامي الطويل بأن : " مناطق شرعة أصابها الإهمال وخاصة الجانب التعليمي ، فجميع مدارس شرعة عددها 8 مدارس بحاجة إلى إعادة ترميم وصيانة ، ونأمل من قيادة التربية إدراجها ضمن خطة موازنة المحافظة المقدمة للهلال الأحمر الإماراتي ..أما بالنسبة للكهرباء فمناطق شرعة ووادي بنا تعيش في ظلام دامس وذلك لعدم استكمال مشروع الكهرباء ، وهناك مناطق في الهور وبنا لم يكتمل الربط الكهربائي بسبب نقص المواد وعزوف المقاول المنفذ للمشروع على استكماله ، ونحن بحاجة إلى تركيب محطة تحويلية بقوة 5 ميجا في منطقة الحسو وربط خط الضغط 33 من الحبيلين بحسب الدراسة المعدة لذلك ، والأمل يبقى مع السلطة المحلية التي تعمل جاهدة في تلبية احتياجات المجتمع وكذلك مشروع مياه الريف لحج التي قامت بحفر 4 آبار في مناطق شرعة جميعها فشلت بسب التخطيط العشوائي ".

الأستاذ / توفيق حسين سيف الحالمي ، تحدث إلينا والألم يعصره عن ما وصل إليه الحال في مناطق شرعة ، وقال : " عن أي جرح نحدثك يا عزيزي؟!.. ولكن نطمئنك بالبداية أننا نمتلك من أساسيات الحياة الهواء النقي فقط ، وأما باقي الأشياء فلا تحتاج سؤالاً فقط أطلق العنان لقلمك وعدستك يا "صبري عسكر" وتجول بين الثكالى ونقل معاناة الناس لكون الضمائر قد ماتت إلا من رحم ربي!..  ( الماء ) أنظر إلى قطرات العرق في وجوه الأطفال وحالة الإرهاق لتعلم عن المسافات التي يقطعونها لجلبه على ظهور الحمير!..  أما بالنسبة للكهرباء فهي لا توجد نهائيا ! ..وحول الطريق أنت تعرف أكثر يا عزيزي عندما نسافر إلى المدينة يحتاج لك أخذ 3 أيام قسطاً من الراحة بسبب وعورة الطريق وأتعابها فأصبح المواطن في مناطق شرعة محروماً من كل شيء حتى عن قيمة نقل المواد الغذائية وأجرة الركاب فهذه  حكاية لحالها من حكايات الوجع التي يرويها البسطاء في هذه المناطق النائية"..

 وتطرق ( الحالمي ) عن وضعية التعليم الذي وصفه باليتيم وعيشة نكدة للمعلمين الذين يجاهدون لبقاء أبواب الثانوية مفتوحة وخاصة المنتدبين الذين يبذلون جهودا رائعة من خارج المنطقة.

مضيفاً : " أصبح أغلبية شباب مناطق شرعة لا يستطيعون مواصلة الدراسة خارج المنطقة بسبب وضعهم المادي وقساوة العيش وعدم توفر السكن لهم ، مع أننا نسمع أن هناك مبلغ يتم صرفه من جمعية حالمين لطلاب الجامعة لكن لا ندري إن كان طلابنا يتبعون حالمين أم أنهم تابع لمديرية أخرى ؟ حتى الإغاثة نسمع عن تكدسها وتلفها في مناطق أخرى فهي لا تصل إلينا ومع ذلك نقول (  5  ) مراكز شرعة تشكل ما يقارب 30% من سكان حالمين تعاني هذا الحرمان والتهميش بمعنى أن القضية محتاجة لإعادة نظر ضرورية ".

شريان وحيد

الأستاذ صبري عفيف العلوي تحدث إلينا عن : " أبرز المشاريع لاحتياجات المواطنين في مناطق شرعة ووادي بنا :

( 1 ) تعثر مشروع شق وسفلتة نقيل المعدي شرعة يافع الذين يعد الشريان الوحيد ، وهذه أكبر عقبة تواجه الأهالي ومن أولويات مطالبهم . ( 2 ) انعدام مياه الشرب ومياه الري كان من أبرز العوامل التي أدت إلى نزوح أكثر من 40% من سكان تلك المناطق إلى القرى المجاورة أو إلى مديريات أخرى وهذا النزوح سبب مشاكل اقتصادية واجتماعية على كثير من الأسر الفلاحية التي تعتمد على دخل الزراعة مع انقراض الثروة الحيوانية بشكل كبير. ( 3 ) الهجرة كانت من أكثر القضايا التي أشعلت معظم الأسر ، فقد ترك معظم الشباب الصفوف الدراسية للبحث عن لقمة عيش تسد بها رمق الجوع بسبب غياب الدولة والمنظمات ومن هذا المنبر الإعلامي الحر صحيفة(الأمناء) نوجه الدعوة لكافة المنظمات الدولية لإيقاف تلك الصدمات والكوارث المتمثلة في النزوح والهجرة والبطالة وانهيار الأراضي الزراعية التي تعد من أفضل المشاريع التنموية لأبناء الريف إذا تم مساعدتهم وتخفيف الهجرة عنهم سوف يعزز صمود المواطن الريفي للبقاء بمناطقهم من خلال دعم المشاريع وسفلتة الطرقات ، دعم الفلاحين وتوفير مياه الشرب المتمثلة في بناء السدود والحواجز والاستفادة من مياه الأمطار سيكون لها أثر كبير في انتعاش التنمية الزراعية والحيوانية " .

الناشط الاجتماعي الأستاذ[ فلاح المانعي ] عبّر من مخيلته عن منطقة شرعة ووصفها بأجمل البلدان ثم تحدث بالقول بأنه : "  من عام 90 م إلى هذه اللحظة ومناطق شرعة لم تأخذ رُبع حقوقها من المشاريع الخدماتية المستحقة !! .. هل هي لعنة الحظ حلت علينا أم ماذا يا سادة ؟! متى نستفيد من أخطاء الماضي والسلطات السابقة التي أعاثت بالأرض فساداً؟!.. وعبر "الأمناء" نناشد السلطة القائمة في المديرية لعمل دراسة متكاملة عن المنطقة وحصر كل شيء لكي نبدأ من أين توقفنا في كل المشاريع ، لدينا أفكار وملاحظات كثيرة لكن نقولها بصراحة : شرعة الحبيبة أوجاع وحرمان وكما شرح لكم الأخ صبري بأن شرعة الهوى والدواء والحب هي بحد ذاتها وطن وفيها ترعرع شهيد الواجب عبدالله علي سعيد شملان أبو ذي يزن صاحب البصمات العملاقة في المصلحة العامة لأهالي شرعة ".

الوضع الصحي

الدكتور [ عدنان محمد حسن العفيفي ] بدوره تحدث إلينا عن الوضع الصحي وخاصة في منطقة الهور ، ووادي بنا التي تركد فيها بحيرات الماء : " يتعرض الأهالي في هذه المناطق للحالات المرضية بشكل مستمر مثل الإسهالات وحمى الضنك والملاريا والبلهارسيا ، بحيث أن المناطق تفتقر مياه الآبار وسبب هذه الأمراض مياه الشرب من بحيرات الأودية ، ونحن نأمل من السلطة المحلية النظر لهذه المناطق الريفية ، ومع ذلك نقدم كلمة شكر للمدير العام عبدالفتاح حيدرة ومدير مكتب الصحة الدكتور عبدالقوي علوي على اهتمامهم الكبير في مكافحة بعض الأمراض ، إلا أننا نعتبرها غير كافية والأمل فيهم كبير لتخفيف معاناة الناس في مناطق شرعة ، كما نطالب إدارة الصحة بالمحافظة على تأهيل خريجات المدارس في تلك المناطق الريفية وخاصة في مجال التمريض وحالات الولادة ، بحيث أن بعض الحالات يصعب علينا إسعافها إلى عاصمة المديرية نظرا للمسافة الكبيرة التي تبعد عن مستشفيات المدينة 6 ساعات على الأقل ، ولهذه الأسباب نريد قابلات في هذا المجال لسلامة أرواح الأمهات والأطفال وتقديم العلاجات المستعجلة عند وجود أي حالة مرضية كمثل هذه الحالات ".

أما بالنسبة للأخ / ذويزن عبدالله علي بن شملان ، والأستاذ /عبدالباري عبيد جبران الليث ، فقد تحدثا إلينا عن معاناة أبناء مناطق شرعة ونقلوا شكرهم وتقديرهم لكل المغتربين وفاعلي الخير على كل ما قدموه ومازالوا يقدموه للمنطقة في ظل غياب الدولة ، فالمغتربين هم السحاب الماطرة بالخير في سماء حالمين عامة وشرعة خاصة..

مضيفان : " وبكل صراحة لقد غابت الدولة عن تلك المناطق وتركت أهاليها يتجرعون المر ونقص الخدمات الأساسية مثل الطريق والكهرباء والمياه والصحة والتعليم ، وعبر صحيفتكم أخي صبري نناشد الجهات المختصة في المديرية والمحافظة استكمال رصّ طريق نقيل المعدي الذي توقف العمل فيه قبل أربع سنوات ورفدنا بالديزل والزيوت للدركتر التي عادت لجاهزيتها من جديد بفضل الله والمغتربين الأشاوس من أبناء المنطقة .. كما نطالبهم بالمتابعة والتنسيق مع المنظمات الداعمة لانتشال وضع الأهالي في بناء الحواجز والسدود وكذلك الكهرباء التي تعثرت بسبب نقص المواد في منطقة الهور ووادي بنا وإدخال التيار الكهربائي إليها ، وأيضا الجانب الصحي والتعليمي ونقص المعلمين فكل هذه الخدمات لا توجد بمناطق شرعة جعلت العدد الأكثر من الأهالي النزوح إلى عاصمة المديرية للهروب من غلاء الأسعار وعملية النقل ونقص الخدمات الأساسية ".

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني